أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي ليلة القدر: ليلة العفو والصفح

  • ليلة القدر: ليلة العفو والصفح
  • ليلة القدر: ليلة العفو والصفح
  • ليلة القدر: ليلة العفو والصفح
  • _ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر، هي ليلة مباركة خير من ألف شهر، ليلة أُنزل فيها القرآن، وتتنزل فيها الملائكة الكرام، ليلة من قامها إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ولا يُحرَم خيرَها إلا محروم، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنهقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ"[1].
  • -فهي ليلة القرآن، وليلة القيام، وليلة الدعاء، وليلة الذكر والاستغفار، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"[2].
  • _وهي كذلك ليلة العفو والصفح، وليلة المحبة والإخاء، وليلة لتطهير القلوب من الغل والحقد والحسد والكراهية والبغضاء، وفي الحديث عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَت: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي [3]، فهي ليلة يتفضل فيها الله على عباده بالعفو والمسامحة والغفران، فمن رغب في نيل عفو الله في هذه الليلة، فليتجمل وليتخلَّق بخُلق العفو والصفح، وليسامح لوجه الله عز وجل، فليلة القدر لن ينتفع بها إلا ذو قلب سليم.
  • _أيها الأحبة، إن المخاصمة والمقاطعة شؤمها عظيم، ومن شؤمها أنها حرَمت المسلمين من العلم بليلة القدر، وكانت سببًا في رفع العلم بها، فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَال: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُخْبِرَنَا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَتَلَاحَى رَجُلَانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ:خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَتَلَاحَى فُلَانٌ وَفُلَانٌ، فَرُفِعَتْوَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ[4].
  • _ومن شؤمها على العبد أنها تحرمه قَبول أعماله، ونيل عفو الله ومغفرته، ففي الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا[5].
  • _فعلى المتخاصمين المتقاطعين أن يعلما أن فعلهما ذلك يعد كبيرة وفعلًا حرامًا، فعنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ[6].
  • _ونفي الحلية عن الشيء دليلٌ على تحريمه وعدم جوازه، وأنه فعل محظور[7]، وقد عد صلى الله عليه وسلم هجر المسلم لأخيه المسلم سنةً كاملةً كقتْله، فعَنْ أَبِي خِرَاشٍ السُّلَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ"[8]؛ يعني في الإثم إذا لم يكن الهجر لعذر شرعي[9].
  • _وأخبر عليه الصلاة والسلام أن من مات قبل أن يصطلح مع أخيه المسلم يستحق دخول النار؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ"[10]؛ أي: استوجب دخول النار[11].
  • _ولهذا أمر سبحانه وتعالى بالصلح بين المتخاصمين وحث عليه، فقال تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ [الأنفال: 1][12]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات: 10].
  • +وأخبر عليه الصلاة والسلام أن السعي في الإصلاح بين المتخاصمين تجارة رابحة، وأنه من أفضل الأعمال والقربات، فعَنْ أنَسٍأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأَبِي أَيُّوبَ: "أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى تِجَارَةٍ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: صِلْ بَيْنَ النَّاسِ إِذَا تَفَاسَدُوا، وَقَرِّبْ بَيْنَهُمْ إِذَا تَبَاعَدُوا[13].
  • +وإنما أمر الشرع بالصلح والإصلاح بين المتخاصمين؛ لأن الأخوة والمحبة من أعظم المقاصد التي من أجلها شرع الدين؛ قال تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا [آل عمران: 103].
  • +فبقاء الدِّين مرهون بتماسك أهله وتآزرهم، ومتى تفرقوا ودبَّت بينهم العداوة والبغضاءُ، ذهب الدِّين وذهبت مقاصده؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ [الأنفال: 46]؛ أي: قوَّتكم[14].
  • +وفي الحديث عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
  • أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ؟! قَالُوا: بَلَى، قَالَ: صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ[15]؛ أي: المهلكة المستأصلة للدين[16].والحديث فِيهِ حَثٌّ وَتَرْغِيبٌ فِي إِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَاجْتِنَابٌ عَنِ الْإِفْسَادِ فِيهَا، لِأَنَّ الْإِصْلَاحَ سَبَبٌ لِلِاعْتِصَامِ بِحَبْلِ اللَّهِ وَعَدَمِ التَّفَرُّقِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ ثُلْمَةٌ فِي الدِّينِ، فَمَنْ تَعَاطَى إِصْلَاحَهَا وَرَفَعَ فَسَادَهَا، نَالَ دَرَجَةً فَوْقَ مَا يَنَالُهُ الصَّائِمُ الْقَائِمُ الْمُشْتَغِلُ بِخُوَيْصَةِ نَفْسِهِ[17].
  • _وقد وصف الله تعالى حال الأولين من المؤمنين فقال: ﴿ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر: 10].
  • _وإنما قالوا ذلك لسلامة صدورهم، ومحبتهم لإخوانهم المسلمين، ولهذا شبه صلى الله عليه وسلم حال أفراد الأمة بالجسد الواحد، فعن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) [18].
  • _ولذلكم فإنه من أعظم الأمور المنهي عنها التحريش بين الناس وزرع الفتنة بينهم؛ إذ هو فعل شيطاني، وعمل خسيس غير شريف، فعَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ[19].
  • ومن صور التحريش:
  • _النميمة، وهي نقل الكلام بين الناس بغرض الإفساد، وَهِيَ مِنْ أَقْبَحِ الْقَبَائِحِ[20]، وفي الحديث عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَال: إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا هَذَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَأَمَّا هَذَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، ثُمَّ دَعَا بِعَسِيبٍ رَطْبٍ فَشَقَّهُ بِاثْنَيْنِ فَغَرَسَ عَلَى هَذَا وَاحِدًا وَعَلَى هَذَا وَاحِدًا، ثُمَّ قَال: لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا[21].
  • فالنميمة من الكبائر الموجبة لعذاب القبر لِما فيها من مفاسد عظيمة، ومنها: إفساد العلاقة بين الناس والسعي للإضرار بهم، ولهذا استحق النمام أن يكون من شرار الخلق لا من خيارهم؛ فعَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خِيَارُ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ إِذَا رُؤُوا ذُكِرَ اللَّهُ، وَشِرَارُ عِبَادِ اللَّهِ الْمَشَّاؤُونَ بِالنَّمِيمَةِ، الْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ [22].
  • أيها الأحبة، لنجعل هذه الليلة ليلة للمحبة، وليلة للأخوَّة، وليلة للتراحم وصلة الأرحام، فهي ليلة سلام، وليلة حب ووئام، والحمد لله رب العالمين.
    • ليلة القدر: ليلة العفو والصفح
  • [1] سنن ابن ماجه، كِتَاب الصِّيَامِ، بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ.
  • [2] صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا ونيَّةً.
  • [3] سنن الترمذي، كتاب الدعوات، برقم:3513.
  • [4] صحيح البخاري، كتاب فضل ليلة القدر، باب رفع معرفة ليلة القدر لتلاحي الناس.
  • [5] صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب النهي عن الشحناء والتهاجر.
  • [6] صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الهجر فوق ثلاث بلا عذر شرعي.
  • [7] شرح صحيح البخاري لابن بطال، ج9، ص 269.
  • [8] سنن أبي داود، كِتَاب الْأَدَبِ، باب فِيمَنْ يَهْجُرُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ.
  • [9] التَّنويرُ شَرْحُ الجَامِع الصَّغِيرِ للصنعاني، ج10، ص417.




  • [10] سنن أبي داود، كِتَاب الْأَدَبِ، باب فِيمَنْ يَهْجُرُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ.
  • [11] شرح الطيبي على مشكاة المصابيح، ج10، ص 3212.
  • [12] سنن الترمذي، كتاب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم برقم:2510.
  • [13] كشف الأستار، كِتَابُ الأَدَبِ، بَابُ الإِصْلاحِ بَيْنَ النَّاسِ.
  • [14] جامع البيان في تأويل القرآن للطبري، ج13، ص 576.
  • [15] سنن الترمذي، كتاب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم برقم:2509.
  • [16] مطالع الأنوار على صحاح الآثار؛ لابن قرقول، ج2 ص293.
  • [17] تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي للمباركفوري، ج7، ص 179.
  • [18] صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم.
  • [19] صحيح مسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس، وأن مع كل إنسان قرينًا.
  • [20] فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج1 ص319.
  • [21] صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب الغيبة.
  • [22] مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، كتاب الأدب، باب ما جاء في الغيبة والنميمة.
  • الدخلاوي علال
  • ليلة القدر: ليلة العفو والصفح



إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
ليلة القدر ما الحكمة في اخفائها؟ ما علاماتها؟ماذا تفعل فيها لماذا سميت ليلة القدر؟ أم أمة الله فتاوي وفقه المرأة المسلمة
العشر الآواخر من رمضــان ♥ احبك ربى ♥ عدلات في رمضان
ليلة القدر وعلاماتها أميرة القصر المنتدي الاسلامي العام
انها ليلة القدر سوسو الامورة عدلات في رمضان
ليلة القدر - الشيخ محمد حسان حبيبة أبوها عدلات في رمضان


الساعة الآن 09:44 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل