رد: يوما بردا وسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
لا يعرف قدر النبي الكريم إلا الرب العظيم جل جلاله، ومع ذلك يجب على المسلمين أن يعرفوا قدره ومكانته، وأن تمتلئ قلوبنا بعظمته صلى الله عليه وسلم، فنقول:
لقد خلق الله الخلق، واصطفى من الخلق الأنبياء، واصطفى من الأنبياء الرسل، واصطفى من الرسل ألو العزم الخمسة نوحا ًوإبراهيمَ وموسى وعيسى ومحمدا ً)،واصطفى من أولي العزم الخمسة: الخليلين(إبراهيم ومحمد)، ثم اصطفى محمدا ً صلى الله عليه وسلم على الكل، فشرفه على كل خلقه.
فشرح له صدره صلى الله عليه وسلم ، ورفع له ذكره صلى الله عليه وسلم ، ووضع عنه وزره صلى الله عليه وسلم ، وأعلى له قدره صلى الله عليه وسلم.
زكّاهُ في عقله صلى الله عليه وسلم فقال: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}.(النجم :2).
زكّاهُ في فؤاده صلى الله عليه وسلم فقال: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى}.(النجم : 11).
زكّاهُ في بصره صلى الله عليه وسلم فقال: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى}.(النجم : 17).
زكّاهُ في صدره صلى الله عليه وسلم فقال: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}.(الشرح : 1).
زكّاهُ في ذكره صلى الله عليه وسلم فقال: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}.(الشرح : 4).
زكّاهُ في طهره صلى الله عليه وسلم فقال: {وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ}.(الشرح : 2).
زكّاهُ في صدقه صلى الله عليه وسلم فقال: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى}.(النجم : 3).
زكّاهُ في حلمه صلى الله عليه وسلم فقال: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}.(التوبة : 128).
زكّاهُ كلَّه صلى الله عليه وسلم فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}.(القلم : 4).
وهو رسول الله، وهو أعظم العظماء، ولكن بعد الرسالة، لأنك لو تعاملت معه على أنه عظيم، فقد تقبل منه وقد لا تقبل، فهو رسول يجب أن تقبل منه كل ما جاء به عن رسول الله جل وعلا، فهو رسول يتلقى الوحي من السماء ليربط الأرض بالسماء بأعظم رباط وأشرف صِلة، ألا وهو الوحي.
وهو رجل سياسة، يقيم للإسلام دولة من فتاتٍ متناثر، وسْطَ صحراءٍ تموج بالكفر موجاً، فإذا بناء الإسلام بناء شامخ لا يطاوله بناء، في فترةٍ لا تساوي على حساب الزمن شيئاً على الإطلاق.
وهو رجل حرب، يضع الخطط ويقود الجيوش بنفسه، بل إذا حَمِيَ الوطيس، واشتدت المعارك، وصُمِّتَتْ الألسنة الطويلة، وخفضت السيوف والرماح على منابر الرقاب، وفرَّ الأبطال والشجعان، قام صلى الله عليه وسلم ينادي على ظهر راحلته ويقول:{أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب}.
وهو رجل إنساني من طرازٍ لا يوجد مثله، كأنه ما خُلِقَ إلا ليمسح دموع البائسين، إلا ليضمِّدَ جراح المجروحين، إلا ليُذهِبَ آلام المتألمين، تأخذ بيده الأمَةُ فيمشي معها، فوالله لا يفارقها حتى تفارقه هِيَ.
وهو رجلٌ عابدٌ خاشعٌ خاضعٌ أوّابٌ، كأنه ما خُلِقَ إلا لعبادة ربه، تفطرت قدماه من طول القيام، فلما قيل له:أولما يغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً.
وهو رجلُ دعوة، أخذت عقله وفكره وروحه ولبَّهُ، قال له ربه عز وجل:{ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنذِرْ}.(المدّثر:1-2).
فقام، ووالله لم يذقْ طعم الراحة حتى بلَّغَ أمر ربه.
واعلم أخي الحبيب أنه ما من نبي ولا رسول إلا ونادى عليه الله باسمه المجرد إلا المصطفى صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى:{ يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}.(البقرة : 35).
قال تعالى: {يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا}.(هود : 48). قال تعالى: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ}.(مريم : 7).
قال تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا}.(الصافات :104- 105).
قال تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ}.(طه :11-12).
قال تعالى: {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}.(آل عمران : 55).
قال تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ}.(ص: 26).
فلما نادى على نبينا صلى الله عليه وسلم قال:{ يأيها النبي}، {يا أيها الرسول}.
ونادى عليه بالصفة فقال:{يا أيها المدثر}،{يا أيها المزمل}.
وما ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم مجرداً في القرآن قط إلا مقترناً بصفة النبوة والرسالة:
{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ}.(الفتح : 29). {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ}.(آل عمران : 144).
{مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}.(الأحزاب : 40).
فصلِّ اللهم على هذا النبي الكريم، واجزه عنا خير ما جزي نبيٌّ عن أمته