السؤال
بالنسبة للقرآن الكريم : هل تلاوته من الحفظ أفضل من تلاوته من المصحف ؟ وما رأيكم في حديث الصحابي الذي زوجه الرسول صلى الله عليه وسلم امرأة بما يحفظ من القرآن ، قال له: ( أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ ؟ )(البخاري 4742) ؟ وكذلك - كما لا يخفى على شريف علمكم - أن قراءته عن ظهر قلب أرجى لحضور القلب ، خاصة إذا كان العبد منعزلاً ، أكثر منه بالنسبة للقراءة من المصحف.
نص الجواب
الحمد لله
الأفضل في قراءة القرآن أن يفعل الإنسان ما يزداد به خشوعه ، فإن كان يزيد خشوعه بالقراءة من حفظه ، فهو أفضل ، وإن كان يزيد خشوعه بالقراءة من المصحف فهو أفضل ، فإن استوى خشوعه في الحالين فالقراءة من المصحف أفضل ، لأنه يجمع بين القراءة والنظر ، ويحفظ بصره من الالتفات إلى ما يشغله عن القراءة والتدبر .
انظر جواب السؤال رقم : (32594) .
أما قول النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي الذي زوجه المرأة بما معه من القرآن : " (أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ؟) قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: (اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ) " رواه البخاري (5030) ، ومسلم (1425) فإنه لا يدل على أن التلاوة حفظا أفضل من التلاوة نظرا ، ولكن أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتأكد أنه يحفظ هذه السور من القرآن ؛ حتى يتمكن من تعليم المرأة .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" دَلَّ الحديث عَلَى فَضْلِ الْقِرَاءَةِ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ ، لِأَنَّهَا أَمْكَنُ فِي التَّوَصُّل إِلَى التَّعْلِيم.
وَقَالَ ابن كَثِيرٍ: هذه قَضِيَّةُ عَيْنٍ ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ كَانَ لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ، وَعَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ ، فَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ التِّلَاوَةَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ أَفْضَلُ فِي حَقِّ مَنْ يُحْسِنُ وَمَنْ لَا يُحْسِنُ .
وَأَيْضًا: فَإِنَّ سِيَاقَ هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ لِاسْتِثْبَاتِ أَنَّهُ يَحْفَظُ تِلْكَ السُّوَرَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ ؛ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ تَعْلِيمِهِ لِزَوْجَتِهِ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا أَفْضَلُ مِنَ التِّلَاوَةِ نَظَرًا، وَلَا عَدَمَهَ " .
انتهى بمعناه من "فتح الباري" (9/ 78).
هذا مع ما في سياق الحديث من الإشادة بشأن هذه السور التي معه ، والتنبيه على فضل حفظها ، والعناية بها .
والله أعلم .
مصدر الفتوى :الاسلام سؤال وجواب