الابتسامة
تُعدّ الابتسامة جواز العبور المجاني إلى القلوب، وهي الزهرة المتفتحة على الشفاه والنابتة من أعماق القلب والصاعدة إلى أعالي الروح، فالابتسامة من الأشياء التي ربط الله سبحانه وتعالى بينها وبين الحصول على الأجر العظيم وعدّها صدقة يؤجر صاحبها بها بمجرد أن يُظهرها لمن حوله، وهذا إن دلّ على شيءٍ فإنما يدلّ على عظمتها وروعتها والأثر الذي تتركه في النفوس، فمجرد رؤية شخص مبتسم يجعل القلب مملوءً بالطاقة الإيجابية، كما أن الابتسامة طريقة مريحة جداً للتخلص من الكثير من الأعباء، فهي حافزٌ مهمٌ وقوي على القيام بالكثير من الأشياء الإيجابية، ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام: “تبسمك في وجه أخيك صدقة”.
مهمها قست الظروف ومهما ضاقت الدنيا، يجب أن لا ندع الابتسامة تسقط عن وجوهنا، لأن العبوس من الأشياء المنفرة التي تنشر الطاقة السلبية بين الناس، كما أن الابتسامة لا تُكلف صاحبها سوى أن يرسم على شفتيه حركةً بسيطةً كفيلةً بتغيير الكثير من الأشياء، فهي تفتح لصاحبها الأبواب المغلقة وتُعطي عنه فكرةً بأنه محبٌ للحياة ومقبلٌ عليها، وفي هذا يقول الشاعر:
قالَ: السماءُ كئيبةٌ ! وتجهما قلتُ: ابتسمْ يكفي التجهم في السما !
قال: الصبا ولّى! فقلت له: ابتــسمْ لن يرجعَ الأسفُ الصبا المتصرما !!
من يُحافظ على ابتسامته يُصبح ملهماً للآخرين ومصدراً لفرحهم، فقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام دائم الابتسام، كما كان منهجه نشر الطمأنينة في النفوس، والابتسامة هي أول الطرق لتحقيق هذا المنهج الرائع، فهي كالشجرة المثمرة التي تُعطي أطيب الثمر دون أن تنتظر أي مقابل، وكالسحابة التي تُمطر كل من تمر بهم بالخير الوفير، فهي رغم أنها مجرد شيءٍ معنوي، إلا أنها تعادل الكثير من الأشياء المادية بل تتفوق عليها.
البعض يدّعون أن الابتسامة تُنقص من هيبة الإنسان، وأن التقطيب يجلب له الهيبة والمنزلة الكبيرة، لكن من يعتقدون هذا هم الغارقين في جهلهم، الذين لا يُميزون بين الغث والسليم، والذين لا يعرفون الصح من الخطأ، فمن يعتقد أن الابتسامة تُسقط هيبته هو حقاً لا يفهم أي فنٍ من فنون الحياة، لهذا يجب أن نعلم أنفسنا أولاً وأطفالنا ثانياً ثقافة البسمة غير المتكلفة وغير المصطنعة، التي ترتسم على الشفاه بعفوية وصدق، والتي تختصر الحياة بكل ما فيها من جمال وتستمد استمراريتها من أعماق القلب، فمن أراد لبسمته أن تدوم عليه أن لا يربطها بأي حدثٍ، بل أن يجعلها قراراً نابعاً من قلبه ولا يستطيع أن يعكره أحد.