۞ تفسير السعدي من الآيــــــة(261:264) ) من سورة البقرة
۞حتى لا تكوني هاجرة للقرآن الكريم ..اقرئي معنا هذا الورد اليسير
تفسير الختمة الثانيـــــــــــــــــــة
۞ تفسير السعدي من الآيــــــة(261:264) ) من سورة البقرة
قبل البدء فى الورد لا تنسوا أذكـار الصباح والمساء فهى حصنك من الشيطان https://adlat.net/showthread.php?t=349833
﷽ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ( 261 ) . _هذا بيان للمضاعفة التي ذكرها الله في قوله مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً
_وهنا قال: ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ) أي:
في طاعته ومرضاته، وأولاها إنفاقها في الجهاد في سبيله
( كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة )
_ وهذا إحضار لصورة المضاعفة بهذا المثل، الذي كان العبد يشاهده ببصره فيشاهد هذه المضاعفة ببصيرته، فيقوى شاهد الإيمان مع شاهد العيان، فتنقاد النفس مذعنة للإنفاق سامحة بها مؤملة لهذه المضاعفة الجزيلة والمنة الجليلة،
_( والله يضاعف ) هذه المضاعفة ( لمن يشاء )
أي: بحسب حال المنفق وإخلاصه وصدقه وبحسب حال النفقة وحلها ونفعها ووقوعها موقعها، ويحتمل أن يكون ( والله يضاعف ) أكثر من هذه المضاعفة ( لمن يشاء ) فيعطيهم أجرهم بغير حساب ( والله واسع ) الفضل، واسع العطاء، لا ينقصه نائل ولا يحفيه سائل، فلا يتوهم المنفق أن تلك المضاعفة فيها نوع مبالغة، لأن الله تعالى لا يتعاظمه شيء ولا ينقصه العطاء على كثرته، ومع هذا فهو ( عليم ) بمن يستحق هذه المضاعفة ومن لا يستحقها، فيضع المضاعفة في موضعها لكمال علمه وحكمته.
--------------------------------------------------------------------------------
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ( 262 ) قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ( 263 ) _أي: الذين ينفقون أموالهم في طاعة الله وسبيله، ولا يتبعونها بما ينقصها ويفسدها من المن بها على المنفق عليه بالقلب أو باللسان، بأن يعدد عليه إحسانه ويطلب منه مقابلته، ولا أذية له قولية أو فعلية، فهؤلاء لهم أجرهم اللائق بهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فحصل لهم الخير واندفع عنهم الشر لأنهم عملوا عملا خالصا لله سالما من المفسدات.
_( قول معروف ) أي: تعرفه القلوب ولا تنكره، ويدخل في ذلك كل قول كريم فيه إدخال السرور على قلب المسلم، ويدخل فيه رد السائل بالقول الجميل والدعاء له
( ومغفرة ) لمن أساء إليك بترك مؤاخذته والعفو عنه، ويدخل فيه العفو عما يصدر من السائل مما لا ينبغي،
_فالقول المعروف والمغفرة خير من الصدقة التي يتبعها أذى، لأن القول المعروف إحسان قولي، والمغفرة إحسان أيضا بترك المؤاخذة، وكلاهما إحسان ما فيه مفسد، فهما أفضل من الإحسان بالصدقة التي يتبعها أذى بمنّ أو غيره، ومفهوم الآية أن الصدقة التي لا يتبعها أذى أفضل من القول المعروف والمغفرة، وإنما كان المنّ بالصدقة مفسدا لها محرما، لأن المنّة لله تعالى وحده، والإحسان كله لله، فالعبد لا يمنّ بنعمة الله وإحسانه وفضله وهو ليس منه، وأيضا فإن المانّ مستعبِدٌ لمن يمنّ عليه، والذّل والاستعباد لا ينبغي إلا لله، والله غني بذاته عن جميع مخلوقاته، وكلها مفتقرة إليه بالذات في جميع الحالات والأوقات، فصدقتكم وإنفاقكم وطاعاتكم يعود مصلحتها إليكم ونفعها إليكم،
_ ( والله غني ) عنها، ومع هذا فهو ( حليم ) على من عصاه لا يعاجله بعقوبة مع قدرته عليه، ولكن رحمته وإحسانه وحلمه يمنعه من معاجلته للعاصين، بل يمهلهم ويصرّف لهم الآيات لعلهم يرجعون إليه وينيبون إليه، فإذا علم تعالى أنه لا خير فيهم ولا تغني عنهم الآيات ولا تفيد بهم المثلات أنزل بهم عقابه وحرمهم جزيل ثوابه.
-------------------------------------------------------------------------
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ( 264 ) . _ينهى عباده تعالى لطفا بهم ورحمة عن إبطال صدقاتهم بالمنّ والأذى ففيه أن المنّ والأذى يبطل الصدقة، ويستدل بهذا على أن الأعمال السيئة تبطل الأعمال الحسنة، كما _قال تعالى: وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ فكما أن الحسنات يذهبن السيئات فالسيئات تبطل ما قابلها من الحسنات، وفي هذه الآية مع قوله تعالى وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ حث على تكميل الأعمال وحفظها من كل ما يفسدها لئلا يضيع العمل سدى،
_وقوله: ( كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر ) أي: أنتم وإن قصدتم بذلك وجه الله في ابتداء الأمر، فإن المنة والأذى مبطلان لأعمالكم، فتصير أعمالكم بمنزلة الذي يعمل لمراءاة الناس ولا يريد به الله والدار الآخرة، فهذا لا شك أن عمله من أصله مردود، لأن شرط العمل أن يكون لله وحده وهذا في الحقيقة عمل للناس لا لله، فأعماله باطلة وسعيه غير مشكور،
_ فمثله المطابق لحاله ( كمثل صفوان ) وهو الحجر الأملس الشديد ( عليه تراب فأصابه وابل ) أي: مطر غزير ( فتركه صلدا ) أي: ليس عليه شيء من التراب، فكذلك حال هذا المرائي، قلبه غليظ قاس بمنزلة الصفوان، وصدقته ونحوها من أعماله بمنزلة التراب الذي على الصفوان، إذا رآه الجاهل بحاله ظن أنه أرض زكية قابلة للنبات، فإذا انكشفت حقيقة حاله زال ذلك التراب وتبين أن عمله بمنزلة السراب، وأن قلبه غير صالح لنبات الزرع وزكائه عليه، بل الرياء الذي فيه والإرادات الخبيثة تمنع من انتفاعه بشيء من عمله، فلهذا ( لا يقدرون على شيء ) من أعمالهم التي اكتسبوها، لأنهم وضعوها في غير موضعها وجعلوها لمخلوق مثلهم، لا يملك لهم ضررا ولا نفعا وانصرفوا عن عبادة من تنفعهم عبادته، فصرف الله قلوبهم عن الهداية، فلهذا قال: ( والله لا يهدي القوم الكافرين ) .
المراجع:
تفسير /تيسيرُ الكريمِ الرَّحمنِ في تفسيرِ كلامِ المنَّانِ للشَّيخِ
عبدِ الرَّحمنِ بنِ ناصرٍ السّعديِّ.