يقول الإمام ابن قيم في منزلة الرّجاء: "قال الله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ}. (الإسراء: 57)؛ فابتغاء الوسيلة إليه: طلب القرب منه بالعبودية والمحبَّة؛ فذكر مقامات الإيمان الثلاثة التي عليها بناؤه: الحبّ والخوف والرجاء، قال تعالى: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ}. (العنكبوت: 5). وقال: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}. (الكهف: 110)، وقال تعالى: {أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.(البقرة: 218)، وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول قبل موته بثلاث: ((لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظنّ بربّه))، وفي الصَّحيح عنه: ((يقول الله عزّ وجل: أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء))".
ويعرّف ابن قيم الرّجاء بقوله: "الرجاء حاد يحدو القلوب إلى بلاد المحبوب وهو الله والدار الآخرة ويطيب لها السير. وقيل: هو الاستبشار بجود وفضل الربّ تبارك وتعالى والارتياح لمطالعة كرمه سبحانه. وقيل: هو الثقة بجود الرّب تعالى. والفرق بينه وبين التمني أنَّ التمنيَّ يكون مع الكسل ولا يسلك بصاحبه طريق الجد والاجتهاد، والرَّجاء يكون مع بذل الجهد وحسن التوكّل".
ثمَّ إنَّ نتائج الرَّجاء تؤدّي دوماً إلى العمل والسعي لمرضات الله بالعبادات والطاعات وفعل الخيرات، قال تعالى في وصف أفعال الرّاجين :{إنَّ الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم}. (البقرة: 218).
ومن الكتب المعاصرة التي تحدّثت عن خلق الرّجاء بأسلوب تربوي بديع، ما كتبه الدكتور خالد أبو شادي بعنوان (ينابيع الرّجاء)، فإلى التفاصيل:
مع الكتاب:
يقول المؤلف في مقدمة الكتاب: "في هذه المرحلة الحرجة التي تعيشها الأمَّة، وفي خضم التحوّلات الهائلة التي نتعرّض لها، فإنَّ كثيراً من الشباب استولى عليهم اليأس، وتمكَّن منهم الحزن، وهم يرون سلاسل الشهداء، وأنهار الدماء، وتصاعد المكر والدهاء، وتعثر مسيرة التحرّر من مكائد الأعداء، وقد سرت هذه الروح المعدية، فتملَّك التشاؤم بدلاً من التفاؤل، وفاضت الرّوح من عزائم الكثيرين، ممَّا يستدعي تدخلاً سريعاً وحلاً ناجعاً!".
ويرى الكاتب أنَّ القضية الأهم، بل والهمُّ الأجلُّ الذي يجب أن تسائل عنه نفسك:
- هل اخترتُ الطريق الصحيح؟
- هل التحقتُ بالعاملين المصلحين أم كنتُ في الغافلين والمبطلين؟!
- هل فترت همتي وانقطع نفَسي من طول المسير فقعدت واسترخيت؟!
- هل تكاسلت أو قصَّرت في واجبي وما هو مفروض عليَّ وإن لم أبلغ؟!
ثمَّ يؤكّد الكاتبُ أنَّ إجابة صادقة على هذه الأسئلة يحدّد أين أنت في نظر الله، وتخبرك عن درجتك في مدارج الإيمان اليوم، ثم درجات الجنة غدا، وإن الأحداث الجسام المحيطة بالأمَّة اليوم وعبر السنوات المقبلة تستدعي اليوم عزائم الأبطال، لأنَّ التاريخ الآن يُكتب، وما نقدِّمه اليوم من سعي وبذل سيشكِّل وجه المنطقة ويغيِّر مسار الأمَّة خلال العقود المقبلة. ويحدّد الكاتب أنَّ الهدف من كتاب (ينابيع الرّجاء):
1. قطع الآمال الدنيوية بالتعلّق بنعيم الآخرة.
2. إعطاء المجهود وأقصى الطاقة للصلاح الإصلاح، والاهتداء والهداية.
3. خلع الرّاحة فلا نلقاها إلاّ عندما نحُطُّ رحال سفرنا في الجنّة.
ويحوي الكتاب الجزء الاول على ثلاثين (سنة ربانية وبشارة إلهية)،
نذكر منها الينابيع الاتية:
النبع الأول: {إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ}
النبع الثاني: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}
النبع الثالث: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}!
النبع الرابع: «لأنصرنك ولو بعد حين»
النبع الخامس: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ}
النبع السادس: {أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا}
النبع السابع: «أَنا عند ظن عبدي بي»
النبع الثامن: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً}
النبع التاسع: {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا}
النبع العاشر {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}
النبع الحادي عشر: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ}
النبع الثاني عشر: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
النبع الثالث عشر: {يدبِّر الأمر}
النبع الرابع عشر: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}
النبع الخامس عشر:{إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين}
النبع السادس عشر: {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}
النبع السابع عشر: {ومن يؤمن بالله يهد قلبه}
النبع الثامن عشر: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا}
النبع التاسع عشر: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم}
النبع العشرون: {وما النصر إلا من عند الله}
النبع الحادي والعشرون: {قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ}
النبع الثاني والعشرون: {فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس...}
النبع الثالث والعشرون: {ولكنكم تستعجلون}
النبع الرابع والعشرون: {إنا لله وإنا إليه راجعون}
النبع الخامس والعشرون: {إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}
النبع السادس والعشرون: {فإن مع العسر يسرا}
النبع السابع والعشرون: {وإن من شيء إلا عندنا خزائنه}
النبع الثامن والعشرون: {ادعوني أستجب لكم}
النبع التاسع والعشرون: {ولينصرن الله من ينصره}
النبع الثلاثون: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض}
وقد جمع المؤلف الجزء الأول والثاني من كتاب (ينابيع الرجاء)، ليصبح كتاباً واحداً يحوي 60 سنة ربانية وبشارة إلهية.
مع المؤلف:
هو خالد أبو شادي.
دكتور صيدلي وداعية إسلامي.
من مواليد 18 مارس 1973 محافظة الغربية مركز زفتى قرية تفهنا العزب.
درس في دولة الكويت وأكمل الدراسة الجامعية في كلية الصيدلة جامعة القاهرة.
له كتب ومحاضرات توعوية، ويركز في دعوته على القلب ووسائل الخروج به من الظلمات.
من مؤلفاته:
- معاً نصنع الفجر القادم: هو كتاب يحمس الناس للجنة ويرهبهم من النار.
- ونطق الحجاب: هو كتاب لمخاطبة الفتيات المسلمات ليدلها لطريق الحجاب.
- صفقات رابحة: هو عبارة عن عشر صفقات متنوعة لحجز مقاعد في الجنة.
- ليلى بين الجنة والنار: يتناول وصفا للجنة للشوق لها ووصفا للنار للحذر منها
- بأي قلب نلقاه: يحاول تصحيح القلب للوصول القلب المناسب لملاقاة الله جل جلاله.
- رحلة البحث عن اليقين: يبين معنى اليقين وكيف غرس النبي صلى الله عليه وسلم وما وصل إليه
- هبي يا رياح الإيمان: هو كتاب يهدف إلى زيادة الرصيد الرباني
- سباق نحو الجنان: كتاب أوصاف القلوب التي تتسابق نحو الجنة ورسوم وصولها وأشياء أخرى
- يا صاحب الرّسالة: يخاطب من حملوا على عاتقهم هم الدين ونشره.
لقراءة الجزء الاول بهذا الرابط
موقع طريق الاسلام