رد: صور من التابعين
لترجمة السادسة: الأسود بن يزيد النخعي.
سئل الشعبي -رحمه الله- عن الأسود بن يزيد فقال: "كان صواما قواما حجاجا."
حديثنا في هذه الترجمة المباركة عن صحابي مخضرم أدرك الجاهلية و الإسلام، فكان لهذه المرحلة التي عاشها ما قبل الإسلام –الجاهلية- و مرحلة الإسلام الأثر البليغ، فقد عاش الجاهلية و استشعر واقعها. و عاش الإسلام بسماحته و سمو شريعته و علو منزلته عند الله (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) سورة آل عمران: 19
أي لا دين مرضي عند الله تعالى سوى الإسلام.
قال الذهبي في السير: ابن قيس، الإمام، القدوة، أبو عمرو النخعي الكوفي.
وقيل: يكنى أبا عبد الرحمن، وهو أخو عبد الرحمن بن يزيد، ووالد عبد الرحمن بن الأسود، وابن أخي علقمة بن قيس، وخال إبراهيم النخعي.
فهؤلاء أهل بيت من رؤوس العلم والعمل.
وكان الأسود مخضرما، أدرك الجاهلية والإسلام.
وهو نظير مسروق في الجلالة و العلم والثقة والسن يضرب بعبادتهما المثل. اهـ. كلام الذهبي.
قلت : "كان من أهل بيت من رؤوس العلم و العمل" صدق الذهبي رحمه الله، فإبراهيم النخعي خاله هو الإِمَامُ، الحَافِظُ فقيه العراق، َكَانَ بَصِيْراً بِعِلْمِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَاسِعَ الرِّوَايَةِ، فَقِيْهَ النَّفْسِ، كَبِيْرَ الشَّأْنِ، كَثِيْرَ المَحَاسِن.ِ و علقمة فَقِيْهُ الكُوْفَةِ، وَعَالِمُهَا، وَمُقْرِئُهَا، الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، المُجْتَهِدُ الكَبِيْرُ. أما أخوه عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ فهوالإِمَامُ الفَقِيْهُ. فهذا هو النشء الذي تربى فيه الأسود فكيف لا يكون قدوة إماما، صواما قواما.
كان رحمه الله من كبار التابعين، ومن رواة عبد الله بن مسعود. روى عن أبى بكر، وعمر، وعلىّ، وحذيفة، وبلال، وغيرهم. وكان رحمه الله ثقة، صالحاً، على جانب عظيم من الفهم لكتاب الله تعالى.
قال فيه الإمام أحمد: ثقة من أهل الخير. وقال فيه يحيى بن معين: ثقة. وقال ابن سعد: ثقة وله أحاديث صالحة. وهو عند أصحاب الكتب الستة.
وذكره إبراهيم النخعى فيمن كان يُفتى من أصحاب ابن مسعود.
وقال ابن حبان فى الثقات: كان فقيهاً زاهداً.
أحواله الإيمانية:
كان الأسود يختم القرآن في كل ست وفي رمضان في كل ليلتين وكان علقمة يختمه في خمس.
كما كان رحمه الله يصوم الدهر، وذهبت إحدى عينيه من الصوم.
وروى يزيد بن عطاء عن علقمة بن مرثد قال كان الأسود بن يزيد يصوم حتى يخضر جسده ولقد حج ثمانين من حجة وعمرة.
وفاته:
توفى بالكوفى سنة 74 هـ (أربع وسبعين، أو خمس وسبعين من الهجرة) على الخلاف فى ذلك.