الهمسة الأولى : احمد الله سبحانه وتعالى أن منّ عليك ووفقك لصيام هذا الشهر المبارك وقيامه .. فكثير ممن نعرفهم قد وافاهم الأجل قبل إكمال هذا الشهر العظيم ..
الهمسة الثانية : أعزي نفسي وإياك برحيل هذا الشهر الكريم .. الذي طالما تلذذ بعبادته المتلذذون .. واستنار بطاعاته الصائمون والمتهجدون .. آهٍ على رحيلك يا رمضان .. كم حصلت فيك من طاعات .. وكم بُذِل في أيامك من حسنات .. كم من نفوسٍ تابت .. وإلى الخير أقبلت وتنادت .. وعن الشر أحجمت وأنابت .. كم من أشخاصٍ لربهم خضعوا .. وعن الشر أقبلوا ورجعوا .. فلله درُّك يا رمضان ..
الهمسة الثالثة : إن كنت ممن أحسن استقبال هذا الشهر الكريم .. فأهنيك بالقرب من الرحمن .. والفوز بأعالي الجنان .. والحصول على الثواب من الملك الديان ..
أهنيك بجنة غالية .. ومنزلة عالية .. وتجارة رابحة .. أهنيك بمغفرة الذنوب .. والثناء عند علام الغيوب ..
فأبشر بالخير أيها الصائم القانت .. فإن الأعمال قد كُتِبت .. والجوائز قد وُزِّعت .. أبشر فإن ربك كريمٌ منان .. يجازي بالعمل القليل .. ويعفو عن الزلل الكثير ..
الهمسة الرابعة : أخي الغالي .. لا تكن ممن تتوقف عبادته عند انتهاء رمضان .. وتنقطع علاقته بربه بعد رحيل هذا الشهر المبارك .. بل ليكن رمضان بداية الانطلاق إلى محطات الطاعات .. وجني الحسنات .. فإن كنت ممن ختم القرآن عدة مرات في رمضان .. فما المانع أن تختمه ولو مرة واحدة كل شهر بعد رحيل رمضان ..
فوصيتي إليك بالمواظبة على الطاعة في رمضان وغيره من سائر الشهور والأيام .. وكما قيل : كن ربانياً .. ولا تكن رمضانياً ..
الهمسة الخامسة : أخي يا رعاك الله .. أخبَرَ السلف أن من علامات قبول الطاعة : فعل الطاعة بعدها .. فانظر لنفسك كيف هي بعد رمضان ؟ فإن كانت للخير مقبلة ، وعن الشر محجمة ومدبرة ، فاهنأ بقبول العمل إن شاء الله ، وداوم على ذلك .. واستمر على تلك الطاعات ولو بفعل القيل منها .. فقليل دائم .. خير من كثير منقطع .. أسأل الله لك الثبات ..
الهمسة السادسة : كان سلفنا الصالح رضوان الله عليهم إذا خرج رمضان يدعون الله ستة أشهر أن يتقبل منهم صيام رمضان وقيامه .. فهلاَّ اقتديت بهم ..فدعاء الله سبحانه وتعالى والتضرع إليه من أعظم أنواع القَبول ..فتضرَّع إلى الله .. وانكسِر بين يديه .. وأكثر من سؤاله .. فإن الدعاء باب عظيم غفَل عنه الكثيرون ..
الهمسة السابعة : إن من أعظم قبول الأعمال .. وأوكد الحصول على ثواب الطاعات .. هو ابتغاء وجه الله تعالى .. والذي هو ( الإخلاص ) .. فالإخلاص سبب كل خير .. وأساس نجاح كلِّ عمل .. فجاهد نفسك على ذلك .. تفز بسعادة الدنيا والآخرة ..
الهمسة الثامنة : أخي المبارك .. احرص على كثرة النوافل بعد رمضان .. وهي أحب شيء إلى الله بعد الفرائض .. ومن الأسباب الجالبة لرضوان الله عز وجل .. ومن ذلك : صيام الاثنين والخميس .. وركعتي الضحى .. وصيام ثلاثة أيام من كل شهر .. وغيرها من القُرُبات .. فداوم عليها ..
الهمسة التاسعة : ليكن لك سهمٌ في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى .. وتعليم الناس الخير ولو بالدلالة عليه .. واحرص على أن تكون من ينال شرف مهنة الأنبياء والمرسلين .. وعليك بالرفق والحلم .. فإنهما زادك بعد الله عز وجل في طريق السير إلى الإصلاح ..
الهمسة الأخيرة : أخي الغالي .. احرص على صحبة من إذا أتيتهم أعانوك .. وإلى الخير قرّبوك .. وعن الشر أبعدوك .. احرص على صحبة الأخيار .. فإنهم عونٌ لك بعد الله .. وتذكر قول الباري جل وعلا : ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم ) .
اقترب الماراثون الرمضانى من نهايته..
وها هى ملائكة الرحمن تنزلت فى ليلة القدر
فرحة برؤية المتسابقين المشمرين الجادين
وها هى الجنة قد فتحت أبوابها وتزينت ..
وها هو باب الريان مفتوح على مصراعيه لاستقبال من يصل إلى خط النهاية..
فرمضان كما يصفه الحسن البصرى رحمه الله مضمار سباق..
يقول الحسن :-
((إن الله جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته فسبق قوم ففازوا وتخلف آخرون فخابوا فالعجب من اللاعب الضاحك فى اليوم الذى يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون))
وها هو على رضى الله وعى هذا المعنى فكان يخرج قرب نهاية الماراثون فى آخر ليلة من شهر رمضان
يستحث المتسابقين ويحفزهم وينادى بأعلى صوته:-
ليت شعرى !
من هذا المقبول فنهنيه ؟؟ ومن هذا المحروم فنعزيه ؟؟
وترجمان القرآن ابن مسعود رضى الله عنه ذلك الفارس الذى تميز فى هذا الماراثون كان يقول نفس كلام الامام على
من هذا المقبول منا فنهنيه ؟؟
ومن ها المحروم منا فنعزيه ؟؟
أيها المقبول هنيئا لك
أيها المردود جبر الله مصيبتك !
هيا أيها المتسابقون :-
فلنجتهد لنكون من المقبولين
ولنلحق بركب الصالحين
فما بقى إلا القليل ..
والعبرة بالخواتيم
..الإستغفار ختام السباق:-
فقه هذا المعنى الخليفة الفقيه الراشد عمر بن عبد العزيز-رضى الله عنه-
فكتب إلى الأمصار يأمرهم بختم شهر رمضان بالاستغفار والصدقة
يقول عمر فى كتابه:-
قولوا كما قال أبوكم آدم:-
((ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ))
وقولوا كما قال نوح عليه السلام:-
(( وإلا تغفر لى وترحمنى أكن من الخاسرين ))
وقولوا كما قال إبراهيم عليه السلام:-
((والذى أطمع أن يغفر لى خطيئتى يوم الدين ))
وقولوا كما قال موسى عليه السلام:-
((رب إنى ظلمت نفسى فاغفر لى فغفر له إنه هو الغفور الرحيم ))
وقولوا كما قال ذو النون عليه السلام:-
(( لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين))
يقول الحسن:-
((أكثروا من الاستغفار فإنكم لا تدرون متى تنزل الرحمة))
ويوصى لقمان ابنه فيقول:-
((يابنى عود لسانك الاستغفار فإن لله ساعات لا يرد فيهن سائلا))
فلنكثر من الخصلتين اللتين نرضى بهما ربنا بأن نشهد أن لا إله هو إلا هو الغفور الرحيم
وأن نستغفره ونتوب إليه
فيا متسابقينا الكرام:-
ها هو السباق قد أوشك على الانتهاء
ولم يبق منه إلا القليل
فمن كان منكم أحسن فيه فعليه بالتمام
ومن كان فرط فليختمه بالحسنى
فالعمل بالختام
فاجتهدوا فيما بقى منه
واستودعوه عملا صالحا يشهد لكم عند الملك العلام
وودعوه عند فراقه بأزكى تحية وسلام
..وقبل النهاية وقفة محاسبة :-
من منا لا تؤلم نفسه لحظات الفراق ..
ومن منا لا تجرح مشاعره ساعات الغياب ..
بدموع الفرح استقبلناك يا رمضان
وها نحن بدومع الأثر والتأثر نودعك ..
نادمين كل الندم على التقصير ..
إخواننا المتسابقين :-
ونحن نودع السباق نتذكر أن رمضتان قد جاء وها هو يذهب وقد طوى دفاتره وسوى حساباته
فليقف كل متسابق منا مع نفسه وقفة وقفة محاسبة
1- كيف استقبل ضيفه ؟؟
2-هل أطعم جارا هل زار أخا فى الله هل عاد مريضا ؟؟
3-هل فطر صائما ؟؟
4- هل نصر مظلوما وأعانه على تخطى ظلامته ؟؟
هل مسح على رأس يتيما وآواه ومسح على رأسه وما أكثرهم فى أمتنا ؟؟
5- هل صادف ضالا فعمل على هدايته وتوجيهه والأخذ بيده ليثوب إلى رشده ؟؟
6- هل جبر كسر مجروح وواساه وأدخل السرور عليه ؟؟
7- هل طيب خاطر محروم ؟؟
8- هل أصلح ذات البين ؟؟
9- هل تذكر إخوانه المجاهدين هنا وهناك فادخر لهم شيئا من كسب يده لعل الله أن يدفع به عنه مكائد الأعداء ؟؟
10- هل بر والديه وقام بصلة رحمه وقدر معلميه وحفظ عرض إخوانه ؟؟
..دمعة فراق:-
وما أجمل أن نختم ونحن نناشد مع ابن رجب – رحمه الله- رمضان أن يترفق بنا
رمضان ترفق ..
دموع المحبين تدفق ..
قلوبهم من ألم الفراق تشقق ..
عسى وقفة للوداع تطفىء من نار الشوق ما أحرق ..
عسى ساعة توبة وإقلاع ترفو من الصيام كل ما تخرق ..
عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق ..
عسى أسير الأوزار يطلق ..
عسى من استوجب النار يعتق ..
عسى رحمة المولى لها العاصى يوفق ..
رمضان ترفق ..
رمضان ترفق ..
رمضان ترفق ..
فيا شههر الرحمة والغفران نودعكـ وننتظركـ باعوام قادمه