1- السنة النبوية: مكوناتها وخصائصها ومقاصدها
ا - تعريف السنـة لغة وشرعا
السنة لغة هي : الطريقة والسيرة المسلوكة محمودة كانت أو ذميمة .
وشرعا هي: كل ما صدر عن النبي صلى الله عليه و سلم من قول أو فعل أو تقرير . أو صفة خلقية أو خلقية أو سيرة.
ب- مكونات السنة النبوية
1- السنة القولية :
وهي ما حدث به النبي صلى الله عليه و سلم في مختلف الأغراض والمناسبات من غير اقترانه بفعل
2- السنة الفعلية :
هي الأعمال التي قام بها النبي صلى الله عليه و سلم على وجه البيان للقرآن الكريم والتبليغ عن الله سبحانه للأمة سواء اقترنت بقول أم لا .
- ويشترط كون الفعل صادرا عنه صلى الله عليه و سلم بقصد التشريع ،فتخرج الأفعال الجبلية وخصائصه واجتهاده في أمور الدنيا..
3- السنة التقريرية :
« هي ما أقره النبي صلى الله عليه و سلم مما صدر عن بعض الصحابة من أقوال وأفعال سواء أكان بمحضر رسول الله صلى الله عليه و سلم أو بمجلس آخر بسكوته و عدم إنكاره أو بموافقته واستحسانه » لأن النبي صلى الله عليه و سلم لا يسكت على منكر
4- صفته صلى الله عليه وسلم :
والتي تشمل أوصافه الخلقية والخلقية .. المجلية لخلقه العظيم
5- سيرته صلى الله عليه وسلم :
وهي الأحداث والوقائع الثابتة بالروايات الصحيحة المتعلقة بحياته صلى الله عليه و سلم وحياة الواقع حوله منذ الولادة إلى حين وفاته صلى الله عليه و سلم
ج – خصائص السنة النبوية
تتميز السنة النبوية بعدة خصائص نذكر منها :
1- خاصية الشمول :
بحيث تشمل حياة الإنسان كلها من البداية إلى النهاية ،وحضورها في كل مجالات الحياة المتنوعة، وإحاطتها بكل أبعاد الإنسان
2 - خاصية التوازن :
أي تتميز بمنهج وسط لأمة وسط لا إفراط ولا تفريط ،لا غلو ولا تقصير ،كما ورد في عدة حوادث عن النبي صلى الله عليه
و سلم أنه كان يوجه أصحابه إلى التوازن ويحذرهم من الغلو كما في قصة النفر الثلاثة
3- خاصية اليسر :
أي تتميز باليسر والسهولة والسماحة ،دون إحراج أو إرهاق كما ورد ذلك جليا في عدة أحاديث عنه صلى الله عليه و سلم منها « إنما أنا رحمة مهداة » وقوله « يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا » صحيح البخاري.
د – مقاصد السنة النبوية
وهي تتحدد من خلال مهامه صلى الله عليه و سلم
1- تبليغ القرآن الكريم : كما أمرنا الله بذلك في آيات عديدة
2- البيان للبلاغ القرآني وتوضيحه وتفصيله : قال تعالى { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون} النحل
3- التجسيد العملي للبلاغ القرآني : فحياته صلى الله عليه و سلم وسيرته ،نموذج تطبيقي لما في القرآن الكريم . قال تعالى : «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة .....»
وفي حديث عائشة رضي الله عنها لما سئلت عن خلقه صلى الله عليه و سلم قالت : « كان خلقه القرآن »
4- التعليم والتربية والتزكية للجماعة المؤمنة المتضمنة لحسن فهم الدين والإيمان به إيمانا يدفع للعمل به والعمل له
2 – السنة النبوية مصدر للمعرفة والتشريع في الإسلام
السنة مصدر رباني للمعرفة مكمل للقرآن وتال له :
أ- السنة وحي من الله تعالى : قال تعالى : «وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى» فالسنة معناها من الله سبحانه بينها صلى الله عليه و سلم لنا بألفاظ من عنده . وما اجتهد فيه صلى الله عليه و سلم يقره ربه عليه بالموافقة أو التصحيح.
ب- السنة قرينة للقرآن ومتصلة به مبينة له أو مخصصة لعمومه أو مقيدة لمطلقه .....
ج- أنها المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم بدليل القرآن والسنة وإجماع الأمة قال تعالى : « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا »
وفي الحديث « تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه و سلم»
وفي حديث آخر«ألا وإنما حرم رسول الله صلى الله عليه و سلم مثل ما حرم الله عز وجل».
د- أنها التطبيق النموذجي للبلاغ القرآني وتنزيله في حياة الناس وواقعهم .
السنة ترسم المنهج التفصيلي للحياة
غالب ما جاء في القرآن الكريم قواعد عامة ومبادئ كلية.
والأحكام الجزئية المفصلة قليلة. وقد ترك القرآن الكريم للسنة تفصيل أحكامه المجملة وتقييد مطلقه وتخصيص عامه وتوضيح مشكله وتبيين مبهمه وتفصيل السنة ليس دائما على درجة واحدة . فما كان له طابع الثبوت والدوام كان التفصيل فيه أكثر حتى لا تعبث به الأهواء ويصبح في مهب رياح التلاعب في كل حين ،بخلاف ما كان له طابع التغيير والمرونة ...
فالتفصيل فيها أقل ليبقى المجال مفتوحا لتنزيلها حسب الواقع...
3 – مبادئ الفهم وضوابط العمل بالسنة النبوية
- لا بد للمشتغل بالسنة النبوية دراسة واستنباطا أن يكون عالما مجتهدا متمكنا من آليات الترجيح والتنزيل ...ومن هنا حدد العلماء جملة من الضوابط التي ينبغي الالتزام بها للوصول إلى الفهم الصحيح والتطبيق الرشيد لسنته صلى الله عليه و سلم ،ولحمايتها من المتربصين والمشككين ومنها
1- الإستيثاق من ثبوت السنة وصحتها تبعا لضوابط نقاد الحديث، والاستعانة بأهل الخبرة «علماء الحديث» في هذا المجال
2- جمع الأحاديث الواردة في الموضوع الواحد للجمع والتوقيف بينها عند الإمكان. أو الترجيح عند تعذر ذلك ..، وإلا سنقع في الاختلاف والتناقض وسوء الفهم .
3- فهم الحديث النبوي وفق دلالات اللغة العربية وعلى هدي سياق الحديث وسبب ورده ، ومراعاة المقاصد الكلية للإسلام والتمييز ما جاء من الأحاديث على وجه التبليغ للرسالة وما ليس كذلك .وماله صفة الدوام والعموم ،وما له صفة الخصوصية واللحظية ...الخ ما حدده علماء هذا الفن في هذا المجال.
4- التمييز بين الوسائل المتغيرة والمقاصد الثابتة ،فالوسائل تتغير من عصر إلى عصر ومن مجتمع إلى مجتمع فاعتبارها مقصودة لذاتها تؤدي إلى الخلط والزلل و..... مثل : تعيين السواك لطهارة الفم ...
5- فهم السنة في ضوء من القرآن الكريم : فلا يمكن حصول « التعارض بين سنة صحيحة ومحكمات القرآن » ،وإن ظهر شيء من ذلك فلا يخلو الأمر:
- إما أن السنة غير صحيحة .
- أو الفهم لها غير صحيح .
- أوأنه تعارض في الظاهر فقط. ولذلك ينبغي ترك ذلك للعلماء المتخصصين للتدقيق والتحري وعدم التسرع في رد الأحاديث بناء على الوهم أحيانا.ومحاولة تشويه حقيقة الاسلام والنيل منه أحيانا أخرى.