السؤال: يقول ما حكم الشرع في نظركم يا شيخ محمد في يمدحون الرسول أقصد الشيوخ الذين يمدحون الرسول وهم يستعملون المزمار والعود والطبلة وما حكم أيضاً المقرئين الذين يشترطون على عائلة المتوفى من أجرهم وهل هناك فصال في كتاب الله؟
الجواب
الشيخ: الواقع أن هذا السؤال تضمن مسالتين المسألة الأولى أولئك الشيوخ الذين يمدحون رسول الله صلى الله عليه وسلم مدحاً مقروناً بآلات اللهو فنقول في الجواب على هذا أولاً هذه المدائح هل هي مدائح حق لا تخرج إلى الغلو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم أو هي مدائح تتضمن الغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن ينزل فوق منزلته التي أنزلها الله كالمدائح التي تجعل للنبي صلى الله عليه وسلم حظاً من التصرف في الكون بل ربما تجعل الكون كله عائداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كقول بعضهم فإن من جودك الدنيا يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم. فإن هذه المدائح وأمثالها كفر بالله عز وجل سواء اقترنت بآلة لهو أم لم تقترن ولا يحل لمؤمن أن يقولها في رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما بعث لتطهير الناس من مثل هذه الأمور التي تؤدي إلى الشرك المخلوق بالخالق فيما يستحقه سبحانه وتعالى. ثانياً إذا كانت هذه المدائح مدائح حق لا غلو فيها ولكنهم جعلوها مصحوبة بهذه المزامير وآلات اللهو فإن هذا محرم لأنها اقترنت بما حرمه النبي صلى الله عليه وسلم إذ أن المعازف وآلات اللهو كلها حرام إلا ما استثني منها من الدفوف في الأوقات التي أبيحت فيها ويدل لتحريمها ما رواه البخاري من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحرى والحرير والخمر والمعازف. والمعازف هي آلات اللهو كما ذكر ذلك أهل العلم وفي قرنها بالزنا وشرب الخمر دليل على قبحها وتأكد تحريمها فهؤلاء الذين يمدحون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدائح المقرونة بآلات اللهو كأنما يسخرون به صلى الله عليه وسلم حيث مدحوه وعظموه بما حرمه على أمته ومنعهم منه أما المسألة الثانية مما تضمنه هذا السؤال فهو قراءة القراء القرآن للأموات بعد موتهم وأخذهم الأجرة على ذلك فإن هذا أيضاً من الابتداع في دين الله عز وجل وقراءة القاري الذي لا يقرأ ألا بأجرة ليس فيها ثواب لأن قراءة القرآن عمل صالح وإذا أريد بالعمل الصالح الدنيا حبط وبطل أجره كما قال الله تعالى (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفي إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة ألا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون) وإذا بطل أجره أي أجر هذا القاري بالأجرة لم يحصل للميت انتفاع من قراءته وحينئذٍ يكون هؤلاء الذين استأجروا القاري ليقرأ القرآن لميتهم قد خسروا في الدنيا والآخرة أما خسارتهم في الدنيا فهي بذل المال في أمر لا ينفع الميت وأما خسارتهم في الآخرة فلأنهم استأجروا هذا الرجل أن يقرأ كتاب الله بعوض من الدنيا فأعانوه على الإثم ومن يعين على الإثم آثم لأن الله سبحانه وتعالى يقول (ولا تعانوا على الإثم والعدوان) وإن نصيحتي لهذين الصنفين من الناس الصنف الأول أولئك المداحون الذين يمدحون رسول الله صلى الله عليه وسلم بما نهاهم عنه من الغلو فيه أو الذين يمدحونه مدحاً مقتصرين فيه ولكنهم يقرنونه كما نهى الله عنه وكذلك الصنف الثاني الذين يقرءون القرآن في المآتم للأموات بالأجرة أنصحهم جميعاً أن يتقوا الله عز وجل وأن يكونوا في عباداتهم القولية والفعلية والاعتقادية متمشين على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم التي التمسك بها خير وفلاح في الدنيا والآخرة وهذا الأمر وإن كان قد يشق عليهم بل وإن كان الشيطان قد يريهم أن ذلك شاق عليهم وأنهم يطلبون به بما يطلبونه من المال والجاه فليصبروا على ذلك وليحتسبوا ثواب الله عز وجل الذي لا حصر له ولا نهاية إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب وليصبروا على ترك هذه الأمور المحرمة حتى يكونوا أئمة يهدون بأمر الله وكانوا بآيات الله يوقنون نعم؟
السؤال: بارك الله فيكم أيضاً المستمع يقول يا شيخ محمد في بعض البلاد الإسلامية يدرس تاريخ الإسلام بطريقة غير صحيحة مما يؤدي إلى بغض بعض الصحابة رضوان الله عليهم نرجو التوضيح خاصة عن موقف بعض المعارك نرجو منكم الإفادة؟
الجواب
الشيخ: ما قاله السائل صحيح فإن التاريخ في الحقيقة يزور ويشوه حسب ما تكون الدولة فهو خاضع مع الآسف للدولة بحيث توجهه حيث ما تريد وخاضع كذلك لبعض الأفكار التي تجترئ على الكذب وتستسيغه في جانب ما تدعوا إليه وتهدف إليه ولذلك نرى في كثير من كتب التاريخ أشياء مشوهة إن كان صدقاً وكثيراً وكثيراً مزورة مكذوبة لاسيما فيما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم مما هم فيه معذورون لأنهم مجتهدون ومن أصاب منهم له أجران ومن أخطأ فله أجر وخطأه مغفور فيجب على المرء أن يحذر من مثل هذه الكتب المزورة أو المشوهة بزيادة أو نقص لاسيما إذا كان يشعر بأن هذا الكتاب مثلاً يسيء إلى الصحابة رضي الله عنهم في تشويه حياتهم ومجتمعاتهم لأن القدح في الصحابة رضي الله عنهم ليس قدحاً في الصحابة أنفسهم فقط بل هو قدح فيهم وقدح في رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدح في الشريعة وقدح في الله سبحانه وتعالى لأنه إذا صار القدح في الصحابة رضي الله عنهم كان ذلك قدحاً في الشريعة لأنهم هم وسيلة النقل هم الذين نقلوها إلينا فإذا كانوا محل قدح وعيب فكيف نثق بالشريعة التي بين أيدينا وهي جاءت عن طريقهم وإذا كان قدحاً في الصحابة صار قدحاً في النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم أصحابه وأحبابه وناصروه على أعدائه والقدح في الصاحب قدح في المصحوب وإذا صار القدح وإذا كان القدح في الصحابة صار قدحاً في الله عز وجل فكيف يقال إن الله تعالى اختار لنبيه وهو أفضل خلقه مثل هؤلاء الأصحاب الذين هم محل القدح والسب والعيب إذن فالقدح في الصحابة قدح في الله وفي رسوله وفي شريعته والأمر أمر عظيم وكتب التاريخ قد يكون بعضها متناول لهذا الأمر مما يكون دالاً على القدح في الصحابة إما تصريحاً وإما تلميحاً فليحذر المؤمن من مثل هذه التواريخ التي تضله والله المستعان
السؤال: فضيلة الشيخ نود أن تعطونا نبذة عن خلق الملائكة وهل تأتي على صورة حيوان ما صحة ذلك؟
الجواب
الشيخ: نعم الملائكة عالم غيبي خلقهم الله سبحانه وتعالى من نور وكلفهم بما شاء من العبادات والأوامر واصطفى منهم رسلاً كما قال الله تعالى (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) فمنهم الرسل الموكلون بالوحي كجبريل عليه الصلاة والسلام ومنهم الرسل الموكلون بقبض أراوح بني آدم كما قال الله تعالى (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) ومنهم الكتبة الذين يكتبون أعمال بني آدم ومنهم الحفظة الذين يحفظونهم من أمر الله ومنهم السياحون الذين يسيحون في الأرض يتلمسون حلق الذكر إلى غير ذلك مما جاء في الكتاب والسنة من أعمالهم ووظائفهم وأما أوصافهم فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى جبريل وله ستمائة جناح قد سد الأفق ولكن مع هذا له قدرة بإذن الله عز وجل أن يكون على صورة إنسان كما جاء جبريل إلى النبي عليه الصلاة والسلام على صورة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه أحد من الصحابة فجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان وأشراط الساعة وعن الساعة وأشراطها وكما جاء إليه بصورة دحية الكلبي وكما أخبرنا النبي عليه الصلاة والسلام في قصة الثلاثة من بني إسرائيل الأبرص والأقرع والأعمى وأن الملك جاء إلى كل واحد منهم وسأله عن أحب ما يكون إليه ثم بعد أن أنعم الله عليهم بإزالة العيوب وبالمال عاد إليهم الملك بصورة كل واحد منهم قبل أن يزول عنه العيب ويحصل له الغنى والقصة معروفة مشهورة ثم إن الملائكة عليهم الصلاة والسلام لهم قدرة عظيمة وسرعة عظيمة في الطيران و الوصول إلى الغايات ألم ترى إلى قول سليمان عليه الصلاة والسلام (يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين) أي عرش بلقيس وهو السرير الذي تجلس عليه وهو عرش عظيم (قال عفريت من الجن أن أتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإن عليه لقوي أمين قال الذي عنده علم من الكتاب أنا أتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك) قال أهل العلم إن هذا الرجل دعا الله عز وجل فحملت الملائكة العرش حتى وضعته عند سليمان عليه الصلاة والسلام ثم ألم ترى إلى الإنسان يموت فتقبض الملائكة روحه وتصعد بها إلى الله عز وجل إذا كان مؤمناً إلى ما فوق السماوات و تعاد إليه روجه إذا دفن في قبره وكل هذا يدل على أن الملائكة عليهم الصلاة والسلام لهم قوة عظيمة وسرعة عظيمة ومن أراد أن يقف على شيء من أوصافهم وأحوالهم فليرجع إلى الكتب المصنفة في ذلك منها كتاب البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله نعم.
السؤال: يقول يا شيخ محمد أحياناً يوسوس لي الشيطان من خلق هذا إلى أن يقول لي من خلق الله سبحانه وتعالى واسهى كثيراً وأحزن وأترك هذا الموضوع أفيدوني على ما أصرف به هذا الوسواس وهل الوسواس يؤثر علي في حياتي؟
الجواب
الشيخ: هذا الوسواس لا يؤثر عليك وقد أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام أن الشيطان يأتي للإنسان فيقول من خلق كذا من خلق كذا إلى أن يقول من خلق الله وأعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدواء الناجع وهو أن نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وننتهي عن هذا فإذا طرأ عليك هذا الشيء وخطر ببالك فقل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وانتهي عنه وأعرض إعراضاً كلياً وسيزول بإذن الله نعم.
</b></i>