أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي

{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }






والسؤال يَرِد في القرآن بمعان متعددة، ووردتْ هذه الصيغة { يَسْأَلُونَكَ } في مواضع عِدّة،
فإنْ كان السؤال عن شيء نافِع يضر الجهل به أجابهم القرآن، كما في قوله تعالى:{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَٱعْتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلْمَحِيضِ.. } [البقرة: 222]. وقوله تعالى:{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَآ أَنْفَقْتُمْ مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } [البقرة: 215].
فإنْ كان السؤال عن شيء لا يضر الجهل به، لفت القرآن أنظارهم إلى ناحية أخرى نافعة، كما في سؤالهم عن الأهِلّة: كيف يبدو الهلال صغيراً ثم يكبر ويكبر إلى أن يصير بدراً، ثم يأخذ في التناقص ليعود كما بدأ؟ فالحديث مع العرب الذين عاصروا نزول القرآن في هذه الأمور الكونية التي لم نعرفها إلا حديثاً أمر غير ضروري، وفوق مستوى فهمهم، ولا تتسع له عقولهم، ولا يترتب عليه حكم، ولا ينتج عن الجهل به ضرر، ولو أخبرهم القرآن في إجابة هذا السؤال بحقيقة دوران القمر بين الأرض والشمس وما يترتب على هذه الدورة الكونية من ليل ونهار، وهم أمة أُميّة غير مثقفة لاتهموا القرآن بالتخريف، ولربما انصرفوا عن أصل الكتاب كله. لكن يُحوِّلهم القرآن، ويُلفِت أنظارهم إلى ما يمكن الانتفاع به من الأهِلَّة:{ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَٱلْحَجِّ.. } [البقرة: 189].
وقد يأتي السؤال، ويُرَاد به اختبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك ما حدث من اتفاق كفار مكة واليهود حيث قالوا لهم: اسألوه عن الروح، وهم يعلمون تماماً أن هذه مسألة لا يعلمها أحد، لكنهم أرادوا الكيد لرسول الله، فلعله يقول في الروح كلاماً يأخذونه عليه ويستخدمونه في صَرْف الناس عن دعوته. ولا شَكَّ أنه سؤال خبيث لأن الإنسان عامة يحب أن يظهر في مظهر العالم، ولا يحب أن يعجز أمام محاوره فاستغلوا هذه العاطفة، فالرسول لن يُصَغِّر نفسه أمام سائليه من أهل مكة، وسوف يحاول الإجابة عن سؤالهم. ولكن خَيَّب الله سَعْيهم، فكانت الإجابة: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } [الإسراء: 85]. فعندما سمع أهل الكتاب هذه الإجابة آمن كثيرون منهم لأنها طابقت ما قالته كتبهم عن الروح، وأنها من عند الله. و { ٱلرُّوحِ } لها إطلاقات مُتعدِّدة، منها: الرُّوح التي تمدُّ الجسم بالحياة إن اتصلت به، كما في قوله تعالى:{ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } [الحجر: 29]. فإذا ما فارقتْ هذه الروح الجسد فقد فارق الحياة، وتحوَّل إلى جثة هامدة، وفيها يقول تعالى:{ فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ } [الواقعة: 83]. وقد تأتي الروح لتدل على أمين الوحي جبريل عليه السلام، كما في قوله تعالى: وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ* نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ* عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ.
تفسير الشيخ الشعراوي
///////////////////////////////
ذكر السهيلي الخلاف بين العلماء في أن الروح هي النفس أو غيرها، وقرر أنها ذات لطيفة كالهواء، سارية في الجسد كسريان الماء في عروق الشجر، وقرر أن الروح التي ينفخها الملك في الجنين هي النفس بشرط اتصالها بالبدن واكتسابها بسببه صفات مدح أو ذم، فهي إما نفس مطمئنة أو أمارة بالسوء، كما أن الماء هو حياة الشجر ثم يكسب بسبب اختلاطه معها اسماً خاصاً، فإذا اتصل بالعنبة وعصر منها ماءً صار ماءً مُصْطاراً أو خمراً، ولا يقال له "ماء" حينئذ إلا على سبيل المجاز، وكذا لا يقال للنفس "روح" إلا على هذا النحو، وكذا لا يقال للروح "نفس" إلا باعتبار ما تئول إليه، فحاصل ما نقول: إن الروح هي أصل النفس ومادتها، والنفس مركبة منها ومن اتصالها بالبدن، فهي هي من وجه، لا من كل وجه، وهذا معنى حسن، والله أعلم.
قلت: وقد تكلم الناس في ماهية الروح وأحكامها، وصنفوا في ذلك كتباً، ومن أحسن من تكلم على ذلك الحافظ ابن منده في كتاب سمعناه في الروح.

الروح أمر غيبي، ويكفي أن نقول بأنها هي التي تعمر الجسد، أما ماهيتها فذلك مما اختص الله -تبارك وتعالى- به، والكلام الذي أورده ابن كثير -رحمه الله- هنا يتعلق بالفرق بين النفس والروح، حاصله أن الروح هي أصل النفس، ولكن ذلك يكون بعد ملابسة الروح للجسد، فإذا اتصلت بالجسد قيل لها: نفس، وأما بمفردها فلا يقال لها: نفس، وهو كلام له حظ من النظر، لكن القطع بهذا لا شك أنه يتوقف على معرفة حقيقة الروح، فمن الناس من يقول: النفس هي الروح، ومنهم من يفرق بينهما، فهذا من الفروق التي لها حظ من النظر، والعلم عند الله -، فروح الإنسان إذا خرجت وهي منفردة عن الجسد يقال لها روح، ولا يقال لها نفس إلا إذا كانت متصلة بالجسد، فإذا انفكت منه قيل لها: روح، ومجموع الروح والجسد يقال له: إنسان، والجسد بلا روح يقال له: جثمان، ولا يقال: نفخ الملَك فيه النفْس، وإنما يقال: نفخ الملك فيه الروح، -والله أعلم.
موقع خالد السبت





قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
فوائد هامة للشيخ ابن تيمية ،فوائد من المجلد العاشر من فتاوى شيخ الإسلام ابن أم أمة الله المنتدي الاسلامي العام
قصص القرآن الكريم .. حبيبة أبوها القرآن الكريم
في واجبات الزوجة تجاه زوجها النجمة الذهبية الثقافة والتوجيهات الزوجية
بعض جوانب الإعجاز العلمي في سورة يوسف ملك قلبى القرآن الكريم
زكاة الفطر مَسائِلُ وأحكامٌ لؤلؤة الحَياة عدلات في رمضان


الساعة الآن 02:43 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل