قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ( 72 ) قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا ( 73 ) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ( 74 )
( قَالَ ) العالم وهو الخضر ( أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ) ( قَالَ ) موسى ( لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ ) قال ابن عباس: إنه لم ينس ولكنه من معاريض الكلام فكأنه نسي شيئا آخر وقيل: معناه بما تركت من عهدك والنسيان: الترك. وقال أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم: « كانت الأولى من موسى نسيانا والوسطى شرطا والثالثة عمدا » . ( وَلا تُرْهِقْنِي ) ولا تغشني ( مِنْ أَمْرِي عُسْرًا ) وقيل: لا تكلفني مشقة يقال: أرهقته عسرا أي: كلفته ذلك يقول: لا تضيق علي أمري وعاملني باليسر ولا تعاملني بالعسر. ( فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ ) في القصة أنهما خرجا من البحر يمشيان فمرا بغلمان يلعبون فأخذ الخضر غلاما ظريفا وضيء الوجه فأضجعه ثم ذبحه بالسكين.
قال السدي: كان أحسنهم وجها وكان وجهه يتوقد حسنا.
وروينا أنه أخذ برأسه فاقتلعه بيده وروى عبد الرزاق هذا الخبر وأشار بأصابعه الثلاث الإبهام والسبابة والوسطى وقلع برأسه.
وروي أنه رضخ رأسه بالحجارة.
وقيل: ضرب رأسه بالجدار فقتله .
قال ابن عباس: كان غلاما لم يبلغ الحنث وهو قول الأكثرين قال ابن عباس: لم يكن نبي الله يقول: أقتلت نفسا زكية إلا وهو صبي لم يبلغ.
وقال الحسن: كان رجلا وقال شعيب الجبائي: كان اسمه حيسور.
وقال الكلبي: كان فتى يقطع ويأخذ المتاع ويلجأ إلى أبويه .
وقال الضحاك: كان غلاما يعمل بالفساد وتأذى منه أبواه .
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر أخبرنا عبد الغافر بن محمد أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي أنبأنا إبراهيم بن محمد بن سفيان حدثنا مسلم بن الحجاج أنبأنا عبد الله بن مسلمة بن معتب حدثنا معمر بن سليمان عن أبيه عن رقية بن مصقلة عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا » .
( قَالَ ) موسى ( أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً ) قرأ ابن كثير ونافع وأبو جعفر وأبو عمرو: « زاكية » بالألف وقرأ الآخرون: « زكية » قال الكسائي والفراء: معناهما واحد مثل: القاسية والقسية وقال أبو عمرو بن العلاء: « الزاكية » : التي لم تذنب قط و « الزكية » : التي أذنبت ثم تابت.
( بِغَيْرِ نَفْسٍ ) أي: لم تقتل نفسا [ بشيء ] وجب به عليها القتل.
( لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ) أي: منكرا قال قتادة: النكر أعظم من الإمر لأنه حقيقة الهلاك وفي خرق السفينة كان خوف الهلاك.
وقيل: الإمر أعظم لأنه كان فيه تغريق جمع كثير.
قرأ نافع وابن عامر ويعقوب وأبو بكر هاهنا: ( نُكْرًا ) وفي سورة الطلاق بضم الكاف والآخرون بسكونها.
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ( 75 ) قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا ( 76 ) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ( 77 )
( قَالَ ) يعني الخضر: ( أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ) قيل: زاد « لك » لأنه نقض العهد مرتين وفي القصة أن يوشع كان يقول لموسى: يا نبي الله اذكر العهد الذي أنت عليه. ( قَالَ ) موسى ( إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا ) بعد هذه المرة ( فَلا تُصَاحِبْنِي ) وفارقني وقرأ يعقوب: « فلا تصحبني » بغير ألف من الصحبة.
( قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا ) قرأ أبو جعفر ونافع وأبو بكر « من لدني » خفيفة النون وقرأ الآخرون بتشديدها قال ابن عباس: أي قد أعذرت فيما بيني وبينك.
وقيل: حذرتني أني لا أستطيع معك صبرا. وقيل: اتضح لك العذر في مفارقتي.
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر أنبأنا عبد الغافر بن محمد أنبأنا محمد بن عيسى حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان حدثنا مسلم بن الحجاج حدثنا محمد بن عبد الله القيسي حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن رقية عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « رحمة الله علينا وعلى موسى » وكان إذا ذكر أحدا من الأنبياء بدأ بنفسه « لولا أنه عجل لرأى العجب ولكنه أخذته من صاحبه ذمامة قال: ( إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا ) فلو صبر لرأى العجب » . قوله عز وجل: ( فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ ) قال ابن عباس: يعني: « أنطاكية » وقال ابن سيرين: هي « الأبلة » وهي أبعد الأرض من السماء وقيل: « برقة » . وعن أبي هريرة: بلدة بالأندلس ( اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا )
قال أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم: « حتى إذا أتيا أهل قرية لئاما فطافا في المجالس فاستطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما » .
وروي أنهما طافا في القرية فاستطعماهم فلم يطعموهما واستضافوهم فلم يضيفموهما.
قال قتادة: شر القرى التي لا تضيف الضيف.
وروي عن أبي هريرة قال: أطعمتهما امرأة من أهل بربر بعد أن طلبا من الرجال فلم يطعموهما فدعا لنسائهم ولعن رجالهم.
قوله تعالى: ( فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ ) أي يسقط وهذا من مجاز كلام العرب لأن الجدار لا إرادة له وإنما معناه: قرب ودنا من السقوط كما تقول العرب: داري تنظر إلى دار فلان إذا كانت تقابلها.
( فَأَقَامَهُ ) أي سواه وروي عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال الخضر بيده فأقامه .
وقال سعيد بن جبير: مسح الجدار بيده فاستقام وروي عن ابن عباس: هدمه ثم قعد يبنيه وقال السدي: بل طينا وجعل يبني الحائط.
( قَالَ ) موسى ( لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ) قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب: « لتخذت » بتخفيف التاء وكسر الخاء وقرأ الآخرون: « لتخذت » بتشديد التاء وفتح الخاء وهما لغتان مثل اتبع وتبع ( عَلَيْهِ ) يعني على إصلاح الجدار ( أَجْرًا ) يعني جعلا معناه: إنك قد علمت أننا جياع وأن أهل القرية لم يطعمونا فلو أخذت على عملك أجرا.
قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ( 78 )
( قَالَ ) الخضر: ( هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ) يعني هذا وقت فراق بيني وبينك وقيل: هذا الإنكار على ترك الأجر هو المفرق بيننا. وقال الزجاج: معناه هذا فراق بيننا أي فراق اتصالنا وكرر « بين » تأكيدا.
( سَأُنَبِّئُكَ ) أي سوف أخبرك ( بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ) وفي بعض التفاسير أن موسى أخذ بثوبه فقال: أخبرني بمعنى ما عملت قبل أن تفارقني فقال: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ
أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ( 79 ) وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ( 80 )
( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ ) قال كعب: كانت لعشرة إخوة خمسة زمنى وخمسة يعملون في البحر وفيه دليل على أن المسكين وإن كان يملك شيئا فلا يزول عنه اسم المسكنة إذا لم يقم ما يملك بكفايته ( يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ ) أي: يؤاجرون ويكتسبون بها ( فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا ) أجعلها ذات عيب.
( وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ) أي أمامهم ( مَلِكٌ ) كقوله: مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ ( إبراهيم- 16 ) .
وقيل: « وراءهم » خلفهم وكان رجوعهم في طريقهم عليه والأول أصح يدل عليه قراءة ابن عباس « وكان أمامهم ملك » .
( يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ) أي: كل سفينة صالحة غصبا وكان ابن عباس يقرأ كذلك فخرقها وعيبها الخضر حتى لا يأخذها الملك الغاصب وكان اسمه الجلندي وكان كافرا.
قال محمد بن إسحاق: اسمه « متوله بن جلندي الأزدي » .
وقال شعيب الجبائي: اسمه « هدد بن بدد » .
وروي أن الخضر اعتذر إلى القوم وذكر لهم شأن الملك الغاصب ولم يكونوا يعلمون بخبره وقال: أردت إذا هي مرت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزه أصلحوها فانتفعوا بها قيل: سدوها بقارورة وقيل: بالقار. قوله عز وجل: ( وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا ) أي فعلمنا [ وفي قراءة ابن عباس: « وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين فخشينا » أي: فعلمنا ] ( أَنْ يُرْهِقَهُمَا ) يغشيهما وقال الكلبي: يكلفهما ( طُغْيَانًا وَكُفْرًا ) قال سعيد بن جبير: فخشينا أن يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه.
فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ( 81 ) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْـزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْـزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ( 82 )
( فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا ) قرأ أبو جعفر ونافع وأبو عمرو: بالتشديد هاهنا وفي سورة « التحريم » و « القلم » وقرأ الآخرون بالتخفيف وهما لغتان وفرق بعضهم فقال: « التبديل » : تغيير الشيء أو تغيير حاله وعين الشيء قائم و « الإبدال » : رفع الشيء ووضع شيء آخر مكانه ( رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً ) أي صلاحا وتقوى ( وَأَقْرَبَ رُحْمًا ) قرأ ابن عامر وأبو جعفر ويعقوب: بضم الحاء والباقون بجزمها أي: عطفا من الرحمة. وقيل: هو من الرحم والقرابة قال قتادة: أي أوصل للرحم وأبر بوالديه .
قال الكلبي: أبدلهما الله جارية فتزوجها نبي من الأنبياء فولدت له نبيا فهدى الله على يديه أمة من الأمم.
وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال: أبدلهما الله جارية ولدت سبعين نبيا .
وقال ابن جريج: أبدلهما بغلام .
قال مطرف: فرح به أبواه حين ولد وحزنا عليه حين قتل. ولو بقي لكان فيه هلاكهما فليرض امرؤ بقضاء الله تعالى فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه فيما يحب. قوله عز وجل: ( وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ ) وكان اسمهما أصرم وصريم ( وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْـزٌ لَهُمَا ) اختلفوا في ذلك الكنـز روي عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « كان ذهبا وفضة » .
وقال عكرمة: كان مالا .
وعن سعيد بن جبير: كان الكنـز صحفا فيها علم .
وعن ابن عباس: أنه قال كان لوحا من ذهب مكتوبا فيه: « عجبا لمن أيقن بالموت كيف يفرح! عجبا لمن أيقن بالحساب كيف يغفل! عجبا لمن أيقن بالرزق كيف يتعب! عجبا لمن أيقن بالقدر كيف ينصب! عجبا لمن أيقن بزوال الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها! لا إله إلا الله محمد رسول الله » . وفي الجانب الآخر مكتوب: « أنا الله لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي خلقت الخير والشر فطوبى لمن خلقته للخير وأجريته على يديه والويل لمن خلقته للشر وأجريته على يديه » وهذا قول أكثر المفسرين وروي ذلك مرفوعا.
قال الزجاج: الكنـز إذا أطلق ينصرف إلى كنـز المال, ويجوز عند التقييد أن يقال عنده كنـز علم, وهذا اللوح كان جامعا لهما.
( وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ) قيل: كان اسمه « كاسح » وكان من الأتقياء. قال ابن عباس: حفظا بصلاح أبويهما.
وقيل: كان بينهما وبين الأب الصالح سبعة آباء .
قال محمد بن المنكدر: إن الله يحفظ بصلاح العبد ولده [ وولد ولده ] وعترته وعشيرته وأهل دويرات حوله فما يزالون في حفظ الله ما دام فيهم.
قال سعيد بن المسيب: إني لأصلي فأذكر ولدي فأزيد في صلاتي.
قوله عز وجل: ( فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا ) أي: يبلغا ويعقلا. وقيل: أن يدركا شدتهما وقوتهما. وقيل: ثمان عشرة سنة.
( وَيَسْتَخْرِجَا ) حينئذ ( كَنْـزَهُمَا رَحْمَةً ) نعمة ( مِنْ رَبِّكَ )
( وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ) أي باختياري ورأيي بل فعلته بأمر الله وإلهامه ( ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ) أي لم تطق عليه صبرا و « استطاع » و « اسطاع » بمعنى واحد.
روي أن موسى لما أراد أن يفارقه قال له: أوصني, قال: لا تطلب العلم لتحدث به واطلبه لتعمل به.
واختلفوا في أن الخضر حي أم ميت ؟ قيل: إن الخضر وإلياس حيان يلتقيان كل سنة بالموسم . وكان سبب حياته فيما يحكى أنه شرب من عين الحياة وذلك أن ذا القرنين دخل الظلمات لطلب عين الحياة. وكان الخضر على مقدمته فوقع الخضر على العين فنـزل واغتسل وتوضأ وشرب وصلى شكرا لله عز وجل وأخطأ ذو القرنين الطريق فعاد .
وذهب آخرون إلى أنه ميت لقوله تعالى: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ ( الأنبياء- 34 ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم بعدما صلى العشاء ليلة: « أرأيتكم ليلتكم هذه؟ فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو اليوم حي على ظهر الأرض أحد » . ولو كان الخضر حيا لكان لا يعيش بعده « . »
تابعــــــــــوا بقيــــــة الســـــــــورة