سيدة نساء العالمين
البضعة النبوية
السيدة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
أمها السيدة خديجة رضى الله عنها بنت خويلد وأم المؤمنين وكانت تُكنى أم أبيها ولدت وقريش تبنى الكعبة قبل بعثة النبى صلى الله عليه وسلم بقليل تزوجها الإمام علّى بن أبى طالب كرم الله وجهه فى ذى القعدة أو قبيله من سنة إثنتين بعد وقعة بدر وكان زواجه بها بعد عُرس زواج السيدة أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها برسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعة أشهر ونصف وإبتنى بها بعد تزويجه إياها بسبعة أشهر ونصف - ولعل هذا يفسر ما قيل من أنه تزوجها بعد أُحد - ولفاطمة وقتئذ خمس عشرة سنة وخمس أشهر ونصف وكان مهرها درعه وروى فى كيفية خِطبتها عن على بن أبى طالب - كرم الله وجهه - قال :
خَطبتُ فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت مولاة لى :
هل علمت أن فاطمة خُطبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فقلت :
لا ؟
قالت :
خطبت فما يمنعك أن تأتى رسول الله فيزوجك ؟
فقلت :
وعندى شيئ أتزوج به ؟
فقالت :
إنك إن جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجك فوالله ما زالت ترجينى حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم - وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم جلالة وهيبة - فلما قعدت بين يديه أفحمت فوالله ما أستطيع أن أتكلم
فقال :
ما جاء بك ؟ ألك حاجة ؟
فسكت
فقال :
لعلك جئت تخطب فاطمة ؟
قلت :
نعم
قال :
وهل عندك من شيئ تستحلها به ؟
فقلت :
لا والله يا رسول الله
فقال :
فما فعلت بالدرع التى سلحكتها ؟
فقلت :
عندى والذى نفس على بيده إنها لحطيمة " أى تحطم السيوف - تكسرها -
قال :
ما ثمنها ؟
قلت :
أربعمائة درهم
قال :
قد زوجتك
ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة البناء بفاطمة بماء فتوضأ منه ثم أفرغه على علّى وقال :
اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما فى نسلهما
وقد أنجب منها على كرم الله وجهه الحسن والحسين ومحمداً وأم كلثوم وزينب
وقد تزوجت أبنتهما أم كلثوم من عمر بن الخطاب وإبنتهما زينب من عبدالله بن جعفر بن أبى طالب
رضى الله عنهم جميعاً وصح أن النبى صلى الله عليه وسلم جلل فاطمة وزوجها وإبنتهما بكساء وقال :
اللهم هؤلاء أهل بيتى اللهم فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً
وعن أم سلمة رضى الله عنها قالت :
فى بيتى نزلت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
قالت :
فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فاطمة وعلى والحسن والحُسين فقال هؤلاء أهلى
فقلت :
يا رسول الله أفما أنا من أهل البيت ؟
قال :
بلى إن شاء الله عز وجل .
ونظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى على وفاطمة والحسن والحسين فقال :
أنا حرب لمن حاربكم سلم لمن سالمكم
وعن علّى كرم الله وجهه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة رضى الله عنها :
إن الله يغضب لغضبكِ ويرضى لرضاكِ
وكان صلى الله عليه وسلم يقول :
لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أدخله الله النار
وكان على رضى الله عنه يقول لأمه :
أكفى فاطمة الخدمة خارجاً وتكفيك هى العمل فى البيت والعجن والخبز والطحن
وكان النبى صلى الله عليه وسلم يحب فاطمة رضى الله عنها ويكرمها ويسر إليها وعن رجل سمع على بن أبى طالب كرم الله وجهه يقول :
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت :
أينا أحب إليك أنا أو فاطمة ؟
قال :
فاطمة أحب إلى منك وأنت أعز علّى منها
وسُئلت السيدة عائشة رضى الله عنها أى الناس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
قالت :
فاطمة
قيل :
من الرجال ؟
قالت :
زوجها إن كان ما علمت صواماً قواماً
وكانت السيدة فاطمة رضى الله عنها صابرة ديّنة خيرة صيّنة قانعة شاكرة له تعالى .. وصفتها السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها قالت :
ما رأيت أحداً أشبه كلاماً وحديثاً برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة وكانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبلها ورحب بها وكذلك كانت هى تصنع به صلى الله عليه وسلم
وعن بن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا قدّم من سفر قبّل إبنته فاطمة .
ومن مواقف المسارة ما حكته السيدة عائشة رضى الله عنها قالت :
كنا - أزواج النبى صلى الله عليه وسلم - إجتمعنا عنده لم يغادر منهن واحدة فجاءت فاطمة تمشى ما تخطئ مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلما رأها رحب بها قال :
مرحباً يا بنيتى ثم أقعدها عن يمينه أو عن يساره ثم سارها فبكت ثم سارها ثانية فضحكت فقلت :
ما رأيت اليوم فرحاً أقرب من حزن فلما قام قلت لها :
خصّك رسول الله بالسر وأنت تبكين عزمت عليك بما لى عليكِ من حق لما أخبرتنى مم ضحكتِ ؟ ومم بكيتِ ؟
قالت :
ما كنتُ لأفشى سر رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فلما توفى قلت لها :
عزمت عليكِ بما لى عليكِ من حق لما أخبرتنى
قالت :
أما الآن فنعم فى المرة الأولى حدثنى أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل سنة مرة وأنه عارضنى العام فى هذه السنة مرتين وأنى لأحسب ذلك إلا عند إقتراب أجلى فإتقى الله وإصبرى فنعم السلف لك أنا فبكيت فلما رأى جزعى قال :
أما ترضين أن تكونى سيدة نساء العالمين أو سيدة نساء هذه الأمة ؟
قالت :
فضحكت
ولم يرضى النبى صلى الله عليه وسلم أن يُزوجّ عليها علّى إبنة أبى جهل وقال :
والله لا تجتمع بنت نبى الله وبنت عدو الله وإنما فاطمة بضعة منى يريبنى ما رابها ويؤذينى ما آذاها
وفى رواية وأنا أكره أن يفتنوها وفى رواية ثالثة وأنا أتخوّف أن تُفتن فى دينها فلم يتزوج عليها حتى ماتت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر ببيتها ليوقظها وزوجها للصلاة إذا خرج لصلاة الفجر ويقول :
الصلاة يا أهل بيت محمد
وقد تأثرت لموت أبيها ومكثت بعده ستة أشهر وهى تذوب وما رويت ضاحكة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم حتى لحقت بربها ومن تقديرها لزوجها ما قيل من أنها لما مرضتّ أتى أبو بكر رضى الله عنه فإستأذن فقال على :
يا فاطمة هذا أبو بكر يستأذن عليكِ
فقالت :
أتحب أن آذن له ؟
قال :
نعم .. فلم تأذن فى بيت زوجها إلا بأمره .
وعاشت أربعاً أو خمساً وعشرين سنة وأكثر ما قيل إنها عاشت تسعاً وعشرين سنة والأول أصح وكانت وفاتها ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من شهر رمضان سنة إحدى عشرة قيل كانت وفاتها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر وهذا أصح وغسلها زوجها علّى كرم الله وجهه وأسماء بنت عُميس بوصية منها قبل وفاتها رضى الله عنها ودفنت ليلاً وصلى عليها العباس وطلبت أن يغطى نعشها بجريد عليه ثوب كما حدثتها أسماء بنت عميس فيما كان يصنعه أهل الحبشة فكانت أول من غطى نعشه فى الإسلام على تلك الصفة .
وعن علّى كرم الله وجهه قال :
سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
إذا كان يوم القيامة نادى مناد من وراء الحجاب يا أهل الجمع غضوا أبصاركم عن فاطمة بنت محمد حتى تمر .
وشهد رسول الله صلى الله عليه وسلملها ولزوجها وإبناها بالجنة فعن علّى رضى الله عنه قال :
دَخلَ علّى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا نائم فإستسقى الحسن أو الحسين قال :
فقام النبى صلى الله عليه وسلم إلى شاة لنا بكئ - قليلة اللبن - فحلبها فدّرت فجاء الحسن فنحاه النبى صلى الله عليه وسلم فقالت فاطمة :
يا رسول الله كأنه أحبهما إليك ؟
قال :
لا لكن إستسقى قبل .. ثم قال :
إنا وإياك وهذين وهذا الراقد فى مكان واحد يوم القيامة
يتبع يرجى عدم الرد
السيدة فاطمة بنت أسد
رضى الله عنها
هى السيدة فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبدمناف القرشية الهاشمية والدة الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه وأم إخوته :
طالب وعقيل وجعفر وهى حماة السيدة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمت وكانت من المهاجرات الأوائل إلى المدينة والذى يدل على هجرتها ما جرى بينها وبين إبنها الإمام على كرم الله وجهه حينما تزوج السيدة فاطمة رضى الله عنها وأراد تقسيم العمل بين أمه وزوجته فقال لأمه :
أكفى فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سقاية الماء والذهاب فى الحاجة وتكفيكِ الداخل الطحن والعجن فهذا يدل على هجرتها لأن علياً تزوج السيدة فاطمة بالمدينة .
والسيدة فاطمة بنت أسد رضى الله عنها أول هاشمية ولدت لهاشمى وأول هاشمية ولدت خليفة .
عن بن عباس رضى الله عنهما قال :
لما ماتت فاطمة أم على ألبسها النبى صلى الله عليه وسلم قميصه وإضطجع معها فى قبرها فقالوا :
ما رأيناك يا رسول الله صنعت هذا !
فقال :
إنه لم يكن أحد بعد أبى طالب أبّر بى منها إنما ألبسها قميصى لتكسى من حُلل الجنة وإضطجعت معها ليهون عليها .
ودعا لها بالجزاء الحسن .
يتبع