الجمع بين الصلاتين تأخيراً أو تقديماً جائز وهو رخصة
من الرخص الشرعية
الجمع بين الصلاتين تأخيراً أو تقديماً جائز وهو رخصة
من الرخص الشرعية
فما معنى الجمع بين الصلوات وكيفيته هذا ما سنعرفه في هذا المقال من منتدى عدلات
تعريفه:
هو أن يجمع المصلي بين الظهر والعصر تقديماً في وقت الظهر، بأن يصلي العصر مع الظهر قبل حلول وقت العصر.
أو يجمع تأخيراً، بأن يؤخر الظهر حتى يخرج وقته ويصليه مع العصر في وقت العصر، ومثل الظهر والعصر المغرب والعشاء، فيجمع تقديماً وتأخيراً.
الجمع في السفر
الجمع بين الصلاتين في السفر في وقت إحداهما جائز في قول أكثر أهل العلم لا فرق بين كونه نازلا أو سائرا ؛ فعن معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين الظهر والعصر وإذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى ينزل للعصر ، وفي المغرب مثل ذلك ، إن غابت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين المغرب والعشاء ، وإن ارتحل قبل أن تغيب الشمس أخر المغرب حتى ينزل العشاء ثم نزل فجمع بينهما . رواه الترمذي وقال : هذا حديث حسن .
وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء.رواه البخاري ومسلم
وروى مسلم عن ابن عمر أنه كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء بعد أن يغيب الشفق.
وعن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب. رواه البخاري ومسلم
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين في سفرة سافرها في غزوة تبوك فجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء. رواه مسلم
هل يُشترط للجمع نِـيّـة عند افتتاح الأولى ؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : اختلفوا في الجمع والقصر هل يشترط له نية ؟ فالجمهور لا يشترطون النية كمالك وأبى حنيفة ، وهو أحد القولين في مذهب أحمد ، وهو مقتضى نصوصه ، والثاني تشترط كقول الشافعي وكثير من أصحاب أحمد كالخرقى وغيره ، والأول أظهر ، ومن عمل بأحد القولين لم يُنكر عليه” مجموع الفتاوى ( 24 / 16 )
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلي جمعا ولم يُنقل عنه أنه أمر أصحابه أو أرشدهم إلى ذلك .
النية في جمع التأخير :
يشترط في جمع التأخير أن ينوي التأخير عند دخول وقت الأولى، لأنه لا يجوز للإنسان أن يؤخر الصلاة عن وقتها لغير عذر، فإذا ضاق وقتها ولم ينو الجمع قبل ذلك فلا يجوز أن ينـوي الجمع إذا ضاق الوقت، بل يجب عليه أن يصلي الصلاة في الحال ويصلي الثانية في وقتها .
متى يبدأ المسافر في الجمع ؟
إذا دخل على المسافر وقت الصلاة وهو مازال في بلده تقدم أنه لا يجوز له القصر، وكذلك الجمع إلا إذا خشي خروج وقت الصلاة الثانية، ولا يستطيع النزول للصلاة كالمسافر في الطائرة أو النقل الجماعي إذا سافر وقت صلاة الظهر، فله جمع العصر معها بلا قصر (يعني يصليها أربعا ).
ما الحكم إذا عاد قبل دخول وقت الثانية ؟
إذا نوى جمع التأخير ثم دخل بلده ولم يدخل وقت الثانية لا يجمع الثانية مع الأولى بل يصلي كل صلاة في وقتها إتماماً (أربع ركعات) ولو بقي وقت يسير لأن علة القصر والجمع هنا السفر وقد زال وهذا مبني على اشتراط استمرار العذر في جمع التأخير.
أما إذا نوى جمع التأخير ثم دخل البلد المسافر إليه وبقي وقت يسير ويدخل وقت الثانية فله حالات:
الأولى: إن كان في غير مسجد فالأفضل أن ينتظر حتى يدخل وقت الثانية، فيصليهما جمعاً وقصراً .
الثانية: إن كان دخل مسجداً بعد أذان الصلاة الثانية وقبل الإقامة، فيصلي الأولى قصراً ثم يصلي الثانية مع الجماعة.
الثالثة: إن كان دخل المسجد والناس يصلون الثانية دخل معهم بنية الأولى كما تقدم تفصيله في ائتمام المسافر بالمقيم.
وإذا صلى جمع تقديم وهو مسافر إلى بلده فبلغها قبل دخول وقت الثانية صح ما فعل من الجمع والقصر ؛ لأنه جمعها مع الأولى بمسوغ شرعي وهو السفر
حكم الجمع للمسافر النازل بمكان (كفندق ونحوه) :
يجوز الجمع للمسافر السائر كما في صحيح مسلم ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جدّ به السير جمع بين المغرب والعشاء )، وأما النازل (أي مسافر غلى بلد ونزل لفندق مثلا) فيجوز الجمع لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم جمع في غزوة تبوك وهو نازل .أخرجه البخاري
وحديث أبي جحيفة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين: «أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان نازلاً في الأبطح في حجة الوداع، وأنه خرج ذات يوم وعليه حلة حمراء فأمَّ الناس فصلّى الظهر ركعتين والعصر ركعتين»أخرجه البخاري، فظاهر هذا أنهما كانتا مجموعتين.
وإذا جاز الجمع للمطر ونحوه، فجوازه للسفر من باب أولى ، والمسافر يشق عليه أن يفرد كل صلاة في وقتها، إما للعناء، أو قلة الماء، أو غير ذلك.
والخلاصة : أن الجمع للمسافر جائز لكنه في حق السائر مستحب وفي حق النازل جائز غير مستحب إن جمع فلا بأس، وإن ترك فهو أفضل.
الصلاة في السفينة والقاطرة والطائرة:
تصح الصلاة في السفينة والقاطرة والطائرة بدون كراهية حسبما تيسر للمصلي ؛ فعن ابن عمر قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في السفينة ؟ قال : ( صل فيها قائما إلا أن تخاف الغرق ) رواه الدار قطني والحاكم على شرط الشيخين
الصلاة في الطائرة على نوعين (كما فصّلها ابن عثيمين رحمه الله):
أ – نـوافل:
يصليها الراكب على أيّ حال قائماً أو قاعداً يومئ بالركوع والسجود على أي جهة ولا يشترط استقبال القبلة وكذا في السيارة لحديث عامر بن ربيعة قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته حيث توجهت به) متفق عليه، وعند البخاري (يومئ برأسه ولم يكن يصنعه في المكتوبة)، وفي رواية مسلم (يوتر عليها) والأفضل استقبال القبلة عند تكبيرة الإحرام .
ب- فرائض لها حالات:
الأولى: إن استطاع أن يصليها قبل الركوب أو بعد النـزول في وقتها صلى سواء جمع تقديم أو تأخير.
الثانية: إذا ركب الطائرة قبل دخول الوقت وغلب على ظنه أن الطائرة لا تهبط إلا بعد خروج وقت الأولى، فينوي جمع التأخير إن كانت تجمع كالظهر مع العصر والمغرب مع العشاء.
الثالثة: إذا ركب الطائرة قبل دخول الوقت وغلب على ظنه خروج وقت الصلاتين المجموعتين أو صلاة لا تجمع مع أخرى كالفجر فيجب عليه أن يؤدي الصلاة في مصلى الطائرة إن وُجِدَ مستقبلاً القبلة إن استطاع وإن لم يستطع صلى في الممرات، وإن لم يستطع صلى قائماً ويومئ بالركوع والسجود وهو جالس على كرسيه ولا يجوز له تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها.
الرابعة: إذا كان في الطائرة مصلى ويمكن أن يصلي مستقبل القبلة قائماً وراكعاً وساجداً صلى فيه ولو كان ذلك مع سعة الوقت.
جواز صلاة الوتر في جمع التقديم :
إذا جمع المسافر المغرب مع العشاء جمع تقديم، جاز له أن يوتر بعد صلاة العشاء ولا ينتظر حتى يدخل وقت العشاء ، لأن العبرة بصلاة العشاء لا الوقت وهو مذهب جمهور العلماء ـ رحمهم الله ـ.
كيفية قول أذكار ما بعد الصلاة في حال الجمع :
إذا جمع الإنسان بين الصلاتين فالأولى أن يأتي بأذكار الصلاة الأولى ثم الثانية وإن اقتصر على أذكار الصلاة الأخيرة فلا بأس بذلك لتداخلها.
حكم الجمع بين الجمعة والعصر في السفر:
المسافر لا تجب عليه الجمعة، فإن صادف وقت نزوله جمعة مقامة فله أن يصليها وتجزئه عن الظهر، أما جمع العصر معها فللعلماء فيه مذهبان:
فمنهم من يرى أن له الجمع بين الجمعة والعصر جمع تقديم، بأن يأتي بعد انتهائه من الجمعة بركعتين للعصر، ويحتج أصحاب هذا الرأي بأن الجمعة بدل من الظهر، ولما جاز للمسافر أن يجمع الظهر والعصر جاز له أن يجمع الجمعة مع العصر، لأن البدل يأخذ حكم المبدل منه.
وهو مذهب مالك والشافعي ورواية عن أحمد
وبعض الحنابلة يرى أنه ليس له ذلك، ويحتج له أن الجمعة لا تقام في السفر فهي تلازم الحضر، والجمع يلازم غالباً السفر، وتنافر اللوازم يؤدي إلى تنافر الملزومات.
أما أبو حنيفة فإنه لا يقول بالجمع بناء على قولهم في منع الجمع مطلقا إلا بعرفة ومزدلفة.
والراجح : هو القول الأول لأن الجمعة ما دامت بدلاً من الظهر فلها حكمه وإن اختصت بالحضر.
مناقشة فتوى ابن عثيمين :
لا شك أن الأصل جواز الجمع بين كل صلاتين مشتركتا الوقت وكل من يفتي بمنع الجمع فعليه الدليل الشرعي المانع .
والفروق التي ذكرها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، منها : كون صلاة الجمعة ركعتين ، ذات خطبتين ، جهريتين ، ومنها أن وقتها يبدأ من طلوع الشمس مثل العيد .
قلت : هذا الفرق الأخير وهو كونها يبدأ وقتها من طلوع الشمس هو رواية عن أحمد إن قلنا به فهو متجه لمن يقول بمنع الجمع ولا أظن أن أحداً قال به أعني بجمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة التي تصلى قبل زوال الشمس بل هو ممنوع بالإجماع
أما إذا صليت صلاة الجمعة في وقت الظهر بعد زوال الشمس كما هو مذهب الجمهور أن وقتها وقت صلاة الظهر فلا شك في جواز الجمع بين صلاتي الجمعة والعصر .
( 2 ) الجمع بعرفة والمزدلفة :
اتفق العلماء على أن الجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم في وقت الظهر بعرفة ، وبين المغرب والعشاء جمع تأخير في وقت العشاء بمزدلفة سنة لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
( 3 ) الجمع في المطر :
روى الأثرم في سننه عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن أنه قال : من السنة إذا كان يوم مطير أن يجمع بين المغرب والعشاء .
وروى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء في ليلة مطيرة .
وخلاصة المذاهب في ذلك أن الشافعية تجوز للمقيم الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء جمع تقديم فقط بشرط وجود المطر عند الإحرام بالأولى والفراغ منها وافتتاح الثانية .وعند مالك أنه يجوز جمع التقديم في المسجد بين المغرب والعشاء لمطر واقع أو متوقع ، وللطين مع الظلمة إذا كان الطين كثيرا يمنع أواسط الناس من لبس النعل ، وكره الجمع بين الظهر والعصر للمطر .
وعند الحنابلة يجوز الجمع بين المغرب والعشاء فقط تقديما وتأخيرا بسبب الثلج والجليد والوحل والبرد الشديد والمطر الذي يبل الثياب .
وهذه الرخصة تختص بمن يصلي جماعة بمسجد يقصد من بعيد يتأذى بالمطر في طريقه فأما من هو بالمسجد أو يصلي في بيته جماعة أو يمشي إلى المسجد مستترا بشئ أو كان المسجد في باب داره فإنه لا يجوز له الجمع .
ما هو حد الشدة والبرودة؟
المراد بالريح الشديدة ما خرج عن العادة، وأما الريح المعتادة فإنها لا تبيح الجمع، ولو كانت باردة، والمراد بالبرودة ما تشق على الناس.
ولو كان هناك ريح شديدة بدون برد فلا جمع؛ لأن الرياح الشديدة بدون برد ليس فيها مشقة، لكن لو فرض أن هذه الرياح الشديدة تحمل تراباً يتأثر به الإِنسان ويشق عليه، فإنها تدخل في القاعدة العامة، وهي المشقة، وحينئذٍ يجوز الجمع.
ما ضابط البلل؟
هو الذي إذا عصر الثوب تقاطر منه الماء.
حكم الجمع بين الجمعة والعصر عند نزول المطر :
الجمع بين الجمعة والعصر عند نزول المطر تقديما جائز في مذهب الشافعية.
وأما مذهب الحنابلة والمالكية، فلا يجوزان الجمع بينهما، بل لا يجوزان الجمع بين الظهر والعصر في الحضر بسبب المطر.
وهو أيضا مذهب الحنفية، بناء على قولهم في منع الجمع مطلقا إلا بعرفة ومزدلفة.
( 4 ) الجمع بسبب المرض أو العذر :
ذهب الإمام أحمد والقاضي حسين والخطابي والمتولي من الشافعية إلى جواز الجمع تقديما وتأخيرا بعذر المرض لأن المشقة فيه أشد من المطر .
قال النووي : وهو قوي في الدليل .
وفي المغني : والمرض المبيح للجمع هو ما يلحقه به بتأدية كل صلاة في وقتها مشقة وضعف .
وتوسع الحنابلة فأجازوا الجمع تقديما وتأخيرا لأصحاب الأعذار وللخائف ؛ فأجازوه للمرضع التي يشق عليها غسل الثوب في وقت كل صلاة ، وللمستحاضة ولمن به سلس بول ، وللعاجز عن الطهارة ولمن خاف على نفسه أو ماله أو عرضه .
قال ابن تيمية : وأوسع المذاهب في الجمع مذهب أحمد فإنه جوز الجمع إذا كان شغل كما روى النسائي ذلك مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن قال : يجوز الجمع أيضا للطباخ والخباز ونحوهما ممن يخشى فساد ماله .
( 5 ) الجمع للحاجة :
قال النووي في شرح مسلم : ذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادة .
وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك ، وحكاه الخطابي عن القفال والشاشي الكبير من أصحاب الشافعي وعن أبي إسحاق المروزي وعن جماعة من أصحاب الحديث واختاره ابن المنذر ، ويؤيده ظاهر قول ابن عباس : أراد أن لا يحرج أمته فلم يعلله بمرض ولا غيره . اه*
وحديث ابن عباس الذي يشير إليه ما رواه مسلم عنه قال : جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر . قيل لابن عباس : ماذا أراد بذلك ؟ قال : أراد ألا يحرج أمته .
وروى البخاري ومسلم عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعا وثمانيا : الظهر والعصر والمغرب والعشاء .
سبعا وثمانيا : يقصد مجموع الصلاتين معا الظهر والعصر ثماني ركعات ، والمغرب والعشاء سبع ركعات .
وعند مسلم عن عبد الله بن شقيق قال : خطبنا ابن عباس يوما بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم وجعل الناس يقولون : الصلاة الصلاة قال : فجاءه رجل من بني تيم لم يفتر ولا ينثني : الصلاة الصلاة ، فقال ابن عباس : أتعلمني بالسنة لا أم لك ! ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء . قال عبد الله بن شقيق : فحاك في صدري من ذلك شئ ، فأتيت أبا هريرة فسألته فصدق مقالته .
فائدة:
قال في المغني : وإذا أتم الصلاتين في وقت الأولى ثم زال العذر بعد فراغه منهما قبل دخول وقت الثانية أجزأته ولم تلزمه الثانية في وقتها ، لأن الصلاة وقعت صحيحة مجزئة عما في ذمته وبرئت ذمته منها فلم تشتغل الذمة بها بعد ذلك ، ولأنه أدى فرضه حال العذر فلم يبطل بزواله بعد ذلك ، كالمتيمم إذا وجد الماء بعد فراغه من الصلاة .
فتوى الدكتور القرضاوي :
هناك بلاد لا يغيب فيها الشفق الأحمر حتى يطلع الفجر وتارة يكون الوقت بين المغرب والفجر أقل من ساعة أو يزيد قليلا فماذا يصنع المسلم في هذه الأحوال في أي وقت يصلي العشاء ولا وقت لها وتارة يكون وقتها التقديري بعد منتصف الليل ؟
الصلاة فريضة لها مواقيتها المحددة، كما قال تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا}النساء:103.
وقد عرفت مواقيت الصلوات الخمس بالسنة النبوية العملية، وتواترت بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
فكل صلاة من الصلوات الخمس لها وقتها المعين، الذي لا يجوز أداؤها قبله بحال، ولا يجوز تأخرها عنه إلا لعذر، وإلا كان من أخرها آثما.
ولكن من يسر هذا الدين وواقعيته: أن شرع الجمع بين الصلاتين: في الظهر والعصر، وفي المغرب والعشاء، تقديما وتأخيرا، لبعض الأسباب، منها: السفر، كما ثبت ذلك من سنة النبي صلى الله عليه وسلم .
ومنها: الجمع للمطر، ومثله: الوحل، وأشد منه: الثلج، وكذلك الريح الشديدة، ونحو ذلك من عوارض المناخ والطبيعة، التي يترتب عليها الحرج وشدة المشقة إذا صليت كل صلاة في وقتها.
ومنها: الجمع للحاجة والعذر، في غير سفر ولا خوف ولا مطر، بل لرفع الحرج والمشقة عن الأمة، كما في حديث ابن عباس الآتي بعد.
ومن إعجاز هذا الدين: أن يجد المسلم في نصوصه ما يتسع لحوادث الأزمنة، ومستجدات العصور، التي لم يكن يعرفها الناس ولا يتوقعونها في أزمانهم.
نجد هذا فيما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا، في غير خوف ولا سفر.
وفي رواية: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم -بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، بالمدينة، من غير خوف ولا مطر. قيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته.
وفي رواية عبد الله بن شقيق، قال: خطبنا ابن عباس يوما بعد العصر، حتى غربت الشمس، وبدت النجوم، وجعل الناس يقولون: الصلاة، الصلاة! قال: فجاءه رجل من بني تميم، لا يفتر، ولا ينثني: الصلاة، الصلاة! فقال ابن عباس: أتعلمني بالسنة؟ لا أم لك! ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم: جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. قال عبد الله بن شقيق: فحاك في صدري من ذلك شيء، فأتيت أبا هريرة، فسألته، فصدق مقالته.صحيح مسلم
وهذا التعليل من حبر الأمة ابن عباس، يعني: أنه أراد أن يوسع على الأمة وييسر عليها، ولا يوقعها في الحرج والضيق، فما جعل الله في هذا الدين من حرج، بل يريد الله بعباده اليسر، ولا يريد بهم العسر.
والحديث واضح صريح على مشروعية الجمع للحاجة، وقد رواه أيضا أبو داود والنسائي والترمذي في سننهم.
وقال الإمام أبو سليمان الخطابي في (معالم السنن): هذا الحديث لا يقول به أكثر الفقهاء،..
وكان ابن المنذر يقول به: ويحكيه عن غير واحد من أصحاب الحديث، وسمعت أبا بكر القفال يحكيه عن أبي إسحاق المروزي.
قال ابن المنذر: ولا معنى لحمل الأمر فيه على عذر من الأعذار؛ لأن ابن عباس قد أخبر بالعلة فيه، وهو قوله:”أراد ألا تحرج أمته“.
وحكي عن ابن سيرين: أنه كان لا يرى بأسا: أن يجمع بين الصلاتين، إذا كانت حاجة أو شيء، ما لم يتخذه عادة . انتهى.
وكذلك نقل ابن قدامه في (المغني) عن ابن شبرمة أنه قال ما قاله ابن سيرين.(انظر: المغني:3/137 وأخشى أن تكون لفظة (ابن شبرمة) محرفة عن ابن سيرين!)
وقال الحافظ ابن حجر في (الفتح): وقد ذهب جماعة من الأئمة إلى الأخذ بظاهر هذا الحديث، فجوزوا الجمع في الحضر للحاجة مطلقا، لكن بشرط ألا يتخذ ذلك عادة، وممن قال به: ابن سيرين، وربيعة، وأشهب، وابن المنذر، والقفال الكبير، وحكاه الخطابي عن جماعة من أهل الحديث
[أنظر: فتح الباري: وتحفة الأحوذي:1/558 شرح الحديث (187).] انتهى.
وعلى كل حال عندنا حديث صحيح لا مطعن في صحته، رواه ابن عباس وأقره عليه أبو هريرة، وطبقه ابن عباس عمليا، واستشهد به في الرد على من أنكروا عليه تأخير صلاة المغرب، وقد علله بما علله به، وهذا كله يفيدنا في الجواب عن السؤال المعروض علينا، وهو جواز الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء في أوربا في فترة الصيف حين يشتد تأخر وقت العشاء إلى منتصف الليل أوبعده، والناس يطالبون بالذهاب إلى أعمالهم في الصباح الباكر، فكيف نكلفهم السهر لأداء العشاء في وقتها، وفي ذلك حرج وتضييق عليهم، وهو مرفوع عن الأمة بنص القرآن، وبما قاله راوي حديث الجمع بين الصلاتين في الحضر: ابن عباس رضي الله عنهما.
بل يجوز الجمع في تلك البلاد في فصل الشتاء أيضا، لقصر النهار جدا، وصعوبة أداء كل صلاة في وقتها للعاملين في مؤسساتهم، إلا بمشقة وحرج، وهو مرفوع عن الأمة.[ في فقه الأقليات ص 77 إلى 79]
الشيخ حسين عامر
التوقيع لا يظهر للزوار ..
قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
قصص القرآن الكريم .. | حبيبة أبوها | القرآن الكريم | 45 | 30-05-2019 06:10 PM |
مفردات الاعشاب , انواع الاعشاب , اسماء الاعشاب ( الجزء الثالث ) | ام طاطو | الطب البديل | 4 | 19-07-2018 01:16 PM |
موسوعة الأغذية المفيدة, فوائد دوائية في أغذيتنا | اماني الغالية | الطب البديل | 6 | 23-05-2018 10:16 PM |
سلبيات ادم فى عين حواء | عـدلات | الثقافة والتوجيهات الزوجية | 3 | 13-05-2017 11:50 PM |
العاصمة جاكرتا | محبة صديقاتها | عدلات للسياحة والسفر والرحلات | 11 | 20-06-2016 01:42 AM |
جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع