مَنْ جلس يدعو على مَنْ ظلَمَهُ وأساء إليه فإنَّه يستدعي الآلام كلما دعا ، ولا تزال نفسه تترقَّبُ استجابة الله لدعائه فيهم ، وقد تزيد حسرته إذا ابطأت إجابة دعائه ، بخلاف من امتلأ قلبه بالسَّماحة يدعو لمن ظلمه وأساء إليه ، فهو في سعادة العفو وراحة البال ، وفي نعيم ترْك الانتقام .
مفــاتيح السَّعـــادة .. َ
﴿ الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾ .
الرَّجـاءُ عبادةٌ قلبيَّة .. َ
" في الرَّجاء من الانتظار والترقُّب والتوقُّع لفضل الله ما يُوجِبُ تعلُّق القلب بذِكْرِهِ ودوام الالتفات إليه". َ َ مدارج السالكين ؛ لابن القيِّم ٢/ ٥٢
" إذا ناجى العبد ربَّـهُ في السَّحَر واستغاث به وقال : يا حيُّ يا قيُّوم لا إله إلاَّ أنت برحمتك أستغيث ؛ أعطاه الله من التمكين ما لا يعلمه إلاَّ الله". َ َ مجموع الفتاوى ؛ لابن تيمية ٢٨ / ٢٤٢
مهما اشتدَّ بك البلاء ؛ تذكَّر : َ أنَّ الله أرحمُ بك من كُلِّ أحد . َأنَّ الله لطيفٌ في بلائه . أنَّ الله حكيمٌ فيما ابتلاك به . أنَّ الله يَصبُّ عليك الأجر صبّاً أثناء البلاء . أنَّ الله يرى حالك ويسمع دعاءك . أنَّ الله جعل لكُلِّ بلاء أجلاً . أنَّ الله سيُكرِمُك ويُسعِدُك .
مَنْ ظنَّ أنَّ البلاء قد استحكَمَ به من كل جانب فقد أساء الظنَّ بالله .. َ أين أنت من سَعَة السجود ولذَّة المُناجاة وقراءة القرآن وحُسْنِ الظنِّ بالله ؟..
إظهارك لحُزنك أمام الناس عند بلائك ، وشحوب وجهك ، والكئابة في مُحيَّاك ؛ هي شكوى صامتةٌ ، وجزعٌ غير مأجور ، وتعبٌ غير مخلوف ، واستعطافٌ لمن لا يملك لك رحمة ، بينما الواثق بالله والمُكتفي به : على مُحيَّاهُ رضى وسعادة وإن كان خلْف جفونه ألفُ دمعةٍ يشكوها بين يدي الله ..
مِنْ أعظم ما تتوسَّلُ به إلى الله بعد التوسُّل بأسمائه وصفاته في تحصيل مطلوبٍ أو دفْع مرهوب أو تحقيق ما تتمنَّاه : التوسُّل إلى الله باعترافك بنعمته عليك ، وافتقارك واضطرارك إليه ، واعترافك بتقصيرك في جنبه : ( أبُوء لك بنعمتك عليَّ ، وأبُوء لك بذنبي فاغفر لي ) رواه البخاري .
لِترتاح في التعامل مع الناس ؛ تحتاج إلى :
َ ١- أن تُعاملهم لله .
٢- الدعاء بالتوفيق لحُسْن التعامل معهم .
٣- غضِّ الطرْف عن عيوبهم وكتمانها .
٤- الدعاء بصلاح حالهم وأخطائهم .
٥- عدم التأمُّل في تعابير وجوههم .
٦- الابتسامة وإدخال السرور عليهم .
٧- الكفِّ عن التدقيق وعتابهم .
﴿والله يعلمُ وأنتم لا تعلمون﴾
تأمَّلها ؛ ففيها طُمأنينةٌ وبلسمٌ وراحةٌ وعزاءٌ :
عن كُلِّ ألَمٍ وحِرْمان ..عن كُلِّ تأخُّرٌ لمرغوب ..عن كُلِّ شيءٍ توهَّمتَ السعادة فيه ثم فقدته ..عن أُمنياتك التي طال انتظارك لها ..عن البلاء الذي لا ذنب لك فيه ..
سينقُصُ قدرك بقدر شكايتك للناس ، وسينقُصُ أكثر بقدر احتياجك لهم ، وسيَزْهَدُ فيك من بُحْتَ له بِسرِّك وهو غير كتوم ، وسيظهر لك معدن مَنْ قصدتَّهُ في حاجةٍ بعد أن وثِقْتَ بظاهره ؛ باختصار : افتقِرْ إلى الله واشْكُ إليه وأظْهِرْ ضعفك وكسْرك له وحده ؛ وسوف يُكرِمُك ولن يُخيِّبك .
على قدْر إيمانك يكون استعظامك للمعصية وخوفك من الذنب في نظرك لنفسك وواقعك ومَنْ حولك !! َ قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ( إنَّ المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعدٌ تحت جبل يخاف أن يقع عليه ، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذُبابٍ مرَّ على أنفه ) رواه البخاري .
الذين يُحذِّرون من الوقوع في المعاصي يفهمون قوله ﷺ : (كل بني آدم خطَّاء ، وخير الخطَّائين التوَّابون) على ضوء قوله ﷺ (كل أمتي مُعافى إلا المجاهرين) رواه البخاري ، ويخافون على أمَّتهم من سؤال زينب رضي الله عنها يا رسول الله : أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: (نعم إذا كَثُرَ الخبث).
يتبع