الحمد لله أولًا: قوله تعالى: (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ)الرحمن/77، المقصود به: إجلال الله تعالى وإكرامه من قبل خلقه، فهو " أهل أن يُجل فلا يعصى، وأن يكرم فيعبد، ويشكر فلا يكفر، وأن يذكر فلا ينسى " انتهى من "تفسير ابن كثير" (7/ 510). __________________________________ يقول الشيخ السعدي: " ولما ذكر سعة فضله وإحسانه، قال: تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإكْرَامِ أي: تعاظم وكثر خيره، الذي له الجلال الباهر، والمجد الكامل، والإكرام لأوليائه " انتهى من " التفسير"(831). وهو اسم من أسماء الله بهذه الآية في عد بعض أهل العلم، وعلى هذه القراءة، انظر: "المستدرك على مجموع الفتاوى"(1/ 62). "وهذا اسم عظيم الشأن، حتى قيل: إنه الاسم الأعظم"، انظر: "آثار المعلمي"(7/ 35). ثانيًا: وفي الحديث: ( ألِظُّوا بـ: "يا ذا الجلال والإكرام" ) . أخرجه أحمد في "المسند"(17596)، من حديث ربيعة بن عامر ، والحاكم "المستدرك" (1836، 1837) من حديث أبي هريرة ، وصححه . ورواه الترمذي وغيره من حديث أنس أيضا. وصححه الألباني ، ومحققو المسند . والإلظاظ: اللزوم والمثابرة، فالمعنى: " تعلقوا بها والزموا وداوموا عليها " . قال المناوي رحمه الله : " (ألظوا بياذا الجلال والإكرام) : بفتح الهمزة وكسر اللام ، وبظاء معجمة مشددة . أي : الزموا هذه الدعوة ، وأكثروا منها ... وفي رواية سندها قوي ، من حديث ابن عمر : ( أَلِحُّوا ) .. ، ومعناهما متقارب ، ذكره ابن حجر. وأيما كان ؛ فالمراد : دوموا على قولكم ذلك في دعائكم ، واجعلوه هِجِّيراكم ، لئلا تركنوا ، أو تطمئنوا لغيره ... ومعنى ( ذا الجلال ) : استحقاقه وصف العظمة ، ونعت الرفعة ، عزا وتكبرا ، عن نعت الموجودات؛ فجلاله صفة استحقها لذاته ، والإكرام أخص من الإنعام ؛ إذ الإنعام قد يكون على غير المكرَم ، كالعاصي ، والإكرام لمن يحبه ويعزه ، ومنه سمي ما أكرم الله به أولياءه ، مما يخرج عن العادة : كرامات . فندب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى الإكثار من قولك : ( يا ذا الجلال ) ، في الدعاء ؛ ليستشعر القلب من دوام ذكر اللسان ، ويقر في السر تعظيم الله وهيبته ، ويمتلىء الصدر بمراقبة جلاله ؛ فيكرمه في الدنيا والآخرة ) انتهى، مختصرا من "فيض القدير" (2/160) . وانظر: "الجواب الكافي"(13)، و " آثار المعلمي" (7/ 63). وأسماء الله تبارك وتعالى كثيرة البركة، فبها تستفاد الخيرات، إذ بها يدعى سبحانه فيجيب، ويُستعان فيعين، ويُستغاث فيغيث، ويُستغفر فيغفر، وبه يُوحَّد ويُمجَّد ويُحمَد ويُسبَّح، إلى غير ذلك. وقد قال ابن الأنباري: "تبارك الله: أي يُتبرك باسمه في كل شيء". ذكره صاحب لسان العرب وغيره .
ثالثــــــــــــــا _دلت الآية الكريمة، والحديث الشريف : على أن "اسم الله" جل جلاله : مبارك ، عظيم البركة ، كثير الخير . ودل الحديث على فضل الدعاء بذلك ، والتوسل إلى الله به ، والإلحاح على الله في الدعاء به . وهذا كله واضح ، لا إشكال فيه . _وأما أنه أفضل من غيره من الأسماء ، أو أعظم بركة منه : فليس في الآية ، بل ولا في الحديث : ما يدل على ذلك . فقد يكون الأمر بالإلحاح على الله به في الدعاء ، لخصوصية له في باب الدعاء ، ولا يلزم من ذلك الفضيلة مطلقا . وأيا ما كان الأمر : فالجزم بفضل "ذو الجلال والإكرام" ، على غيره من الأسماء ، ليس هو مما نص عليه الحديث ، ولا هو بالظاهر من الآية ، وإنما هو محتمل ، وارد ، يحتاج الجزم به إلى دليل آخر ، أظهر من ذلك . _______________________________________________________________________________________________ وأما التفاضل في الأسماء والصفات ، بصفة عامة : فهو وارد ، مقرر ، وهو مذهب أهل السنة في هذا ؛ أن أسماء الله جل جلاله تتفاضل ، وآياته تتفاضل ، وكتبه تتفاضل فيما بينها ، وبعضها أفضل من بعض ، وأعظم بركة من بعض . جاء في "الموسوعة العقدية، للدرر السنية" : " والحاصل أن أسماء الله كثيرة لا تحصر ولا تحد بعدد، وهي متفاضلة غير متساوية في الفضل، بعضها أفضل من بعض، وإن كانت أسماء لمسمى واحد . والأدلة على تفاضل أسماء الله متعددة، فإن النصوص تدل على أن بعض أسمائه سبحانه أفضل من بعض . ففي الآثار ذكر اسمه الأعظم سبحانه ، وقد وردت روايات متعددة في ذكر الاسم الأعظم، ففي روايات يقول صلى الله عليه وسلم: (لقد سأل الله باسمه الأعظم). وفي أخرى: (دعا الله باسمه الأعظم)، (لقد دعا الله باسمه العظيم)، وفي أخرى: (اسم الله الأعظم في كذا) .. ، على اختلاف في تعيين الاسم الأعظم ما هو؟ وهي مسألة للناس فيها خلاف معروف في كتب العلم. ففي هذه الروايات دلالة ظاهرة على تفاضل الأسماء الحسنى، لدلالتها على أن في الأسماء الحسنى اسم أعظم يفضلها فهو أعظمها. _ومن الأدلة على تفاضل أسمائه سبحانه قوله صلى الله عليه وسلم: (إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحد، من أحصاها دخل الجنة). فخص النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الأسماء التسعة والتسعين بهذه الفضيلة، وهي أن من أحصاها دخل الجنة، فاختصت بهذه الفضيلة. وأسماء الله غير محصورة في هذا العدد ، فله سبحانه أسماء غيرها، إذ هذه هي دلالة الحديث التي نقل النووي الاتفاق عليها في قوله: " واتفق العلماء على أن هذا الحديث ليس فيه حصر لأسمائه سبحانه وتعالى، فليس معناه أنه ليس له أسماء غير هذه التسعة والتسعين، وإنما مقصود الحديث أن هذه التسعة والتسعين من أحصاها دخل الجنة، فالمراد الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها"... وذكروا وجوه تفاضل أسماء الله تعالى، فلتراجع :
https://dorar.net/aqadia/657وانظر جواب السؤال رقم: (146569) . المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب