• أولا: أول منازل الآخرة ..عن هانئ مولى عثمان رضي الله عنه قال:كان عثمان بن عفان إذا وقف على قَبْرٍ يَبْكِي حَتَّى يَبُلَّ لحيته، فقيل له: تَذْكُر الْجَنَّة والنَّار ولا تبكي، وتبكي من هذا؟ قال: إن رسول الله ﷺ قال:«إنَّ القبر أَوَّل منازل الْآخرة، فإن نجا منه، فما بعده أَيْسَرُ منه، وإنْ لم يَنْجُ منه، فما بعده أَشَدُّ منه».صحيح الجامع رقم: 1684
ثانيا: وحشة الدنيا وغربتها نقطعها بلقاء الأصحاب والإخوان، وأما وحشة القبر فلا دواء لها إلا بالعمل الصالح وعُدَّة الإيمان، فمن تجهَّز اليوم آنس وحشة قبره في الغد!
قال الحسن:«رحِم الله رجلا لم يغره كثرة ما يرى من كثرة الناس، ابن آدم ..إنك تموت وحدك..وتدخل القبر وحدك..وتُبَعَث وحدك..وتحاسب وحدك.ابن آدم ..وأنت المعنيُّ، وإياك يراد».
• ثالثا: : لأن القبر زيارة ﴿حتى زرتم المقابر﴾، ينطلق منها الزائر إلى منزله، إما الجنة وإما الناروتأمل كيف جعل حياتهم في القبر مجرد زيارة لا استيطانا، فهم في المقابر مستودعون لفترة من الزمن، قبل أن يرحلوا إلى دار القرار، ويسكنوا الجنة أو النار.
وإذا كانت الإقامة في القبر –على طول المكث فيه- مجرد زيارة، فماذا تسمي الحياة الدنيا وهي أقصر بكثير من فترة القبر؟!ماذا تساوي دنياك في أخراك؟هل هي إلا قطرة في بحر ما ينتظرك هناك فما الذي ألهاك!
سمع الحسن البصري رجلا يسأل رجلا في جنازة:من هذا الميت؟ فقال الحسن:
«هذا أنا وأنت، إنهم محبوسون (في قبورهم) على آخرنا، حتى يلحق آخرنا بأولهم».
• رابعا: إعداد مهاد القبر:قال ابن الجوزي: «الطَّائِر إِذا علم أَن الْأُنْثَى قد حملت، أَخذ ينْقل العيدان لبِنَاء العش قبل الْوَضع، أفتراك ما علمتَ قرب رحيلك إلى القبر؟! فهلا بعثت لك فِراش تقوى: (فلأنفسهم يمهدون)».
ما أحدٌ أكرمُ من راقدٍ ... في قبره أعماله تؤنِسُه
منعَّما في القبر في روضةٍ ... ليس كعبدٍ قَبرُه محْبَسُه
رزق الدنيا مضمون، ودخول الجنة غير مضمون، فلهَثْنا خلف المضمون على حساب غير المضمون، وسعينا وراء أرزاق الدنيا بقهر الأعذار، لكن مع أرزاق الآخرة تسويف واعتذار
• خامسا: خير رفيق في حفرة القبر العميق!
قال بعض السلف:«نظرتُ إلى الخلق؛ فإذا كل شخص له محبوب، فإذا وصل إلى القبر فارقه محبوبه؛فجعلتُ محبوبي: حسناتي؛ لتكون معي في قبري».
• سادسا: القبر هو بداية حياتك الحقيقية!
قال إبراهيم بن أدهم: «دارنا أمامنا، وحياتنا بعد موتنا، إما الجنة، وإما إلى النار».
سابعا: القبر أقوى داعية للإصلاح
قال مصطفى صادق الرافعي:«ينادي القبر: أصلِحوا عيوبكم، فإن جاءت إلى هنا كما هي، بقيَتْ كما هي إلى الأبد».
خالد ابو شادى
يتبع