أرسل له دولارات ليحولها إلى جنيهات يقرضها له، فما الذي يلزمه عند السداد؟
الجواب :
الحمد لله
الأصل في القرض أن يسدد بمثله، فمن اقترض جنيهات، فعليه أن يسدد جنيهات، لكن يجوز أن يسدد بعملة أخرى يتفقان عليها في وقت السداد وبسعر يومه.
والظاهر من سؤالك أن القرض تم بالجنيه المصري ، وأن إرسال الدولارات ما كان إلا للاستفادة من فروق الصرف ، وأن تصرفه هذا يعتبر توكيلا لك في صرف الدولارات إلى جنيهات ، ثم اقتراض الجنيهات.
وقول صاحبك: " ليس عندك مشكلة خذ الدولارات التي أرسلتها لك وبدلها بالجنيه المصري ونسجل هذا الرقم دين عليك" : صريح فيما ذكرنا، وأن الذي تم إنما هو: وكالة في الصرف، وإقراض للجنيهات ، فليس له أن يطالبك بالدولارات ؛ لأن القرض إنما كان بالجنيهات.
ويجوز عند السداد إعطاء الدولارات بدلا عن الجنيهات، فتنظر في المبلغ الذي سجل عليك بالمصري ، كم يساوي من الدولارات بسعر يوم السداد ، وتسلم لصاحبك هذا المبلغ ، حتى لو كان أقل من الحوالة التي استلمتها بالدولارات؛ لما روى أحمد (6239) ، وأبو داود (3354) ، والنسائي (4582) ، والترمذي (1242) ، وابن ماجه (2262) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: " كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ [أي مؤجلا] وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال (لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ) والحديث صححه بعض العلماء كالنووي، وأحمد شاكر، وصححه آخرون من قول ابن عمر، لا من قول النبي صلى الله عليه وسلم منهم الحافظ ابن حجر والألباني. وانظر: "إرواء الغليل" (5/ 173).
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم: 75 (6/ 8) بشأن قضايا العملة، ما يلي:
" ثانياً: يجوز أن يتفق الدائن والمدين يوم السداد - لا قبله - على أداء الدين بعملة مغايرة لعملة الدين ، إذا كان ذلك بسعر صرفها يوم السداد. وكذلك يجوز في الدين على أقساط بعملة معينة، الاتفاق يوم سداد أي قسط على أدائه كاملاً بعملة مغايرة بسعر
صرفها في ذلك اليوم.
_ويشترط في جميع الأحوال أن لا يبقى في ذمة المدين شيء مما تمت عليه المصارفة في الذمة"
انتهى من "مجلة المجمع" (ع 3، ج 3 ص 1650).
_وبعض أهل العلم يرى أن قيمة النقد إذا انخفضت بنسبة الثلث فأكثر : فإنه يرجع في ذلك إلى قيمة النقد ، ويقاس ذلك بقيمته من الذهب عند القرض ، ويؤدى القرض بقيمته ؛ دفعا للضرر الحاصل للمقرض ، جراء انخفاض قيمة النقود ، وهي في يد المقترض .
فلو اصطلحتما أنت وصاحبك على أمر ملائم بينكما ، فهو خير ، دفعا للضرر عنه ، وهو أصلا يريد الإحسان ؛ ويكون ذلك باقتسام ما حصل من انخفاض في قيمة العملة بينكما ، وتعطيه قيمة ذلك من الدولارات ، أو ما تصطلحان عليه ، فهو حسن إن شاء الله .
وقد سبق تفصيل أقوال أهل العلم في هذه المسألة في جواب السؤال رقم : (220839).
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (215693) .
والله أعلم.