نكات طريفة
طوفان الطامحين المغمورين في منصب الرئاسة أطلق العنان لسخرية المصريين ولإطلاق النكات الطريفة.
فقد ظهرت في مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت مثل "فيسبوك" و"تويتر" تعليقات تقول: "ليه (لماذا) تنتخب طالما ممكن تترشح؟" و"القبض على عشرة مواطنين في ميكروباص (حافلة صغيرة) هاربين من تأدية خدمة الترشح للرئاسة".
ومن التعليقات الطريفة التي تداولها مختلفة منها أيضا: "بيقولك من أمراض الشيخوخة: الزهايمر، التهاب المفاصل، وتصلب الشرايين والترشح اللا إرادي لرئاسة الجمهورية".
وقال ناشط إلكتروني معلقا على حمى الترشح للرئاسة: "أنا بيتهألي إن بعد كمية البشر دي اللي اترشحو للرئاسة.. إن إحنا المواطنين المحتملين".
وقال آخر: "أنا مترشح للرئاسة وسوف أقوم بزيارة جاري في الشقة المجاورة المترشح للرئاسة أيضاً لمناقشة سبل التعاون ضد مرشح الرئاسة في الدور الأول".
وثالث يقول: "شعار الانتخابات الرئاسية في2012.. ليه تنتخب لما ممكن تترشح؟".
وأحدهم يتندر قائلا: "خبر عاجل: التليفزيون المصري يعلن بعد قليل أسماء المصريين الذين لم يترشحوا للرئاسة"، مضيفا: "أسرة مصرية تترشح جميعها للرئاسة الأب والأم والأبناء وبكده فرصتهم في الفوز تكبر".
وقال آخر: "في أول يوم أكتر من 200 واحد تقدم للترشح، يعنى على آخر يوم حنلاقي الشعب كله مترشح للانتخابات، وبقى نشوف شعب تاني (آخر) ينتخب".
لماذا نصادر أحلامهم
إنها فعلا تجربة جديدة لم يعايشها المواطن المصري من قبل والتي تتمثل في ممارسة حقه الديمقراطي في أن يترشح، فهل هذا "الشو الإعلامي" الذي تغذيه الصحف والفضائيات يحمل في طياته إيجابيات التجربة أم أن كله سلبيات تضعنا في صورة مشوهة أمام العالم الخارجي؟
يجيب عن هذا التساؤل الدكتور حسن جميعي، وكيل كلية الحقوق جامعة القاهرة، قائلا: "لماذا نصادر أحلام الناس؟، أليس من حق كل مواطن أن يترشح لمنصب كان محرما عليه أن يفكر مجرد التفكير في ذلك؟".
ويقول: "أراها صورة مشرفة لكل إنسان مصري مهما كان فقيرا أن يحلم بإدارة دولة وفى النهاية لن ينجح إلا من يحظى بثقة غالبية الشعب لذا علينا ألا نقتل أحلامهم أو أوهامهم". ويضيف: "البعض سعيد بكاميرات المصورين وهى تلتقط صوره وتنشرها الصحف وتتحدث عنه الفضائيات وهو واثق من أن دوره مجرد هذه اللقطات فقط. إذن هي مجرد طموحات لمواطنين يجب أن نشجعهم عليها وليس العكس".
ويتابع: "أما من حيث وضع ضوابط للترشح كما طالب البعض فهي موجودة ومتمثلة في شرط التوكيلات من 30 ألف مواطن أو توقيعات من نواب الشعب فسحب الملف لا يعنى الترشح وظاهرة كثرة عدد المتقدمين لا تزعج أحدا وهى حق لأي شخص وهذا ما سمح به الإعلان الدستوري. وإذا كان في هذا الموضوع ما يزعج فيمكن تدارك ذلك في الدستور الجديد بوضع ضوابط أو شروط مقيده خاصة بالمؤهل مثلا للحد من عدد المتقدمين مستقبلا".
واختتم تصريحاته بالقول: "في كل الأحوال لا أرى سلبيات في هذا المشهد ولا أعتقد أنه ينقل صورة مشوهة عنا في الخارج وقد عشت في عدة دول أجنبية لمدة 17 سنة وأعرف كيف يفكرون بل على العكس سوف يعبر ذلك عن الحرية والديمقراطية".
أما خالد أبو كريشة وكيل نقابة المحامين المصرية فيرى أن الإقبال الكبير على سحب ملف الترشح للرئاسة يعكس رغبة في الظهور الإعلامي في بلد يتعلم الديمقراطية.
وقال: "يجب أن يتسع صدرنا لكل التجاوزات من هذا النوع، ولا سبيل للعلاج بنصوص منع أو تقييد، بل بالتعود على الممارسة والتجربة والتعلم من الخطأ لاكتساب النضج السياسي، وبعد فترة سوف تزول هذه الممارسات التي نراها الآن غريبة على المشهد السياسي".
وأضاف: "الشعب لم يتعود من قبل على حرية الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وهناك فوضى سببها حداثة التجربة بالشأن الديمقراطي، ولابد أن نتقبل كل ذلك لأنه لا سبيل للديمقراطية إلا باختبار الخطأ حتى نتعلم الصواب ولا علاج لعيوب الديمقراطية إلا بمزيد من الديمقراطية، فلننظر إذن للمسألة على أنها نوع من الكوميديا والتشويق وهذا ما يفعله الإعلام".
لكن أستاذ العلوم السياسية حسن نافعة "لا يُستبعد أن يكون هناك من يحاول من وراء ستار إضفاء طابع هزلي على الترشح ويدفع أفرادا غير مؤهلين للمنصب حتى يفقد المرشحون الجادون بعض الأهلية رغم أن انتخابات الرئاسة بالغة الحساسية والأهمية".
ويضيف: "ربما أن البعض يبحث عن الظهور الإعلامي وأن بعضا آخر يجهل تعقيدات عملية الترشح التي تحتاج لتأييد 30 عضوا منتخبا في البرلمان أو 30 ألف ناخب. هناك بالضرورة الأقلية القليلة جدا التي ربما تكون جادة ولديها طموح واعتقاد بالأهلية".
ويؤكد بعض الخبراء أنه بعد تهاوي أسطورة "الحزب الوطني الحاكم"، بفعل ثورة 25 يناير، وبعد أن سقط النظام الذي تعمّد إقصاء المعارضين له عن الحياة السياسية، وبعدما جاء برلمان 2025 بمصر بالتزوير والتزييف، وخلا نهائياً من رموز المعارضة الحقيقية، تنسَّم المصريون الصعداء، وسارعوا للمشاركة السياسية في انتخابات برلمان الثورة 2025، في محاولة منهم لتعويض أعوام طويلة ذاقوا فيها مرارة الابتعاد عن السياسة، والتهميش المتعمَّد من قِبَل الحكومة.
وقال حسن سلامة أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية: "ما يحدث أقرب إلى التعبير عن بدايات جديدة لعهد جديد. هو نوع من إثبات الذات وأنه لا شيء بعيد عن الناس بما في ذلك منصب الرئيس". وأضاف: "هذا تعبير رمزي أكثر منه تنافسي"