أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي «الرزق» بين الفهم الخاطئ... والخوف عليه


«الرزق» بين الفهم الخاطئ... والخوف عليه



لا تحمل هم الرزق ولاهم المستقبل فإنه بيد الله .
فقط احمل هم رضاه لانك لو أرضيته رضي عنك وكفاك وأغناك


ما من إنسان على وجه الأرض مهما كانت عقيدته إلا وقضية الرزق تشغل باله في الليل والنهار، حينما تستمع إلى أحاديث الناس فتجد أن جلَّ أسئلتهم عن هذه القضية، يخرج الإنسان من بيته في الصباح الباكر لكي يوفر المال لنفسه وعياله، الإنسان يفكر في احتياجات أسرته من مأكل ومشرب ومسكن، يفكر في أولاده في دروسهم في ملابسهم في أكلهم وشربهم، ويستمر هذا التفكير حتى يكبر أولاده فيفكر في تجهيزهم وفي إعدادهم لمرحلة أخرى هي مرحلة الزواج،هذه هي قضية الرزق في حياة كثير من الناس، إلا أن البعض يفهم قضية الرزق فهما خاطئا،ومهم من يعش ليل نهار في حالة من القلق والخوف على الرزق،وهذه الأمور تخالف وتناقض صدق الاعتقاد والإيمان بأن الله تعالى هو الرزاق لا غيره.

معنى الرزق

يكمن الفهم الخاطئ في قصر مفهوم الرزق على المعنى المادي المتمثل بالمال أو غيره، بينما الحقيقة التي تشير إليها النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، تؤكد شمول معنى الرزق في الإسلام الأمور المادية والمعنوية.

لقد ذكر لفظ «الرزق» في القرآن الكريم 123 مرة، وكما جاء بمعنى الرزق المادي من مال وطعام ومطر، جاء بمعنى معنوي في أكثر من موضع، كمعنى الثواب في قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} آل عمران/‏‏169، أي: يثابون على ما قدموا من أعمال وتضحيات.





كما
فسر الشيخ السعدي مفهوم الرزق الوارد في قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} البقرة /‏‏ 212، برزق القلوب من العلم والإيمان وغير ذلك من الأمور المعنوية فقال في تفسير الآية:«فالرزق الدنيوي يحصل للمؤمن والكافر، وأما رزق القلوب من العلم والإيمان ومحبة الله وخشيته ورجائه، ونحو ذلك: فلا يعطيها إلا من يحب». تفسير السعدي ص95.

و
في السنة النبوية ما يشير إلى أن مفهوم الرزق في الإسلام واسع ولا يقتصر على الأمور المادية فحسب،فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعود قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ (إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيد) صحيح البخاري.

جاء في
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - لكلمة: «رِزْقه» في الحديث:
الرزق هنا: ما ينتفع به الإنسان وهو نوعان: رزق يقوم به البدن، ورزق يقوم به الدين، والرزق الذي يقوم به البدن: هو الأكل والشرب واللباس والمسكن والمركوب وما أشبه ذلك، والرزق الذي يقوم به الدين: هو العلم، والإيمان، وكلاهما مراد بهذا الحديث. شرح الأربعين النووية ص 101 - 102.

إن المتبادر إلى ذهن كثير من المسلمين اليوم حين يسمعون عن توسعة الله تعالى على فلان أو غيره في الرزق، هو المعنى المادي فحسب، حيث لا يشكون لحظة أن المقصود هو كثرة المال والأمور المادية المشابهة، ولا يخطر ببال أحدهم غير هذا المعنى، إلا من رحم الله ممن آتاه الله علما وفهما وفقها في الدين.

والحقيقة أنه قد يكون المقصود بهذه العبارة – بالإضافة لكثرة الرزق المادي - أمور أخرى معنوية هي أهم من المال والمتاع المادي، فقد يكون المقصود الإيمان الصحيح السليم من البدع والمنكرات والشبهات، والذي هو في الحقيقة سبيل النجاة يوم القيامة، أو العلم الذي يبصر الإنسان بحقائق الأشياء، ويرشده إلى ما فيه صلاحه في الدنيا وفلاحه في الآخرة، أو الزوجة الصالحة أو الولد الصالح... أو غير ذلك من الأمور المعنوية.

قال ابن منظور في لسان العرب: الرزق: هو ما تقوم به حياة كل كائن حي مادي كان أو معنوي، وهو ما يشير إلى المفهوم الواسع لمعنى الرزق في لغة العرب وفي الاصطلاح الشرعي.

إن من أهم آثار قصر مفهوم الرزق على الأمور المادية - والمال بشكل خاص - هو غفلة كثير من المسلمين عن ما رزقهم الله تعالى من أرزاق معنوية ظنوا بسبب فهمهم الخاطئ أنها لا تدخل في مفهوم الرزق، فظنوا أن الله حرمهم الرزق ومنحه لآخرين، بينما الحقيقة أن ما منّ الله به عليهم من رزق في الإيمان والعلم وغير ذلك مما هو باقٍ، يفوق بأضعاف مضاعفة ما رزق غيرهم من مال ومتاع مادي زائل.

وبالمقابل فإن إدراك المسلمين للمفهوم الإسلامي الشامل للرزق له نتائجه وآثاره الإيجابية، حيث يسود الرضى عن الله تعالى، وتلهج الألسنة والأفئدة بشكره على نعمه الظاهرة والباطنة، ورزقه الواسع في جميع المجالات المادية والمعنوية.


القلق والخوف

إن الحديث عن الرزق حديث ذو أهمية بالغة، خصوصاً في هذا الوقت الذي ضعف فيه إيمان كثير من الناس بربهم، وأن الرزق بيده، وأنه المتكفّل بالأرزاق؛ ما جعل اعتمادهم وللأسف على خلق مثلهم، يرجونهم أو يخشونهم على أرزاقهم.

وإن الإيمان بهذا الاسم سيحل الكثير من المشاكل كالقلق والخوف من المستقبل، والجرأة على أكل الحرام،والحسد، واستحلال الربا وتبرير الرشوة، وجرائم القتل والسرقة من أجل المال التي سببها عدم أو ضعف الإيمان باسم الله الرزاق.

ومعالجة قضية القلق على الرزق تكمن في الآتي:


أولا: رزق جميع الكائنات على الله:

فالله سبحانه تكفل للخلق بالرزق مهما كانوا وأينما كانوا، مسلمين وكافرين، إنسًا وجنا، طيرًا وحيوانا، وهو سبحانه كما يقول البلغاء يرزق النملة السمراء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء.

قال تعالى: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) هود 6.

وقال تعالى: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ) الذاريات 22، 23.

فالرزق ليس على فلان أو علان إنما هي أسباب هيأها الله في الكون لييسر على العباد معايشهم، فما يتحصله الناس من وظائف أو مهن ؛ إنما هي أسباب لنيل رزق الله، بل إن ذكاء الإنسان لن يزيد في رزقه شيئا وقلة ذكائه لن تنقص من رزقه شيئا.


ثانيا: التوكل على الله في طلب الرزق:

إذا أيقنا أن الرزق بيد الله وحده فعلينا الأخذ بالأسباب قال تعالى: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) الملك 15.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا)، وللأسف فما أكثر الذين تغيرت قلوبهم فأصبحوا يتوكلون ويؤملون في دنياهم وأرزاقهم على خلق مثلهم، ونسوا الخلاّق الرزاق مدبر الأمور ومصرّف الدهور سبحانه.

ولما رأى عمر أناساً يسألون الناس في الحج قال: من أنتم ؟ قالوا: نحن المتوكلون، قال: كذبتم، المتوكل من ألقى حبة في الأرض، ثم توكل على الله.


كلمات مضيئة

وقيل لأبي حازم رضي الله عنه: ما مالك؟ قال: شيئان: الرضى عن الله، والغنى عن الناس.

قيل له: إنك لمسكين. فقال: كيف أكون مسكينا ومولاي له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى.

وحكي أن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود باع دارًا بثمانين ألف درهم فقيل له: اتخذ لولدك من هذا المال ذخرًا.
فقال: أنا أجعل هذا المال ذخرًا لي عند الله عز وجل، وأجعل الله ذخرًا لولدي، وتصدق بها.

وعوتب سهل بن عبد الله المروزي في كثرة الصدقة، فقال: لو أن رجلا أراد أن ينتقل من دار إلى دار أكان يبقي في الأولى شيئا؟

وقال مورق العجلي: يا ابن آدم تؤتى كل يوم برزقك وأنت تحزن، وينقص عمرك وأنت لا تحزن، تطلب ما يطغيك وعندك ما يكفيك.


المصدر
موقع المسلم


«الرزق» بين الفهم الخاطئ... والخوف عليه



#2

افتراضي رد: «الرزق» بين الفهم الخاطئ... والخوف عليه



موضوع رائع شكراً لكِ




إظهار التوقيع
توقيع : مريم 2
#3

افتراضي رد: «الرزق» بين الفهم الخاطئ... والخوف عليه

رد: «الرزق» بين الفهم الخاطئ... والخوف عليه

إظهار التوقيع
توقيع : حياه الروح 5


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
فلنكن طيوراً تحلق في سماء الخشية والخوف من الله عز وجل طُمُوحي الجنّة المنتدي الاسلامي العام
عزيزتي حواء : هكذا تتجاوزين عواقب سوء الفهم وردة الاسلام منوعات x منوعات - مواضيع مختلفة
تحصين الأطفال من البكاء والخوف والفزع الموجودة الرقية الشرعية والسحر
تحذير من الاستخدام الخاطئ لبعض المواد فى الوصفات,تحذير فى بعض الوصفات فتاة بالحياء تجملت العناية بالبشرة


الساعة الآن 11:31 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل