(وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا (45)الكهف
المثل يضربه الله للناس ليوضح لهم شيئا غير محسوس وهو حقيقة الدنيا، عن طريق أمر واضح محسوس، وهو حياة النبات وموته.
وهدف هذه المثل أن يقول لك:
1_ هذه الدنيا قصيرة، كحياة النبات، خاصة إذا قورنت بالآخرة، لكانت قطرة في بحر.
2_الدنيا زائلة كما ذهب هذا النبات بعد بهجته ونضارته كأن لم يكن.
3_ من يذكر منكم وردة ذابلة، أو شجرة ميتة تم تقطيعها إلى قطع من الخشب، وكذلك من يذكرك بعد موتك، وإن ذكروك فكم شهرا أو سنة؟ ثم يلحقون بك!
4_هو تشبيه كذلك بسرعة تقلب الأحوال في الدنيا، إذ مع كل فرحة ترحة، وعقب كل سرور غُصّة.
قال القرطبي:
"قالت الحكماء:
- إنما شبه - تعالى - الدنيا بالماء لأن الماء لا يستقر في موضع، وكذلك الدنيا لا تبقى لأحد.
- ولأن الماء لا يبقى ويذهب، وكذلك الدنيا تفنى.
- ولأن الماء لا يقدر أحد أن يدخل فيه ولا يبتل، فكذلك الدنيا لا يسلم أحد دخلها من فتنتها وآفاتها.
- ولأن الماء إذا كان بقدر كان نافعا منبتا، وإذا جاوز المقدار كان ضارا مهلكا، وكذلك الدنيا الكفاف منها ينفع وفضولها يضر".
5_ازهد في الدنيا بأن تجعلها في يدك لا في قلبك، ولا تنشغل بها عن الآخرة، فهي جسر وممر لا مقر، فلا تحزن كثيرا إن فاتك منها شيء، فالخلود بعدها ينتظرك، فخطِّط لنعيم مقيم بدلا من أن يجرّك الشيطان لترافقه في دركات الجحيم.
خالد ابوشادى