قد لا نعلم من أمراض القلوب مرضاً أفتك بقلوب الناس وداء أذهبَ بعظيم أجورهم من العُجب وما يأتي بعده، فالعجب يبطل الأعمال الصالحة ويمحو أثرها من القلب ويذهب أجرها، بل وفي كثير من الأحيان يقود صاحبه إلى أخلاق مذمومة أخطر مثل الغرور أو الكبر.
ولعل أحق من يخشى على نفسه وعلى صلاح قلبه هو الداعية، الذي يتأثر الناس به فيتأثر صلاحهم بصلاحه، ففي لحظة غفلة – قد تكون إنسانية طبيعية - من الداعية، وفي غمرة انشغاله بإصلاح عيوب الناس ونصحه لهم بتزكية أنفسهم قد يغفل فيها عن قلبه المنهك في متابعة أحوال حياة بالناس ال
محيطين به الذي يجد بنفسه مسئولا عن تربيتهم ونصحهم.
وخطورة أمراض القلوب – على الجميع - أن صاحبها ينفي وجودها تماما في قلبه، وكلما ازداد صاحب هذا القلب الذي أصيب بالعجب علما أو حسن بيان كلما أقنع كل من يتحدث إليهم بخلو قلبه من ذاك المرض وكلما بعد في ظنه إصابته به، وقد يظن الداعية نفسه بحلو حديثه أو بكثرته عن أمراض القلوب وآثارها وخطورتها أنه في مأمن تماما منها حاضرا ومستقبلا.
ولا يستطيع عبد مهما أوتي من سعة علم أو خبرة تربوية أن يجزم بوجود مرض قلبي في عبد مثله، لأن القلوب لا يعلم بها إلا خالقها ولكنها قد تُظهر ما فيها ببعض التصرفات وردود الأفعال.
ولهذا فأكثر الناس دراية بقلب العبد هو العبد نفسه الذي يستطيع أن يفتش في قلبه ويصارح نفسه بما فيه في حين يتحرج من مصارحة غيره بما يثور داخله، ولهذا يعرف ابن المبارك العجب كمرض قلبي دقيق لا يُفطن إليه كثيرا فيقول "أن ترى أن عندك شيئا صالحا ليس عند غيرك".
إذن فالعُجب شعور قلبي داخلي لا يُرى عملياً إلا بعض أثره فقط وخاصة في أوقات الغفلة من صاحبه، وقد لا يرى الناس آثاره أبداً وقد يكون متغلغلاً داخل النفوس وذلك لعظم الاحتياط والاحتراز.
هو إحساس بالاختلاف بشيئ صالح عن الناس والتميز عنهم وخصوصا عن الأقران المشاركين في نفس العمل أو السلوك أو الصحبة،
ولقد حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفه بأنه مهلك للقلوب والأعمال، ففي الحديث الذي أخرجه البيهقي وحسنه الألباني عن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: