إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات
أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
من صحيح القول لاتيأس إن رجعت خطوة الى الوراء، فالسهم يحتاج أن ترجعه للوراء لينطلق بقوة إلى الأمام، وموقع هذا القول اليوم هو ما نحن كآباء وامهات، وبالطبع طلاب وطالبات في انتظاره من النتائج التي ستسفر عنها امتحانات نهاية العام الدراسي التي أداها الأبناء طيلة الأيام الماضية .
فإذا كان النجاح الجائزة التي يفوز بها من اجتهد على مدار العام الدراسي في تحصيل الدروس، والاستذكار اولاً بأول، فالمعدل المتدني، أو التعثر أو الرسوب وعدم اجتياز الامتحان بنجاح، ليس نهاية المطاف، أو ختاماً لرحلة مواصلة الدراسة، فمن معاودة الكرة من جديد، مع التصميم والإرادة في إثبات الذات، وسد الثغرة التي تعثر فيها الطالب، وترميم الآثار النفسية التي ترتبت على الفشل، يأتي التميز، اذ ليس النجاح المتواصل من سمة الحياة، انما مابين السقوط، فالوقوف بقوة تكمن الطبيعة البشرية، لاسيما مع اقتناع المرء التام بأنه لايزال هناك غد مقبل، وآمال في الآفاق، وأمنيات ستتحقق .
ومما ذكرناه قبلاً نؤكد من خلال التحقيق الآتي مع عدد من التربويين ان الإخفاق في الامتحان، أو عدم تحقيق النتائج المرجوة، ليسا بمثابة الهزيمة الشخصية، أو النقص في القدرة الذاتية للطالب، وانما قد يكونا نتاج ظروف خارجية طارئة، تعرض لها خلال فترة الامتحانات أو الايام السابقة عليها، وربما يعود الأمر الى تقاعسه عن الاستذكار بما كان يجب ان يكون، وبالتالي فالتعثر في كل الأحوال بمثابة بداية جديدة لمراجعة الذات، والوقوف على الاخطاء، والسعي بجدية تامة لتصحيحها، لعدم السقوط ثانية في الفشل اي كان .
ترى فاطمة سجواني الاختصاصية النفسية في منطقة الشارقة التعليمية أن الفشل دائماً يشكل صعوبة كبيرة لمن يمر به، خاصة اذا لم يكن متوقعاً ذلك، وحدث الفشل نتيجة ظروف خارجية طارئة اعترضت الطالب كصعوبة الامتحان مثالاً، أو لمروره بأزمة صحية أو أسرية أو غير ذلك، حيث قد يتعرض جراء ذلك لأزمة نفسية، ذات مراحل متعددة، الأولى منها تكون حال تلقيه الخبر، حيث قد يستنكر النتيجة، ويرفض تصديقها على الإطلاق، ومن ثم يتبع ذلك مرحلة القبول، وفيها يشعر بالحزن الشديد، الذي يمكن ان يدخله في حالة من حالتين، إحداهما الاكتئاب والانطواء، والإحباط الشديد، والتراجع الى الخلف، والخجل وعدم القدرة على المواجهة، اما الحالة الاخرى فتتمثل في العدوانية، والعنف، والرغبة في الانتقام .
وقالت : حال إخفاق الطالب في الامتحان، يأتي دور ال
محيطين به، في العمل على احتوائه، ورفع معنوياته، ومحاولة الهائه وتنسيته، حيث نردد دائماً ان البكاء على الماضي سفاهة، إذ السفيه من يبكي على ما اعترض واقعه، فيما الواقعي يحاول معالجة الاخطاء، ويكتسب من الفشل خبرات، وتجارب، بحيث لايكرر السقوط، عدا ذلك وإذا لم تتفهم الأسرة فشل الابن، وتراجعت عن احتوائه، فمن المتوقع ان يتعرض لأزمة نفسية شديدة للغاية، قد تؤدي به للمرض النفسي، الذي يستوجب تعاطي ادوية علاجية .
أما عدنان حمد نائب رئيس لجنة التربية والتعليم والشباب في المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، ورئيس لجنة مشروع التوصيات، فيشير الى انه ليس هناك نجاح على طول الخط، بينما الفشل والتراجع خطوة إلى الخلف لا يعني نهاية المطاف .
وقال: يجب ألا يفقد الطالب الأمل حال رسوبه دراسياً، ولايحاول تدارك الخطأ، إذ من الضروري عليه ان يأخذ من الفشل نقطة لانطلاقة جديدة نحو النجاح، واللاعودة الى الوراء، لأن طعم الفشل والرسوب بمثابة العلقم، وبالتالي يجب الا يتذوقه مجدداً، فيما تتحمل أسرة من يخفق في الامتحان جزءاً من المسؤولية، حيث كان يجب عليها طيلة العام الدراسي - مع وقوفها على استهتاره ولامبالاته - ان تقوم بدور جهاز الانذار، في توجيهه، وتقويم سلوكه، ومتابعته ولو بصورة غير مباشرة .
من ناحيتها، أكدت عائشة الحويدي موجهة خدمة اجتماعية في منطقة الشارقة التعليمية سابقاً، انه من الفشل يتعلم المرء النجاح، وبالتالي فعلى من يرسب في الامتحان من الطلاب، تجنب الحزن والندم، بل على الواحد منهم فتح صفحة جديدة لبداية اخرى ناجحة في العام الدراسي المقبل . وقالت: المناهج الدراسية الحالية في حاجة الى طلاب جادين، لديهم الحماس والدافعية للاستذكار والتحصيل، وبالتالي فعلى الطالب الاجتهاد منذ بداية العام الدراسي، وعلى المدارس كذلك متابعة الطلاب ضعاف المستوى الدراسي منذ البداية، والاهتمام بهم، حتى تتجنب تعرض اي منهم الى الرسوب، مع عدم التركيز فقط على الانشطة اللاصفية وغيرها، وكذا على الأسر مسؤولية كبيرة في متابعة الابناء كذلك على مدار العام الدراسي، وعدم ترك الحبل على الغارب لهم، فضلاً عن ضرورة استشعار الطالب نفسه المسؤولية، والسعي للارتقاء بمستواه الدراسي والتحصيلي .
من جهته، لفت الاعلامي والتربوي أحمد بو سمنوه إلى أنه وحتى نكون متوافقين مع أنفسنا، وعادلين، فالنتيجة دائماً تعبر عن الجهد الذي بذل قبيل الامتحانات، فهي المكافأة، والجائزة المناسبة للجد والاجتهاد، والمذاكرة، والمثابرة، والانتظام في الدراسة، وهي المحصلة الطبيعية لعام كامل من الجهد، ولكن في المقابل يجب ان نسلم بحقيقة ثانية وهي أن النتيجة ليست المعيار الحقيقي لإمكانات وقدرات الإنسان، فكثيراً ما تتدخل الظروف، والعوامل ال
محيطة، لتتسبب في حدوث حالة نفسية أو عضوية تؤدي الى عدم تحقيق المطلوب من ذلك .
وقال: الفشل أو التعثر في تحقيق النجاح المطلوب ليس نهاية المطاف، فكثير من الناجحين، والعظماء، والمشاهير الذين حققوا الكثير من الإنجازات، ولمعت اسماؤهم، كانوا ممن تعرضوا الى كثير من الإخفاقات، والهزات، والنتائج السلبية، لكنهم استطاعوا تحويل الفشل والإحباط الى عوامل دافعة، وإيجابية لتعديل مساراتهم في الحياة، وكان الفشل دافعاً لهم في تطوير قدراتهم، وتحسين ادائهم لتحقيق النجاح المطلوب .