تفسير وإعراب سور
الإخلاص - الفلق - الناس
سورة الإخلاص
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) ﴾
سورة الفلق
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)
وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5) ﴾
سورة الناس
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5)
مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6) ﴾
{الإعراب}
سورة الإخلاص(1 - 4) ﴿ قُلْ ﴾ فعل أمر والفاعل أنت، ﴿ هُوَ ﴾ مبتدأ، ﴿ اللَّهُ ﴾: خبر ﴿ أَحَدٌ ﴾ بدل، ويجوز الله: مبتدأ، أحد، خبر، والجملة خبر هو. ﴿ اللَّهُ الصَّمَدُ ﴾ مبتدأ وخبر. ﴿ لَمْ ﴾ حرف جزم ونفي وقلب، ﴿ يَلِدْ ﴾ فعل مضارع مجزوم والفاعل هو، ﴿ وَلَمْ يُولَدْ ﴾ عطف، فعل مضارع مجزوم والفاعل هو. ﴿ يَكُنْ ﴾ فعل مضارع ناقص مجزوم بلم، ﴿ لَهُ ﴾ جار ومجرور متعلقان بحال محذوف، ﴿ كُفُوًا ﴾ خبرها مقدم، ﴿ أَحَدٌ ﴾ اسمها المؤخر، وما مر مقُول القول.
سورة الفلق(1 - 5) ﴿ قُلْ ﴾ فعل أمر والفاعل أنت، ﴿ أَعُوذُ ﴾ فعل مضارع مرفوع والفاعل أنا، ﴿ بِرَبِّ ﴾ جار ومجرور متعلقان بـ: أعوذ ﴿ الْفَلَقِ ﴾ مضاف إليه. ﴿ مِنْ شَرِّ ﴾ جار ومجرور متعلقان بـ: أعوذ، ﴿ مَا ﴾ مضاف إليه، ﴿ خَلَقَ ﴾ فعل ماض والفاعل هو، والجملة صلة الموصول. ﴿ وَمِنْ شَرِّ ﴾ جار ومجرور، ﴿ غَاسِقٍ ﴾ مضاف إليه، ﴿ إِذَا ﴾ ظرف لما يستقبل من الزمن، ﴿ وَقَبَ ﴾ فعل ماض والفاعل هو، والجملة في محل جر بالإضافة. ﴿ وَمِنْ شَرِّ ﴾ جار ومجرور ﴿ النَّفَّاثَاتِ ﴾ مضاف إليه، ﴿ فِي الْعُقَدِ ﴾ جار ومجرور متعلقان بالنفاثات. ﴿ إِذَا ﴾ ظرف لما يستقبل من الزمن، ﴿ حَسَدَ ﴾ فعل ماض والفاعل هو، والجملة في محل جر.
سورة الناس(1 - 6) ﴿ قُلْ ﴾ فعل أمر والفاعل أنت، ﴿ أَعُوذُ ﴾ فعل مضارع مرفوع والفاعل مستتر أنا، ﴿ بِرَبِّ ﴾ جار ومجرور، ﴿ النَّاسِ ﴾ مضاف إليه، والجملة مقول القول. ﴿ مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ ﴾ ملك، إله: بدلان أو صفتان. ﴿ مِنْ شَرِّ ﴾ جار ومجرور متعلقان بـ: أعوذ، ﴿ الْوَسْوَاسِ ﴾ مضاف إليه ﴿ الْخَنَّاسِ ﴾ نعت. ﴿ الَّذِي ﴾ نعت للخناس، ﴿ يُوَسْوِسُ ﴾ فعل مضارع مرفوع والفاعل هو ﴿ فِي صُدُورِ ﴾ جار ومجرور ﴿ النَّاسِ ﴾ مضاف إليه. ﴿ مِنَ الْجِنَّةِ ﴾ جار ومجرور متعلقان بـ: يوسوس ﴿ وَالنَّاسِ ﴾ عطف على الجِنَّة.
{معاني الكلمات وتفسير السعدي}:
سورة الإخلاص
قل: خطاب النبي صلى الله عليه وسلم.
الله أحد: واحدٌ لا شريك له ولا ندَّ.
الله الصمد: يُقصَدُ في الحوائج وتُرفَع إليه الأمور.
لم يلد ولم يولد: أزلي قديم غير حادث.
كفوًا: مكافئًا أو ندًّا.
[ وهي ] مكية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ( 1 ) اللَّهُ الصَّمَدُ ( 2 ) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ( 3 ) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ( 4 )
أي ( قُلْ ) قولا جازمًا به، معتقدًا له، عارفًا بمعناه، ( هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) أي: قد انحصرت فيه الأحدية، فهو الأحد المنفرد بالكمال، الذي له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا، والأفعال المقدسة،
الذي لا نظير له ولا مثيل.
( اللَّهُ الصَّمَدُ ) أي: المقصود في جميع الحوائج. فأهل العالم العلوي والسفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار، يسألونه حوائجهم، ويرغبون إليه في مهماتهم، لأنه الكامل في أوصافه، العليم الذي قد كمل في علمه، الحليم الذي قد كمل في حلمه، الرحيم الذي [ كمل في رحمته الذي ] وسعت رحمته كل شيء، وهكذا سائر أوصافه، ومن كماله أنه ( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ) لكمال غناه ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) لا في أسمائه ولا في أوصافه، ولا في أفعاله، تبارك وتعالى.
فهذه السورة مشتملة على توحيد الأسماء والصفات.
____________________________________
سورة الفلق
الفلَق: الصبح.
غاسق: الليل.
وقَب: أظلم.
النفَّاثات: الساحرات.
العُقَد: ما يعقد من الخيط وينفث فيه لتمكين السِّحر.
حاسد: من يتمنى زوال النِّعم عن الناس.
[ وهي ] مكية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ( 1 ) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ( 2 ) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ( 3 ) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ( 4 ) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ( 5 ) .
أي: ( قل ) متعوذًا ( أَعُوذُ ) أي: ألجأ وألوذ، وأعتصم ( بِرَبِّ الْفَلَقِ ) أي: فالق الحب والنوى، وفالق الإصباح.
( مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ) وهذا يشمل جميع ما خلق الله، من إنس، وجن، وحيوانات، فيستعاذ بخالقها، من الشر الذي فيها، ثم خص بعد ما عم، فقال: ( وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ) أي: من شر ما يكون في الليل، حين يغشى الناس، وتنتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة، والحيوانات المؤذية.
( وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ) أي: ومن شر السواحر، اللاتي يستعن على سحرهن بالنفث في العقد، التي يعقدنها على السحر.
( وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ) والحاسد، هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها بما يقدر عليه من الأسباب، فاحتيج إلى الاستعاذة بالله من شره، وإبطال كيده، ويدخل في الحاسد العاين، لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع، خبيث النفس، فهذه السورة، تضمنت الاستعاذة من جميع أنواع الشرور، عمومًا وخصوصًا.
ودلت على أن السحر له حقيقة يخشى من ضرره، ويستعاذ بالله منه [ ومن أهله ] .
_______________________________________
سورة الناس
الوسواس: الشيطان.
الخنَّاس: الذي يخنس بذكر الله ويتراجع عن الأذية.
يوسوس: يحرك الشر في القلوب.
من الجِنَّة والناس: من الجان والشياطين ومن البشرِ.
وهي مدنية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ( 1 ) مَلِكِ النَّاسِ ( 2 ) إِلَهِ النَّاسِ ( 3 ) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ
( 4 ) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ( 5 ) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ( 6 ) .
وهذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس ومالكهم وإلههم، من الشيطان الذي هو أصل الشرور كلها ومادتها، الذي من فتنته وشره، أنه يوسوس في صدور الناس، فيحسن [ لهم ] الشر، ويريهم إياه في صورة حسنة، وينشط إرادتهم لفعله، ويقبح لهم الخير ويثبطهم عنه، ويريهم إياه في صورة غير صورته، وهو دائمًا بهذه الحال يوسوس ويخنس أي: يتأخر إذا ذكر العبد ربه واستعان على دفعه.
فينبغي له أن [ يستعين و ] يستعيذ ويعتصم بربوبية الله للناس كلهم.
وأن الخلق كلهم، داخلون تحت الربوبية والملك، فكل دابة هو آخذ بناصيتها.
وبألوهيته التي خلقهم لأجلها، فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم، الذي يريد أن يقتطعهم عنها ويحول بينهم وبينها، ويريد أن يجعلهم من حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، والوسواس كما يكون من الجن يكون من الإنس، ولهذا قال: ( مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ) .
والحمد لله رب العالمين أولا وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا.
ونسأله تعالى أن يتم نعمته، وأن يعفو عنا ذنوبًا لنا حالت بيننا وبين كثير من بركاته، وخطايا وشهوات ذهبت بقلوبنا عن تدبر آياته.
ونرجوه ونأمل منه أن لا يحرمنا خير ما عنده بشر ما عندنا، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، ولا يقنط من رحمته إلا القوم الضالون.
وصلى الله وسلم على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، صلاة وسلامًا دائمين متواصلين أبد الأوقات، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
تم تفسير كتاب الله بعونه وحسن توفيقه، على يد جامعه وكاتبه، عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله المعروف بابن سعدي، غفر الله له ولوالديه وجميع المسلمين، وذلك في غرة ربيع الأول من سنة أربعٍ وأربعين وثلثمائة وألف من هجرة محمد صلى الله عليه وسلم .
تفسير السعدي
د. محمد منير الجنباز