العلامة الأولی: تسيير الجبال:
المراد بالجبل: كل ما ارتَفع عن الأرض إذا عظم وطال، وجمعه علی جبال"[1].
وقال ابن منظور رحمه الله تعالی: "الجَبَل اسم لكل وَتِدٍ من أَوتاد الأَرض إِذا عَظُم وطال من الأَعلام والأَطواد والشَّناخِيب[2] وأمَّا ما صغُر وانفرد فهو من القِنان والقُور[3] والأَكَم[4]، والجمع: أَجْبُل وأَجْبال وجِبال"[5].
وجعل الله الجبالَ من الآيات التي تنظر ويُتفكَّر ويتدبَّر فيها، قال الله تعالی:
﴿ أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ﴾ -... - ﴿ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ ﴾[6].
وأثنی الله تعالی على نفسه في كلِّ شيء صنَعه، ومنها الجبال بالإتقان؛ حيث يقول الله تعالی:
﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾[7].
فإذا أراد الله تعالی انتهاءَ هذا النِّظام بقيام الساعة، سيجعل تسيير الجبال مِن علامتها الكبری، قال الله تعالی:
﴿ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ﴾[8].
قال أبيُّ بن كعب رضي الله تعالی عنه: "ستُّ آيات قبلَ يوم القيامة: بينا الناس في أسواقهم... فبينما هم كذلك، إذ وقعت الجبالُ على وجه الأرض، فتحرَّكتْ واضطربت واحترقت، وفزِعتِ الجنُّ إلى الإنس، والإنس إلى الجنِّ..."[9].
وقال ابن عباس رضي الله تعالی عنهما ومجاهد رحمه الله تعالی في تفسير قوله تعالی: {وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ} "ذهبت عن وجه الأرض"[10].
وقال أبو الليث السمرقندي والقرطبي رحمهما الله تعالی في تفسير قوله تعالی: {وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ} "قُلعت عن الأرض وسُيِّرت في الهواء"[11].
واستدلًا بقوله تعالی: ﴿ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً... ﴾[12].
قال ابن كثير رحمه الله تعالی في تفسير قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ﴾ "زَالَتْ عَنْ أَمَاكِنِهَا ونُسِفتْ، فَتَرَكَتِ الْأَرْضَ قَاعًا صَفْصَفًا.
كأنه استدلَّ بقوله تعالی: ﴿
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا[13] صَفْصَفًا[14] * لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا﴾[15].
وقال البغوي وابن قتيبة[16] رحمهما الله تعالی في تفسير قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ﴾ قالا: "عَن وَجْهِ الْأَرْضِ فَصَارَتْ هَبَاءً منبثًّا"[17].
كأنهما استدلَّا بقوله تعالی: ﴿ وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا ﴾[18].
هولاء كل واحد منهم فَسَّر تسيير الجبال بمرحلة مِن مراحلها، والحق أن لتسيير الجبال مراحل، وإليك بيان مراحله:
الأول من مراحل التسيير، تسيير الجبال من الحجارة بالكثيب المهيل، قال الله تعالی:
﴿ يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا ﴾[19].
والمرحلة الثانية من مراحل التسيير، تصبح بعد ذلك كالعِهْن المنفوش، كما قال الله تعالی:
﴿ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ﴾[20]، وقال تعالی:﴿ يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ ﴾[21].
والمرحلة الثالثة من مراحله، تصبح بعدها بسًّا وهباء منبثًّا ومنثورًا، قال الله تعالی:
﴿ إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا ﴾[22].
والمرحلة الرابعة - بعد ذلك - تصبح الجبال سرابًا، قال الله تعالی:
﴿ وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا ﴾[23].
وفي النهاية بعد نَسْف الجبال، تصبح الأرض قاعًا صفصفًا لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا، كما قال الله تعالی:
﴿ وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ ﴾[24]، وقال تعالی:
﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا ﴾[25].
وقد أشار العلَّامة القرطبي رحمه الله تعالی إلی هذه المراحل بقوله: "
سَيْرُهَا تَحَوُّلُهَا عَنْ مَنْزِلَةِ الْحِجَارَةِ، فَتَكُونُ كَثِيبًا مَهِيلًا، أَيْ: رَمْلًا سَائِلًا وَتَكُونُ كَالْعِهْنِ، وَتَكُونُ هَبَاءً مَنْثُورًا، وَتَكُونُ سَرَابًا، مِثْلَ السَّرَابِ الَّذِي لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَعَادَتِ الْأَرْضُ قَاعًا صَفْصَفًا لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أمتا"[26].
والعلامة الثانية: تعطيل العشار:
والمراد بالعِشار من
الإبل: هي
الحوامل، واحدتها: (عشراء)، وهي: التي أتى عليها في الحمل عشرة أشهر، ثم لا يزال ذلك اسمها حتى تضع وبعدما تضع[27].
ومِن أمارات قرب الساعة تعطيل العشار، قال الله تعالی:
﴿ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ﴾[28].
قال أبيُّ بن كعب رضي الله تعالی عنه: "ستُّ آيات قبلَ يوم القيامة: بينا الناس في أسواقهم... ﴿ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ﴾ قال: أهملها أهلُها..."[29].
وقال مجاهد رحمه الله تعالی في تفسير قوله تعالی: ﴿
وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ﴾ "سُيِّبت: تُرِكت"[30].
وقال الثعلبي[31] رحمه الله تعالی في تفسير قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ﴾ "عُطِّلَتْ سيِّبتْ وأُهملتْ، ترَكها أربابُها وكانوا لأذنابها فلم تُركب ولم تُحلب، ولم يكن في الدنيا مال أعجب إليهم منها؛ لإتيان ما يشغلهم عنها"[32].
نعم، عند ذلك يَنسی المرء ما لديه من أعزِّ أمواله لشدَّة الأهوال، ويترك العشار و... ويهمل ما كان عنده من المواشي والأموال هكذا.
العلامة الثالثة: حشر الوحوش:
الوحوش: جمع
الوحش.
والمراد بالوحش: "
هو حيوان البرِّ الذي ليس في طبعه الاستئناس ببني أدم"[33].
ومِن العجائب التي تَحدث في ذلك الوقت حَشْر الوحوش والطيور ومن الصحاري والجبال والغابات و... علی خلاف الطَّبع مع البعض الذي كان يفرُّ منه من قبل؛ وذلك لشدَّة الهول، قال الله تبارك وتعالی:
﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾[34].
قال أبيُّ بن كعب رضي الله تعالی عنه: "ستُّ آيات قبلَ يوم القيامة: بينا الناس في أسواقهم... واختلطت الدوابُّ والطَّيرُ والوحش، وماجوا بعضهم في بعض ﴿
وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾ قال: اختلطت..."[35].
قال ابن عباس رضي الله تعالی عنهما في تفسير قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾ قال: "حَشْرُ البهائم: موتها، وحشر كل شيء: الموت، غير الجنِّ والإنس، فإنهما يوقفان يوم القيامة"[36].
وقال عكرمة رحمه الله تعالی في تفسير قوله تعالی: ﴿
وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾ "حشرها: موتها"[37].
وقال أبو الليث السمرقندي رحمه الله تعالی في تفسير قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾ "جُمِعَتْ"[38].
وقال الرَّبِيع بن خُثَيم[39] رحمه الله تعالی في تفسير قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾ "قَالَ: أَتَى عَلَيْهَا أَمْرُ اللَّهِ"[40].
والحقُّ أن كلَّ مفسِّر أشار في تفسيره إلی مرحلة مِن مراحل حشر الوحوش وعاقبتها، كما عرفت ممَّا تقدم أنَّ من قال: بالاختلاط، هذه في البداية، ثمَّ تموت وبعد الموت يكون جمعُها وذلك لإقامة القصاص بينها؛ لأن الحشر يأتي علی المعاني المذكورة.
وأشار الطبريُّ رحمه الله تعالی إلی الجمع بين الأقوال بقوله: "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول مَن قال: معنى حُشرتْ: جُمعتْ، فأميتت لأن المعروف في كلام العرب من معنى الحشر: الجمع، ومنه قول الله: ﴿ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً ﴾، يعني: مجموعة، وقوله: ﴿ فَحَشَرَ فَنَادَى ﴾، وإنَّما يحمل تأويل القرآن على الأغلب الظاهر من تأويله، لا على الأنكر المجهول"[41].
العلامة الرابعة: تسجير البحار:
البحر، جمعه بحار وأبحر وبحور.
والمراد بالبحر: "
الماء الكثير ملحًا كان أو عذبًا، وقد غلب على الملح حتى قل في العذب"[42].
إن الله سخَّر البحار والأنهار للإنسان لتجري الفلك فيها بأمره وليبتغوا من فضله، قال الله تعالی:
﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ ﴾[43]، وقال تعالی: ﴿ وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾[44]، وقال تعالی: ﴿ اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾[45].
وإنَّ الله أحلَّ صيد البحر وطعامه للإنسان ليتمتَّع به، قال الله تعالی:
﴿ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾[46].
ومِن علامات الساعة الكبری تسجير البحار، مع أن النار والماء من الأضداد ولا يجتمعان معًا! مع ذلك إذا أراد الله تدميرَ العالم جمَع بينهما وجعل هذا الأمر من الأمارات الكبری للساعة، قال الله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾[47].
قال أبيُّ بن كعب رضي الله تعالی عنه: "ستُّ آيات قبل يوم القيامة: بينا الناس في أسواقهم... ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ قال: قالت الجنُّ للإنس: نحن نأتيكم بالخبر، قال: فانطلقوا إلى البحار، فإذا هي نار تأجَّج؛ قال: فبينما هم كذلك إذ تصدَّعتِ الأرضُ صدعةً واحدة إلى الأرض السابعة السُّفلى، وإلى السماء السابعة العليا، قال: فبينما هم كذلك إذ جاءتهم الرِّيح فأماتتهم"[48].
وقال سفيان رحمه الله تعالی في تفسير قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ "أوقدت"[49].
وقال الربيع بن خثيم رحمه الله تعالی في تفسير قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ "فاضت"[50].
وقال الضحَّاك رحمه الله تعالی في تفسير قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ "فُجِّرت"[51].
يؤيِّده قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ ﴾[52].
وقال قتادة رحمه الله تعالی في تفسير قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ "ذهب ماؤها فلم يبق فيها قطرة"[53].
وروي أيضًا عنه: "غار ماؤها فذهب"[54].
وقال مجاهد ومقاتل والضحَّاك رحمهم الله تعالی في تفسير قوله تعالی: ﴿
وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ "يعني: فجر بعضها في بعض العذب والملح فصارت البحور كلُّها بحرًا واحدًا"[55].
والذي أری أنه الصواب: هو أنَّ البحار تصبح في البداية مملوءةً، ثم تنفجر وتوقد نارًا، ثم تسيل علی الأرض وتحوي الأرض بكاملها، وبعد ذلك تصبح البحار بحرًا واحدًا، وعندئذ يختلط العَذْبُ بالملح الأُجاج، هكذا تكون نهاية البحار.
وقد أشار إلى هذا القول الطَّبري رحمه الله تعالى بقوله: "وأَوْلى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: مُلئتْ حتى فاضت، فانفجرت وسالت كما وصفها الله به في الموضع الآخر، فقال: ﴿ وَإذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ ﴾، والعرب تقول للنهر أو للرَّكيِّ المملوء: ماء مسجور..."[56].
العلامة الخامسة: إخراج الأرض أثقالها:
المراد بالأرض:
"هي تطلق على الكوكب الذي يَعيش عليه الإنسان وهو ما يقابل السماء"[57].
والثِّقْلُ: واحد الأَثْقالِ، مثل:
حِمْلٍ وأحمالٍ، ومنه قولهم: أعطه ثِقْلَهُ، أي: وزنَه[58].
والمراد بالأثقال، معناها:
الأحمال الثقيلة، وإخراج الأرض أثقالها: ما في جوفها من كنوز ودفائن وأموات[59]
إذا اقتربت الساعة أخرجتِ الأرض أثقالَها وألقت ما فيها وتخلَّت، قال الله تعالى:
﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾[60]، وقال الله تعالى:﴿ وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ﴾[61].
أخرج مسلم[62] رحمه الله تعالى في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((تَقِيءُ الْأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا، أَمْثَالَ الْأُسْطُوَانِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَيَجِيءُ الْقَاتِلُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قَتَلْتُ، وَيَجِيءُ الْقَاطِعُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قَطَعْتُ رَحِمِي، وَيَجِيءُ السَّارِقُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قُطِعَتْ يَدِي، ثُمَّ يَدَعُونَهُ فَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ شَيْئًا))[63].
وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في تفسير قوله تعالى: ﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾ "الموتى"[64].
وروي أيضًا عنه: "
أموالها وكنوزها"[65].
وقال مجاهد رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: ﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾"مَن في القبور"[66].
وقال الفرَّاء رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: ﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾ "لفظتْ ما فيها من ذهب أَوْ فضة أَوْ ميِّت"[67].
وعن ابن أبي حاتم[68] وأبي الليث السمرقندي والواحدي والبغوي رحمهم الله تعالى في تفسير قوله تعالى: ﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾ بهذا المعنى[69].
وفسر الإمام قتادة رحمه الله تعالى قوله تعالى: ﴿
وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ ﴾ بإخراج الأرض أثقالها، بقوله: "أخرجت أثقالها وما فيها"[70].
ولا شك أنَّ قبل قيام الساعة تقيء الأرض ما فيها وتخرج أثقالها وتلقي ما فيها وتتخلَّى؛ وذلك من عجائب قدرته ومن علامات السَّاعة الكبرى.
وهذه الآيات السماوية والأرضية التي تقدَّم البحث عنها، وتكون هذه العلامات قبل قيام الساعة وقربها، وبعد ذلك تقوم الساعة مباشرةً وعندئذ ترى العالم مدمرًا بعدما كان معمرًا، فسبحان الذي لا تنتهي ذاته وتبقى أبدًا بلا نهاية كما كان أزلًا بلا بداية!
===================
محمد طاهر عبدالظاهر
الالوكه