كيف حالكن يا عدولات ؟!
منذ قليلٍ قرأت قصيدة جميلة للشاعر إيليا ابو ماضي ..
عنوانها "التينة الحمقاء" .. يتصور فيها الشاعر حال شجرة تينٍ عند نهاية فصل الصيفِ.. تقول التينة محدثة نظيراتها (على حسب ما فهمت) : الجميع يستمتع بالنظر الي .. اما انا فلا استطيع النظر الى نفسي .. اذا ماذا استفيد من جمالي؟.. الجميع يتلذذون بطعم ثماري .. اما انا فلا استطيع تذوقها .. اذا ماذا أستفيد؟.. أنا اكلف نفسي فوق طاقتها و في النهاية البشر هم من يستفيدون مني !!
فتقرر التينة أن لا تُثمر المرة القادمة و تبقى عارية من الثمار و الاوراق .. و بهذا لا يستفيد احد لا من جمالها و لا من ثمرها و لا حتى من ظلها..
و بعد مرور مدة أتى وقت نضج ثمارها .. فلاحظ صاحب البستان انها عارية من الورق و الثمر ، فلم يعجبه منظرها .. فاقتلعها و جعل منها حطبا للنارِ ..
هذه حال البخيل الأنانيِّ.. رغم بساطة القصيدة إلا أن لها هدفا إنسانيا ساميا..
أتمنى أن تستَمْتِعنَ بالقراءة كما استَمْتَعْتُ
**// التينة الحمقـــــــاء //**
و تينةٍ غضَّةِ الأَغْصَانِ باسقةٍ قالت لأتْرابِها و الصَّيْفُ يُحْتَضَرُ
بِئْسَ القضاءُ الذي أوجدني
عندي الجمالُ و غيري عندَهُ النَّظَرُ
لأَحبِسنَّ على نفسي عوارٍفَها
فلا يبين لها في غيرها أثَـــــرُ
كم ذا أُكلِّف نفسي فوق طاقتها
و ليس لي بل لغيري الفَيْء و الثَّمَرُ
إنِّي مُفَصَّلة ظلِّي عن جسدي
فلا يكون به طولٌ و لا قِصَرُ
و لستُ مثمرةً إلَّا على ثقةٍ
ألا يطرقني طيرٌ و لا بشـــــرُ
عاد الربيع إلى الدنيا بموكبِه
فازَّيَّنَتْ و اكتست بالسُّندُس الشجرُ
و ظلَّت التينة الحمقاء عاريــةً
كأنها وتدٌ في الأرضِ أو حجرُ
و لم يُطِق صاحبُ البستان رؤيتها
فاجْتَثَّها فسعرت في النارِ تستعر
من ليس يسخو بما تسخو الحياة به
فإنه أحمقٌ بالحرصِ ينتحرُ
الشاعر : إيليا ابو ماضي