أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي تذكرة الموت


تذكرة الموت

تذكرة الموت
تذكرة الموت


_الحمد لله الذي خلق الموت والحياة وجعل الظلمات والنور وجعل لكل شيء نهاية، أحمده سبحانه وأشكره وأثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

معاشر المؤمنين والمؤمنات:
_حديثي إليكم اليوم عن أمرٍ أكثر الناس يستوحشون ويشمئزون ويتشاءمون من الحديث عنه، ألا وهو الموت.

_ويا عجبا لمن يستوحش من الحديث عن الموت أو يشمئز ويتشاءم، مع أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول كما في الحديث الصحيح: (أكثروا ذكر هادم اللذات، يعني الموت).

_فوالله إن الموعد لقريب، واللقاءَ وشيك، فهل لنا من مهرب أو مفر من لقاء الله العلي القدير؟ وهو القائل سبحانه: ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 1].
فكيف بنا وقد انتهى الأجل وحان الموعد، ورأينا ملك الموت أمامنا؟
_نعم ملك الموت الموكلُ بقبض الأرواح، ملكُ الموت الذي لا يستأذن على أحد، ولا يمنع دخوله مانع، ملكُ الموت الذي لا يتردد في تنفيذ الأوامر، ولا يُشفق على صغير لصغره أو على كبير لكبره، ولا يرحم مريضا لمرضه، ولا ضعيفا لضعفه، ولا يخاف من أحد لبطشه وقوته وجبروته وسلطانه.

_إنه ملك الموت، وهذا يومك يا ابن آدم، وقد جاء إليك زائرا وقابضا، جاء إليك أنت، وما جاء لغيرك، وهذا يومك وهذه ساعتك، فلقد وفَّاكَ الله رزقك فلم يعد لك في الدنيا نصيب من طعام ولا شراب ولا هواء، ووفاك أجلك فلم يعد في عمرك بقية، قال ربنا: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ
[الأعراف: 34].

_فماذا أنت قائل وقتها وملك الموت داخل عليك؟
فمهما كان قولُك أو عذرك أو حجتك، ملك الموت لا يجيبك، ولا يرد عليك ولا يتأثر بكلامك، ولا يرق لحالك، ولو نطق لقال لك ليس لي من الأمر شيء، لو نطق لقال لك: أما تعلم يا ابن آدم أننا معاشرَ الملائكة، من صفاتنا، ﴿ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]؟.

_ابن آدم، لا تظن أنه بوسعك أن تفر من الموت وينفعك الفرار.

_ألم تسمع قول القوي العزيز الجبار: ﴿ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الجمعة: 8].

_نعم، إنه ملاقيك، في أي مكان كنت ستموت، قال ربنا: ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ﴾ [النساء: 78].

_وعلى أي حال كنت ستموت، إن كنت قويا ستموت، إن كنت ضعيفا ستموت، كبيرا أو صغيرا ستموت، غنيا أو فقيرا ستموت، حاكما أو محكوما ستموت، فلا أهلُك يمنعوك من الموت، ولا المال يفديك، ولا المنصب ولا القوة والجبروت، ولا الجاه ولا السلطان، إنها الحقيقة التي تُعلن على مدى الزمان والمكان في أذن كل سامع، وفي عقل كل عاقل، وفي قلب كل حيّ أنَّ الكل سيموت.

_فكل باكٍ سيُبكى، وكل ناعٍ سيُنعى، وكل مذخور سيَفنى، وكل مذكور سيُنسى، ليس غيرُ الله يبقى، من علا فالله أعلى.
الكلُّ سيموتُ إلا ذو العزة والجبروت، قال الله جلَّ في علاه: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26، 27].
وقال جل جلاله: ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ ﴾.

_إنها الحقيقة التي يسقط عندها جبروت المتجبرين، وعناد الملحدين، وطغيان الطغاة المستكبرين.
_إنها الحقيقة التي شرِب من كأسها العصاة والطائعون، وشرب من كأسها الأنبياء والمرسلون، قال ربنا: ﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الخُلْدَ أَفَإِنْ مت فَهُمُ الخَالِدُونَ ﴾.
إنها الحقيقة التي لا مفر منها طال الزمان أو قصر.

_ابن آدم، هذا هو آخر يوم لك في الحياة الدنيا، وهذه هي آخر ساعة لك فيها، قال ربنا: ﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴾ [ق: 19]. إنها اللحظة الحاسمة، حينما يثقُل منك اللِّسان، وترتخي اليدان، وتَشخصُ العينان، وتشتد بك الأحزان، ويبكي عليكَ الأهل والجيران، ويذهب عنك الحُسن والجمال، فيطلبوا لك الأطباء، ليقدموا لك الدواء، فلا يزيدك الدواء إلا عناء وبلاء، قال الله تعالى: ﴿ كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ ﴾ [القيامة: 26 - 30].

_تذكر يا ابن آدم ما يحصل للمحتَضِر حالَ نزعِ روحه، حين يشتدُّ كربه، ويَظهر أنينه، ويتغيّر لونه، ويَعرَقُ جبينُه: ﴿ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الواقعة: 83 - 87].

_رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبيبه، صفي الله وخليله، وليس أكرَم على الله من رسولِه صلى الله عليه وسلم،حين حضرته الوفاةُ وكان بين يديه رَكوةٌ فيها ماء، جعل يُدخل يدَه في الماء فيمسَح بها وجهه ويقول: "لا إله إلا الله، إنَّ للموتِ سكرات".

_ابن آدم، ألم تعلم أن الموت كأس وكلُّ الناس شاربه، والقبرَ باب وكل الناس داخله؟ ألم يقرع سمعك يوما قول ربك: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾ [آل عمران: 185].

فهل فكرت يا ابن آدم، ماذا بعد الموت؟
فأنا أدعوك أخي المسلم إلى زيارة القبور وتلك سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث الصحيح، عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كنتُ نهيتُكم عن زيارَةِ القبورِ ألا فزورُوها، فإِنَّها تُرِقُّ القلْب، و تُدْمِعُ العين، وتُذَكِّرُ الآخرة،

ولا تقولوا هجْرًا".
_فإذا زرتها، قف وقفة تأمل ومحاسبة، فإن من في القبور كانوا يمشون على الأرض، واليوم هم في بطنها، وبعدها، هم في يوم العرض على الله لا تخفى منهم خافية.

_قف أمام قبر مفتوح، وتأمل هذا البيت الضيق، ثم قل: هذا بيتي، هذا فراشي، هذه داري سأسكنها وحدي.

واسأل نفسك ماذا أعددت لها، أعملاً صالحا؟ أم خيبة وحسرة وخسارة؟
أغمض عينيك وتخيل أن الله توفاك، أنك مت ونُقلت إلى قبرك لوحدك، وتخلى عنك الأحبة والأهل وكل من له صلة بك من الأقربين، وانقطعت صلتك بكل شيء من الدنيا، لا مال، لا بنون، لا وظيفة، لا شهادات، لا دكتوراه، لا وزارة، لا ملك، لا رئاسة، كل شي انقطع عنك.

_انتهى البث المباشر الذي كان يربطك بالدنيا، وانتقل بك إلى عالم الآخرة، فأنت بداخل ذلك القبر، وقد أغلق عليك الباب، وانهال عليك التراب، وفارقك الأهل والأولاد.

_وقد أحاطك القبر بظلمته ووحشته، فلا ترى إلا عملك، فماذا تتمنى يا ترى في تلك اللحظة؟ ألا تتمنى الرجوع إلى الدنيا لتعمل صالحًا، لتركع ركعة، لتسبّح تسبيحة، لتذكر الله تعالى ولو مرة؟! فها أنت على ظهر الأرض حيًّا معافى صحيحا، فحدد مسارك وهيئ مصيرك، وازرع الآن لتحصد غدا، وابنِ اليوم لتسكن غدا، إنك الآن تقدم وتعمل وغدا تجازى، قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].

_إخواني لماذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نكثر من ذكر الموت؟
(أكثروا ذكر هادم اللذات).
لأن الإكثار من ذكر الموت مع فهم معناه هو الذي يُقَلِّم مخالب البغي، هو الذي يحطم أنياب الظلم والطغيان، تذكر الموت مع فهم حقيقته هو الذي يجتث الفساد من نفس كل إنسان.
_نعم معاشر الصالحين، تذكر الموت مع فهم حقيقته هو الكابح الذي يقي كل إنسان من الانزلاق في مهاوي الفساد والضلال.

_وأنتم تعلمون أن الكابح وإن كان دوره في الواقع المرئي يأتي بعد التصرف ولكن دوره في الاعتبار يكون قبل التصرف، من أجل هذا قدَّمَ البيان الإلهي الموتَ على الحياةِ عندما قال: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾ [الملك: 1، 2].





_كان المقتضى– بحسب الظاهر – أن يقول: الذي خلق الحياة والموت. ذلك هو الترتيب المرئي في واقعنا، ولكن الكابح، ينبغي أن يكون دائماً مقدماً في الذهن ومقدماً في الاعتبار.

_لذلك النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا بأن نكثر من ذكره، وأن لا ننساه في غمار حياتنا الاجتماعية المختلفة، لأننا على موعد بل على ميعاد حتمي معه، قال ربنا: ﴿ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ﴾، وقال سبحانه: ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ﴾.


تذكرة الموت

تذكرة الموت
خطبة جمعة الرهواني محمد

الالوكة بتصرف

تذكرة الموت



إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#2

افتراضي رد: تذكرة الموت

جزاك الله خيرا

إظهار التوقيع
توقيع : نور الأصيل
#3

افتراضي رد: تذكرة الموت

جزاكـــــــــــــــي الله خيرا


إظهار التوقيع
توقيع : حياه الروح 5


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
حكم ومواعظ عن الموت النجمة الذهبية حكم واقـوال
لماذا فقأ موسى عين ملك الموت شموس راحلة القرآن الكريم
الموت قادم اختى فى الله انتبهى.. مواعظ وحكم عن الموضوع اللهم ارحمنا برحمتك بياض الثلج المنتدي الاسلامي العام
الموت,نعم الموت,حكم عن الموت Nada Ndod حكم واقـوال
أهمية ذكر الموت في حياة المسلم اماني 2011 المنتدي الاسلامي العام


الساعة الآن 06:21 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل