إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات
أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
العطلة الصيفية وملل الأبناء... لهذا السبب يحتاج الطفل إلى إجازة
غالبًا ما يشعر الأهل الموظفون بالذنب خلال العطلة الصيفية، بسبب مكوث الأبناء في المنزل طيلة النهار، فتشكل عودة أحد الوالدين إلى البيت بعد نهار طويل وممل بالنسبة إلى الأبناء، مفتاح الفرج للخروج والتنزه والترفيه، فيما يتمنى الأهل لو يأخذون قسطًا من الراحة والمكوث في البيت، ويتمنون لو أن هناك مدرسة صيفية.
ولكن على الأهل أن يدركوا أهمية العطلة الصيفية بالنسبة إلى الأبناء، خصوصًا إذا كانوا في مرحلة الطفولة، فهم لديهم نمط الحياة نفسه الذي لدى الراشد والذي في كثير من الأحيان يحتاج إلى الراحة، للتخلص من أعباء الحياة.
إذًا فإن الطفل في حاجة إلى العطلة الصيفية لهذه الأسباب
للشعور بالاسترخاء: إذا كان الطفل في الحضانة، فإنها المكان المليء بالمحفّزات: ضوضاء، تعليمات، ونشاطات تفاعلية. وغالبًا لا يدرك الراشدون أهمية الضوضاء من حولهم وأثرها فيهم. لكن فليضعوا أنفسهم مكان الطفل. مثلاً كيف يكون شعور الأم عندما تطفئ محرك المكنسة الكهربائية، ألا ينتابها شعور بالسلام والهدوء والاسترخاء. كذلك الطفل، فإن العطلة الصيفية تشكل بالنسبة إليه فترة استرخاء وكسل... لم لا!
للتخلص من الشعور بالإرهاق: يشعر الطفل بالإرهاق مثل الأهل. فبعد 40 ساعة عمل في الأسبوع، يشعر الأب أو الأم بالتعب بسبب الالتزامات، وما ينتظره المسؤولون منه، وما عليه إنجازه. كذلك الطفل يعيش التوتر نفسه، سواء كان في المدرسة أو الحضانة.
للتخلص من التوتر: هناك مصادر كثيرة لتوتر الطفل، إن لناحية رموز السلطة المتعددة (المعلمة، الناظر الوالدان)...، التكيف مع ال
محيط، الضوضاء، والعلاقات بين زملاء المدرسة، الدروس الكثيرة... كلها تسبب التوتر للطفل، وأثر التوتر يمكن أن يظهر بأشكال مختلفة: الشعور بالتعب، الغثيان، آلام البطن، القلق والعدوانية والعناد.
للتخلص من النمط السريع للعام المدرسي: تتطلب العودة إلى المنزل بعد يوم مدرسي طويل، انجاز الكثير من المسائل بسرعة. فبمجرد وصول الطفل الى المنزل، عليه تناول غدائه ثم انجاز فروضه، ذهابه إلى النشاط الرياضي، ثم الاستحمام، من ثم قراءة قصة قبل النوم... كلها أمور عليه إنجازها بسرعة بين الثالثة والثامنة مساء.
للتخلّص من الروتين: فالروتين يشعر الطفل بالملل. لذا يجب الابتعاد عن الروتين وإضافة عنصر المفاجأة، مثلاً من الرائع النوم خارجًا على شرفة المنزل أو في الحديقة ومراقبة النجوم، أو القيام بنزهة في الهواء الطلق أو قراءة قصة تحت نور الكشّاف. كلها تدخل إلى حياة الطفل عنصر التشويق والمغامرة، وبالتالي لا يعود يشعر بالملل.
لابتكار الذكريات: الإجازة تتيح للطفل تخزين ذكريات في ألبوم حياته. فالطفل مثلاً يتذكر لفترة طويلة عندما يخيّم في حديقة المنزل أو القيلولة تحت الشجرة، يوم بالبيجاما، صيد الحشرات.
كيف يمكن مساعدة الطفل على تجنب الملل خلال العطلة الصيفية؟
اختيار مخيم صيفي يذهب إليه خلال النهار شرط أن يلبي اهتماماته: رسم، كرة مضرب، علوم...
تحفيزه على ممارسة هوايته المفضلة، من طريق تسجيله في نادٍ رياضي، أو معهد موسيقي... وفق الهواية المفضّلة لديه.
السماح له بتمضية أسبوع في بيت جدّيه الجبلي أو لدى العم أو الخال إذا كان هناك أطفال في مثل سنّه.
السماح له ببعض الفوضى، مثل النوم في وقت متأخر عما اعتاد عليه خلال العام المدرسي.
وضع برنامج أسبوعي للنشاطات الترفيهية. مثل الإثنين والأربعاء والجمعة إلى النادي الرياضي. وعند الظهر تناول وجبة الغداء يليها أخذ قيلولة. وفترة بعد الظهر أحيانًا اصطحابه إلى حوض السباحة، وأحيانًا أخرى اللعب مع أولاد الجيران وتحضير العصير، والوجبات الخفيفة، ووضعها في البراد كي تكون في متناول يده عند شعوره بالعطش أو الجوع.
السماح للأبناء بالانضمام إلى نشاطات صيفية نصف نهارية تنظمها المدرسة. وفترة بعد الظهر يمكن اصطحابهم إلى مسبح لا يوجد فيه مطعم للوجبات السريعة، على أن تضع الأم في حقيبة البحر الكثير من العصير والوجبات الخفيفة الصحية المحضّرة في المنزل.
السماح لهم بدعوة أصدقائهم إلى المنزل. ولم لا، يمكن الأبناء إذا كانوا في سن المراهقة تنظيم دعوات غداء بأن يقوموا هم أنفسهم بتحضير الوجبات. إذ يمكن إعطاؤهم مبلغًا من المال، ليشتروا ما يحتاجون اليه من مواد غذائية لتحضير الغداء لأصدقائهم.
أحيانًا يرغب الأبناء في الذهاب إلى المخيم، ولكن قد تقلق الأم من إرسال أبنائها، خصوصًا إذا كانت المرّة الأولى، لماذا؟ وماذا على الأهل أن يفعلوا ليبدّدوا هذا القلق؟
من الطبيعي أن يراود الأم التي ترسل طفلها إلى المخيم للمرة الأولى، القلق والتوتر. فهي تظن أن طفلها غير قادر على طلب ما يحتاج إليه من ملبس ومأكل وحذاء وواقٍ للشمس.
ولكن عليها أن تأخذ الأمر ببساطة، فعوضًا عن القول «لا يمكنني الابتعاد عنه، عليها أن تقول: لماذا لا يمكنه الابتعاد عني»؟ فالطفل الذي سيبتعد عن أمه للمرة الأولى ولفترة طويلة قد تمتد إلى شهر، يتحمل خلالها مسؤولية نفسه ويتعرف إلى أصدقاء جدد ويطيع أوامر مسؤول غريب عنه لا يعرفه.
لذا على الأم إعداد طفلها لهذه التجربة الجديدة والمهمة على صعيد نموه النفسي وتطوّر شخصيته بهدوء. فالطفل بدءًا من سن الرابعة أو الخامسة، يصبح قادرًا على ترك المنزل لتمضية عطلة مع أترابه، والمخيم بالنسبة إليه هو أمر مثير.
فسوف يصبح لديه أصدقاء جدد، ويتعامل مع راشدين غرباء يهتمون به، أي المسؤولين عن المخيم، وهو يعرف تمامًا إنّه سوف يعود لاحقًا إلى منزله، ويتمتع بصحبة أهله ورعايتهم، ويخبرهم عن تجربته الممتعة.
وهذه إرشادات يجدر بالأم الأخذ بها:
التحضير للمخيم
يشبه تحضير الطفل للذهاب إلى المخيم تمامًا التحضير الذي قامت به الأم عند إرساله إلى الحضانة للمرة الأولى. لذا يمكنها اتباع الأسلوب نفسه الذي اتبعته في ذلك الوقت.
وإذا كانت تسمح له بتمضية عطلة الأسبوع في منزل جدته أو عمه أو خاله، فيمكنها أن تحاول إبقاءه عند الجدة مدة أسبوع أو أسبوعين كي يعتاد فكرة الافتراق عنها. وإذا مرّت هذه المحاولة بسلام، فلا حاجة لأن تقلق حيال ذهابه وحده إلى المخيم.
أما إذا كانت الأم تخاف عليه من الغرباء، فعليها أن تزوّده ببعض الإرشادات التي ينبغي عليه القيام بها في تعامله مع الغرباء، ولا سيما الراشدين، شرط ألا تبالغ في ذلك لئلا يشعر بالخوف والقلق.
ومن المهم جدًا أن يشارك الطفل في توضيب أغراضه، وفي شراء الأشياء التي يحتاج إليها في المخيم، ما يُشعره بالمتعة والإثارة والحماسة. ويمكن الأم مفاجأته لدى وصوله المخيم، بإرسال بطاقات كتبت عليها جملاً لطيفة تشعره بالطمأنينة. كما يمكنها إرسال طرد بريدي يحتوي على الحلوى المفضّلة لديه.
لحظة الفراق
إن اللحظات التي يستعد فيها الطفل للصعود إلى حافلة المخيم، لا تخلو من الحزن والخوف. فرغم أن كل التحضيرات سارت في شكل جيد، لن تستطيع الأم تجاهل عدم رغبته في الذهاب في اللحظات الأخيرة، لذا عليها أن تقاوم رغبته هذه وتحجب قلقها عنه كي لا تنصاع لها. كما عليها أن تشرح له أنها تتفهم مشاعره هذه، إلا أنه بمجرد صعوده الباص والجلوس وسط أترابه سوف يشعر بسعادة عارمة.
كيف تعرفين أن طفلك مستعد للمخيم؟
إرسال الطفل في العاشرة إلى مخيّم جبلي أمر جيد. فهذه التجربة سوف تساعده على تنمية قدراته الاجتماعية، لأنه سيلتقي أطفالاً جددًا، وتعزّز ثقته بنفسه، كما ستنّمي عنده روح المسؤولية.
وإذا أراد الأهل أن يعرفوا ما إذا كان ابنهم مستعدًا لهذه التجربة، عليهم الإجابة عن هذه الأسئلة ووضع معدّل الإجابة من1/5 إلى 5/5، ورقم واحد يعني لا، ورقم 5 يعني دائمًا. والأسئلة هي:
هل يمضي ابني يومي العطلة عند جدته من دون دموع أو توتر؟
هل ابني قادر على طلب مساعدة من الراشدين إذا لم أكن موجودة؟
هل ابني على استعداد لأن يأكل وجبة طعام لم أحضّرها أنا؟
هل ابني من النوع الذي يقيم علاقات جديدة بسهولة؟
هل يستطيع ابني الحصول على أصدقاء بسهولة؟
هل ابني من الأطفال الحريصين على أغراضهم كثيابه ونقوده ويقوم بواجباته المدرسية على أكمل وجه؟
هل ابني مستعد لخوض تجارب متنوعة؟
إذا كان معدّل الجواب 4/5 على معظم الأسئلة، فالذهاب إلى المخيّم سوف يكون تجربة ممتعة بالنسبة إلى الطفل. وإذا كان واحد أو اثنان من الأجوبة أقل من هذه النسبة، فلا داعي للقلق لأن تجربة المخيّم سوف تمنحه فرصة تطوير قدراته، وتعلّمه التقرّب من أترابه بطريقة أسهل.
أما إذا كان معدّل معظم الأجوبة 1 أو 2 أو 3 فعلى الأهل تأجيل فكرة إرساله إلى المخيم إلى السنة المقبلة.
منقول