يوم عاشوراء
سنن وأحكام
1- عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم، كان صيامه أول الإسلام واجبًا على الصحيح، ثم نُسِخَ عند فرض رمضان، فصار مستحبًّا، روى مسلم في صحيحه حديث عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَهُ، وَالْمُسْلِمُونَ قَبْلَ أَنْ يُفْتَرَضَ رَمَضَانُ، فَلَمَّا افْتُرِضَ رَمَضَانُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((
إِنَّ عَاشُورَاءَ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللهِ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ)).
2- صيام يوم عاشوراء سنة مؤكدة، وجاء في فضله أنه يُكَفِّر السنة التي قبله؛ فقد روى مسلم في صحيحه حديث أبي قتادة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سُئِلَ عن صيام عاشوراء، قال: ((
أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ)).
3- يحصُل للمسلم هذا الفضل ولو صام عاشوراء وحده، ولا كراهةَ في إفراده على الصحيح؛ [الاختيارات الفقهية لابن تيمية ص (110)، فتاوى اللجنة الدائمة (10/ 401)].
4- أكمل مراتب الصيام ليوم عاشوراء أن يصومَ التاسع معه؛ مخالفة لأهل الكتاب؛ لِما رواه مسلم من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قال: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِه، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((
لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ))، قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
5- الأحاديث الواردة في صيام يوم قبله وبعده، وكذلك في صيام يوم قبله أو بعده، لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وصحَّت آثار موقوفة على ابن عباس رضي الله عنه؛ ولهذا فلا تثريبَ على مَنْ صام عاشوراء ويومًا قبله ويومًا بعده، أو اكتفى بصيامه وصيام يومٍ بعده؛ لأجل مخالفة اليهود.
6- جاء بيان الحكمة من صيام عاشوراء في حديث ابن عباس في الصحيحين أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ، وَجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا، يَعْنِي عَاشُورَاءَ، فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، وَهُوَ يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى، وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ، فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ، فَقَالَ: ((
أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ))، فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. فمن نعمةِ الله تعالى على العبد أن تعبَّده في هذا اليوم بالصيام ونَيْل الفضل العظيم، بخلاف المبتدعة من الرافضة الذين اتَّخذوه نياحةٍ ومأتَمًا وتعذيبًا.
7- قوله: (
فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ): دليل على أن الشكر يكون بفعل الطاعة، وليس مقصورًا على القول، وفيه دلالة على أن العبد إذا أنعَم الله تعالى عليه بنعمة، يُبادر بشكرها بفعل الطاعة، وهذا هو دأبُ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومنه قول موسى عليه السلام:
﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ ﴾ [القصص: 17].
8- يجوز صيام يوم عاشوراء وتاسوعاء بنيَّة من النهار على الصحيح، والأكمل هو تبييتُ النية من الليل؛ [شرح صحيح مسلم للنووي (8/ 276)، والشرح الممتع لشيخنا ابن عثيمين (6/ 359)].
9- يجوز صيام عاشوراء لمن كان عليه قضاء، ولو نواه قضاءً مع نيَّة عاشوراء نال الأجرين على الصحيح؛ [مجموع فتاوى ورسائل شيخنا ابن عثيمين (20/ 48)].
10- يُسنُّ تعويد الصِّبيان على صيام عاشوراء، لِما جاء في الصحيحين من حديث الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ، قَالَتْ: أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ: ((
مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا، فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَليَصُمْ))، قَالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ.