أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي ملف كامل في فقه المعاملات الربا ،القرض،الرهن،السلم الكفالة والضمان الوكالة


ملف كامل في فقه المعاملات  الربا ،القرض،الرهن،السلم الكفالة والضمان الوكالة
ملف كامل في فقه المعاملات

البيوع،الربا ،القرض،الرهن،السلم، الكفالة والضمان الوكالة، الضمان، الحجر، الشركة ،الإجارة
المزارعة ،والمساقاة الشفعة،الجوار،الوديعة والإتلافات، الغصب، الصلح، المسابقة ،العارية، إحياء الموات،
اللقطة واللقيط الوقف ،الهبة،والعطية.


ملف كامل في فقه المعاملات  الربا ،القرض،الرهن،السلم الكفالة والضمان الوكالة


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
بعد اذ تحدثنا على فقه البيوع
https://adlat.net/showthread.php?t=376893
والذى هو الباب الاول من فقه المعاملات نكمل لكم الآن بقية فقه المعاملات وبالله التوفيق..
.الباب الثاني: في الربا:
وفيه مسائل:
.المسألة الأولى: تعريف الربا وحكمه:
1- تعريفه: الربا في اللغة: الزيادة.
وشرعاً: زيادة أحد البدلين المتجانسين من غير أن يقابل هذه الزيادة عوض.
2- حكمه: الربا محرم في كتاب الله تعالى، قال جلّ شأنُه: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]. وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 278].
وتوعَّد سبحانه وتعالى المتعامل بالربا بأشد الوعيد، فقال تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: 275]، أي: لا يقومون من قبورهم عند البعث، إلا كقيام المصروع حالة صرعه؛

وذلك لتضخم بطونهم بسبب أكلهم الربا في الدنيا.
وعدَّه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الكبائر، ولعن كلَّ المتعاملين بالربا، على أيِّ حالٍ كانوا، فعن جابر رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: «هم سواء». وقد أجمعت الأمة على تحريمه.

.المسألة الثانية: الحكمة في تحريمه:
التعامل بالربا يحمل على حبِّ الذات، والتكالب على جمع الأموال وتحصيلها من غير الطرق المشروعة، وتحريمه رحمة بالعباد، فإن فيه أخذاً لأموال الآخرين بغير عوض؛ إذ المرابي يأكل أموال الناس دون أن يستفيدوا شيئاً في مقابله، كما أنه يؤدي إلى تضخم الأموال وزيادتها على حساب سلب أموال الفقراء، ويعوّد المرابي الكسل والخمول، والابتعاد عن الاشتغال بالمكاسب المباحة النافعة.
كما أنَّ فيه قطعاً للمعروف بين الناس، وسداً لباب القرض الحسن، وتحكم طبقةٍ من المرابين بأموال الأمة واقتصاد البلاد، وهو معصية عظيمة لله تعالى، وهو وإن زاد مال المرابي فإن الله تعالى يمحق بركته، ولا يبارك فيه. قال تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 276].

.المسألة الثالثة: أنواع الربا:
أولاً: ربا الفضل:
هو الزيادة في أحد البدلين الربويين المتفقين جنساً.
مثاله: أن يشتري شخص من آخر ألف صاع من القمح بألفٍ ومائتي صاعٍ من القمح، ويتقابض المتعاقدان العوضين في مجلس العقد. فهذه الزيادة، وهي مائتا صاع من القمح، لا مقابل لها، وإنما هي فضل.
حكمه: حرَّمت الشريعة الإسلامية ربا الفضل في ستة أشياء: الذهب، والفضة، والبر، والشعير، والتمر، والملح. فإذا بيع واحدٌ من هذه الأشياء الستة بجنسه حرمت الزيادة والتفاضل بينهما؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبُرُّ بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي سواء». ويقاس على هذه الأشياء الستة ما شاركها في العلة، فيحرم فيه التفاضل.
فَعِلَّة الربا في هذه الأشياء: الكيل والوزن، فيحرم التفاضل في كل مكيل وموزون.
ثانياً: ربا النسيئة:
هو الزيادةُ في أحد العوضين مقابل تأخير الدفع، أو تأخير القبض في بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل، ليس أحدهما نقداً.
مثاله: أن يبيع شخصٌ ألف صاع من القمح، بألف ومائتي صاع من القمح لمدة سنة، فتكون الزيادة مقابل امتداد الأجل، أو يبيع كيلو شعير بكيلو بر ولا يتقابضان.
حكمه: التحريم، فإن النصوص الواردة في القرآن والسنة المحرمة للربا والمحذرة من التعامل به، يدخل فيها هذا النوع من الربا دخولاً أولياً، وهذا هو الذي كان معروفاً في الجاهلية، وهو الذي تتعامل به البنوك الربوية في هذا العصر.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أن ذكر الذهب والفضة-: «ولا تبيعوا منها غائباً بناجز» والناجز: الحاضر. وفي لفظٍ: «ما كان يداً بيد فلا بأس به، وما كان نسيئة فهو ربا».

.المسألة الرابعة: صور لبعض المسائل الربوية:
يتبين لنا من خلال تطبيق القاعدة الآتية وما اشتملت عليه، معرفة إن كانت المسألة من مسائل الربا، أو هي من الصور المباحة. وهذه القاعدة هي: إذا بيع الربوي بجنسه، اشترط فيه شرطان:
1- التقابض من الطرفين في مجلس العقد قبل أن يفترقا.
2- التساوي بينهما بالمعيار الشرعي، المكيل بالمكيل، والموزون بالموزون.
أما إذا بيع الربوي بربوي من غير جنسه فليس بشرط، وإذا بيع الربوي بغير ربوي جاز التفاضل والتفرق قبل القبض.
وفيما يلي بعض الصور وأحكامها:
1- باع مائة جرام من الذهب، بمائة جرام من الذهب بعد شهر. هذا محرَّم، وهو من الربا؛ لأنهما لم يتقابضا في المجلس.
2- اشترى كيلو جراماً من الشعير بكيلو جرام من البر، جاز لاختلاف الجنس، ويشترط التقابض في المجلس.
3- إذا باع خمسين كيلو جراماً من البر بشاة جاز مطلقاً، سواء تقابضا في المجلس أو لا.
4- باع مائة دولار، بمائة وعشرة دولارات. لا يجوز.
5- اقترض ألف دولار على أن يعيدها بعد شهر أو أكثر بألف ومائتي دولار.
لا يجوز.
6- باع مائة درهم من الفضة بعشرة جنيهات من الذهب، يدفعها بعد سنة.
لا يجوز؛ إذ لابد من التقابض يداً بيد.
7- لا يجوز بيع أو شراء أسهم البنوك الربوية، لأنها من باب بيع النقد بالنقد بغير تساوٍ ولا تقابض.

.الباب الثالث: في القرض، وفيه مسألتان:
.المسألة الأولى: في تعريفه، وأدلة مشروعيته:
القرض: دفع مال لمن ينتفع به ويَرُدًّ بدله.
وهو مشروع، ويدل عليه عموم الآيات القرآنية والأحاديث الدالة على فضل المعاونة، وقضاء حاجة المسلم، وتفريج كربته، وسد فاقته، وأجمع المسلمون على جوازه.

روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استلف من رجلٍ بَكْراً، فقدمت عليه إبل الصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بَكْرَه، فرجع إليه أبو رافع، فقال: لم أجد فيها إلا خياراً رباعياً، فقال: «أعطه إياه، إنَّ خيار الناس أحسنهم قضاء».
ومن الأدلة على فضله: حديث ابن مسعود أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:

«ما من مسلم يقرض مسلماً قرضاً مرتين إلا كان كصدقتها مرة».

.المسألة الثانية: في شروطه وبعض الأحكام المتعلقة به:
1- لا يجوز للمسلم أن يقرض أخاه بشرط أن يقرضه بعد ذلك إذا ردَّ عليه قرضه؛ لأن المقرض اشترط نفعاً، وكل قرض جرّ منفعة فهو ربا، كأن يسكنه داره مجاناً أو رخيصة، أو يعيره دابته، أو أي شيء آخر، أو غير ذلك من المنافع. فإنَّ جماعةً من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفتوا بما يدل على عدم جواز ذلك، وأجمع الفقهاء على منعه.
2- أن يكون المقرِض جائز التصرف، بالغاً عاقلاً رشيداً، يصح تبرعه.
3- ليس للمقرضِ أن يشترط زيادةً في ماله الذي أقرضه؛ لأن ذلك من الربا، فلا يجوز له أخذها، بل يقتصر على المبلغ الذي دفعه للمقترض أولاً.
4- إذا ردَّ المقترض على المقرِضِ أحسن مما أخذ منه، أو أعطاه زيادةً دون شرطٍ أو قصد، صحّ ذلك؛ لأنه تبرع من المقترض وحسن قضاء، ويدل عليه حديث أبي رافع السابق.
5- أن يكون المقرض مالكاً لما يقرضه، ولا يجوز له أن يقرض ما لا يملك.
6- من المعاملات الربوية المحرمة: ما تقوم به البنوك في وقتنا الحاضر من عقد قروض بينها وبين ذوي الحاجات، فتدفع لهم مبالغ من المال نظير فائدة محددة تأخذها زيادة على مبلغ القرض، أو يتفق البنك مع المقترض على قيمة القرض، ثم يدفع له البنك أقل من القيمة المتفق عليها، على أن يردها المقترض كاملة، فمثلاً: يطلب المقترض من البنك مبلغ مائة ألف، فيعطي له البنك ثمانين ألفاً، ويشترط عليه أن يردها مائة. وهذا من الربا المحرم أيضاً.

.الباب الرابع: في الرهن، وفيه مسألتان:
.المسألة الأولى: معناه وأدلة مشروعيته:
الرهن: جَعْلُ عينٍ مالية، وثيقة بدين؛ ليُسْتَوفى منها أو من ثمنها، إذا تعذَّر الوفاء.
والأصل في مشروعية الرهن، قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283]. والتقييد بالسفر في الآية خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له؛ لدلالة السنة على مشروعيته في الحضر. فعن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشترى طعاماً من يهودي إلى أجل، ورهنه درعاً من حديد».

.المسألة الثانية: الأحكام المتعلقة به:
1- لا يصح رهن ما لا يجوز بيعه كالوقف والكلب؛ لأنه لا يمكن إيفاء الدين منه، ولا رهن مالا يملك.
2- ويشترط معرفة قدر الرهن وجنسه وصفته.
3- أن يكون الراهن جائز التصرف، مالكاً للمرهون أو مأذوناً له فيه.
4- ليس للراهن التصرف في الرهن بغير رضى المرتهن، ولا يملك المرتهن ذلك بغير رضى الراهن.
5- لا يجوز للمرتهن الانتفاع بالرهن، إلا أن يكون الرهن مركوباً أو محلوباً فيجوز له أن يركب المركوب أو يحلب المحلوب إذا أنفق عليه.
6- المرهون أمانةٌ في يد المرتهن، لا يضمنه إلا بالتعدي، فإذا حلَّ الدين الذي به رهن، وجب على المدين سداده، فإن امتنع أجبره الحاكم، فإن امتنع حبسه، وعزَّره، حتى يوفي ما عليه من الدين، أو يبيع الرهن، ويسدد من قيمته.

.الباب الخامس: في السلم، وفيه مسألتان:
.المسألة الأولى: في معناه وأدلة مشروعيته والحكمة من ذلك:
تعريفه: السَّلَمُ والسلفُ بمعنى واحد، وهو: بيعُ سلعةٍ آجلة موصوفة في الذمة بثمن مُقَدَّم.
دليل مشروعيته: وهو مشروع، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين، فقال: «من أسلف، فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم».
الحكمة من مشروعيته: وأجازته الشريعة الإسلامية توسيعاً على أفرادها، فالمزارع مثلاً قد لا يملك نقداً ينفقه في إصلاح أرضه وزراعته، ولا يجد من يقرضه، فأبيح له السَّلَم حتى لا تفوته مصلحة استثمار أرضه.

.المسألة الثانية: في شروطه:
السلم نوعٌ من أنواع البيع؛ ولذلك يشترط لصحته الشروط المتقدمة في عقد البيع، ويضاف عليها الآتي:
1- أن يكون المسلَم فيه مما يمكن انضباط صفاته بكيلٍ أو وزنٍ أو ذرع، حتى لا يؤدي إلى التنازع.
2- معرفةُ قدرِ المسلَم فيه بمعياره الشرعي، فلا يصح في مكيلٍ وزناً، ولا في موزون كيلاً.
3- أن يذكر جنس المسلم فيه، ونوعه، بصفاته المميزة له.
4- أن يكون ديناً في الذمة.
5- أن يكون مؤجلاً.
6- أن يكون الأجل معلوماً ومحدداً من الطرفين.
7- أن يقبض الثمن كاملاً معلوماً في مجلس العقد قبل تفرقهما.
8- كون المسلَم فيه مما يغلب وجوده عند حلول الأجل، حتى يُسَلِّمه له في وقته، فإن لم يكن موجوداً- كالرطب في الشتاء-

لم يصح؛ لأنه غرر.

.الباب السادس: في الحوالة، وفيه مسألتان:




.المسألة الأولى: معناها وأدلة مشروعيتها:
الحوالة: نقل الدين من ذمةِ المُحِيلِ إلى ذمةِ المُحَالِ عليه.
وهي مشروعة لما فيها من الإرفاق، وتبادل المصالح بين أفراد الأمة، والتسامح وتسهيل المعاملات.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «إذا أتْبعِ أحدكم على مليءٍ فليتبع».
ومعناه: إذا أحيل بالدين الذي له، على موسر فليحتل، وليقبل الحوالة. فإذا أحال المَدين دائنه على مفلس رجع بحقه على مَنْ أحاله؛ لأنَّ الفَلَس عيب ولم يرض به، فله حق الرجوع.

.المسألة الثانية: في شروط صحتها:
يشترط لصحتها الآتي:
1- رضا المُحيل؛ لأنه مُخَيَّر في جهات قضاء الدين، فلا تتعيَّن عليه جهةٌ قهراً.
2- كون المالين المحال به وعليه، متفقين قدراً وجنساً وصفة.
3- أن يكون المحال به ديناً مستقراً في ذمة المحال عليه.
ويترتب على انعقاد الحوالة الصحيحة حسب ما ذكر انتقال الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه.
ومن الصور المعاصرة للحوالة:
- الحوالة المصرفية: وهي وسيلة لسداد مبالغ نقدية مقابل تسديد مقابلها في جهة أخرى. وصورتها: أن يقوم الشخص بدفع مبلغ نقدي إلى بنك من البنوك، طالباً منه سداد قيمة هذا المبلغ لشخص آخر في بلد آخر نظير عمولة يتقاضاها البنك.
- السُّفْتَجَة: وهي مما يلحق بالحوالة أيضاً، وهي عبارة عن كتاب أو رقعة يكتبها المستقرضُ للمقرض أو نائِبه إلى نائبه في بلد آخر ليوفيه المقرضَ، أو أن يقرض إنسانٌ آخر قرضاً في بلد؛ ليوفيه المقترض أو نائبه إلى المقرضِ أو نائبهِ في بلد آخر. فالورقة التي يكتبها المقترض بذلك تسمى سفتجة- وهي كلمة فارسية معربة-. وقد منعها قوم، والصحيح جوازها؛ إذ فيها مصلحة للطرفين، من غير ضرر على واحد منهما، ولا محظور شرعي.

.الباب السابع: في الوكالة، وفيه مسألتان:
.المسألة الأولى: تعريفها، وحكمها، وأدلة مشروعيتها:
1- تعريفها: الوكالة تفويض شخصٍ غيرَه؛ ليقوم مقامه فيما تدخله النيابة.
2- حكمها وأدلة مشروعيتها: وهي مشروعة، قال تعالى: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} [الكهف: 19]، وقال جل شأنه: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة: 60].

_فجوَّز سبحانه العمل عليها، وذلك بحكم النيابة عن المستحقين.
وعن جابر رضي الله عنه قال: أردت الخروج إلى خيبر، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقاً …».
_وعن عروة بن الجعد قال: عرض للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جلَبٌ، فأعطاني ديناراً فقال:
«يا عروة، ائت الجلب فاشتر لنا شاة …» الحديث.
وأجمع المسلمون على جواز الوكالة في الجملة؛ لأنَّ الحاجة داعية إليها، فإنه لما كان لا يمكن لكل واحدٍ فِعْلُ

كل ما يحتاج إليه بنفسه، دعت الحاجة إلى مشروعيتها.

.المسألة الثانية: شروطها، والأحكام المتعلقة بها:
1- يشترط في كل من الوكيل والموكل أن يكون جائز التصرف، بالغاً، عاقلاً، رشيداً.
2- تصح الوكالة في كل ما تدخله النيابة، كالبيع والشراء وسائر العقود، والفسوخ كالطلاق والخلع، وكذلك تصح

في كل ما تدخله النيابة من العبادات، كإخراج الزكاة، والكفارة، والنذر، والحج، ونحو ذلك.
3- لا تصح الوكالة فيما لا تدخله النيابة من حقوق الله تعالى، كالطهارة والصلاة.
4- يملك الوكيل من التصرف ما يقتضيه إذن الموكِّل، أو ما تعارف عليه الناس، بشرط ألَّا يترتب على هذا الإذن ضررٌ بالموكل.
5- لا يصح للوكيل أن يوكل غيره، إلا إذا أجاز له الموكِّلُ ذلك، أو عجز الوكيل عن العمل، أو كان لا يحسنه،

فيوكل أميناً يقوم مقامه فيما وكل فيه.
6- الوكيل أمين فيما وكل فيه، لا يضمن، إلا إذا فرَّط أو تعدى.
7- الوكالة عقد جائز، لكلٍ من الطرفين فسخه.
8- تبطل الوكالة بموت أحد الطرفين، أو جنونه، أو فسخه لها، أو عزله مِنْ قِبَل المِوكل، أو الحجر عليه لسفهه.

.الباب الثامن: في الكفالة والضمان:
وفيه مسائل:

.المسألة الأولى: في معنى الكفالة وأدلة مشروعيتها:
1- تعريفها: الكفالة هي التزام إحضار مَنْ عليه حق مالي لربه، إلى مجلس الحكم.
2- أدلة مشروعيتها: وهي مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع.
فمن الكتاب قوله تعالى: {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] أي كفيل ضامن، وقوله تعالى: {سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ} [القلم: 40] أي كفيل.
ومن السنة قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «العارية مؤداة، والزعيم غارم، والدين مقضي».
فالزعيم هو الكفيل، والزعامة الكفالة.
وقد أجمع العلماء على جواز الكفالة لحاجة الناس إليها ودفع الضرر عن المدين.

:
:
:

يتبــــــــــــــع




إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#2

افتراضي رد: ملف كامل في فقه المعاملات الربا ،القرض،الرهن،السلم الكفالة والضمان الو




.المسألة الثانية: أركان الكفالة وشروطها:
أركان الكفالة خمسة: الصيغة، والكفيل، والمكفول له، والمكفول عنه، والمكفول به.
وصيغتها تتم بإيجاب الكفيل وحده، ولا تتوقف على قبول المكفول له.
أما الكفيل: فيشترط فيه أن يكون أهلاً للتبرع سواء كان رجلاً أو امرأة؛ لأن الكفالة من التبرعات.
وعلى ذلك لا تصح الكفالة من المجنون أو المعتوه أو الصبي، وكذلك المحجور عليه لسفه، فلا تصح كفالته، ولا ضمانه.
وأما المكفول عنه: فلا يشترط رضاه لصحة الكفالة، بخلاف الكفيل فإن رضاه شرط لصحة الكفالة.
أما محل الكفالة: فقد تكون الكفالة بالمال، ويطلق عليها الضمان، وقد تكون بالنفس، ويطلق عليها كفالة البدن والوجه.

.المسألة الثالثة: في بعض أحكام الكفالة:
1- تصح الكفالة ببدن كل إنسان عليه حق مالي.
2- لا تصح الكفالة ببدن من عليه حد.
3- لا تصح الكفالة ببدن من عليه قصاص.
4- يبرأ الكفيل بموت المكفول المتعذر إحضاره.
5- الكفيل الغارم ضامن إذا ماطل الأصيل، ولم يسدد، أو أفلس.
6- الكفيل غير الغارم- الحضوري- لا يضمن؛ لأن كفالته كفالة تعريف وإحضار للمكفول أو للكفيل الغارم.
7- تصح الكفالة بالنفس، وهي التزام الكفيل بإحضار المكفول إلى المكفول له، أو إلى مجلس الحكم، أو نحو ذلك.

.المسألة الرابعة: في الضمان:
الضمان: هو التزام ما وجب على غيره، وهو جائز؛ لقوله تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] أي ضامن.
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الزعيم غارم».
وقد أجمع العلماء على جوازه؛ لأن الحاجة تدعو إليه، وهو من باب قضاء الحاجات والتعاون المأمور به شرعاً.
أحكام الضمان وشروطه:
1- لا يجوز أخذ العوض عليه.
2- يجوز تعدد الضامنين، فيجوز أن يضمن الحق اثنان فأكثر.
3- لا يشترط في صحته معرفة الضامن للمضمون عنه.
4- يصح ضمان المعلوم والمجهول إذا كان يؤول إلى العلم، وكذلك يصح ضمان عهدة المبيع.
5- يصح الضمان بكل لفظ يؤدي معناه: كأنا ضامن، أو ضمين، أو زعيم أو نحو ذلك.
6- لا تبرأ ذمة الضامن، إلا إذا برئت ذمة المضمون عنه من الدين، بإبراء أو قضاء.
7- يشترط لصحته: رضا الضامن، فإن أكره على الضمان لم يصح، ولا يشترط رضا المضمون عنه، ولا رضا المضمون له.
كما يشترط لصحته: أن يكون الضامن جائز التصرف، بأن يكون: بالغاً عاقلاً رشيداً.

.الباب التاسع: في الحجر:
وفيه مسائل:

.المسألة الأولى: معناه وأدلة مشروعيته وأنواعه:
1- تعريف الحجر: الحجر لغة: المنع.
وفي الشرع: منع إنسان من تصرفه في ماله.
2- أدلة مشروعيته: والأصل فيه قوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5].
أي: أموالهم، لكن أضيف إلى الأولياء؛ لأنهم قائمون عليها مدبرون لها. وقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6]، وقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ} [البقرة: 282].
فدلت هذه الآيات على جواز الحجر على السفيه واليتيم ومن في معناهما- كالمجنون والصغير- في أموالهم، لئلا تتعرض للضياع والفساد، ولا تُدفع إليهم، إلا إذا تحقق رشدهم، وللولي أن يتصرف في أموالهم، إذا دعت المصلحة لذلك.
3- أنواعه: الحجر على نوعين:
النوع الأول: الحجر لمصلحة المحجور عليه، كالحجر على الصبي والسفيه والمجنون، قال تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5].
النوع الثاني: الحجر على الإنسان لمصلحة غيره، كالحجر على المفلس، فيمنع من التصرف في ماله لئلا يضر بأصحاب الديون. والحجر على المريض مرض الموت فيما زاد على الثلث من ماله لحق الورثة. وكذلك العبد يُحجر عليه لحق سيده، فلا يصح تصرفه بغير إذن سيده.

.المسألة الثانية: الأحكام المتعلقة بالنوع الأول من الحجر، وهو الحجر على الإنسان لمصلحة نفسه:
1- إذا تعدَّى المحجور عليه لصغره ونحوه، على نفس أو مال بجناية، فإنه يضمن ويتحمل ما يترتب على ذلك من غرامة؛ لأن المُتعدَّى عليه لم يفرط، ولم يأذن بذلك، وأما إذا دفع ماله إلى صغير أو سفيه أو مجنون، فأتلفه، لم يضمنه؛ لأنه سلَّطه عليه برضاه، فهو مفرّط.
2- يزول الحجر عن الصغير بأمرين:
الأمر الأول: البلوغ، ويعرف ذلك بعلامات، وهي: إنزاله المني، أو إنبات الشعر الخشن حول القبل، أو بلوغه الخامسة عشرة، أو الحيض في حق الجارية.
الأمر الثاني: الرشد، وهو الصلاح في المال، لقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6].
ويعرف رشده بالامتحان، فيمنح شيئاً من التصرف، ويترك يتصرف مراراً في المال، فإن لم يغبن غبناً فاحشاً، ولم ينفق ماله في حرام أو فيما لا فائدة فيه، كان ذلك دليل رشده.
3- يزول الحجر عن المجنون بأمرين أيضاً:
الأول: زوال الجنون ورجوع عقله إليه.
والثاني: الرشد. أما السفيه: فيزول عنه بزوال السفه والطيش واتصافه بالصلاح في التصرفات المالية.
4- يتولى أمر المحجور عليهم الأب إذا كان عدلاً رشيداً، ثم وصيه. ويجب على من يتولى أمرهم أن يتصرف بما فيه الأحظ والأنفع لهم؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152]. والآية نصَّتْ على اليتيم، ويقاس عليه غيره ممن هو في معناه.
5- على ولي اليتيم أن يحافظ على ماله، ولا يأكله، أو يتصرف فيه ظلماً وبهتاناً؛ لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10].

.المسألة الثالثة: الأحكام المتعلقة بالنوع الثاني من الحجر، وهو الحجر على الإنسان لمصلحة غيره:
1- لا يحجر على المدين بدين لم يحل أجله، لأنه لا يلزمه الأداء قبل حلوله، لكن لو أراد سفراً طويلاً يحل الدين قبل قدومه منه، فللغريم منعه من السفر، حتى يوثقه برهن أو كفيل مليء.
2- إذا كان مال المحجور عليه أكثر من الدين الذي عليه، فهذا لا يحجر عليه في ماله ولكن يؤمر بالوفاء عند المطالبة، فإن امتنع حبس وعزر حتى يوفي الدين، فإن امتنع تُدُخِّل في ماله بوفاء ديونه. أما إذا كان ماله أقل مما عليه الدين الحالّ، فهذا يحجر عليه التصرف في ماله عند المطالبة؛ لئلا يضر بالغرماء. ولا يُمَكَّن المدين من التصرف في ماله بتبرع أو غيره إذا كان هذا الأمر يضر بأصحاب الديون.
3- من باع المحجور عليه أو أقرضه شيئاً بعد الحجر، فلا يحق له المطالبة إلا بعد فكِّ الحجر عنه.
4- للحاكم أن يبيع ماله ويقسم ثمنه بقدر ديون غرمائه الحالّة؛ لأن هذا هو المقصود من الحجر عليه، وفي تأخير ذلك مَطْلٌ وظلم لهم، ويترك له الحاكم ما يحتاج إليه كالنفقة والسكن.

.الباب العاشر: الشركة:
وفيه مسألتان:

.المسألة الأولى: تعريف الشركة وحكمها وأدلة مشروعيتها:
1- تعريف الشركة:
الشركة لغة: الاختلاط، أي: خلط أحد المالين بالآخر بحيث لا يتميزان عن بعضهما.
وشرعاً: هي الاجتماع في استحقاق أو تصرف.
فالاجتماع في الاستحقاق: كشركة الإرث والوصية والهبة في عين أو منفعة، وتسمى هذه أيضاً: "شركة الأملاك".
والاجتماع في التصرف: وهو ما يعرف بـ "شركة العقود"، وهي المقصودة هنا بالبحث. فهذان قسمان للشركة وفق هذا التعريف.
2- أدلة مشروعيتها: الشركة مشروعة، وجاءت الآيات القرآنية الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة، بجوازها.
وقال تعالى: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [ص: 24]. والخلطاء:
الشركاء. وقال سبحانه: {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12].
وهي من العقود الجائزة، والمجتمع بحاجة ماسة إليها ولاسيما في المشروعات الضخمة التي لا يستطيع الشخص القيام بها بمفرده.

.المسألة الثانية: أنواع شركة العقود:
أولاً: شركة العِنان: وهي أن يشترك اثنان فأكثر في مال يتجران فيه، وسميت بذلك؛ لاستواء الشريكين فيها في المال والتصرف، كاستواء عِنان فرسيهما إذا استويا في السير، ويُشْترط في صحتها كون رأس المال من كل منهما أو منهم نقداً معلوماً حاضراً، وأن يُحَدَّد لكل واحدٍ منهما جزء معلوم من الربح.
ثانياً: شركة المضاربة: وهي أن يدفع أحد الشريكين للآخر مالاً يتجر به، بجزء معلوم من الربح.
ثالثاً: شركة الوجوه: وهي أن يشتركا في ربح ما يشتريان بجاهيهما، دون أن يكون لهما رأس مال، اعتماداً على ثقة التجار بهما.
رابعاً: شركة الأبدان: وهي أن يشتركا فيما يكتسبان بأبدانهما من المباح، كالاحتشاش، والاصطياد، والمعدن، والاحتطاب، أو يشتركا فيما يتقبلان في ذممهما من العمل، كنسج وخياطة ونحوهما.
يوزع الربح بين الشركاء على حسب ما يتفقان عليه، وكذلك الخسارة تكون بينهما على قدر ماليهما، وهذا في غير المضاربة، ولكلٍ منهما فسخ عقد الشركة متى شاء، كما تنفسخ بموت أحدهما أو جنونه.

.الباب الحادي عشر: الإجارة:
وفيه مسائل:

.المسألة الأولى: معناها وأدلة مشروعيتها:
1- معنى الإجارة وتعريفها:
لغة: مشتقة من الأجر، وهو العوض، ومنه تسمية الثواب أجراً.
وشرعاً: عقد على منفعة مباحة معلومة تؤخذ شيئاً فشيئاً، مدة معلومة، من عين معلومة أو موصوفة في الذمة. أو على عمل معلوم بعوض معلوم.
2- أدلة مشروعيتها: ودليل مشروعيتها قوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6]، وقوله جل شأنه: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: 26].
وقد ثبت «أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر استأجرا رجلاً من بني الدَّيل هادياً خِرِّيتاً».
وجاء الوعيد لمن لم يوفِّ الأجير أجرته، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة»... وذكر منهم: «رجلٌ استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجرَه». وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أعطوا الأجير أجرَه قبل أن يجف عرقه».

:
:
:

يتبـــــــــــــــــــع

إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#3

افتراضي رد: ملف كامل في فقه المعاملات الربا ،القرض،الرهن،السلم الكفالة والضمان الو

.المسألة الثانية: شروطها:
1- لا تصح إلا من جائز التصرف، عاقلاً، بالغاً، حراً، رشيداً.
2- أن تكون المنفعة معلومة؛ لأن المنفعة هي المعقود عليها، فاشترط العلم بها كالبيع.
4- أن تكون الأجرة معلومة؛ لأنها عوض في عقد معاوضة، فوجب العلم بها كالثمن.
4- أن تكون المنفعة مباحة، فلا تصح الإجارة على الزنى، والغناء، وبيع آلات اللهو.
5- كون المنفعة قابلة للاستيفاء، فلا تصح الإجارة لشيء يتعذر استيفاء المنفعة منه، كإجارة أعمى لحفظ شيء يحتاج إلى الرؤية.
6- أن تكون المنفعة مملوكة للمؤجر أو مأذوناً له فيها؛ لأن الإجارة بيع المنافع، فاشترط ذلك فيها كالبيع.
7- أن تكون المدة معلومة، فلا تجوز الإجارة لمدة مجهولة؛ لأنها تؤدي إلى التنازع.
.المسألة الثالثة: الأحكام المتعلقة بها:
ويتعلق بعقد الإجارة الأحكام الآتية:
1- لا يجوز الاستئجار على أعمال القرب والعبادات، كالأذان والحج والفتيا والقضاء والإمامة وتعليم القرآن؛ لأنها قربة إلى الله تعالى، ويجوز أن يأخذ من يقوم بذلك رزقاً من بيت مال المسلمين.
2- على المؤجر أن يدفع العين المؤجرة للمستأجر ويُمَكَّن من الانتفاع بها، ويجب على المستأجر المحافظة على العين المستأجرة، وأن يدفع الأجرة عند حلولها.
3- لا يجوز فسخ عقد الإجارة من أحد الطرفين، إلا برضا الآخر، وإذا مات أحدهما والعين المؤجرة باقية لم يبطل العقد، ويقوم وارثه مقامه.
4- تنفسخ الإجارة إذا تلفت العين المؤجرة، أو انقطع نفعها، كدابة ماتت، أو دار انهدمت.
.الباب الثاني عشر: المزارعة والمساقاة:
وفيه مسائل:
.المسألة الأولى: معناهما وحكمهما:
1- معناهما: المزارعة: دفع أرض لمن يزرعها، أو حبٍ لمن يزرعه ويقوم عليه بجزء معلوم مشاعٍ من الثمرة.
المساقاة: دفع شجرٍ مغروس معلوم، له ثمر مأكول لمن يعمل عليه بجزء مشاع معلوم من الثمرة.
والعلاقة بين المزارعة والمساقاة: أن المزارعة تقع على الزرع كالحبوب، والمساقاة تقع على الشجر كالنخيل، وفي كل منهما للعامل جزءٌ من الإنتاج.
2- حكمهما: مشروعتان، وهما من العقود الجائزة، لحاجة الناس إليهما.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما: «أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع».
.المسألة الثانية: شروطهما:
1- أن يكون عاقدهما جائز التصرف، فلا يقعان إلا من بالغ، حر، رشيد.
2- أن يكون الشجر معلوماً في المساقاة، والبذر معلوماً في المزارعة.
3- أن يكون للشجر ثمر مأكول، من نخل وغيره.
4- أن يكون للعامل جزء مشاع معلوم مما يحصل من ثمر الشجر، أو من الغلة، كالثلث أو الربع أو نحو ذلك.
.المسألة الثالثة: الأحكام المتعلقة بهما:
ويتعلق بهما الأحكام الآتية:
1- يلزم العامل أن يعمل كلَّ ما يؤدي إلى صلاح الثمرة، من حرثٍ، وسقيٍ، ونظافةٍ، وصيانة، وتلقيح النخل، وتجفيف الثمر، وغير ذلك.
2- على صاحب الأرض العمل على كل ما يحفظ الأصل، كحفر البئر، وتوفير المياه، وإقامة الجدران والحواجز، وجلب الآلات ومضخات المياه.
3- يملك العامل حصته بظهور الثمرة.
4- لكل عاقد فسخ العقد متى شاء؛ لأنهما عقد جائز غير لازم، فإن انفسخ العقد وقد ظهر الثمر، فهو بين العاقدين على ما شَرَطا، فإن فسخ العامل قبل طلوع الزرع وظهور الثمرة، فلا شيء له؛ لأنه رضي بإسقاط حقه كعامل المضاربة، أما إن فسخ رب المال قبل ظهور الثمرة وبعد الشروع في العمل، فللعامل أجرة عمله.
5- لو ساقاه أو زارعه في مدة تكمل فيها الثمرة غالباً، فلم تحمل تلك السنة، فلا شيء للعامل.
.الباب الثالث عشر الشفعة والجوار:
وفيه مسائل:
.المسألة الأولى: في معناها وأدلة مشروعيتها:
1- معناها: الشُّفْعَةُ هي استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه ممن انتقلت إليه بعوض مالي. وسميت بذلك؛ لأن صاحبها ضمَّ المبيع إلى ملكه، فصار شفعاً، بعد أن كان نصيبه منفرداً في ملكه. وقيل: هي حق تملك قهري يثبت للشريك القديم على الشريك الحادث بسبب الشركة؛ لدفع الضرر.
2- أدلة مشروعيتها: الأصل فيها حديث جابر رضي الله عنه قال: «قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة». وفي رواية أخرى: «قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالشفعة في كل شركة لم تقسم رَبْعَةٍ أو حائط، لا يحل له أن يبيع حتى يُؤذِن شريكه، فإن شاء ترك، فإذا باع ولم يؤذنه، فهو أحق به». وعنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «جار الدار أحق بالدار».
وقد أجمع العلماء على إثبات حق الشفعة للشريك الذي لم يقاسم فيما بيع من أرض، أو دار، أو حائط.
فتبيَّن من ذلك ثبوت مشروعية الشفعة بالسنة والإجماع.
.المسألة الثانية: الأحكام المتعلقة بالشفعة:
1- لا يجوز للشريك أن يبيع نصيبه حتى يؤذن ويعرض على شريكه، فإن باع، ولم يؤذنه فهو أحق به.
2- لا تثبت الشفعة في غير الأرض والعقار، كالمنقولات من الأمتعة والحيوان ونحو ذلك.
3- الشفعة حق شرعي لا يجوز التحيل لإسقاطه؛ لأنها شرعت لدفع الضرر عن الشريك.
4- تثبت الشفعة للشركاء على قدر ملكهم، ومن ثبتت له الشفعة أخذه بالثمن الذي بيعت به سواء كان مؤجلاً أو حالاً.
5- تثبت الشفعة بكون الحصة المنتقلة عن الشريك مبيعة بيعاً صريحاً أو ما في معناه، فلا شفعة فيما انتقل عن ملك الشريك بغير بيع: كموهوب بغير عوض، وموروث، وموصى به.
6- لابد أن يكون العقار المنتقل بالبيع قابلاً للقسمة، فلا شفعة فيما لا يقسم: كحمام صغير، وبئر، وطريق.
7- الشفعة تثبت المطالبة بها فور علمه بالبيع، وإن لم يطالب بها وقت البيع سقطت، إلا إذا لم يعلم فهو على شفعته، كذلك لو أخَّر طلبه لعذر، كالجهل بالحكم أو غير ذلك من الأعذار.
8- محل الشفعة الأرض التي لم تقسم، ولم تحد، وما فيها من غراس وبناء فهو تابع لها. فإذا قسمت لكن بقي بعض المرافق المشتركة بين الجيران كالطريق والماء ونحو ذلك، فالشفعة باقية في أصح قولي أهل العلم.
9- ولابد للشفيع مِنْ أخذ جميع المبيع، فلا يأخذ بعضه ويترك بعضه، وذلك دفعاً للضرر عن المشتري.
.المسألة الثالثة: في أحكام الجوار:
الجار له حق على جاره، وقد أوصى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجار حتى كاد أن يورثه.
فمن احتاج إلى جاره كأن يحتاج إلى إجراء الماء في أرضه، أو ممر في ملكه، أو نحو ذلك، فعلى جاره أن يحقق له حاجته، سواء كانت بعوض أو بغير عوض.
ولا يجوز للإنسان أن يحدث في ملكه ما يضر بجاره، كفتح نافذة تطل على بيته، أو مصنع يقلق جاره بأصواته أو نحو ذلك. وإذا كان بينهما جدار مشترك لا يتصرف فيه ويضع عليه الخشب إلا عند الضرورة، كأن يحتاج إليه عند التسقيف، فلا يمنعن من ذلك؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبةً في جداره».
.المسألة الرابعة: في الطرقات:
1- لا يجوز مضايقة المسلمين في طرقاتهم.
2- لا يجوز أن يحدث في ملكه ما يضايق الطريق.
3- لا يجوز أن يتخذ موقفاً لدابته أو سيارته بطريق المارة.
4- الطريق حق للجميع فتجب المحافظة عليه، من جميع ما يضر المارة عليه، كوضع المخلفات والقمائم فيه ونحو ذلك؛ لأن إماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان.
.الباب الرابع عشر: الوديعة والإتلافات:
وفيه مسائل:
.المسألة الأولى: تعريفها وأدلة مشروعيتها:
1- تعريفها: الوديعة هي عين يضعها مالكها أو نائبه عند من يحفظها بلا عوض.
2- أدلة مشروعيتها: الأصل فيها قوله تعالى: {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283]، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58].
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أد الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك». ولأن الضرورة والحاجة داعية للإيداع.
فمن وجد في نفسه القدرة على حفظ الأمانة فإنه يستحب له أن يقبل الوديعة؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه».
أما إذا علم من نفسه عدم القدرة على حفظ الوديعة فإنه لا يجوز له قبولها.
.المسألة الثانية: شرط صحتها:
أن تكون من جائز التصرف لمثله، فلو أودع إنسان جائز التصرف ماله عند صغير أو مجنون أو سفيه، فأتلفه فلا ضمان، لتفريطه. وإن أودع الصغير ونحوه ماله عند آخر، صار الوديع ضامناً؛ لتعديه بأخذه.
.المسألة الثالثة: في الأحكام المتعلقة بالوديعة:
1- الوديعة أمانة في يد المستودع، فلا ضمان عليه إن لم يفرط؛ لأنها أمانة كسائر الأمانات، والأمين لا يضمن إن لم يتعد، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا ضمان على مؤتمن».
2- إذا تعدَّى على الوديعة، أو فرَّط في حفظها، فإنه يضمنها إذا تلفت؛ لأنه متلف لمال غيره.
3- يجب على المستودع حفظ الوديعة في حرز مثلها عرفاً؛ لأن الله عز وجل أمر بأداء الأمانات إلى أهلها، ولا يمكن ذلك إلا بحفظها، ولأن المقصود من الإيداع الحفظ، والوديم ملتزم بذلك، فإن لم يحفظها لم يفعل ما التزمه.
4- يجوز للمستودع أن يدفع الوديعة إلى من يحفظ ماله عادة، كزوجته وعبده وخازنه وخادمه، وإن تلفت عندهم من غير تعد ولا تفريط، فلا ضمان عليهم.
5- لا يجوز أن يودعها عند غيره من غير عذر، وأما لعذر: كسفر أو حضور موت فجائز. وعليه: فإن أودعها عند الغير بعذر، فتلفت، لم يضمن، وإن كان بغير عذر ضمن؛ لتعدِّيه وتفريطه.
6- إذا خاف المستودع على الوديعة أو أراد السفر، فإنه يجب عليه ردُّها إلى صاحبها أو وكيله، فإن لم يجدهما فإنه يحملها معه في السفر، إذا كان ذلك أحفظ لها، وإلا دفعها إلى الحاكم، فإن لم يتمكن أودعها عند من يثق به؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل الهجرة إلى المدينة أودع الودائع لأم أيمن رضي الله عنها، وأمر علياً أن يردَّها إلى أهلها. وكذلك إذا مرض المستودع مرضاً مخوفاً، وعنده ودائع، فإنه يجب عليه ردها إلى أصحابها، فإن لم يتمكن أودعها عند الحاكم، أوعند من يثق به.
7- إذا كانت الوديعة دابة لزم المستودع إعلافها، وتغذيتها، فإن أهملها، وتلفت، ضمنها، ويأثم بهذا الإهمال لحرمتها، ولأن كل كبد رطب فيها أجر.
8- المستودع أمين يُقبل قوله، إذا ادعى أنه رد الوديعة إلى صاحبها، أو من يقوم مقامه، ويقبل قوله مع يمينه، إذا ادعى أنها تلفت من غير تعد ولا تفريط.
وعلى المستودع ألا يؤخر الوديعة عند طلب صاحبها لها، فإن أخَّرها من غير عذر، فتلفت، فإنه يضمن.
9- من الصور المعاصرة للوديعة: الودائع المصرفية، وهي ما يقوم به الأفراد من إيداع مبالغ نقدية في البنوك، إلى أجل محدد أو مطلقاً، ويقوم البنك بالتصرف في هذه المبالغ، ويدفع لصاحبها فائدة مالية ثابتة، وهذه تصير في معنى القرض، من حيث تملُّك البنك لعينها، وتعلقها بذمته، وتعهده برد مثلها عند المطالبة، وهي بهذه الصورة من الربا المحرم، فليحذر المسلمون من الوقوع فيه. أما الودائع التي لا يتقاضى صاحبها عليها فائدة، كالذي يعرف اليوم بالحساب الجاري، فلا شيء فيه، لأنه لم يأخذ زيادة على أصل ماله. أما إذا ألزم الشخص بقبض الزيادة، وكان مضطراً إلى الإيداع في مثل هذه البنوك بحيث يلحقه ضرر محقق بترك ذلك، فإنه يقبض هذه الزيادة، وينفقها في مصالح المسلمين العامة.
.المسألة الرابعة: في الإتلافات:
يحرم الاعتداء على أموال الناس، وأخذها بغير حق، ومن اعتدى على مال غيره فأتلفه، وكان هذا المال محترماً، فإنه يجب عليه الضمان، وكذلك من تسبب في إتلاف مال غيره، بحل قيد، أو بفتح باب أو نحو ذلك.
وإذا كان له مواش وجب عليه حفظها في الليل، من إفساد زروع الناس أو إفساد أنفسهم، فإن أهملها وحصل الفساد ضمن؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى أن على أهل الأموال حفظها بالنهار، وأهل المواشي حفظها بالليل، وما أفسدت بالليل فإنه مضمون عليهم؛ لأن أموال المسلمين وأرواحهم محترمة، فيحرم التعدي عليها، أو التسبب في إفسادها أو هلاكها.
والصّائِلُ من الإنسان أو الحيوان، إذا لم يندفع إلا بالقتل، فقتله، فلا ضمان عليه؛ لأنه قتله دفاعاً عن نفسه؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من أريد ماله بغير حقٍّ، فقاتلَ، فقتل، فهو شهيد».
ومن أتلف ما حرم الله كآلات اللهو، والصليب، وأواني الخمر، وكتب الضلال والبدعة، وأشرطة ومجلات المجون، والخلاعة، فإنه لا ضمان عليه، لكن لا يكون الإتلاف على إطلاقه، بل لابد من تقييده بأمر الحاكم، وتحت رقابته؛ ضماناً للمصلحة، ودفعاً للمفسدة، ودرءاً للفتن.

:
:
:


يتبـــــــــــــــــــع

إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#4

افتراضي رد: ملف كامل في فقه المعاملات الربا ،القرض،الرهن،السلم الكفالة والضمان الو




.الباب الخامس عشر: في الغصب، وفيه مسألتان:
.المسألة الأولى: تعريفه وحكمه:
1- تعريفه: الغَصْبُ لغة: أخذ الشيء ظلماً.
وشرعاً: الاستيلاء على حق الغير، ظلماً وعدواناً بغير حق.
2- حكمه: وهو محرم بإجماع المسلمين؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188]، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه»، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طُوِّقَهُ يوم القيامة من سبع أرضين».
فعلى كل من عنده مظلمة لأخيه أن يتوب إلى الله، ويتحلل من أخيه، ويطلب منه العفو في الدنيا؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من كانت له مَظْلَمَةٌ لأخيه من عرضِهِ أو شيء، فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينارٌ ولا درهم، إن كان له عملٌ صالحٌ أُخذَ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسناتٌ أخذ من سيئات صاحبه، فحُملَ عليه».

.المسألة الثانية: في الأحكام المتعلقة بالغصب:
1- يجب على الغاصب رد المغصوب بحاله، وإن أتلفه رد بدلاً منه.
2- يلزم الغاصب رد المغصوب بزيادته، سواء كانت منفصلة أو متصلة.
3- الغاصب إذا تصرف في المغصوب ببناء أو غرس، أمر بقلعه إذا طالبه المالك بذلك.
4- المغصوب إذا تغير، أو قل، أو رخص، ضمن الغاصب النقص.
5- الاغتصاب قد يكون بالخصومة والأيمان الفاجرة.
6- جميع تصرفات الغاصب باطلة، إن لم يأذن بها المالك.

.الباب السادس عشر: في الصلح:
وفيه مسائل:

.المسألة الأولى: معناه، وأدلة مشروعيته:
1- معناه: الصُّلْحُ في اللغة: التوفيق، أي قطع المنازعة.
وفي الشرع: هو العقد الذي ينقطع به خصومة المتخاصمين.
2- أدلة مشروعيته: وقد دل على مشروعيته الكتاب، والسنة، والإجماع.
فمن الكتاب قوله تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128]، وقوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9]، وقوله تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 114].
ومن السنة قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصلح جائزٌ بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً، أو حرَّم حلالاً». وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوم بالإصلاح بين الناس.
وقد أجمعت الأمة على مشروعية الصلح بين الناس بقصد رضا الله، ثم رضا المتخاصمين.
فدلَّ على مشروعية الصلح: الكتاب والسنة والإجماع.

.المسألة الثانية: في أنواع الصلح العامة:
الصلح بين الناس على أنواع:
1- الصلح بين الزوجين إذا خيف الشقاق بينهما. قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35]، أو خافت إعراضه، أي: ترفعه عنها وعدم رغبته فيها؛ قال تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128].
2- الصلح بين الطائفتين المتقاتلتين من المسلمين. قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9].
3- الصلح بين المسلمين والكفار المتحاربين.
4- الصلح بين المتخاصمين في غير المال.
5- الصلح بين المتخاصمين في المال، وهو المقصود في بحثنا، وهو على نوعين:
أ- الصلح مع الإقرار، وهو على نوعين أيضاً:
1- صلح الإبراء: وهو صلح على جنس الحق المقرِّ به، كأن يقرَّ رشيد لآخر بدين أو عين، ثم يسقط عنه المقَرّ له بعض العين أو الدين، ويأخذ الباقي، فهو إبراء عن بعض الدين بلفظ الصلح. وهذا جائز بشرط أن يكون صاحب الحق ممن يصح تبرعه، وألا يكون مشروطاً في الإقرار.
2- صلح المعاوضة: وهو أن يصالح عن الحق المقرِّ به بغير جنسه، كما لو اعترف له بدين أو عين ثم تصالحا على أخذ العوض من غير جنسه. فهذا حكمه حكم البيع، وإن وقع على منفعة فحكمه حكم الإجارة.
ب- الصلح مع الإنكار، وهو أن يدَّعي شخص على آخر بعين له عنده أو بدين في ذمته، فينكرُ المدَّعى عليه، أو يسكت وهو يجهل المدعى به، ثم يصالح المدعي عن دعواه بمال حال أو مؤجل؛ فيصح الصلح في هذه الحالة، إذا كان المنكر معتقداً بطلان الدعوى، فيدفع المال؛ دفعا للخصومة عن نفسه، وافتداءً ليمينه، والمدَّعي يعتقد صحة الدعوى، فيأخذ المال عوضاً عن حقه الثابت.

.المسألة الثالثة: في الأحكام المتعلقة بالصلح:
1- يصحُّ الصلح عن الحق المجهول، وهو ما تعذَّر علمه من دين أو عين، كأن يكون بين شخصين معاملة وحساب مضى عليه زمن، ولا علم لواحد منهما بما عليه لصاحبه.
2- يصح الصلح عن كل ما يجوز أخذ العوض عنه، كالصلح عن القصاص بالدية المحددة شرعا، أو أقل، أو أكثر.
3- لا يصح الصلح عن كل ما لا يجوز أخذ العوض عنه، كالصلح عن الحدود، لأنها شرعت للزجر.

.الباب السابع عشر: المسابقة:
وفيه مسائل:

.المسألة الأولى: معناها، وحكمها:
1- معناها: السبَقُ ما يتراهن عليه المتسابقون في الخيل، والإبل، وفى النضال، فمن سبق أخذه.
والمسابقة هي المجاراة بين الحيوان وغيره. والمناضلة والنضال: المسابقة بالرمي بالسهام ونحوها.
2- حكمها وأدلتها: والمسابقة جائزة بالكتاب، والسنة، والإجماع.
أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60]. ومن السنة: ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما: «أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سابق بين الخيل المُضَمرة من الحفياء إلى ثنية الوداع، وبين التي لم تضمر من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق»، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا سَبَقَ إلا في خُف أو نَصْل أو حَافرٍ». والخف: البعير، والنصل: السهم ذو النصل، والحافر: الفرس.
وقد أجمع المسلمون على جواز المسابقة في الجملة.

.المسألة الثانية: الأحكام المتعلقة بها:
1- تجوز المسابقة على الخيل، وغيرها من الدوابِّ والمراكب، وعلى الأقدام، وكذا الترامي بالسهام، واستعمال الأسلحة.
2- تجوز المسابقة على عوض في الإبل، والخيل، والسهام؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا سَبَقَ إلا في خف أو نصل أو حافر».
3- كل ما يترتب عليه مصلحة شرعية، كالتدرب على الجهاد، والتدرب على مسائل العلم، فالمسابقة فيه مباحة، ويجوز أخذ العوض عليها.
4- كل ما يُقْصَدُ منه اللعب والمرح الذي لا مضرة منه، مما أباحه الشرع، تجوز فيه المسابقة، بشرط ألا يشغل عن أمور الدين الواجبة كالصلاة ونحوها.
وهذا النوع لا يجوز أخذ العوض عليه.
5- لكل واحد من المتسابقين فسخ المسابقة ما لم يظهر الفضل لصاحبه، فإن ظهر فللفاضل الفسخ دون المفضول.
6- تبطل المسابقة بموت أحد المتسابقين، أو أحد المركوبين.
7- يكره للأمين أو الحضور مدح أحد المتسابقين، أو عيبه.

.المسألة الثالثة: شروط أَخْذِ العِوَض في المسابقة:
1- تعيين الرماة في المناضلة، أو المركوبين في المسابقة، وذلك بالرؤية.
2- اتحاد المراكب في المسابقة، أو القوسين في المناضلة، وذلك بالنوع؛ فلا تصح بين عربي وهجين، ولا بين قوس عربية وفارسية.
3- تحديد المسافة أو الغاية، وذلك إما بالمشاهدة أو بالذَّرْع.
4- أن يكون العوض معلوماً ومباحاً؛ لأنه مال في عقد، فوجب العلم به وإباحته كسائر العقود.
5- أن يكون العوض من غير المتسابقين؛ ليخرج بذلك عن شَبَه القمار، أما إذا كان منهما، أو من أحدهما، فلا تصح المسابقة.

.الباب الثامن عشر: العارية:
وفيه مسائل:

.المسألة الأولى: معناها وأدلة مشروعيتها:
1- معناها: الإعارة: إباحة الانتفاع بالشيء مع بقاء عينه. والعَارِيَّة: هي العين المأخوذة للانتفاع، كأن يستعير إنسانٌ من آخر سيارته ليسافر بها ثم يعيدها إليه.
2- أدلة مشروعيتها: وهي مشروعة مستحبة؛ لعموم قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2].
وقال تعالى: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7]، والمراد ما يستعير الجيران من بعضهم، كالأواني والقدور ونحو ذلك؛ فقد ذَمَّهم الله سبحانه لمنعهم العارية، فدلّ ذلك على أنها مستحبة مندوب إليها. وروى صفوان بن أمية رضي الله عنه: «أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استعار منه أدرعاً يوم حنين». وعن أنس رضي الله عنه: «أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استعار فرساً من أبي طلحة رضي الله عنه».

.المسألة الثانية: شروطها:
1- أن يكون المعير والمستعير أهلاً للتبرع شرعاً، والعينُ المعارة ملكاً للمعير.
2- أن تكون العين المعارة مباحة النفع، فلا تصح الإعارة لغناء ونحوه، ولا تصح استعارة إناء من ذهب أو فضة للشرب فيه، وكذا سائر ما يحرم الانتفاع به شرعاً.
3- أن تبقى العين المعارة بعد الانتفاع بها، فإن كانت من الأعيان التي تستهلك كالطعام، فلا تصح إعارتها.

:
:
:
يتبـــــــع

إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#5

افتراضي رد: ملف كامل في فقه المعاملات الربا ،القرض،الرهن،السلم الكفالة والضمان الو

.المسألة الثالثة: بعض الأحكام المتعلقة بها:
1- لا يجوز للمستعير إعارة العين التي استعارها، لأنه غير مالكٍ لها، وكذا لا يجوز له تأجيرها، إلا إذا أذن المالك في ذلك.
2- أنها أمانةٌ في يد المستعير، يجب أن يحافظ عليها، ويردها سليمة، كما أخذها، فإن تعدى أو فَرط ضمنها.
3- الإعارة عقد غير لازم، فللمعير الرجوع فيه متى شاء، ما لم يضر بالمستعير، فإن أضرَّ به لم يجز الرجوع.
4- تنتهي الإعارة، وترد العارية بأمور:
- مطالبة المالك بذلك، ولو لم يتحقق غرض المستعير منها.
- وبانقضاء الغرض من العين المعارة.
- انقضاء الوقت إذا كانت العارية مؤقتة.
- موت المعير أو المستعير، لبطلان الإعارة بذلك.
5- المستعير في استيفاء النفع كالمستأجر، له أن ينتفع بنفسه، وبمن يقوم مقامه، وذلك لملكه التصرف فيها بإذن مالكها.
.الباب التاسع عشر: إحياء الموات:
وفيه مسائل:
.المسألة الأولى: في معناه وحكمه:
1- معناه: المَوَاتُ لغة: هو ما لا روح فيه، والمراد به الأرض التي لم تعمر ولا مالك لها.
وفي الاصطلاح: هو الأرض المنفكَّة عن الاختصاصات وملك معصوم، فهو الأرض الخراب التي لم يَجْر عليها ملك لأحد، ولم يوجد فيها أثر عمارة. أو وجد فيها أثر ملك وعمارة، ولم يعلم لها مالك.
2- حكمه وأدلته: والأصل فيه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من أحيا أرضاً ميتة فهي له، وليس لعرقٍ ظالمٍ حقٌّ». والعرق الظالم: أن يجيء الرجل إلى أرض قد أحياها غيره، فيغرس فيها، أو يزرع؛ ليستوجب بذلك الأرض.
وقد يكون الإحياء مستحبا لحاجة الناس والدواب ونفعهم؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من أحيا أرضاً ميتة فله فيها أجر، وما أكله العَوَافي فهو له صدقة».
.المسألة الثانية: شروطه وما يحصل به:
يشترط لصحة إحياء الموات شرطان:
1- أنه لم يجر على الأرض ملك مسلم، فإن جرى ذلك حرم التعرض لها بالإحياء إلا بإذن شرعي.
2- أن يكون المحيي مسلماً، فلا يجوز إحياء الكافر مواتاً في دار الإسلام.
ويحصل الإحياء بأمور:
1- إذا أحاطه بحائط منيع مما جرت به العادة فقد أحياه؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من أحاط حائطاً على أرض فهي له».
2- إذا حفر في الأرض الموات بئراً، فوصل إلى الماء، فقد أحياها، وإن لم يصل إلى الماء فهو الأحق من غيره، وكذلك لو حفر فيها نهراً.
3- إذا أوصلَ إلى الأرض الموات ماءً أجراه من عين أو نهر أو غير ذلك، فقد أحياها بذلك.
4- إذا غرس فيها شجراً، وكانت قبل ذلك لا تصلح للغراس، فنقَّاها، وغرسها فقد أحياها.
5- ومن العلماء من قال: إن الإحياء لا يقف عند هذه الأمور، ويرجع فيه إلى العرف، فما عدَّه الناس إحياء فهو إحياء، وما لا يُعَدُّ إحياء فلا يعتبر.
.المسألة الثالثة: بعض الأحكام المتعلقة به:
1- من أحيا شيئاً من أرض الموات فقد ملكه؛ لعموم الأحاديث المتقدمة، ومنها قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من أحيا أرضاً ميتة فهي له».
2- حريم المعمور لا يملك بالإحياء؛ لأن مالك المعمور يستحق مرافقه.
2- لإمام المسلمين إقطاع الأرض الموات لمن يحييها؛ لحديث وائل بن حُجر: «أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقطعه أرضا بحضرموت».
4- يجوز للإمام أن يَحْمِي العشب في أرض الموات لإبل الصدقة وخيل المجاهدين، إذا احتاج إلى ذلك، ولم يكن فيه ضيق أو مضرَّة على المسلمين، وليس ذلك لأحد سوى إمام المسلمين، وهو مشروع للمصلحة العامة، ففي حديث الصعب بن جثامة مرفوعاً: «لا حمى إلا لله ولرسوله». ومعنى حماه: أي جعله حمىً، أي: محظوراً لا يقرب.
.الباب العشرون: الجعالة، وفيه مسألتان:
.المسألة الأولى: معناها وحكمها:
1- معناها: الجِعَالَة: التزام عوض معلوم، على عمل معين، بقطع النظر عن فاعله.
مثاله: أن يقول: مَن وجد سيارتي المفقودة فله ألف ريال.
2- حكمها وأدلتها: وهي من العقود المباحة شرعاً، ويدل عليها قوله تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72].
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن ناساً من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مرّوا بحي من أحياء العرب، فاستضافوهم، فلم يضيفوهم، فَلُدغَ سيِّدُ الحي، فقالوا للصحابة: هل فيكم من راق؟، قالوا: نعم، لكن لا نفعل إلاّ أن تجعلوا لنا جُعْلاً، فجعلوا لهم قطيع شياه، فرَقاه رجل منهم بفاتحة الكتاب فبرأ الرجل، فأتوهم بالشياه، فقالوا: لا نأخذها حتى نسأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما رجعوا سألوه، فقال لهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خذوا منهم، واضربوا لي معكم بسهم».
.المسألة الثانية: الأحكام المتعلقة بها:
ويتعلق بالجعالة الأحكام الآتية:
1- يشترط في الملتزم بالجعل أن يكون صحيح التصرف، وفي العامل أن يكون قادراً على العمل.
2- أن يكون العمل مباحاً، فلا تصحُّ على محرم كغناء، أو صناعة خمر، أو نحوهما.
3- ألا يوقت العمل بوقت محدد، فلو قال: من ردَّ جملي إلى نهاية الأسبوع فله دينار؛ لم يصح.
4- أنها عقد جائز، لكلٍ من الطرفين فسخها، فإن فسخها الجاعل فللعامل أجرة المثل، وإن فسخها العامل فلا شيء له.
.الباب الحادي والعشرون: اللقطة واللقيط:
وفيه مسائل:
.المسألة الأولى: معنى اللقطة وحكمها:
1- معناها: اللُّقَطَةُ لغة: الشيء الملقوط، وهي اسم الشيء الذي تجده مُلقىً فتأخذه.
وفي الشرع: هي أخذ مال محترم من مَضْيَعة؛ ليحفظه، أو ليتملكه بعد التعريف.
3- حكمها وأدلتها: والأصل فيها حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئل عن لقطة الذهب أو الورق (الفضة) فقال: «اعرف وكاءها وعفاصها ثم عَرِّفها سنة فإن لم تعرف فاستنفقها، ولتكن عندك وديعة. فإن جاء طالبها يوما من الدهر فَأَدِّها إليه»، وسأله عن ضالة الإبل فقال: «مالك ولها، دعها فإن معها حذاءها، وسقاءها، تَرِدُ الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها»، وسأله عن الشاة فقال: «خذها فإنما هي لك، أو لأخيك، أو للذئب».
.المسألة الثانية: أقسام اللقطة:
1- ما لا تتبعه همة الناس: كالسوط والرغيف، والثمرة والعصا، وهذا يجوز التقاطه، وللملتقط الانتفاع به، وتملُّكه بلا تعريف.
2- ما يمتنع بنفسه من صغار السباع وغيرها: كالإبل، والخيل، والبقر، والبغال، وهذا يحرم التقاطه ولا يملكه ملتقطه بتعريفه، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث زيد بن خالد المتقدم: «مالك ولها، دعها فإن معها حذاءها، وسقاءها، تَرِد الماء، وتأكل الشجر حتى يجدها ربها».
3- ما يجوز التقاطه، ويلزمُه تعريفه: كالذهب، والفضة، والمتاع، وما لا يمتنع من صغار السباع كالغنم والدجاج ونحوهما، وذلك لحديث زيد بن خالد المتقدم. هذا لمن وثق في نفسه، وقدر على تعريفها.
.المسألة الثالثة: بعض الأحكام المتعلقة بها:
1- إذا كان الملقوط حيواناً مأكولاً، فهو مخير بين أكله ودفع قيمته في الحال، أو بيعه، والاحتفاظ بقيمته لصاحبه بعد معرفة أوصافه، أو حفظه، والإنفاق عليه من ماله، ولا يملكه، ويرجع بنفقته على مالكه إذا جاء واستلمه، وإذا جاء صاحبها قبل أن يأكلها الملتقط فله أخذها.
2- إذا كان الملقوط مما يخشى فساده كالفاكهة، فللملتقط أكله ودفع قيمته لمالكه، أو بيعه وحفظ ثمنه حتى يأتي مالكه.
3- أما النقود والأواني والمتاع فيلزمه حفظ الجميع أمانة بيده والتعريف بها في مجامع الناس.
4- لا يجوز أخذ اللقطة إلا إذا أمن على نفسه منها واستطاع أن يُعَرِّف بها؛ لأن التعريف باللقطة واجب، فإذا التقطها يعرف صفاتها، ثم يعرفها سنة كاملة، وذلك بالمناداة عليها في مجامع الناس، فإن جاء صاحبها ووصفها بما يطابق صفتها دفعها إليه، فإن لم يأت صاحبها بعد تعريفها عاماً كاملاً تكون ملكاً له.
5- الملتقط يتملك اللقطة، بعد تعريفها ومرور الحول، لكن لا يتصرف فيها إلا بعد معرفة أوصافها. فمتى جاء طالبها بما ينطبق على تلك الأوصاف دفعها إليه بلا بينة ولا يمين؛ لأمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك في حديث زيد بن خالد المتقدم.
6- لقطة الصبي والسفيه يتصرف فيها ولي أمرهما، بما سبق بيانه.
7- لقطة الحرم لا تملك بحال، ويجب التعريف بها طول الدهر.
.المسألة الرابعة: في اللقيط:
اللَّقِيط: هو الطفل الذي يوجد منبوذاً في شارع، أو باب مسجد ونحوه، أو يضل عن أهله، ولا يعرف له نسب ولا كفيل.
ولا ينبغي ترك اللقيط، لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] فعموم الآية يدل على وجوب أخذ اللقيط، فالتقاطه والإنفاق عليه فرض على الكفاية، ولأن في أخذه إحياء لنفسه. وما وجد معه من المال فهو له، عملاً بالظاهر، ولأن يده عليه؛ وينفق عليه منه، فإن لم يكن معه مال أنفق عليه من بيت المال.
واللقيط حرٌّ مسلم في جميع أحكامه، إلا إذا وجد ببلد الكفر، فإنه كافر.
ويثبت نسب اللقيط بإقرار من يدعيه ممن يمكن كونه منه، فإن تنازع فيه أكثر من واحد ولا بَيِّنة عرض على القَافَة.
والأحق بحضانة اللقيط واجده، بشرط أن يكون حراً أميناً عدلاً رشيداً، ولا حضانة لكافر ولا فاسق على مسلم.
ويشترط في المُلْتقِط: العقل، والبلوغ، والحرية، والسلام، والعدالة، والرشد. فلا يصح التقاط الصبي، والمجنون، والعبد، والكافر للمسلم، والفاسق والسفيه.
.الباب الثاني والعشرون: الوقف، وفيه مسألتان:
.المسألة الأولى: معناه وحكمه:
1- معناه: الوقف حبسُ عين يمكن الانتفاع بها مع بقائها، تقرباً إلى الله تعالى، فهو: حبس الأصل وتسبيل الثمرة.
مثاله: أن يوقف داراً ويؤجرها، ويصرف الأجرة على المحتاجين، أو المساجد، أو طباعة الكتب الدينية أو نحو ذلك.
2- حكمه وأدلته: وهو من الأعمال المستحبة، والأصل فيه، ما ورد عن عمر رضي الله عنه، أنه أصاب أرضاً بخيبر، فقال: يا رسول الله، أصبتُ أرضاً بخيبر، لم أصب مالاً قط أنفسُ عندي منه، فما تأمرني؟، قال: «إن شئتَ حبست أصلها، وتصدَّقت بها، غير أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث». وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له». فالمقصود بالصدقة الجارية: الوقف.
.المسألة الثانية: الأحكام المتعلقة به:
ويتعلق بالوقف الأحكام الآتية:
1- أن يكون الواقف جائز التصرف، عاقلاً بالغاً حراً رشيداً.
2- كون الوقف مما ينتفع به انتفاعاً دائماً مع بقاء عينه، وأن يُعَيِّنَه.
3- أن يكون الوقف على بِرٍّ ومعروف، كالمساجد، والمساكين، وكتب العلم ونحو ذلك؛ لأنه قربة إلى الله تعالى، فيحرم الوقف

على معابد الكفار، أو لشراء محرم.
4- إذا تعطلت منافع الوقف، ولم يمكن الانتفاع به، فيباع، ويصرف ثمنه في مثله، فإن كان مسجداً صرف ثمنه في مسجد آخر، أو كان داراً بيعت، واشتُري بثمنها دار أخرى؛ لأن ذلك أقرب إلى مقصود الواقف.
5- الوقف عقد لازم، يثبت بمجرد القول، ولا يجوز فسخه، ولا بيعه.
6- أن يكون الموقوف معيناً، فلا يصح وقف غير المعين.
7- أن يكون الوقف منجزاً، فلا يصح الوقف المعلق ولا المؤقت، إلا على موته.
8- يجب العمل بشرط الواقف، إذا كان لا يخالف الشرع.
9- إذا وقف على أولاده استوى فيه الذكور والإناث.
.الباب الثالث والعشرون: الهبة، والعطية:
وفيه مسائل:
.المسألة الأولى: معناها وأدلتها:
1- معناها: الهبة هي التبرع من جائز التصرف في حياته لغيره، بمال معلوم أو غيره، بلا عوض.
2- حكمها وأدلتها: والهبة مستحبة إذا قصد بها وجه الله، كالهبة لصالح، أو فقير، أو صلة رحم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «تهادوا تحابوا». وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقبل الهدية ويثيب عليها». وتكره إن كانت رياءً وسمعة ومباهاة.
.المسألة الثانية: شروط الهبة:
ويتعلق بالهبة الأحكام الآتية:
1- أن تكون من جائز التصرف، وهو الحر المكلف الرشيد.
2- أن يكون الواهب مختاراً، فلا تصح من المكره.
3- أن يكون الموهوب مما يصح بيعه، فما لا يصح بيعه لا تصح هبته، مثل: الخمر، والخنزير.
4- أن يقبل الموهوب له الشيء الموهوب، لأن الهبة عقد تمليك فافتقر إلى الإيجاب والقبول.
5- أن تكون الهبة حالَّة منجزة، فلا تصح الهبة المؤقتة، مثل: وهبتك هذا شهراً أو سنة؛ لأن الهبة عقد تمليك، فلا تصح مؤقتة.
6- أن تكون بغير عوض، لأنها تبرع محض.
.المسألة الثالثة: بعض الأحكام المتعلقة بها:
ويتعلق بالهبة الأحكام الآتية:
1- تلزم الهبة إذا قبضها الموهوب له بإذن الواهب، وليس للواهب الرجوع فيها لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه». إلا إذا كان أباً، فإن له الرجوع فيما وهبه لابنه، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده».
2- يجب على الأب المساواة بين أبنائه في الهبة، فلو خصَّ بعضهم بها، أو فاضل بينهم في العطاء دون رضاهم لم يصح ذلك، وإن رضوا صحت الهبة؛ وذلك لحديث النعمان بن بشير رضي الله عنه: أنَّ أباه تصدق عليه ببعض ماله، فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أكلَّ ولدك أعطيتَ مثله؟» قال: لا، قال: «فاتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم» وفي رواية: «لا تشهدني على جور».
3- إذا فاضل الأب في مرض موته بين أبنائه، أو خَصَّ أحدهم بعطية دون الآخرين، لم يصح إلا إذا أجاز ذلك بقية الورثة.
4- تصح الهبة المعلقة، كأن يقول: إذا قدم المسافر، أو نزل المطر، وهبتك كذا.
5- تصح هبة الدين لمن هو في ذمته، ويعتبر ذلك إبراء له.
6- لا ينبغي ردُّ الهبة والهدية، وإن قَلَّتْ، وتسنُّ الإثابة عليها؛ لفعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقبل الهدية، ويثيب عليها».

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
من كتاب الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة
أسهم في إعداد هذا الكتاب مجموعة من الأساتذة المتخصصين في الفقه، وهم:
1- الأستاذ الدكتور عبد العزيز مبروك الأحمدي.
2- الأستاذ الدكتور عبد الكريم بن صنيتان العمري.
3- الأستاذ الدكتور عبد الله بن فهد الشريف.
4- الأستاذ الدكتور فيحان بن شالي المطيري.
- قام بمراجعته: الأستاذ الدكتور علي بن محمد ناصر الفقيهي، والدكتور جمال بن محمد السيد.
- قدم له: معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله -


رد: ملف كامل في فقه المعاملات  الربا ،القرض،الرهن،السلم الكفالة والضمان الو

إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#6

افتراضي رد: ملف كامل في فقه المعاملات الربا ،القرض،الرهن،السلم الكفالة والضمان الو

جزاكِ الله خيراً
إظهار التوقيع
توقيع : النجمة الذهبية


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
لكل عروسه من اميرات المنتدى ترتيبات الفرح خطوه بخطوه معاكى ملف كامل دوما لك الحمد نصائح وترتيبات
حلقات الشيخ مشاري الخراز ( كيف تتلذذ بالصلاة ) الجزء الاول والجزء الثاني جودات عالية جدا المهاجرة صوتيات ومرئيات اسلامية
من فقه البر وغارت الحوراء فتاوي وفقه المرأة المسلمة
أكل الربا اماني 2011 المنتدي الاسلامي العام


الساعة الآن 08:40 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل