أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي ثمار الرضا

ثمار الرضا






الخطبة الأولى



يعيش الناس في هذه الحياة الدنيا في أحوال مختلفة بين سعادة وشقاء، ويُسْر وعُسْر، وفرح وحُزن، وصفاء وكدر.

هكذا هي الحياة وهكذا أرادها الله - عز وجل - مد وجزر، حل وترحال، لقاء وفراق، بداية ونهاية، قال تعالى: ﴿ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [آل عمران: 140].

ثمانيةٌ لابدَّ منها على الفتى ثمار الرضا
ولابد أنْ تجري عليه الثمانية ثمار الرضا
سرورٌ وهمٌّ، واجتماعٌ وفُرقة ثمار الرضا
ويُسرٌ وعُسرٌ، ثم سُقْمٌ وعافية



إنَّ الرضا له فضائل عظيمة، فمن أهمها:
1- الرضا سببٌ لمغفرة الذنوب: كما جاء في الحديث: «مَنْ قَالَ - حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا؛ غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ» رواه مسلم.
2- الرضا سببٌ لوجوب الجنة لصاحبه: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَا أَبَا سَعِيدٍ! مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا؛ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» رواه مسلم.
3- الرضا سببٌ لنيل رِضوان الله الأبدي: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ! فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ. فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لاَ نَرْضَى، وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ. فَيَقُولُ: أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالُوا: يَا رَبِّ! وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا» رواه البخاري ومسلم.
4- الراضي بقضاء اللهِ أغنَى الناس: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اتَّقِ الْمَحَارِمَ؛ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ. وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ؛ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ» حسن - رواه الترمذي.




5- الرَّاضي يتذوَّق طعمَ الإيمان: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ؛ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً» رواه مسلم.


أيها الإخوة الكرام.. إنَّ كثيراً من الهموم والضغوط النفسية - التي تنعكس سلباً على صحة الإنسان وحياته - سببها عدم الرضا، فمَنْ حُرِمَ لذَّةَ الإيمان ونعيمَ الرضا؛ فهو في قلقٍ واضطراب، وشقاءٍ وعذاب، وخصوصاً حينما يَحِلُّ به بلاء، أو تنزل به مصيبة، فتسْوَدُّ الحياة في عينيه، وتُظلِم الدنيا في وجهه، وتَضيقُ عليه الأرض بما رَحُبَت، ويأتيه الشيطان ليوسوس له: أنه لا خلاص من همومه وأحزانه إلاَّ بالانتحار.
وها هي حوادث الانتحار تزداد نسبتُها، ويتفاقم خطرُها؛ وخصوصاً في البلاد التي انحسر عنها ظلُّ الإِسلام، وخبا فيها نورُ الإِيمان، وهم الذين عَنَاهم الله تعالى بقوله: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124].
وأمَّا مَنْ رضي بالله تعالى رباً؛ وَجَدَ حلاوةً في الرضا بالقضاء والقدر. ومَنْ رضي بالإسلام ديناً؛ وَجَدَ حلاوةً في اتباع الشريعة، والعملِ بها، والتحاكمِ إليها. ومَنْ رضي بالنبي صلى الله عليه وسلم رسولاً؛ وَجَدَ حلاوةً في اتباع سنته، والتزام هديه.
فَلَيْتَكَ تَحْلُو، وَالحَيَاةُ مَرِيرَةٌ ثمار الرضا

وَلَيْتَكَ تَرْضَى، وَالأَنَامُ غِضَابُ ثمار الرضا

وَلَيْتَ الذي بَيْني وَبَيْنَكَ عَامِرٌ ثمار الرضا

وبيني وبينَ العالمينَ خرابُ ثمار الرضا

إذا صَح مِنْكَ الوِدُّ فالكلُّ هَيِّنٌ ثمار الرضا

وكُلُّ الذي فَوقَ التُّرابِ تُراب ثمار الرضا



ومن أعظم نماذج الرضا بالقضاء: لَمَّا رَحَل إبراهيم - عليه السلام - بزوجه هاجر وولده إسماعيل إلى مكة المُقفرةِ من الماء والزرع، الخاليةِ من الأحياء، ثم تَرَكَهما، وتوجَّه نحو الشام تعلَّقت به، ونادته من ورائه: «يَا إِبْرَاهِيمُ! إلى مَنْ تَتْرُكُنَا؟ قال: إلى اللَّهِ، قالت: رَضِيتُ بِاللَّهِ» رواه البخاري.
وفي رواية: «قَالَتْ لَهُ: آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ: إِذًا لاَ يُضَيِّعُنَا» رواه البخاري. فأكرمها الله تعالى على رضاها به؛ أنْ جعل ابنَها إسماعيل - عليه السلام - رسولاً نبياً، وأعظمُ كرامة نالتها في الدنيا؛ أنْ جعل من نسلها إمامَ المرسلين، وخاتَمَ النبيين، محمداً صلى الله عليه وسلم.




الخطبة الثانية
الحمد لله... عباد الله.. الرضا له ثمار طيبة ونافعة في الدنيا والآخرة، فمن أهمها:
1- الرضا فيه السلامة من الاعتراض على أحكام الله الشرعية وأقداره الكونية: فإنَّ أول معصية عُصِيَ اللهُ بها في هذا العالم؛ إنما نشأت من عدم الرضا. فإبليس لم يرض بِحُكم الله الكوني؛ من تفضيل آدم وتكريمه، ولا بِحُكمه الشرعي؛ من أمره بالسجود لآدم، فكان جزاؤه أنْ طُرِدَ من الجنة.
2- الرضا يورث حُسنَ ظنِّ العبد بربِّه: لعِلْمِه أنَّ الله تعالى لا يقضي قضاءً إلاَّ وفيه تمام العدل والرحمة والحكمة.
3- الرضا يغرس الحقائقَ الإيمانيةَ في القلوب: كالاستعانة بالله تعالى، والتوكل عليه، والاستغاثة، والخشية، والإنابة، ونحوها.
4- الرضا يُحقِّق الأمن النفسي لصاحبه: فهو يُزِيل الهمومَ، ويُخَفِّف المآسي.
5- الرضا سببٌ لسلامة صدورنا، ونقاءِ قلوبنا: فيجعل القلبَ سليماً، نقيًّا من الغش والحقد، والحسد والشحناء؛ لأنه يوقن بحكمة الله ورحمته في كُلِّ أقضيته الكونيةِ والشرعية، يعلم أنَّ لله تعالى الحِكمةَ البالغة في إعطاء مَنْ يشاء، ومنعِ مَنْ يشاء، وإعزازِ مَنْ يشاء، وإذلال مَنْ يشاء.
6- الرضا يُخلِّصُنا من الأزمات النفسية: لأنه طاردٌ للقلق والضجر؛ عند فوات مُرادٍ، أو حصول مكروه.
7- الرضا يُورِثنا الاتزان في السراء والضراء: فيجعل المسلم يمضي في حياته على منهج سواء، لا تُبطره نعمة، ولا تُيَئِّسُه مصيبة.
8- الرضا يُحوِّل المِحَنَ إلى مِنَح، والمصائبَ إلى أجور: قال تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [التغابن:11]. ومعنى الآية: أنَّ من أصابته مصيبة، فعَلِمَ أنها بقدر الله، فصبر واحتسب، واستسلم لقضاء الله، ورضي به؛ هدى اللهُ قلبَه، وعوَّضه عمَّا فاته خيراً في الدنيا والآخرة.
9- الرضا يُثمر القناعةَ وعِزَّةَ النفس: فالمؤمن يعلم أنَّ رزقه مكتوب، وأنه لن يموت حتى يستوفيَ رِزقَه، وأنَّ العباد مهما حاولوا إيصال الرزق له، أو منعه عنه فلن يستطيعوا إلاَّ بشيء قد كتبه الله، فينبعث بذلك إلى القناعة وعِزَّةِ النفس، وتركِ التكالب على الدنيا، وقطعِ الطمع مما في أيدي الناس.
10- الرضا يُوجب التواضع: فإذا رَزَقَ اللهُ المؤمنَ مالاً أو جاهاً أو علماً، أو غيرَ ذلك تواضَعَ لله؛ لأنَّ ما به من نعمة فمن الله، ولو شاء لانتزعها منه.
11- الرضا يُثمر الشكر: وهو أعلى مقامات الإيمان، بل هو حقيقة الإيمان، فإنَّ غاية العبادة هي شُكْر المولى، ولا يشكر اللهَ مَنْ لا يرضى بمواهبه وأحكامِه، وصُنعِه وتدبيره، وأخْذِه وعَطائِه، فالشاكر أنعَمُ الناس بالاً، وأحسنهم حالاً.
12- الرضا فيه مُحاربةٌ لليأس: فالذي لا يرضى بما قدَّره الله عليه؛ رُبَّما يصيبه اليأس والقنوط، فإذا أُصيب بِبَليَّة ظنَّ أنها قاصمةٌ لظهره، فاليأس سُمٌّ قاتل، وسِجن مُظلم، يصد النفس عن الخير، ولا يزال بالإنسان حتى يُهْلِكَه أو يُنَغِّصَ عليه حياته.
أمَّا الراضي بقضاء الله تعالى فاليأس ليس في قاموسه، ولا تراه إلاَّ متفائلاً في جميع أحواله، منتظراً الفرج من ربه.

د. محمود بن أحمد الدوسري

شبكة الألوكة



ثمار الرضا






#2

افتراضي رد: ثمار الرضا

بارك الله فيكِ

إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
الفرق بين الرضا والصبر امانى يسرى المنتدي الاسلامي العام
فوائد الأناناس | 19 فائدة للاناناس مؤكدة علمياً حياه الروح 5 الطب البديل
حكم واقوال عن الرضا2024,اجمل ما قيل عن الرضا2024,صور الرضا بقضاء الله2024 جنا حبيبة ماما حكم واقـوال
قالوا عن الرضا بالقضاء والقدر امانى يسرى العقيدة الإسلامية
ثمار اللوز Almond ريموووو الطب البديل


الساعة الآن 03:30 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل