التعريف بالسورة :
1) السورة مكية .
2) من المفصل .
3) آياتها 96 .
4) ترتيبها السادسة والخمسون .
5) نزلت بعد طه .
6) بدأت السورة باسلوب شرط " اذا وقعت الواقعة " ، لم يذكر في السورة لفظ الجلالة و الواقعة اسم من أسماء يوم القيامة .
7) الجزء (27) ، الحزب (54) ، الربع (6 ، 7) .
محور مواضيع السورة :
تشتمل هذه السورة الكريمة على أحوال يوم القيامة ، وما يكون بين يدي الساعة من أهوال وانقسام الناس إلى ثلاث طوائف ( أصحاب اليمين ، أصحاب الشمال ، السابقون ) .
سبب نزول السورة :
1) بسم الله الرحمن الرحيم قوله تعالى ( في سِدْرٍ مَخْضُودٍ ) قال أبو العالية والضحاك : نظر المسلمون إلى فوج ـ وهو الوادي مخصب بالطائف ـ فأعجبهم سدره فقالوا : يا ليت لنا مثل هذا فأنزل الله ـ تعالى ـ هذه الآية
2) قال عروة بن رويم لما أنزل الله تعالى ( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ) بكى عمر وقال : يا رسول الله آمنا بك وصدقناك ، ومع هذا كله من ينجو منا قليل فأنزل الله تعالى (ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) ، فدعا رسول اللهعمرفقال : يا عمر بن الخطاب قد أنزل الله فيما قلت فجعل ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ، فقال عمر : رضينا عن ربنا وتصديق نبينا ، فقال رسول الله : من آدم إلينا ثلة ، ومنى إلى يوم القيامة ثلة ، ولا يستتمها إلا سودان من رعاة الإبل ممن قال لا إله إلا الله.
3) عن ابن عباس قال : مُطِر الناس على عهد رسول الله فقال رسول الله : أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر . قالوا : هذه رحمة وضعها الله تعالى . وقال بعضهم : لقد صدق نوء كذا . فنزلت هذه الآيات ( فَلا أُقْسِمُ بمَوَاقِعِ النُّجُومِ حَتَّى بَلَغَ وَتجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) رواه ( مسلم ) .
4) وروى أن النبي خرج في سفر فنزلوا وأصابهم العطش ، وليس معهم ماء فذكروا ذلك للنبي فقال أرأيتم إن دعوت لكم فسقيتم فلعلكم تقولون " سقينا هذا المطر بنوء كذا " فقالوا : يا رسول ما هذا بحين الأنواء . قال : فصلى ركعتين ودعا الله ـ تبارك وتعالى ـ فهاجت ريح ثم هاجت سحابة فَمُطِرُوا حتى سالت الأودية وملؤا الأسقية ، ثم مر رسول الله برجل يغترف بقح له ويقول : سقينا بنوء كذا ، ولم يقل هذا من رزق الله ـ سبحانه ـ فأنزل الله سبحانه ( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) .
5) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : ألم تروا إلى ما قال ربكم " قال ما نعمت على عبادي من نعمة إلا أصبح فريق بها كافرين يقول الكوكب وبالكوكب " . رواه مسلم عن حرملة وعمرو بن سواد .
فضل السورة :
1) عن ابن مسعود سمعت رسول اللهيقول : " من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا " ابن عساكر .
2) عن أنس قال رسول الله: ( علموا نساءكم سورة الواقعة فإنها سورة الغنى ) .
3) عن جابر بن سمرة قال : كان رسول الله يقرأ في الفجر الواقعة ونحوها من السور .
تفسير السعدى
" إذا وقعت الواقعة " إذا قامت القيامة,
" ليس لوقعتها كاذبة "
ليس لقيامها أحد يكذب به,
" خافضة رافعة "
هي خافضة لأعداء الله في النار, رافعة لأوليائه في الجنة.
" إذا رجت الأرض رجا "
إذا حركت الأرض تحريكا شديدا,
" وبست الجبال بسا "
وفتتت الجبال تفتيتا دقيقا,
" فكانت هباء منبثا "
فصارت غبارا متطايرا في الجو قد ذرته الريح.
" وكنتم أزواجا ثلاثة "
وكنتم- أيها الخلق- أصنافا ثلاثة:
" فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة "
فأصحاب اليمين, أهل المنزلة العالية, ما أعظم مكانتهم !!
" وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة "
وأصحاب الشمال, أهل المنزلة الدنيئة, ما أسوأ حالهم !!
" والسابقون السابقون "
والسابقون إلى الخيرات في الدنيا هم السابقون إلى الدرجات في الآخرة
" أولئك المقربون "
أولئك هم المقربون عند الله,
" في جنات النعيم "
يدخلهم ربهم في جنات النعيم.
" ثلة من الأولين "
يدخلها جماعة كثيرة من صدر هذه الأمة, وغيرهم من الأمم الأخرى,
" وقليل من الآخرين "
وقليل من أخر هذه الأمة
" على سرر موضونة "
على سرر منسوجة بالذهب,
" متكئين عليها متقابلين "
متكئين عليها يقابل بعضهم بعضا.
" يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ "
يطوف عليهم لخدمتهم غلمان لا يهرمون ولا يموتون, " بأكواب وأباريق وكأس من معين "
بأقدار وأباريق وكأس من عين خمر جارية في الجنة,
" لا يصدعون عنها ولا ينزفون "
لا تصدع منها رؤسهم, ولا تذهب بعقولهم.
" وفاكهة مما يتخيرون "
ويطوف عليهم الغلمان بما يتخيرون من الفواكه,
" ولحم طير مما يشتهون "
وبلحم طير مما ترغب فيه نفوسهم.
" وحور عين "
ولهم نساء ذوات عيون واسعة,
" كأمثال اللؤلؤ المكنون "
كأمثال اللؤلؤ المصون في أصدافه صفاء وجمالا.
" جزاء بما كانوا يعملون "
جزاء لهم بما كانوا يعملون من الصالحات في الدنيا.
" لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما "
لا يسمعون في الجنة باطلا ولا ما يتأثمون بسماعه,
" إلا قيلا سلاما سلاما "
إلا قولا سالما من هذه العيوب, وتسليم بعضهم على بعض.
" وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين "
وأصحاب اليمين, ما أعظم مكانتهم
" في سدر مخضود "
وجزاءهم هم في سدر لا شوك فيه,
" وطلح منضود "
وموز متراكب بعضه على بعض,
" وظل ممدود "
وظل دائم لا يزول,
" وماء مسكوب "
وماء جار لا ينقطع,
" وفاكهة كثيرة "
وفاكهة كثيرة لا تنفد
" لا مقطوعة ولا ممنوعة "
ولا تنقطع عنهم, ولا يمنعهم منها مانع,
" وفرش مرفوعة "
وفرش مرفوعة على السرر.
" إنا أنشأناهن إنشاء "
إنا أنشأنا نساء أهل الجنة نشأة غير النشأة التي كانت في الدنيا, نشأة كاملة لا تقبل الفناء,
" فجعلناهن أبكارا "
فجعلناهن أبكارا, صغارهن وكبارهن,
" عربا أترابا "
متحببات إلى أزواجهن, في سن واحدة,
" لأصحاب اليمين "
خلقناهن لأصحاب اليمين.
" ثلة من الأولين "
وهم جماعة كثيرة من الأولين,
" وثلة من الآخرين "
وجماعة كثيرة من الآخرين.
" وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال "
وأصحاب الشمال ما أسوأ حالهم جزاءهم !!
" في سموم وحميم "
في ريح حارة من حر نار جهنم تأخذ بأنفاسهم, وماء حار يغلي,
" وظل من يحموم "
وظل من دخان شديد السواد,
" لا بارد ولا كريم "
لا بارد المنزل, ولا كريم المنظر.
" إنهم كانوا قبل ذلك مترفين "
إنهم كانوا في الدنيا متنعمين بالحرام, معرضين عما جاءهم به الرسل.
" وكانوا يصرون على الحنث العظيم "
وكانوا يقيمون على الكفر بالله والإشراك به ومعصية, ولا ينوون التوبة من ذلك.
" وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون "
وكأنما يقولون إنكارا للبعث: أنبعث إذا متنا وصرنا ترابا عظاما بالية؟ وهذا استبعاد منهم لأمر البعث وتكذيب له.
" أوآباؤنا الأولون "
أنبعث نحن وآبناؤنا الأقدمون الذين صاروا ترابا, قد تفرق في الأرض؟
" قل إن الأولين والآخرين "
قل لهم- يا محمد-: إن الأولين والآخرين من بني آدم
" لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم "
سيجمعون في يوم مؤقت بوقت محدد, هو يوم القيامة-
" ثم إنكم أيها الضالون المكذبون "
ثم إنكم أيها الضالون عن طريق الهدى المكذبون بوعيد الله ووعده,
" لآكلون من شجر من زقوم "
لآكلون من شجر من زقوم, وهو من أقبح الشجر,
" فمالئون منها البطون "
فمالئون منها بطونكم ; لشدة الجوع,
" فشاربون عليه من الحميم "
فشاربون عليه ماء متناهيا في الحرارة لا يروي ظمأ,
" فشاربون شرب الهيم "
فشاربون منه بكثرة, كشرب الإبل العطاشى التي لا تروى لداء يصيبها.
" هذا نزلهم يوم الدين "
هذا الذي يلقونه من العذاب هو ما أعد لهم من الزاد يوم القيامة. وفي هذا توبيخ لهم وتهكم بهم.
" نحن خلقناكم فلولا تصدقون "
نحن خلقناكم- أيها الناس- ولم تكونوا شيئا, فهلا تصدقون بالبعث.
" أفرأيتم ما تمنون "
أفرأيتم النطف التي تقذفونها في أرحام نسائكم,
" أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون "
هل أنتم تخلقون ذلك بشرا أم نحن الخالقون؟
" نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين "
نحن قدرنا بينكم الموت, وما نحن بمعجزين
" على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون "
عن أن نغير خلقكم يوم القيامة, وننشئكم فيما لا تعلمونه من الصفات والأحوال.
" ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون "
ولقد علمتم أن الله أنشأكم النشأة الأولى ولم تكونوا شيئا, فهلا تذكرون قدرة الله على إنشائكم مرة أخرى
" أفرأيتم ما تحرثون "
أفرأيتم الحرث الذي تحرثونه
" أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون "
هل أنتم تنبتونه في الأرض؟ بل نحن نقر قراره وننبته في الأرض.
" لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون "
لو نشاء لجعلنا ذلك الزرع هشيما, لا ينتفع به في مطعم, فأصبحتم تحجبون مما نزل بزرعكم,
" إنا لمغرمون "
وتقولون, إنا لخاسرون معذبون,
" بل نحن محرومون "
بل نحن محرومون من الرزق.
" أفرأيتم الماء الذي تشربون "
أفرأيتم الماء الذي تشربونه لتحيوا به,
" أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون "
أأنتم أنزلتموه من السحاب إلى قرار الأرض, أم نحن الذين أنزلناه رحمة بكم؟
" لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون "
لو نشاء جعلنا هذا الماء شديد الملوحة, لا ينتفع به في شرب ولا زرع, فهلا تشكرون كلكم على إنزال الماء العذب لنفعكم.
" أفرأيتم النار التي تورون "
أفرايتم النار التي توقدون,
" أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون "
أأنتم أوجدتم شجرتها التي تقدح منها النار, أم نحن الموجدون لها؟
" نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين "
نحن جعلنا ناركم التي توقدون تذكيرا لكم بنار جهنم ومنفعة للمسافرين.
" فسبح باسم ربك العظيم "
فنزه- يا محمد- ربك العظيم كامل الأسماء والصفات, كثير الإحسان والخيرات.
" فلا أقسم بمواقع النجوم "
أقسم الله تعالى بمساقط النجوم في مغاربها في السماء,
" وإنه لقسم لو تعلمون عظيم "
إنه لقسم لو تعلمون قدره عظيم.
" إنه لقرآن كريم "
إن هذا القرآن الذي نزل على محمد لقرآن عظيم المنافع, كثير الخير, غزير العلم,
" في كتاب مكنون "
في كتاب مستير عن أعين الخلق, وهو اللوح المحفوظ.
" لا يمسه إلا المطهرون "
لا يمس القرآن إلا الملائكة الكرام الذين طهرهم الله من الآفات والذنوب, ولا يمسه أيضا إلا المتطهرون من الشرك والجنابة والحدث.
" تنزيل من رب العالمين "
وهذا القرآن الكريم منزل من رب العالمين, فهو الحق الذي لا مرية فيه.
" أفبهذا الحديث أنتم مدهنون "
أفبهذا القرآن أنتم -أيها المشركون- مكذبون؟
" وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون "
وتجعلون شكركم لنعم الله عليكم أنكم تكذبون بها وتكفرون؟ وفي هذا إنكار على من يتهاون بأمر القرآن ولا يبالي بدعوته.
" فلولا إذا بلغت الحلقوم "
فهل تستطيعون إذا بلغت نفس أحدكم الحلقوم عند النزع,
" وأنتم حينئذ تنظرون "
وأنتم حضور تنظرون إليه, أن تمسكوا روحه في جسده؟ لن تستطيعوا ذلك,
" ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون "
ونحن أقرب إليه منكم بملائكتنا, ولكنكم لا ترونهم.
" فلولا إن كنتم غير مدينين "
وهل تستطيعون إن كنتم غير محاسبين ولا مجزيين بأعمالكم
" ترجعونها إن كنتم صادقين "
أن تعيدوا الروح إلى الجسد, إن كنتم صادقين؟ لن ترجعوها
" فأما إن كان من المقربين "
فأما إن كان الميت من السابقين المقربين,
" فروح وريحان وجنة نعيم "
فله عند موته الرحمة الواسعة والفرح وما تطيب به نفسه, وله جنه النعيم في الآخرة.
" وأما إن كان من أصحاب اليمين "
وأما إن كان الميت من أصحاب اليمين,
" فسلام لك من أصحاب اليمين "
فيقال له: سلامة لك وأمن; لكونك من أصحاب اليمين.
" وأما إن كان من المكذبين الضالين "
وأما إن كان الميت من المكذبين بالبعث, الضالين عن الهدى,
" فنزل من حميم "
فله ضيافة من شراب جهنم المغلي المتناهي الحرارة,
" وتصلية جحيم "
والنار يحرق بها, ويقاسي عذابها الشديد.
" إن هذا لهو حق اليقين "
إن هذا الذي قصصناه عليك- يا محمد- لهو حق اليقين الذي لا مرية فيه,
" فسبح باسم ربك العظيم "
فسبح باسم ربك العظيم, ونزهه عما يقول الظالمون والجاحدون, تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
يتبـــــــــــــــــع