أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي حتى لاتكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير تفسيرالكهف من45:59

حتى لاتكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير تفسيرالكهف من45:59

۞حتى لاتكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير
تفسيرالكهف من45:59





حتى لاتكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير تفسيرالكهف من45:59

وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ( 45 ) .
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أصلا ولمن قام بوراثته بعده تبعا: اضرب للناس مثل الحياة الدنيا ليتصوروها حق التصور، ويعرفوا ظاهرها وباطنها، فيقيسوا بينها وبين الدار الباقية، ويؤثروا أيهما أولى بالإيثار. وأن مثل هذه الحياة الدنيا، كمثل المطر، ينزل على الأرض، فيختلط نباتها، تنبت من كل زوج بهيج، فبينا زهرتها وزخرفها تسر الناظرين، وتفرح المتفرجين، وتأخذ بعيون الغافلين، إذ أصبحت هشيما تذروه الرياح، فذهب ذلك النبات الناضر، والزهر الزاهر، والمنظر البهي، فأصبحت الأرض غبراء ترابا، قد انحرف عنها النظر، وصدف عنها البصر، وأوحشت القلب، كذلك هذه الدنيا، بينما صاحبها قد أعجب بشبابه، وفاق فيها على أقرانه وأترابه، وحصل درهمها ودينارها، واقتطف من لذته أزهارها، وخاض في الشهوات في جميع أوقاته، وظن أنه لا يزال فيها سائر أيامه، إذ أصابه الموت أو التلف لماله، فذهب عنه سروره، وزالت لذته وحبوره، واستوحش قلبه من الآلام وفارق شبابه وقوته وماله، وانفرد بصالح، أو سيئ أعماله، هنالك يعض الظالم على يديه، حين يعلم حقيقة ما هو عليه، ويتمنى العود إلى الدنيا، لا ليستكمل الشهوات، بل ليستدرك ما فرط منه من الغفلات، بالتوبة والأعمال الصالحات، فالعاقل الجازم الموفق، يعرض على نفسه هذه الحالة، ويقول لنفسه: قدري أنك قد مت، ولا بد أن تموتي، فأي: الحالتين تختارين؟ الاغترار بزخرف هذه الدار، والتمتع بها كتمتع الأنعام السارحة، أم العمل، لدار أكلها دائم وظلها، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين؟ فبهذا يعرف توفيق العبد من خذلانه، وربحه من خسرانه.

الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا ( 46 ) .
ولهذا أخبر تعالى أن المال والبنين، زينة الحياة الدنيا، أي: ليس وراء ذلك شيء، وأن الذي يبقى للإنسان وينفعه ويسره، الباقيات الصالحات، وهذا يشمل جميع الطاعات الواجبة والمستحبة من حقوق الله، وحقوق عباده، من صلاة، وزكاة، وصدقة، وحج، وعمرة، وتسبيح، وتحميد، وتهليل، وتكبير، وقراءة، وطلب علم نافع، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر، وصلة رحم، وبر والدين، وقيام بحق الزوجات، والمماليك، والبهائم، وجميع وجوه الإحسان إلى الخلق، كل هذا من الباقيات الصالحات، فهذه خير عند الله ثوابا وخير أملا فثوابها يبقى، ويتضاعف على الآباد، ويؤمل أجرها وبرها ونفعها عند الحاجة، فهذه التي ينبغي أن يتنافس بها المتنافسون، ويستبق إليها العاملون، ويجد في تحصيلها المجتهدون، وتأمل كيف لما ضرب الله مثل الدنيا وحالها واضمحلالها ذكر أن الذي فيها نوعان: نوع من زينتها، يتمتع به قليلا ثم يزول بلا فائدة تعود لصاحبه، بل ربما لحقته مضرته وهو المال والبنون ونوع يبقى وينفع صاحبه على الدوام، وهي الباقيات الصالحات.
وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ( 47 ) وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا ( 48 ) وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ( 49 ) .
يخبر تعالى عن حال يوم القيامة، وما فيه من الأهوال المقلقة، والشدائد المزعجة فقال: ( وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ ) أي: يزيلها عن أماكنها، يجعلها كثيبا، ثم يجعلها كالعهن المنفوش، ثم تضمحل وتتلاشى، وتكون هباء منبثا، وتبرز الأرض فتصير قاعا صفصفا، لا عوج فيه ولا أمتا، ويحشر الله جميع الخلق على تلك الأرض، فلا يغادر منهم أحدا، بل يجمع الأولين والآخرين، من بطون الفلوات، وقعور البحار، ويجمعهم بعدما تفرقوا، ويعيدهم بعد ما تمزقوا، خلقا جديدا، فيعرضون عليه صفا ليستعرضهم وينظر في أعمالهم، ويحكم فيهم بحكمه العدل، الذي لا جور فيه ولا ظلم، ويقول لهم: ( لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ) أي: بلا مال، ولا أهل، ولا عشيرة، ما معهم إلا الأعمال، التي عملوها، والمكاسب في الخير والشر، التي كسبوها كما قال تعالى: وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ وقال هنا، مخاطبا للمنكرين للبعث، وقد شاهدوه عيانا: ( بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا ) أي: أنكرتم الجزاء على الأعمال، ووعد الله ووعيده، فها قد رأيتموه وذقتموه، فحينئذ تحضر كتب الأعمال التي كتبتها الملائكة الكرام فتطير لها القلوب، وتعظم من وقعها الكروب، وتكاد لها الصم الصلاب تذوب، ويشفق منها المجرمون، فإذا رأوها مسطرة عليهم أعمالهم، محصى عليهم أقوالهم وأفعالهم، قالوا: ( يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا ) أي: لا يترك خطيئة صغيرة ولا كبيرة، إلا وهي مكتوبة فيه، محفوظة لم ينس منها عمل سر ولا علانية، ولا ليل ولا نهار، ( وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ) لا يقدرون على إنكاره ( وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ) فحينئذ يجازون بها، ويقررون بها، ويخزون، ويحق عليهم العذاب، ذلك بما قدمت أيديهم وأن الله ليس بظلام للعبيد، بل هم غير خارجين عن عدله وفضله.
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا ( 50 ) .
يخبر تعالى، عن عداوة إبليس لآدم وذريته، وأن الله أمر الملائكة بالسجود لآدم، إكراما وتعظيما، وامتثالا لأمر الله، فامتثلوا ذلك ( إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ) وقال: أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا وقال: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ فتبين بهذا عداوته لله ولأبيكم ولكم، فكيف تتخذونه وذريته أي: الشياطين ( أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا ) أي: بئس ما اختاروا لأنفسهم من ولاية الشيطان، الذي لا يأمرهم إلا بالفحشاء والمنكر عن ولاية الرحمن، الذي كل السعادة والفلاح والسرور في ولايته. وفي هذه الآية، الحث على اتخاذ الشيطان عدوا، والإغراء بذلك، وذكر السبب الموجب لذلك، وأنه لا يفعل ذلك إلا ظالم، وأي: ظلم أعظم من ظلم من اتخذ عدوه الحقيقي وليا، وترك الولي الحميد؟ « .
» قال تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ وقال تعالى: إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ( 51 ) وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا ( 52 ) .
يقول تعالى: ما أشهدت الشياطين [ وهؤلاء المضلين ] ، خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم أي: ما أحضرتهم ذلك، ولا شاورتهم عليه، فكيف يكونون خالقين لشيء من ذلك؟! بل المنفرد بالخلق والتدبير، والحكمة والتقدير، هو الله، خالق الأشياء كلها، المتصرف فيها بحكمته، فكيف يجعل له شركاء من الشياطين، يوالون ويطاعون، كما يطاع الله، وهم لم يخلقوا ولم يشهدوا خلقا، ولم يعاونوا الله تعالى؟! ولهذا قال: ( وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ) أي: معاونين، مظاهرين لله على شأن من الشئون، أي: ما ينبغي ولا يليق بالله، أن يجعل لهم قسطا من التدبير، لأنهم ساعون في إضلال الخلق والعداوة لربهم، فاللائق أن يقصيهم ولا يدنيهم.
ولما ذكر حال من أشرك به في الدنيا، وأبطل هذا الشرك غاية الإبطال، وحكم بجهل صاحبه وسفهه، أخبر عن حالهم مع شركائهم يوم القيامة، وأن الله يقول لهم: ( نَادُوا شُرَكَائِيَ ) بزعمكم أي: على موجب زعمكم الفاسد، وإلا فبالحقيقة ليس لله شريك في الأرض، ولا في السماء، أي: نادوهم، لينفعوكم، ويخلصوكم من الشدائد، ( فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ ) لأن الحكم والملك يومئذ لله، لا أحد يملك مثقال ذرة من النفع لنفسه ولا لغيره.
( وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ ) أي: بين المشركين وشركائهم ( مَوْبِقًا ) أي، مهلكا، يفرق بينهم وبينهم، ويبعد بعضهم من بعض، ويتبين حينئذ عداوة الشركاء لشركائهم، وكفرهم بهم، وتبريهم منهم، كما قال تعالى وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ
وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا ( 53 ) .
أي: لما كان يوم القيامة وحصل من الحساب ما حصل، وتميز كل فريق من الخلق بأعمالهم، وحقت كلمة العذاب على المجرمين، فرأوا جهنم قبل دخولها، فانزعجوا واشتد قلقهم لظنهم أنهم مواقعوها، وهذا الظن قال المفسرون: إنه بمعنى اليقين، فأيقنوا أنهم داخلوها ( وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا ) أي: معدلا يعدلون إليه، ولا شافع لهم من دون إذنه، وفي هذا من التخويف والترهيب، ما ترعد له الأفئدة والقلوب.

وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا ( 54 ) .
يخبر الله تعالى عن عظمة القرآن، وجلالته، وعمومه، وأنه صرف فيه من كل مثل، أي: من كل طريق موصل إلى العلوم النافعة، والسعادة الأبدية، وكل طريق يعصم من الشر والهلاك، ففيه أمثال الحلال والحرام، وجزاء الأعمال، والترغيب والترهيب، والأخبار الصادقة النافعة للقلوب، اعتقادا، وطمأنينة، ونورا، وهذا مما يوجب التسليم لهذا القرآن وتلقيه بالانقياد والطاعة، وعدم المنازعة له في أمر من الأمور، ومع ذلك، كان كثير من الناس يجادلون في الحق بعد ما تبين، ويجادلون بالباطل لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ولهذا قال: ( وَكَانَ الإنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا ) أي: مجادلة ومنازعة فيه، مع أن ذلك، غير لائق بهم، ولا عدل منهم، والذي أوجب له ذلك وعدم الإيمان بالله، إنما هو الظلم والعناد، لا لقصور في بيانه وحجته، وبرهانه، وإلا فلو جاءهم العذاب، وجاءهم ما جاء قبلهم، لم تكن هذه حالهم، ولهذا قال:
وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلا ( 55 ) .
أي: ما منع الناس من الإيمان، والحال أن الهدى الذي يحصل به الفرق، بين الهدى والضلال، والحق والباطل، قد وصل إليهم، وقامت عليهم حجة الله، فلم يمنعهم عدم البيان، بل منعهم الظلم والعدوان، عن الإيمان، فلم يبق إلا أن تأتيهم سنة الله، وعادته في الأولين من أنهم إذا لم يؤمنوا، عوجلوا بالعذاب، أو يرون العذاب قد أقبل عليهم، ورأوه مقابلة ومعاينة، أي: فليخافوا من ذلك، وليتوبوا من كفرهم، قبل أن يكون العذاب الذي لا مرد له.
وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا ( 56 ) .
أي: لم نرسل الرسل عبثا، ولا ليتخذهم الناس أربابا، ولا ليدعوا إلى أنفسهم، بل أرسلناهم يدعون الناس إلى كل خير، وينهون عن كل شر، ويبشرونهم على امتثال ذلك بالثواب العاجل والأجل، وينذرونهم على معصية ذلك بالعقاب العاجل والآجل، فقامت بذلك حجة الله على العباد، ومع ذلك يأبى الظالمون الكافرون، إلا المجادلة بالباطل، ليدحضوا به الحق، فسعوا في نصر الباطل مهما أمكنهم، وفي دحض الحق وإبطاله، واستهزءوا برسل الله وآياته، وفرحوا بما عندهم من العلم، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، ويظهر الحق على الباطل بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ومن حكمة الله ورحمته، أن تقييضه المبطلين المجادلين الحق بالباطل، من أعظم الأسباب إلى وضوح الحق وتبين شواهده وأدلته، وتبين الباطل وفساده، فبضدها تتبين الأشياء.
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ( 57 ) وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلا ( 58 ) وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ( 59 ) .
يخبر تعالى أنه لا أعظم ظلما، ولا أكبر جرما، من عبد ذكر بآيات الله وبين له الحق من الباطل، والهدى من الضلال، وخوف ورهب ورغب، فأعرض عنها، فلم يتذكر بما ذكر به، ولم يرجع عما كان عليه، ونسى ما قدمت يداه من الذنوب، ولم يراقب علام الغيوب، فهذا أعظم ظلما من المعرض الذي لم تأته آيات الله ولم يذكر بها، وإن كان ظالما، فإنه أخف ظلما من هذا، لكون العاصي على بصيرة وعلم، أعظم ممن ليس كذلك، ولكن الله تعالى عاقبه بسبب إعراضه عن آياته، ونسيانه لذنوبه، ورضاه لنفسه، حالة الشر مع علمه بها، أن سد عليه أبواب الهداية بأن جعل على قلبه أكنة، أي: أغطية محكمة تمنعه أن يفقه الآيات وإن سمعتها، فليس في إمكانها الفقه الذي يصل إلى القلب، ( وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ) أي: صمما يمنعهم من وصول الآيات، ومن سماعها على وجه الانتفاع وإذا كانوا بهذه الحالة، فليس لهدايتهم سبيل، ( وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ) لأن الذي يرجى أن يجيب الداعي للهدى من ليس عالما، وأما هؤلاء، الذين أبصروا ثم عموا، ورأوا طريق الحق فتركوه، وطريق الضلال فسلكوه، وعاقبهم الله بإقفال القلوب والطبع عليها، فليس في هدايتهم حيلة ولا طريق وفي هذه الآية من التخويف لمن ترك الحق بعد علمه، أن يحال بينهم وبينه، ولا يتمكن منه بعد ذلك، ما هو أعظم مرهب وزاجر عن ذلك.
ثم أخبر تعالى عن سعة مغفرته ورحمته، وأنه يغفر الذنوب، ويتوب الله على من يتوب، فيتغمده برحمته، ويشمله بإحسانه، وأنه لو آخذ العباد على ما قدمت أيديهم من الذنوب، لعجل لهم العذاب، ولكنه تعالى حليم لا يعجل بالعقوبة، بل يمهل ولا يهمل، والذنوب لا بد من وقوع آثارها، وإن تأخرت عنها مدة طويلة، ولهذا قال:
( بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلا ) أي: لهم موعد، يجازون فيه بأعمالهم، لا بد لهم منه، ولا مندوحة لهم عنه، ولا ملجأ، ولا محيد عنه، وهذه سنته في الأولين والآخرين، أن لا يعاجلهم بالعقاب، بل يستدعيهم إلى التوبة والإنابة، فإن تابوا وأنابوا، غفر لهم ورحمهم، وأزال عنهم العقاب، وإلا فإن استمروا على ظلمهم وعنادهم، وجاء الوقت الذي جعله موعدا لهم، أنزل بهم بأسه، ولهذا قال: ( وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ) أي: بظلمهم، لا بظلم منا ( وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا ) أي: وقتا مقدرا، لا يتقدمون عنه ولا يتأخرون.



































تفسير السعدي


حتى لاتكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير تفسيرالكهف من45:59








إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#2

افتراضي رد: حتى لاتكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير تفسيرالكهف من45:

جزاكي الله خيرا حبيبتي

إظهار التوقيع
توقيع : حياه الروح 5


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
حتى لاتكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير تفسيرالكهف من29:44 أم أمة الله القرآن الكريم
حتى لا تكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير تفسير هود 23:68 أم أمة الله القرآن الكريم
حتى لا تكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير تفسيربراءة 101:111 أم أمة الله القرآن الكريم
حتى لاتكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي معنا هذا الورد اليسير من(80:83)البقرة أم أمة الله القرآن الكريم
حتى لاتكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي معنا هذا الورد اليسير من(84:90)البقرة أم أمة الله القرآن الكريم


الساعة الآن 02:31 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل