_الطلاق شأنُه عظيم، فالحذَر من التهاون به، والحذَر من الاستعجال فيه وجعلِه على اللسان دائمًا أو تعليق الأمور به أمرًا أو نهيًا، فالبعض من المسلمين - هدانا الله وإياهم - لا يبالي بهذا الأمرِ العظيم، على أتفهِ الأسباب يعلِّق طلاقه عليه، رُبما أتاه ضيف فأراد إكرامَه، فلم يستجِب له، فقال: عليّ الطلاق أن تأكلَ الذبيحة، وعليّ أن أفعلَ، وعليّ الطلاق أن لا أفعل، كلّ هذا من الخطأ. فلنجنّب ألسنتَنا هذه الأمورَ، ولنتروَّ في أمرِ طلاقنا، ولا نستعجِل، فنندم ولا ينفع النّدم.
_وعلى المرأةِ المسلمة أن تتّقيَ الله في تعامُلها مع زوجِها، ولا تَحمِله على هذا الأمر، ولا تسلُك الطريقَ الذي يسبِّب استعجالَه في هذا الأمر؛ بل لتراعي شعورَ زوجها، وتراعي أحاسيسَه، ولا تحمله على الطلاقِ ما وجدت لذلك سبيلاً. فعندما تراه غضبانًا ومنفعلاً فلتبتعِد عن كلّ أمر يُثير غضبَه، لتترك بعضَ الأمورِ التي لا خيرَ فيها، ولتعرِض عن بعض المعاتبةِ التي قد لا يكون هذا موضعَها، فإنّ المرأة إذا رأتْ غضبَ زوجها وانفعالَه، ثم بدأت تزيد النارَ نارًا، فربما وقع طلاق؛ فتندَم ويندم الرجل.
_اخي المسلم، للطلاقِ آثارُه غير الحسنة لمن استعجَل فيه، فالطلاق ضرَر لمن يتأمّل؛ تكون المرأة أيِّمًا، يتشتّت أمرُ الأسرة، يضيع الأولاد بين طلبِ الأب وبين طلب الأمّ، وربما حصل بين الزوجين عنادٌ في زيارةِ الأبناء لأمّهم أو أبيهم.
_المقصود أنّ الطلاَقَ ضررُه عظيم، ولولا الحاجةُ الملحّة إليه ما أباحه الشارع، فالواجِب على الزوجين تقوى الله في أنفسهما، وأن يتذكّرا هذه الأضرارَ للطلاق تذكُّرًا يدعوهما إلى الصّبرِ والتحمّل، فعلى الرجلِ أن يصبرَ ويتحمّل الأخطاء، ويحاوِل أن يصبرَ ما دام الأمر لا يتعلّق بالعرض، فيصبر ويتحمّل، فلعلّ العاقبةَ حميدة، وعلى المرأةِ أن تصبر أيضًا وتحتسِب، ولا تدخل في مهاتراتٍ مع زوجها، فيسبّب ذلك فراقَها.الواجب تقوى الله والتعاونُ على البر والتقوى، وأن لا يَكون الطلاق سببًا للعداوةِ والبغضاء، وإنما هذه أمورٌ شرعها الله، والله أحكَم وأعدل، والأرواح جنودٌ مجنّدة، فما تعارفَ منها ائتلفَ، وما تناكر منها اختلف. أسأل الله أن يوفّقني وإيّاكم جميعًا لكلّ خير.
_إنّ الحرصَ على شكاية الزوجين لأحدهما والترافع إلى المحاكم ليس أمرًا يسيرًا، هذا يترك أثرًا سَيّئًا في المستقبل، والواجب أن نتداركَ هذه الأمور، ولا يحملنا الطلاق على أن يأخذ أحدنا موقفًا من صاحبه، وإنما تمضي الأمور على كلّ حال، ويتعاون الجميع في سبيل تربيةِ هذا النشء وإصلاحه وإعدادِه، فإنّ الأبناء إذا شاهَدوا نزاعَ الأبوين، أبٌ يتعصّب ويتشدّد، وأمٌّ كذلك، وأهلُ المرأة وأهل الرّجل، فإنّ أثرَ ذلك يكون