أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي تفسير الشعراوي للآية 51 من سورة المائدة


تفسير الشعراوي للآية 51 من سورة المائدة


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(51)}.


نلاحظ أن الخطاب هنا للذين آمنوا. والمنهي عنه هو اتخاذ اليهود والنصارى أولياء.
ما معنى الوليّ؟.
الوليّ هو الناصر وهو المعين. وهذا القول مأخوذ من ولي يلي؛ أي يقف في جانبه. ونسمي الذي ينوب عن المرأة في عقد النكاح (الوليّ). وكذلك (وليّ المقتول). والمراد هو: يا من آمنتم لاحظوا تماماً أنكم أصحاب مهمة وهي أن تخرجوا الضلالات من البشر، هذه الضلالات تمثلت في تحريف ديانات كان أصلها الهدى فصارت إلى ضلال، فإياكم أن تضعوا أيديكم لطلب المعونة والنصرة.


إذن قوله الحق: {لاَ تَتَّخِذُواْ اليهود والنصارى أَوْلِيَآءَ} هو حكم تكليفي. وحيثية الإيمان بالله. فما دمت قد آمنت بالله فكل من تقدح أنت في إيمانه بمخالفته لمنهج ربه لا يصح أن يكون مؤتمناًَ على نصرتك؛ لأنه لم يكن أميناً على ما معه فهل تتوقع منه أن يعينك على الأمانة التي معك لا؛ لأنه لم يكن أميناً على ما نزل عليه من منهج، والولاية نصرة، والنصرة انفعال الناصر لمساعدة المنصور. وهل تجد فيهم انفعالاً لك ينصرك ويعينك، أو يتظاهرون بنصرتك، ولتعلموا أنهم سيفعلون ما قاله الحق: {لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً} [التوبة: 47].


إنهم لو دخلوا في صفوفكم لفعلوا فيكم مثلما يفعل المنافقون، فما بالنا بالذين خانوا أمانة الكتب المنزلة عليهم؟ إذن فالموالاة والنصرة والمعونة يجب أن تكون من متحد معك في الغاية العليا. وما دام هناك من يختلف مع الإسلام في الغاية العليا وهي الإيمان فلا يصح أن يأمنه المسلم. وسبحانه يقول: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ}.


وقد يتساءل الإنسان: كيف يقول الحق فيهم: {وَقَالَتِ اليهود لَيْسَتِ النصارى على شَيْءٍ} [البقرة: 113].


ويقول جل شأنه: {كَذَلِكَ قَالَ الذين لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ} [البقرة: 113].


نحن- إذن- أمام ثلاثة أقسام؛ يهود، ونصارى، ومشركون، وقد قال مشركو قريش مثل قول أهل الكتاب بشقيهم برغم أنهم في خلاف متضارب وكل منهم ينكر الآخر، وسبحانه قال: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ العداوة} [المائدة: 14].


فكيف من بعد ذلك يقول سبحانه: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ}؟
وهذا أمر يحتاج إلى وقفة إيمان لنرى الصورة كاملة، ونعلم أن الذين يخالفون منهج الحق قد يصح أن يكون بينهم خلاف على السلطات الزمنية، لكنهم عندما يواجهون عملاقاً قادراً على دحر كل بنيان أكاذيبهم يتفقون معاً. وهذا ما نراه في الواقع الحياتي: معسكر الشرق- الذي كان- يعادي معسكر الغرب، ولكن ما إن يجيء شيء يتصل بالإسلام حتى يتفقوا معاً على الرغم من هزيمة المعسكر الشرقي؛ لأن الإسلام بمنهجه خطر على هؤلاء وهؤلاء وعلى سلطاتهم ولكنه في الحقيقة رحمة بهم إنه يخرجهم من الظلمات إلى النور وهم يتصرفون في ضوء ما قاله الحق: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ}.


وعندما ينفرد كل منهم بالآخر فإنه ينطبق عليهم قول الحق:
{فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ العداوة والبغضآء} [المائدة: 14].


هكذا نفهم طبيعة العلاقات بين أعداء الإسلام.


ويقول الحق: {وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} أي أن من يتخذهم نصراء ومعينين فلابد أنّه يقع في شرك النفاق؛ لأنه سيكون مع المسلمين بلسانه ومع أعداء الإسلام بقلبه.


ويذيل الحق الآية بقوله: {إِنَّ الله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين} ونعرف أن الظلم هو نقل حق إلى غير صاحبه، وأعلى مراتب الظلم هو الشرك بالله، وهو الظلم العظيم؛ فالحق يقول: {إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13].


ذلك أن الإنسان حين يظلم إنساناً آخر ويأخذ منه شيئاً ليعطيه لآخر فهل هناك إنسان يقدر على أن يأخذ من الله شيئاً؟ لا، فالإنسان لا يستطيع أن يظلم الله، لكنه ينال عقوبة الشرك وهذا ظلم خائب للنفس والذي يشرك بالله لا يأخذ إلا الخسار، وذلك هو كل الخيبة.


لأن الظلم حينما يحقق للظالم فهو ظلم هين، ولكن الظلم العظيم هو أن يشرك إنسان بالله ولا يأخذ إلا العقاب الصارم. فإذا كان المشرك يتأبّى على منهج الله في الأشياء فهل يجرؤ على أن يتأبّى على قدريات الله غير الاختيارية فيه كالموت مثلاً؟.


والحق يأمر الإنسان بالإيمان. ومتعلقات الإيمان من شهادة بوحدانيته وإيمان برسله وكتبه واليوم الآخر وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا. والمشرك يتأبّى على الإيمان والتكاليف فهل يجرؤ على التأبي على المرض أو الموت؟. لا؛ لذلك فهو يظلم نفسه ظلماً خائباً. والحق سبحانه لا يهديه؛ لأن معنى الهداية هو أن يجد الإنسان من يدله على الطريق الموصل للغاية. فهداه أي دلّه على الطريق الموصل للغاية. ولا يتجنّى سبحانه على خلقه فلا يهديهم، بل الذين ظلموا أنفسهم ولم يؤمنوا هم الذين لا ينالون عناية الحق سبحانه وتعالى باختيارهم.







تفسير الشعراوي للآية 51 من سورة المائدة



#2

افتراضي رد: تفسير الشعراوي للآية 51 من سورة المائدة

جزاكي الله خيرا حبيبتي

إظهار التوقيع
توقيع : حياه الروح 5


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
مفاهيم سور القران الكريم الاميرة 1 القرآن الكريم
القران الكريم كاملاً بصوت السديس .mp3 - استماع وتحميل Admin القرآن الكريم
القران الكريم كاملاً بصوت الحصري 2025 .mp3 - استماع وتحميل Admin القرآن الكريم
مصحف الشيخ ماهر المعيقلي كاملاً بجودة عالية mp3 عاشقة الفردوس القرآن الكريم
تحميل القرآن الكريم كاملاً لمشارى راشد mp3 حبيبة أبوها القرآن الكريم


الساعة الآن 12:33 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل