إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات
أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
حذرت مذكرة رسمية لنقابة علماء نفس الأطفال الألمانdpv من عواقب «نفسية داخلية كارثية» على الأطفال نتيجة تخلي الأبوين المبكر عن تربيتهم. وجاء التحذير ليلهب نقاشا ألمانيا يستعر منذ أشهر، بسبب رغبة وزيرة العائلة في توفير أماكن الرعاية لكافة الأطفال الصغار، تحت سن الروضة، في دور الحضانة.
واستشهدت المذكرة بدراسة سريرية حديثة على الأطفال الصغار، تثبت ارتفاع نسبة هرمون التوتر كورتيزول في دماء الأطفال تحت 3 سنوات، الذين يتركهم أهاليهم في رعاية دور الحضانة. وجاء في الدراسة إن الكورتيزول يرتفع في الدم كلما زادت فترة انقطاع الطفل اليومية عن والديه، وكلما قلت سنه عن السن المناسبة لرياض الأطفال. ويتسبب ارتفاع هرمون التوتر في حدوث عواقب نفسية وخيمة على الطفل مع مرور الوقت.
وطالب الأطباء بتوفير أجواء ثابتة وآمنة للطفل تحت سن 3 سنوات عند تربيته. وقالوا في المذكرة إن ترك الطفل في هذه السن لرعاية غير الأبوين يعرض الطفل لأمراض نفسية بعيدة المدى، ستظهر أثناء البلوغ بشكل أمراض خطيرة. وتم في مستشفيات وعيادات الأطباء رصد العديد من هذه الأمراض، الممتدة بين مشاعر الحرمان والخوف والكآبة والشعور بالنقص وغيرها. وأشارت الدكتورة جيرتراود شليسنجر ـ كيبة، رئيسة نقابة علماء نفس الأطفال، إلى أن أمراض البلوغ النفسية المتأخرة، الناجمة عن ترك الأطفال لتربية الغير تشبه في أعراضها الأمراض التي أصابت جيل الأطفال الذي شهد الحرب العالمية الثانية. وقالت الباحثة ان ملايين الأطفال الألمان ابان الحرب العالمية الثانية تركوا في الحضانات ولدى الأقارب (الجد والجدة) من دون أن تستطيع أدمغتهم الصغيرة إدراك أسباب ذلك. وأضافت نحن متأكدون أن ترك رعاية الأطفال للغير، للأقارب أو لدور الحضانة، يترك شرخا بعيد المدى في نفسية الطفل.
وتنتظر شليسنجر ـ كيبة بفارغ صبر نتائج دراسة أخرى تجري حاليا في معهد زيغموند فرويد في فرانكفورت، وينتظر أن تعلن نتائجها خلال عام . واتخذت الدراسة المذكورة من أطفال ألمانيا الشرقية، الذين عاشوا في الحضانات، موضوعا للدراسة التي ترى أن تخلي الوالدين عن تربية الأطفال في عمر مبكر يؤدي إلى مخاوف مرضية تظهر عند البلوغ. ومعروف أن نظام ألمانيا الشرقية السابقة كان يوفر دور الحضانة للأطفال قبل بلوغهم عمر السنة، حسب مبدأ توفير مواقع العمل للجميع.
وحذر الأطباء في مذكرتهم من أن الأطفال لا يستوعبون تركهم من قبل الوالدين بسهولة، ويترك ذلك تأثيرات نفسية عليهم. ويمثل الفقدان المفاجئ للوالدين بالنسبة للطفل تهديدا مباشرا وخطيرا لشعوره بالأمن والاستقرار، خصوصا أن الطفل لم يطور بعد قدراته التعبيرية اللغوية والنفسية.
ولا بد للعائلة يوما من أن تترك بعضا من رعاية الطفل للآخرين، إلا أن ذلك سيكون بلا تأثير سلبي حينما يكون الطفل قد حقق الكثير من الأمن والاستقرار والثقة في كنف والديه. ويعتبر البكاء والعويل في البداية، ومن ثم الصمت واضطراب النوم والتغذية من الأعراض المبكرة على إصابة الطفل بصدمة الانفصال عن الوالدين. وهاجمت المذكرة محاولة وزيرة العائلة فون دير لاين فرض نموذج «الحضانات اليومية» في ألمانيا بهدف التخفيف عن عائلة الأبوين العاملين. إذ يمكن لهذا النموذج ان ينتج جيلا من الأطفال المهزوزين، ناهيكم من التأثير الذي يتركه تغير العاملات (المربيات) على «أمه» الاحتياطية في الحضانة. فالطفل سيتعرض للحرمان مرتين هنا، مرة حينما تتخلى عنه أمه للحضانة، وثانية حينما تتخلى عنه المربية بسبب الانتقال أو المرض، ثم أن التناقض في التعامل بين الأم في البيت والمربية في الحضانة يمكن أن يترك شرخا آخر في تربية الطفل.
وفسر الأطباء، على أساس الدراسة حول ارتفاع الكورتيزول في دماء أطفال الحضانات، أسباب العنف في المدارس. إذ يبدو أن أطفال الحضانات أكثر عرضة من غيرهم لممارسة العنف في المدارس لاحقا. وأجرت صحيفة «دي فيلت» الواسعة الانتشار استطلاعا للرأي بين قرائها، شارك فيه أكثر من 50 ألفا، وصوت فيه 81% ضد إرسال الأطفال تحت سن 3 سنوات إلى حضانات الأطفال.