إن محاكمات الحيوان تعتبر من أغرب المهرجانات التي عرفتها القرون الوسطى، و لم تكن هذه المحاكمات حدثا عابرا، غير عادي، بل إن أحد المؤرخون يذكر أنه هناك قرابة 200 محاكمة حيوانية قد أقيمت في غضون قرن واحد من الزمن.
و لنشهد معا الآن محاكمة غريبة جرت في بلدة فاليز النورماندية في فرنسا في عام 1386، عندما حوكم خنزير لقتله طفلا، فلقد جعلت المحاكمة مناسبة للاحتفال، شاهدها جميع سكان البلدة، و لما أصدرت المحكمة حكمها بالاعدام، بقطع رأس الخنزير المجرم، ألبس لباسا بشريا، و ضرب بالسوط، و هزئ به، قبل أن يحمل إلى المقصلة، لينال جزاءه العادل.
غالبا ما كانت جرائم الحيوانات هي عبارة عن جرائم قتل للأطفال الصغار، لأنها كانت توجب بحرية المدن و القرى، و الأماكن التي تلقى فيها ما تأكله من المهملات، ليكن مانعا يرد أذاها عن الأطفال المساكين.
أجريت محكمة غريبة نوعا ما في الساحة العامة في زوريخ سنة 1445، عندها جلس القضاة بلباسهم* الرسمي فوق المنصة أمام المحكمة، و رفع القاضي العجوز عصا السوداء و صاح: أتوا بالمتهم! و حمل المتهم المسجون في قفص حديدي ضخم إلى قاعة المحكمة، فإذا به ذئب كبير يحاكم بتهمة التهامه لفتاتين صغيرتين.
افتتح الجلسة المدعي العام، و دافع عن الذئب المتهم محام خاص، و طالت المرافعة و توالت الاستشهادات،و سمعت شهادات الشهود، و أخيرا وجد السجين الخشن متهما بقتل الصغيرتين البريئتين، فحكم عليه بالموت شنقا في الساحة العامة.
و كانت الحيواتات السوداء اللوم كالخنازير و القطط، و الماعز و الكلاب، تدخل قاعة المحكمة و ميزان العدالة يميل إلى كفة التجريم على كفة التبرئة، لأن الاعتقاد السائد، أن اللون الأسود هو اللون المفضل لإبليس، و هو الذي يتنكر فيه باستمرار، و كانت الأفاعي و القطط توضع أحيانا في سلال و تحرق في النار التي توقد في الساحات العامة عند تنفيذ حكم الإعدام حرقا.