يا أخت فاطمةٍ..!
هذه القصيدة قالها الشاعر عبد الرحمن العشماوي بمناسبة انعقاد مؤتمر بكين عن المرأة عام 1417هـ:
شدي وثاق الطهر.. لا تتغربي ***- عن عالم الدين الحنيف الأرحبِ
شدي وثاق الطهر.. سيري حرة ***- لا تُخدعي بحديث كل مخربِ
لك من رحاب المجد أخصبُ بقعةٍ ***- ولغيركِ الأرض التي لم تخصبِ
لك من عيون الحق أصفى مشربِ ***- ولعاشقاتِ الوهمِ أسوأ مشربِ
هزّي إليكِ بجذع نخلتنا التي ***- تُعطي عطاءَ الخير دون تهيّبِ
وقفي على نهر المروءة إنه ***- يروي العطاش بمائه المستعذَبِ
وإذا رأيتِ الهابطاتِ فحوقلي ***- وقفي على قمم الهدى وتحجبي
إن الحجاب هو التحرر من هوى ***- جلادةٍ ذات الهوى المتذبذب
وهو الطريق إلى صفاء سريرةٍ ***- وعلو منزلةٍ ورفعةِ منصب
هذي فتاة الغرب مات ضميرها ***- وتعلقت بوميض برقٍ خُلّبِ
هي لو علمت ضحية لعصابة ***- ذهبت لجلب المال أسوأ مذهبِ
هي صورةٌ لمجلة ..هي لعبةٌ ***- لعبت بها كفّ العصيّ المذنب
هي لوحة قد علّقت في حائطٍ ***- هي سلعة بيعت لكل مخربِ
هي شهوة وقتية لمسافرٍ ***- هي آلة مصنوعة لمهربِ
هي رغبةٌ في ليلة مأفونة ***- تُرمَى وراء الباب بعد تحبب
هي دنيا لمسابقات جمالهن ***- جُلِبَت ولو عصت الهوى لم تجلب
ياربة البيت الكريم .. لواؤها ***- بالطهر مرفوعٌ عظيم الموكب
البيت مملكة الفتاة وحصنها ***- تحميها من لصِّ العفاف الأجنبي
لا تركني لقرار مؤتمر الهوى ***- فسجيةُ الداعي سجية ثعلبِ
لا تخدعنّك لفظةٌ معسولة ***- مزجت معانيها بسم العقربِ
شتان بين الماء يُشربُ صافياً ***- والماء يشرب بالقذى والطُّحلب
شتان بين الشمس لما أشرقت ***- والشمس حين تلفعت بالمغربِ
شتان بين مسافرٍ متزودٍ ***- ومسافرٍ يقتات عود العُثرُبِ *
لو أن مؤتمراتهم نظرت إلى ***- دمع اليتامى في ملاجيء زغرب
ورأت سراييفو تئن نساؤها ***- من ظلم أتباع الهوى المتقلبِ
لو أنصفت لدعت إلى نبذ الهوى ***- عن ساحة الرأي الحكيم الأصوب
يا ربة البيت الكريم، لِبَابهِ ***- قفلٌ من التقوى وميراث النبي
لا تتركيه وتخرجي ؛ فلربما ***- طردتك نابحةً كلاب الحوأب
قولي لمن أكلت بثدييها اسكني ***- في كهف رغبتكِ الرخيصة واغربي
فلسوف تلقين الندامة عندما ***- يستوقف الإيجاز قول المطنب
يا ربة البيت الكريم قصائدي ***- من غير ينبوع الهدى لم تشربِ
أنا لم أبالغ، ماكتبت قصيدة ***- إلا وفيها سرّ مالم أكتبِ
أرسلت للشعر العنان فلم يزل ***- في عالم الخلق الرفيع يطير بي
هو مركبي في لجة العصر الذي ***- مازال في الأمواج يلطم مركبي
هو صوتيَ الأعلى وجسر مشاعري ***- وهو المعبر عن فؤادي المتعبِ
فإذا سمعتِ نداء شعري فاعلمي ***- أن الحقيقة عندي لم تتغيبِ
يا أخت فاطمةٍ.. وبنت خديجة ***- ووريثة الخلق الكريم الطيب
إن العفاف هو السماء فحلّقي ***- وبطيب أخلاق الكرام تطيبي
قولي لتجّار الهوى لن تربحوا ***- إلا إذا نطقت حجارةُ أُثربِ**
أنا ربَّةُ البيت الكريم ولن أقوى ***- إلا على شرفٍ عزيز المطلبِ
قولي لعصرٍ تاه في مدنيةٍ عمياء ***- قد لبست عباءة غيهبِ
إن كان قائدُ كل ذاتِ جديلة ***- نزق الهوى؛ فالأرض أتعس كوكبِ!
* العُثرب: نبات موجود في المنطقة الجنوبية، و ينبت في صحراء نجد في الربيع.
** الأُثرب: جبل معروف.