أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي من وحي آيات الحج - د. عبد الرحمن الشهري(1)

من وحي آيات الحج - د. عبد الرحمن الشهري(1)


ورد لفظ (الحج) في القرآن الكريم اثنتي عشرة مرة، حيث ورد باللفظ المعرَّف (الحج) ثماني مرات، وبلفظ (بالحج) مرةً واحدة، وبلفظ (حجٌّ) مرةً واحدة، وبلفظ الفعل (حَجَّ) مرة واحدة، وبلفظ (الحاج) مرة واحدة، وذلك في أربع سور، هي: «البقرة»، و«آل عمران»، و«التوبة»، و«الحج».. ولهذه الآيات العظيمة دلالات موحية كثيرة، وفيها دروسٌ وعبرٌ عظيمةٌ، شأنها في ذلك شأن بقية آيات القرآن الكريم.


وهذه وقفات مع بعض هذه الآيات التي وردت للحديث عن الحج:




- فرض الله حج البيت الحرام على المسلمين بقوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 79]، حيث دلت على وجوب الحج على المستطيع، وأما قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْـحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]، فهي تدل على وجوب إتمام الحج لمن دخل فيه، وليست دالةً على إيجاب الحج ابتداءً.


- جعل الله الإعراض عن الاستجابة لأمره بالحج كفراً به، واستكباراً على أمره، بدلالة قوله بعد إيجاب الحج وفرضه: {وَمَن كَفَرَ فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران:97]، مما يوجبُ على المؤمن الذي يعظم أمر الله المبادرةَ إلى أداء فريضة الحج، وعدم التعلل بالظروف والعوارض؛ فالوعيد بترك الحج على المستطيع شديد، وقد تيسرت سبل أداء هذه الفريضة اليوم على كثيرٍ من الناس بصورة تقطع العذر. - من أعظم مقاصد الحج: إظهار توحيد الله، فإن الحج، وهو الركن الخامس من أركان الإسلام، مرتبطٌ بشكل ظاهرٍ بالركن الأول، وهو شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويظهر ذلك في عدة آيات من آيات الحج، كقوله: {وَأَتِمُّوا الْـحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} أي له وحده لا لغيره، وقوله: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَإلَهُكُمْ إلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْـمُخْبِتِينَ} [الحج: 34]... وغيرها.

بل إن قول الحاج عند إحرامه بالحج: لبيك اللهم لبيك. ثم تكراره لها في مواقف كثيرة بالحج؛ إعلانٌ واضح للتوحيد، وإشارةٌ إلى مقصد من أعظم مقاصد الحج. وعند التأمل نجد أن معظم المواضع التي ورد فيها ذكر الحج في كتاب الله - عز وجل- تتفق في كونها جاءت في سياق الحديث عن العقيدة، وإزالة المعاني الدخيلة التي جاءت بها الجاهلية الوثنية وقرنتها بالحج؛ وتعلن أن الحج خالصٌ للتوحيد، يعبر فيه عن التوحيد الخالص لله - عز وجل -.




من وحي آيات الحج - د. عبد الرحمن الشهري(1)


- القرآن يدعو إلى تعظيم شعيرة الحج - كما جاء ذلك في سورة الحج -، والإتيان إليها من كل فج عميق، فبدأ بتكليف إبراهيم - عليه السلام - بالأذان بالحج، وبيّن أنه موسم لذكر الله ولشكره على نعمائه، ثم شرع يذكر بعض أحكام الحج، في سياق طويل، واللافت أنها كانت بين الحين والآخر تذكر الشرك وتندد به، وفي هذا مزيد توضيح لحقيقة الحج وأن أفعاله كلها لا تعود على الله بالنفع، بل على عباده، وفي هذا مزيد تنزيه لله، ومزيد توحيد له. ولعل مناسبة ذكر ذلك في أفعال الحج رفع توهم أن الطائف حين يطوف يطوف لحجر، وحين يستلم الركن يقبل حجراً، لا ينفع ولا يضر، بل إنه تعبير عن تعظيم شعائر الله، وإبراز التقوى له سبحانه وتعالى.


- أنزل الله في القرآن الكريم سورةً سميت سورة الحج، فبدأها بالحديث عن مشهد زلزلة يوم القيامة، وحشر الناس إلى ربهم، ثم بعد ذلك جاء الحديث عن مناسك الحج، وفي هذا إشارة - والله أعلم - إلى أنَّ الحج مشهدٌ مُصغَّرٌ يُقرِّبُ للمؤمن صورة مشهد يوم القيامة كل عامٍ حتى لا يغفل، حيث يحشر الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، لا يتميز بعضهم على بعض، وكذلك الشأن في الحج؛ فهم يحجون في ثياب متشابههة وفي صعيد واحد في عرفات وفي مزدلفة وفي منى، ويستذكر الحاج مشهد الحشر في مواطن الزحام الشديد؛ كالطواف والسعي ورمي الجمرات، فإنه يحصل من التزاحم والتدافع ما يذكر بيوم الزحام الشديد في يوم القيامة، نسأل الله أن يلطف بنا فيه.



من وحي آيات الحج - د. عبد الرحمن الشهري(1)

- الحج من العبادات الجماعية في الإسلام، فهو يؤدى بشكل جماعي كالصلاة والصيام، مع أن كل فردٍ منهم يناجي ربه بمفرده ويسأله حاجته. ومن مقاصده إثبات استواء الناس عند الله، وأنه لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأبيض على أسود؛ إلا بتقوى الله، فهو يدعو للتواضع، ونبذ العنصرية التي رسختها الجاهلية القديمة والمعاصرة، والإسلام هو الذي حاربها، وأعلن في مناسبات متعددة أن الناس سواسية في ميزان الله، وهذا ظاهر في قوله: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [البقرة: 199]، حيث ثبت أن قريشاً كانوا يقفون في مزدلفة ولا يقفون مع بقية الناس في عرفات: زعماً منهم أنهم أهل البيت الحرام، ويتميزون عن بقية الناس بمزية خاصة، فقد صح في الحديث أن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كانت قريش ومَن دَانَ دينها يقفون بالمزدلفة، وكانوا يُسمَّون الحُمْس، وكان سائر العرب يقفون بعرفات، فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأتي عرفات، ثم يقف بها، ثم يفيض منها، فذلك قوله (من حيث أفاض الناس) أخرجه البخاري ومسلم. وفي صنيع قريش هذا مشابهة لصنيع اليهود من قبلُ عندما ادّعوا أنهم شعب الله المختار من دون الناس، وأنهم أحباؤه زوراً وكذباً، وإنما هو الكبر وتصعير الخد للناس، فالحاج مأمور بالتواضع في الحج في أخلاقه وفي لباسه وفي مأكله وفي مشربه، وذلك حتى يكون محط نظر الله ورحمته؛ لأن الله يمقت الكبر وأهله، فالكبر يخرج الحاج من دائرة رحمة الله،

حجَّ النَّبيُّ صلَّ اللهُ عليْهِ وسلَّمَ على رحْلٍ رثٍّ وقطيفةٍ خلِقَةٍ تساوي أربعةَ دراهمَ أو لا تساوي ثمَّ قال : اللَّهمَّ حَجَّةٌ لا رياءَ فيها ولا سُمعةَ .
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب
الصفحة أو الرقم: 1122 | خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره



المصدر
اسلاميات

يتبع


من وحي آيات الحج - د. عبد الرحمن الشهري(1)





قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
قرآن كريم كامل استماع وتحميل مباشر بصوت اكثر من قارئ جزء 7 سلمى سالم8 القرآن الكريم
قرآن كريم كامل استماع وتحميل مباشر بصوت اكثر من قارئ جزء 2 سلمى سالم2 القرآن الكريم
قرآن كريم كامل استماع وتحميل مباشر بصوت اكثر من قارئ جزء 1 سلمى سالم2 القرآن الكريم
قرآن كريم كامل استماع وتحميل مباشر بصوت اكثر من قارئ جزء 5 سلمى سالم4 القرآن الكريم
قرآن كريم كامل استماع وتحميل مباشر بصوت اكثر من قارئ جزء 6 سلمى سالم4 القرآن الكريم


الساعة الآن 05:34 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل