اتحاد الكرة المصري اختار ستة ملاعب لاستضافة الحدث القاري، وهي استادات القاهرة والسلام والسويس والإسكندرية وبورسعيد والإسماعيلية.
ستة ملاعب لا تكفي
اتحاد الكرة يصر على محاكاة نظام بطولة 2006 في تنظيم كل مجموعة في ملعبٍ واحدٍ، وهو أسلوبٌ له عدة مساوئ من بينها
كما أن هذا الأسلوب تلجأ إليه الدول فقط ذات الإمكانيات المحدودة في أفريقيا، ومصر خلاف ذلك تمامًا، فهي كبيرة بمكانتها، وتمتلك من الإمكانيات والملاعب ما يفوق ذلك بكثير.
فلم لا تكون البطولة في ثمانية ملاعب على الأقل، كما أعلن اتحاد الكرة في البداية، ويتم لعب مباريات المجموعات في ملاعب مختلفة، وليس ملعبًا واحدًا لكل مجموعةٍ.
أموال التذاكر
من الناحية النظرية الهدف من الأمر هو تواجد جماهير أربع مبارياتٍ في وقتٍ واحدٍ، لكن هذا لا يحدث في الواقع، فيكتفي جمهور كل مباراة بحضور مباراة فريقه، بل يقوم بعض الجماهير التي تحضر المباراة الأولى بالخروج وبيع تذاكر المباراة الثانية، باعتبار أنه يشتري تذكرة موحدة للمباراتين، وهو ما حدث مع الجماهير المصرية في أمم 2006، حينما أعقبت مباراتها مباراة منتخب ليبيا مع كوت ديفوار في نفس المجموعة، خرجت الجماهير الليبية لبيع تذاكر المباراة للمصريين بأسعار تفوق ثمنها.
الأمر إذا صار نهجًا في جميع المباريات، سيدفع جماهير عديد المنتخبات التي تلعب أولًا للخروج وبيع تذاكر المباراة لطرفي المباراة الثانية، وهو ما يفوت على مصر واللجنة المنظمة تحصيل ثمن تلك التذاكر، ويفوت بالطبع ثمنها الذي يكون بالعملة الصعبة "الدولار".
يتعارف دوليًا أن ملاعب البطولة يتم التناوب عليها من كل مباريات المجموعات، كما يحدث في كأس العالم وكأس أمم أوروبا، وهو ما يحدث حاليًا في الإمارات في كأس آسيا، ولا يتم تحديد ملعب محدد لكل مجموعة، مثلما ينوي اتحاد الكرة فعله.
حتى تونس عندما نظمت أمم أفريقيا 2004، كانت البطولة تقام في ستة ملاعب لأربع مجموعات، ولعبت مصر مبارياتها الثلاث وقتها في ملاعب مختلفة بالدور الأول، فلعبت أمام زيمبابوي في صفاقس، وأمام الجزائر في المنزه، وأمام الكاميرون في مانستير وقتها.
أرضية النهائي وضغط المباريات
جميعنا يتذكر مشهد نهائي أمم أفريقيا 2006، والتي كانت عليه أرضية استاد القاهرة في حالةٍ سيئةٍ، وكان السبب وقتها كما قال المعنيون بتنظيم البطولة هو تراكم المباريات، واستهلاك الملعب بصورة كبيرةٍ في مباريات البطولة.
لكننا نجد اتحاد الكرة يقع في نفس الخطأ مرةً ثانيةً في 2025، فاستاد القاهرة من المرجح أن يستضيف مجموعة كاملة إضافةً إلى مباريات المنتخب المصري في الأدوار المتقدمة إلى غاية المباراة النهائية، فسيستضيف 10 مباريات على الأقل إن لم يكن أكثر من ذلك.
وبالعودة للوراء قليلًا إلى كأس العالم الماضية في روسيا، سنجد أن ملعب لوجينيكي بالعاصمة موسكو قد استضاف طيلة مباريات البطولة سبع مباريات من أصل 64 مباراة في البطولة، وهو ما ساهم بشكلٍ كبيرٍ في الحفاظ على أرضية الملعب حتى المشهد الختامي، إضافةً إلى الصيانة الدورية في الملعب.
بالمقارنة بين ملعب رادس الأكبر في تونس واستاد القاهرة، فإن الأول استضاف فقط ست مباريات خلال بطولة 2004، في حين استضاف استاد القاهرة تسع مباريات من أصل 32 مباراة
استبعاد برج العرب
من الأمور الغريبة هو استبعاد استاد برج العرب من التنظيم بصورة نهائية، مع إنه الاستاد الأكبر والأفضل في مصر في الوقت الحالي، وقال اتحاد الكرة إن سبب الاستبعاد هو أن مباريات المنتخب ستكون في استاد القاهرة، وأن الملعب لن يمتلأ إلا في مباريات مصر.
ولكن لماذا لا ينظر اتحاد الكرة بنظرة ثاقبة أكثر؟ ماذا لو تأهل المنتخب المصري للدور الثاني في المركز الثاني في المجموعة وليس الأول؟
سيضطر إذا لهجر استاد القاهرة والانتقال لملعبٍ آخر، فهل سنتكون مباريات المنتخب المصري في الربع نهائي ونصف النهائي، إن تأهلنا إن شاء الله، في ملعب لا تزيد سعته بأي حال من الأحوال عن 25 ألف متفرج!
بالطبع من المستحيل أن تلعب جميع مواجهات نصف النهائي وربع النهائي في استاد القاهرة، لتضمن استمرار المنتخب المصري في استاد القاهرة، كما إن الأمر سيكون بالطبع عبأً على الملعب قد يتسبب في النهاية في تأثر أرضية الملعب في الأدوار المتقدمة التي ستحظى بمشاهدةٍ واسعةٍ على المستوى العالمي، ويتكرر نفس خطأ بطولة 2006.
إذًا لماذا لا يجعل اتحاد الكرة مباراة الافتتاح على سبيل في استاد برج العرب، التي سيخوضها المنتخب المصري، ويجعل الملعب يستضيف مباريات بدءًا من الدور ثمن النهائي، في المباريات التي يُحتمل أن يكون فيها المنتخب المصري حال صعوده بالمركز الثاني.
إظهار ملاعب مصر الجديدة
نقطة أخرى، في وقتٍ تقول الإذاعة الفرنسية إن أمم أفريقيا فرصة لمصر لإظهار ملاعبها الجديدة، اختار اتحاد الكرة نفس الملاعب التي استضافت كأس العالم للشباب 2009، باستثناء ملعب الجيش بالسويس، الذي استبدله بملعب السويس الجديد.
المشكلة ليست فقط في تكرار نفس الملاعب، بل أيضًا في حجب الملاعب ذات السعة الأكبر في مصر، فأكبر أربعة ملاعب مصرية، لم يتم اختيار منها سوى ستاد القاهرة.
الأمر الذي قد يتم تسويقه خطأً من قبل جهات تتمنى ألا تظهر البطولة بالصورة الأمثل، خاصةً في ظل اختيار ملاعب سعتها صغيرة لا تتعدى سعة ثاني أكبر ستاد فيها وهو السلام والسويس 25 ألف متفرج، وهو ما قد يتسبب خطأ في إظهار مصر لا تمتلك ملاعب تتمتع بسعة كبيرة سوى ستاد القاهرة، وذلك على الرغم من امتلاك مصر استادات برج العرب 80 ألف متفرج واستاد الجيش بالسويس الذي يتسع ل45 ألف متفرج، إضافةً إلى استاد الدفاع الجوي.
كأس المحللين في المغرب
قد يتفهم الكثيرون وجهة نظر اتحاد الكرة في اختيار ملاعب صغيرة الحجم لكي يسهل امتلائها بالجماهير، لكن بالنظر لأبعد من ذلك من أجل تشريف مصر عالميًا، وعدم الاكتفاء فقط بالنجاح القاري لا بد من التدقيق فيما فعلته المغرب قبل عامٍ أثناء تنظيم أمم أفريقيا للمحليين، والتي هي أقل أهميةً بكثيرٍ من أمم أفريقيا التي ستستضيفها مصر.
المغرب نظمت بطولة المحليين في أكبر ملاعب المغرب، في الرباط ومراكش وطنجة وأغادير، وكانت المغرب تهدف من تلك إبراز قوتها التنظيمية من أجل كسب رهان تنظيم كأس العالم 2026، والذي خسرته أمام الملف الأمريكي المشترك.
ومصر مقبلة على التقدم لنيل استضافة كأس العالم 2030 أو 2034 كما قال وزير الشباب والرياضة، إضافةً إلى استحقاقات رياضية مقبلة ككأس العالم للأندية، التي ينوي رئيس الفيفا جاني أنفانتينو جعلها ب24 فريقًا بدءًا من عام 2025، فلم لا مصر تتقدم لتنظيم هذه البطولة، والتي بالتأكيد لن تقل أهمية عن كأس العالم للمنتخبات.
ونظرًا لما أسلفنا ذكره على اتحاد الكرة مراجعة قراره بشأن قصر التنظيم في ستة ملاعب فقط، واستبعاد استادات مصر الكبرى، والنظر بتدقيق في أي الأمور صوابًا التي ستخرج البطولة في وجهة مشرفة لمصر وشعبها، وهذا ما نصبو إليه جميعًا.