رد: أقباس من سورة يوسف
8- الحُسْن.
وتتكرر كلمة الحسن ومشتقاتها ثماني مرات:
( نحن نقص عليك أحسن القصص )
الآية 3.
( آتيناه حكماً وعلماً وكذلك نجزي المحسنين )
الآية 22.
( إنه ربي أحسن مثواي )
الآية 23.
( نبئنا بتأويله إنه نراك من المحسنين )
الآية 36.
( نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين )
الآية 56.
( إن له أبا شيخاً كبيراً فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين )
الآية 78.
( إنه من يتقِ ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين )
الآية 90.
( وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن )
الآية 100.
أما حُسن صورة يوسف، فقد كانت سبباً في تعرضه لفتنة الإغراء والدعوة إلى الفاحشة من امرأة العزيز ثم من النسوة الأخريات. ولعل هذا الحسن نفسه كان وراء غيرة إخوة يوسف التي أدّت إلى التآمر عليه وإلقائه في الجب. ولم يكن هذا الحسن هو السبب في تمكينه بعدئذ وتقريبه من الملك. بل كان حُسنٌ آخر وراء هذا التمكين: إنه حُسْن السيرة وحسن المنطق، فبعد أن تأكد للملك براءة يوسف من كل ما اتُّهم به، ورأى نصاعة خلقه وسيرته ( وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلّمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين )!.
9- ولعل من حُسْن نفس يوسف ولباقته وحكمته ما رأيناه منه وهو يتلطف في مواجهة الفتيين بتأويل أحلامهما. وقد كان واضحاً من تأويل الرؤيا أن أولهما سيكون نديم الملك، وأن الآخر سيكون مصيره الصَّلب. لكنه لم يقل إن تأويل رؤيا الأول كذا، وتأويل رؤيا الثاني كذا، بل قال: ( أما أحدكما فيسقي ربّه خمراً وأما الآخر فيُصلب فتأكل الطير من رأسه ) وكأنه ترك للثاني كُوَّة من الأمل، مهما تكن ضئيلة، أن لا يكون هو الذي يُصلَب!.
10- الطبقة المترفة المخملية البعيدة عن هدي الله، يهون عليها ارتكاب الفاحشة، وتتستّر على ما يقع في ذلك بأهون الوسائل. فحين ثبت للعزيز أن امرأته هي التي أغرت يوسف وحاولت أن تغويه، وهو الذي أبى... كان جوابه: ( يوسف أعرضْ عن هذا واستغفري لذنبك إنكِ كنتِ من الخاطئين ).
11- وفي السورة كذلك إشارة إلى أن القرائن في إثبات الجريمة لا تقل شأناً عن شهادة الشهود. وهذا ما نجده في قول الشاهد "من أهلها": ( إن كان قميصه قُدَّ من قُبُل فصدقت وهو من الكاذبين * وإن كان قميصه قُدّ من دُبُرٍ فكذبت وهو من الصادقين ).
12- هذا إلى جانب إشارات كثيرة، وتوجيهات عالية، وإضاءات باهرة، تنساب بين الآيات الكريمة كما ينساب النسغ في الغصن الرطيب.
عن مركز الشرق العربي