أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي تحريم الحلف بغير الله


تحريم الحلف بغير الله

تحريم الحلف بغير الله .
تحريم الحلف بغير الله

نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحَلِف بغير الله عز وجل، وشدَّد في النهي عن ذلك، ومِن الحلف بغير الله: الحلف بالنبي، والكعبة، والآباء، والشرف، والجاه، والأمانة، والنعمة، وتربة فلان، والذمة، والصلاة، ونحو ذلك.. ومِن الحِكمةِ في النهي عن الحلف بغير الله، أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به، والعظمة إنَّما هي لله وحْدَه، فلا يُحْلفُ إلَّا بالله وأسمائه وصفاته.
في هذا المقال سنوضح لكم تحريم الحلف بغير الله وانه قد تكون شرك أكبر أو شرك اصغر فتابعوا المقال من منتدى عدلات
قال ابن حجر:
"قال الْمُهَلَّب: "كانت العرب تحلف بآبائها وآلهتها، فأراد الله نسخ ذلك من قلوبهم، لينسيهم ذِكْر كل شيء سواه ويبقي ذكره، لأنه الحق المعبود، فلا يكون اليمين إلا به، والحلف بالمخلوقات في حكم الحلف بالآباء". وقال السيوطي: "قال العلماء: السر في النهي عن الحلف بغير الله أن الحلف بالشيء يقتضي تعظيمه، والعظمة في الحقيقة إنما هي لله وحده".
وقد ذكر النووي في كتاب رياض الصالحين: "باب النهي عن الحلف بمخلوق كالنبي، والكعبة، والملائكة، والسماء، والآباء، والحياة، والروح، والرأس (السلطان)، وحياة السلطان، ونعمة السلطان، وتربة فلان، والأمانة، وهي من أشدها نهيا"، ثم أورد في هذا الباب حديث ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت). قال ابن عبد البر: لا يجوز الحلف بغير الله بالإجماع".

والأحاديث النبوية في النهي عن الحلف بغير الله كثيرة، ومن ذلك:
1 ـ عن عبد الرحمن بن سَمُرَة رضي الله عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: (إن اللَّه ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت) رواه مسلم.
2 ـ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يحلِفُ بأبيه، فقال: (لا تحلِفوا بآبائِكُم، مَن حلفَ باللَّهِ فليصدُقْ، ومَن حُلِفَ لَه باللَّهِ فليرضَ، ومَن لم يرضَ باللَّهِ فليسَ منَ اللَّه) رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
3 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحلِفوا بآبائِكم، ولا بأمَّهاتِكم، ولا بالأندادِ، ولا تَحلِفوا إلَّا بالله، ولا تحلفوا باللهِ إلَّا وأنتُم صادقون) رواه أبو داود وصححه الألباني.
4 ـ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر بن الخطاب ـ وهو يسير في ركبٍ ـ، يحلف بأبيه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمُت) رواه البخاري.
5 ـ عن سعد بن عبيدة رضي الله عنه أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه سمعَ رجلًا يحلف: لا والكعبة، فقال له ابن عمر: (إنِّي سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حلفَ بغيرِ اللَّه فقد أشرك) رواه أبو داود وصححه الألباني. قال المناوي: "أَي فَعَل فِعْل أهل الشّرك أَو تشبه بهم، إذْ كَانَت أيْمانهم بآبائهم وما يعبدونه من دون الله، أوْ فقد أشرك غير الله فِي تَعْظِيمه".
6 ـ عن بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَفَ بِالْأَمانة) رواه أبو داود وصححه الألباني. قال الصنعاني: " (من حلف بالأمانة) قيل: أي بالفرائض كصلاة وصوم، ويحتمل بالأمانة نفسها.. (فليس منا) لأنَّ المؤمن لا يحلف إلا بالله وصفاته والأمانة ليس واحدًا من الأمرين"، وقال المناوي: "(ليس منا) أي ليس من جملة المتقين معدودا، ولا من جملة أكابر المسلمين محسوبا، وليس من ذوي أسوتنا، فإنه من دَيْدن أهل الكتاب، ولأنه سبحانه أمر بالحلف بأسمائه وصفاته، والأمانة أمر من أموره، فالحلف بها يوهم التسوية بينها وبين الأسماء والصفات، فنهوا عنه كما نهوا عن الحلف بالآباء".
7 ـ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حلفَ بغيرِ الله فقد كفرَ أو أشرك) رواه أبو داود وصححه الألباني، وفي رواية: (كلُّ يمينٍ يُحْلَفُ بها دون (غير) اللهِ شِرْك). قال العراقي في كتاب "طرح التثريب في شرح التقريب": "وقال الترمذي تفسير هذا الحديث عند بعض أهل العلم أن قوله كفر أو شرك على التغليظ"، وقال ابن حجر في "فتح الباري": "والتعبير بقوله: (فقد كفر أو أشرك) للمبالغة في الزجر والتغليظ في ذلك".
فوائد:
ـ ما جاء في القرآن الكريم من القَسَم بالمرسلات (الملائكة)، والذاريات (الريح)، والنازعات، والفجر، والعصر، والضحى، ومواقع النجوم... وغير ذلك فهو مما أقسَم الله عز وجل به، والله تعالى يقسم بما شاء من خلقه، فأما المخلوق فلا يَحْلِف ويُقْسِم إلا بربه سبحانه وتعالى. قال النووي: "فإن قيل: فقد أقسم الله تعالى بمخلوقاته، كقوله: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا}(الصَّفات:1)،{وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا}(الذاريات:1)،{وَالطُّورِ}(الطُّور:1)،{وَالنَّجْمِ}(النَّجم:1).. فالجواب: أن الله تعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته تنبيها على شرفه". وقال القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن": "لله أن يقسم بما شاء من مخلوقاته.. وإن لم يُعلم وجه الحكمة في ذلك". وقال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى": "فإن الله يُقْسِم بما يقسم به من مخلوقاته لأنها آياته ومخلوقاته، فهي دليل على ربوبيته، وألوهيته ووحدانيته، وعلمه وقدرته، ومشيئته ورحمته، وحكمته وعظمته وعزته، فهو سبحانه يقسم بها لأن إقسامه بها تعظيم له سبحانه، ونحن المخلوقون ليس لنا أن نقسم بها بالنص والإجماع. بل ذكر غير واحد الإجماع على أنه لا يُقْسَم بشيء من المخلوقات، وذكروا إجماع الصحابة على ذلك، بل ذلك شرك منهي عنه". وقال الشعبي: "الخالق يقسم بما شاء من خلقه، والمخلوق لا يقسم إلا بالخالق". وقال مطرف بن عبد الله: "إنما أقسم الله بهذه الأشياء ليعجب بها المخلوقين، ويعرفهم قدرته لعظم شأنها عندهم، ولدلالتها على خالقها".
ـ جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي الذي سأله عن أمور الإسلام فأخبره: (أفلح وأبيه إن صدق) رواه مسلم، وفي رواية البخاري (أفلح إن صدق). قال النووي: "قوله صلى الله عليه وسلم: (أفلح وأبيه) ليس حلفًا إنما هو كلمة جرت عادة العرب أن تدخلها في كلامها غير قاصدة بها حقيقة الحلف، والنهي إنما ورد فيمن قصد حقيقة الحلف لما فيه من إعظام المحلوف به، ومضاهاته بالله سبحانه وتعالى، فهذا هو الجواب المرضي وقيل: يحتمل أن يكون هذا قبل النهي عن الحلف بغير الله تعالى والله أعلم". وقال ابن حجر: "فإن قيل ما الجامع بين هذا وبين النهي عن الحلف بالآباء؟ أجيب بأن ذلك كان قبل النهي، أو بأنها كلمة جارية على اللسان لا يُقْصَد بها الحلف.. أو فيه إضمار اسم الرب كأنه قال ورب أبيه".
وقال الشيخابن عثيمين: "وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أفلح وأبيه إن صدق) ـ فهذه الكلمة: وأبيه ـ اختلف الحفاظ فيها: فمنهم من أنكرها، وقال: لم تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبناء على ذلك، فلا إشكال في الموضوع.. وعلى القول بأنها ثابتة فإن الجواب على ذلك: أن هذا من المُشْكَل، والنهي عن الحلف بغير الله من المُحْكَم، فيكون لدينا مُحْكَم ومتشابه، وطريق الراسخين في العلم في المحكم والمتشابه أن يدَعوا (يتركوا) المتشابه ويأخذوا بالمُحْكم، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}(آل عمران:7)، ووجه كونه متشابهاً أن فيه احتمالات متعددة: 1ـ قد يكون هذا قبل النهي.2ـ قد يكون هذا خاصاً بالرسول عليه الصلاة والسلام، لبُعْد الشرك في حقه.3ـ قد يكون هذا مما يجري على اللسان بغير قصد. ولما كانت هذه الاحتمالات وغيرها واردة على هذه الكلمة ـ إن صحّت عن الرسول عليه الصلاة والسلام ـ صار الواجب علينا أن نأخذ بالمُحْكَم وهو النهي عن الحلف بغير الله".

ـ
الحلف بغير الله يدخل تحت باب الشرك الأصغر، إلا إذا قصد الحالف بحلفه تعظيم المحلوف به كتعظيم الله، فإنه يصير بذلك شركاً أكبر، قال الشيخ ابن عثيمين: "والحلف بغير الله شرك أكبر إذا اعتقد أن المحلوف به مساوٍ لله تعالى في التعظيم والعظمة، وإلا فهو شرك أصغر"، وقال الشيخ ابن باز: "لا يجوز الحلف بشيء من المخلوقات لا بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا بالكعبة، ولا بالأمانة ولا غير ذلك، في قول جمهور أهل العلم. بل حكاه بعضهم إجماعًا. وقد روي خلاف شاذ في جوازه بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو قول لا وجه له بل هو باطل، وخلاف لما سبقه من إجماع أهل العلم وخلاف للأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك".
ـ من زلَّ لسانه وحلف بغير الله، عليه أن يقول: "لا إله إلا الله"، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من قال في حلفه: واللات والعزى فليقل لا إله إلا الله) رواه البخاري. قال ابن بطال:" مَنْ حَلَفَ فقال في حَلِفِهِ: باللات والعُزَّى، فلْيَقُلْ: لا إِله إلا اللَّه.. قال المهلب: كان أهل الجاهلية قد جرى على ألسنتهم الحلف باللات والعزى، فلما أسلموا ربما جروا على عادتهم من ذلك من غير قصد منهم، فكان من حلف بذلك، فكأنه قد راجع حاله إلى حالة الشرك، وتشبه بهم في تعظيمهم غير الله، فأمر النبي عليه السلام من عرض له ذلك بتجديد ما أنساهم الشيطان أن يقولوا: لا إله إلا الله، فهو كفارة له، إذ ذلك براءة من اللات والعزى،
ومن كل ما يُعْبَد من دون الله".
عَلَّمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَه أمورَ التَّوحيد، وبيَّن لهم صَغيرَ الشِّركِ وكبيره ليجتنِبوه، وجاء في السُنة والسيرة النبوية المطهرة الكثير من المواقف والأحاديث الدالة على حماية النبي صلى الله عليه وسلم للتوحيد، وسد كل باب يوصل إلى نقصه أو نقضه، ومن ذلك نهيه صلى الله عليه وسلم عن الحلف بغير الله.اسلام ويب

تحريم الحلف بغير الله
(2)
خطبة عن الحلف بغير الله
الْحمد لله على نعمه الكافية، ومننه الوافيةِ، وأَشْهدُ أَن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له شهادةً أدخرها جُنَّةً من النار واقيةً، وأشهد أن محمدًا عبدهُ ورسوله المبعوث إلى كل أمةٍ قاصيةٍ ودانيةٍ، صلى الله عليه وسلم صلاةً على ممرِّ الأيام باقيةً.
أما بعد:
_فإن لله – عز وجل – أن يقسم بما شاء من مخلوقاته على ما شاء منها كما قال الله تعالى:
{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ البُرُوجِ * وَالْيَوْمِ المَوْعُودِ}(البروج: 1-2).
وقال الله سبحانه: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}(وَالعصر: 1-3) وقال سبحانه: {فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الجَوَارِ الكُنَّسِ}(التكوير: 15-16) وقال سبحانه: {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ}(الواقعة: 75) إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن ربنا سبحانه قد أقسم بما شاء من مخلوقاته على ما شاء منها،
_وأما المخلوق فلا يجوز له أن يحلف ويقسم بغير الله – جل وعلا – أو اسم من أسمائه أو صفة من صفاته، فالحلف: هو اليمين، وهي توكيد الحكم بذكر معظم على وجه مخصوص. وهو تعظيم للمحلوف به، وهذا التعظيم حق لله تعالى فلا يجوز الحلف بغيره،
_فقد أجمع العلماء على أن اليمين لا تكون إلا بالله أو بأسمائه و صفاته، وأجمعوا على المنع من الحلف بغيره. فإن الله سبحانه شرع لعباده المؤمنين أن تكون أيمانهم به سبحانه وتعالى أو بصفة من صفاته، وهذا خلاف ما يفعله المشركون في الجاهلية، فقد كانوا يحلفون بغيره من الأشياء كالكعبة والشرف والنبي والملائكة والمشايخ والملوك والعظماء والآباء والسيوف وغير ذلك مما يحلف به كثير من الجهلة بأمور الدين، فهذه الأيمان كلها لا تجوز بإجماع أهل العلم.
_فعلينا معشر المسلمين أن نحفظ أيماننا ونعرف كيف نحفظها فلا نحلف بالنبي -صلى الله عليه وسلم- أو غيره من المخلوقات فإن هذا منكر عظيم ومن المحرمات الشركية فلا يجوز الحلف بالنبي ولا بالكعبة ولا بالأمانة ونحو ذلك بل لا يجوز لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحلف إلا بالله وحده لا شريك له، قال نبينا وقدوتنا سيد الأولين والآخرين -صلى الله عليه وسلم- وصحبه أجمعين:
(إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت)البخاري
وصح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال-:
(من حلف بالأمانة فليس منا) صححه الالباني
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:

(لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد ولا تحلفوا إلا بالله إلا وأنتم صادقون)صححه الالباني .
وقد حكى أبو عمر ابن عبد البر النمري – رحمه الله – الإجماع على تحريم الحلف بغير الله، وأما ما قاله بعض أهل العلم من أن الحلف بغير الله مكروه فإن مقصوده بذلك كراهة التحريم، تأدباً مع القرآن الكريم، فإن الله – عز وجل – لما ذكر النهي عن الشرك والزنا وقال:

{كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً}(الإسراء: 38)
ويجب أن يحمل كلام من قال بكراهة الحلف بغير الله – عز وجل – على كراهة التحريم عملا بالنصوص وإحساناً للظن بأهل العلم.
و قد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
(من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)صححه الالباني
أخرجه الترمذي و الحاكم بإسناد صحيح عن ابن عمر.

_وهذا دليل على أن الحالف بغير الله مشرك الشرك الأصغر،
_وقد يكون الحلف بغير الله شركاً أكبر يحبط الأعمال، ولا يغفره الله – عز وجل –
وهذا إنما يكون في حالات منها:
الحالة الأولى:
إذا قام بقلب الحالف أن هذا المخلوق والمحلوف به يستحق كما يستحقه الله سبحانه فهذا قد ساوى الخالق بالمخلوق فهو يعظمه كما يعظم ربه فهذا قد وقع في المصيبة العظمى والمنكر الجسيم والشرك الأكبر، وقد ارتد بهذا عن دينه، وفارق جماعة المسلمين، ولو صلى ولو صام ولو زعم أنه من المسلمين، حتى يتوب إلى ربه – عز وجل – وإن أصر على تعظيم المخلوق المحلوف به كتعظيمه لربه – عز وجل – حتى مات فهو في النار خالداً مخلداً فيها أبداً، وقد أحبط الله عمله، فلم يقبل منه صرفاً ولا عدلاً ولا صلاة ولا صياماً ولا حجاً، قال الله سبحانه وتعالى:
{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ}(الزمر: 65).
الحالة الثانية:

إذا قام بقلب الحالف بغير الله أن هذا المخلوق المحلوف به يجوز أن يعبد مع الله أو ساوى به الله في المحبة أو نحو ذلك من المقاصد
والنيات الكفرية فهو بهذا يكون أيضاً مشركاً شركاً أكبر،
_إذا فالحلف بغير الله قد يكون شركاً أصغر وقد يكون شركاً أكبر بحسب مقصد الحالف ونيته، فإن كان في قبل الحالف بالنبي أو بالبدوي أو الشيخ فلان أو أنه يتصرف في الكون مع الله ونحو ذلك فإنه يكون مشركا شركاً أكبر بهذه العقيدة، أما إذا لم يقصد هذا القصد، وإنما جرى على لسانه من غير هذا القصد لكونه اعتاد ذلك، فهو مشرك الشرك الأصغر، وفرق بين الشركين،
فالشرك الأكبر
لا يغفر الله لصاحبه وهو مخلد في النار وأعماله كلها يحبطها الله.
والشرك الأصغر،
_من أكبر الكبائر وصاحبه على خطر عظيم لكن قد يمحى عن صاحبه برجحان الحسنات، وقد يعاقب عليه بعض العقوبات، لكن لا يخلد صاحبه في النار، وليس هو مما يحبط الأعمال كلها، وإنما يحبط العمل الذي قارنه،
_فالشرك الأكبر ينافي ويخالف الإسلام كله.
_والشرك الأصغر ينافي كمال الإيمان الواجب فلا بد يا عباد الله من ترك الشرك كله دقيقه وجليله صغيره وكبيره.
وهذا سبب خوف الصحابة -رضوان الله عليهم- من الحلف بغير الله حتى قال ابن مسعود -رضي الله عنه-:
"لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً". ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:
(من حلف فقال في حلفه: باللات والعزة فليقل: لا إله إلا الله)البخاري

وهذا الحديث يدل على أن الحالف بغير الله قد أتى بنوع من أنواع الشرك فكفارته أن يأتي بكلمة التوحيد عن صدق وإخلاص ليكفر بها ما وقع منه من الشرك. كذلك يوجد من يقول في حلفه والنبي والكعبة وحياة أبي وحياة النبي والله وحياتك يا فلان، أو حياتي، وهذا والعياذ بالله مخالفة لأوامر رسوله – صلى الله عليه وسلم -. ولا يجوز الحلف بالتحريم كقوله: علي الحرام لأفعل. بالحرام لأفعلن كذا وكذا والحلف بالطلاق مكروه بصيغة علي الطلاق لأفعلن كذا ، أو إن فعلت كذا فأنت طالق. وأما إن قال في حلفه بالطلاق بالطلاق لأفعلن كذا أو لا، فذلك منكر لا يجوز لأنه من الحلف بغير الله – عز وجل -. وعن ابن عمر – رضي الله عنهما – أنه سمع رجلاً يقول: لا والكعبة، فقال ابن عمر: لا يُحلف بغير الله، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:




(من حلف بغير فقد كفر أو أشرك)صححه الالباني
قال سليمان آل الشيخ: "قوله: (فقد كفر أو أشرك) أخذ به طائفة من العلماء فقالوا: يكفر من حلف بغير الله كفرَ شرك، قالوا: ولهذا أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بتجديد إسلامه بقول: لا إله إلا الله، فلولا أنه كفرٌ ينقل عن الملة لم يؤمر بذلك".
وقال الجمهور: لا يكفر كفراً ينقل عن الملة، لكنه من الشرك الأصغر، كما نصّ على ذلك ابن عباس وغيره، وأما كونه أمر من حلف باللات والعزى أن يقول: لا إله إلا الله، فلأنّ هذا كفارة له مع استغفاره، كما قال في الحديث الصحيح:

(ومن حلف فقال في حلفه: واللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله)
وفي رواية: (فليستغفر) فهذا كفارة له في كونه تعاطى صورةَ تعظيم الصنم، حيث حلف به، لا أنه لتجديد إسلامه، ولو قُدّر ذلك فهو تجديد لإسلامه لنقصه بذلك لا لكفره، لكن الذي يفعله عبّاد القبور إذا طلبت من أحدهم اليمين بالله أعطاك ما شئت من الإيمان صادقاً أو كاذباً، فإذا طلبت منه اليمين بالشيخ أو تربته أو حياته ونحو ذلك لم يقدِم على اليمين به إن كان كاذباً، فهذا شرك أكبر بلا ريب، لأن المحلوف به عنده أخوف وأجلّ وأعظم من الله، وهذا ما بلغ إليه شرك عبّاد الأصنام، لأن جهد اليمين عندهم هو الحلف بالله، كما قال تعالى: {وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَنِهِمْ لاَ يَبْعَثُ للَّهُ مَن يَمُوتُ}النحل: 38
اللهم اهدنا صراطك المستقيم، وثبتنا عليه حتى اليقين، اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك ونحن نعلم ونستغفرك لما لا نعلم، اللهم اغفر وارحم وأنت خير الراحمين.

الخطبة الثانية:
الحمد لله على منة الإسلام، والشكر له على نعمة السمع والبصر والكلام، وأستغفر الله من جميع الآثام، والصلاة والتسليم على محمد خير الأنام، وعلى آله وأصحابه الكرام.
إذاً أيها المسلمون:
فالحلف بغير الله أو بغير صفة من صفاته محرم وهو نوع من الشرك، وعلى هذا فيحرم على المسلم أن يحلف بغير الله سبحانه وتعالى لا بالكعبة ولا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ولا بجبريل ولا بميكائيل ولا بولي من أولياء الله، ولا بخليفة من خلفاء المسلمين، ولا بالشرف ولا بالقومية ولا بالوطنية كل حلف بغير الله محرم وهو نوع من الشرك والكفر – والعياذ بالله -. وأما الحلف بالقرآن الذي هو كلام الله فإنه لا بأس به، لأن القرآن كلام الله سبحانه وتعالى تكلم الله به حقيقة في لفظه مريداً لمعناه وهو سبحانه وتعالى موصوف بالكلام فعليه يكون الحلف بالقرآن حلفاً بصفة من صفات الله سبحانه وتعالى، وهو جائز.
فلا تحلف بغير الله أيا كان المحلوف به حتى ولو كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أو جبريل أو من دونهم من الرسل أو الملائكة أو البشر أو من دون البشر فلا تحلف بشيء سوى الله – عز وجل -.
والخلاصة: عباد الله: أن الحلف تعظيم للمحلوف به، ولذلك فهو لا يليق إلا بالله تعالى، غير أن هذا لا يعني أن الشارع يرغب في الإكثار من الحلف بالله بسبب وبغير سبب، بل أمرنا بتوقير الحلف بالله تعالى، وعدم الإكثار منه قال تعالى: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ}(10) سورة القلم، وقال تعالى: {وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ}، وقال تعالى: {وَاحْفَظُوا ْ أَيْمَانَكُمْ} (89) سورة المائدة، أي لا تحلفوا إلا عند الحاجة وفي حالة الصدق والبر، لأن كثرة الحلف والكذب فيها يدلان على الاستخفاف بالله تعالى وعدم التعظيم له، وهذا ينافي كمال التوحيد، وفي الحديث أن رسول الله قال:

(ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: أشيمط زان، وعائل مستكبر، ورجل جعل الله بضاعته لا يشتري إلا بيمينه، ولا يبيع إلا بيمينه)
صححه الالباني
ففيه شدة الوعيد على كثرة الحلف مما يدل على تحريمه حفاظاً على حرمة اسم الله تعالى وتعظيماً له سبحانه، وكذلك يحرم الحلف بالله تعالى كاذباً، وقد وصف الله تعالى المنافقين بأنهم يحلفون على الكذب وهم يعلمون.
فتلخص ما يلي:
تحريم الحلف بغير الله تعالى كالحلف بالأمانة أو الكعبة أو النبي أو الولي وأن ذلك شرك.
وتحريم الحلف بالله تعالى كاذباً.
وتحريم كثرة الحلف بالله تعالى، ولو كان صادقاً إذا لم تدع إليه حاجة لأن هذا استخفاف بالله سبحانه،

وجواز الحلف بالله تعالى إذا كان صادقاً وعند الحاجة.
ألا فاتقوا الله عباد الله، واستقيموا إلى ربكم واستغفروه، ثم صلوا وسلموا على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، نبيكم محمد رسول الله، فقد أمركم بذلك ربكم جل في علاه، فقال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} الأحزاب: 56.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر والخلق الأكمل.امام المسجد

بحث من عملي
تحريم الحلف بغير الله



إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
أدوات الموضوع


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
النهي عن الحلف بغير الله، تحريم الحلف بغير الله أم أمة الله العقيدة الإسلامية
ما حكم الحلف بغير الله؟ امانى يسرى فتاوي وفقه المرأة المسلمة
حكم الحلف بغير الله, جنا حبيبة ماما المنتدي الاسلامي العام
الحلف بغير الله والحلف بالطلاق ♥ احبك ربى ♥ فتاوي وفقه المرأة المسلمة
منْ كانَ حالِفاً فلْيحلِف بِالله ام القمرات التلاته السنة النبوية الشريفة


الساعة الآن 06:41 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل