بيت الإنسان هو محكه الحقيقي الذي يبين حسن خلقه،وكمال أدبه، وطيب معشره، وصفاء معدنه، فهو خلف الغرف والجدران لا يراه أحد من البشر وهو مع مملوكه أو خادمه أو زوجته يتصرف على السجية وفي تواضع جم دون تصنع ولا مجاملات مع أنه السيد الآمر الناهي في هذا البيت وكل من تحت يده ضعفاء،
لنتأمل في حال رسول هذه الأمة وقائدها ومعلمها كيف هو في بيته مع هذه المنزلة العظيمة والدرجة الرفيعة!
«قيل لعائشة: ماذا كان يعمل رسول الله في بيته؟ قالت: كان بشرًا من البشر: يفلي ثوبه ويحلب شاته، ويخدم نفسه»(احمد والترمذي)
إنه نموذج للتواضع وعدم الكبر وتكليف الغير، إنه شريف المشاركة ونبيل الإعانة، وصفوة ولد آدم يقوم بكل ذلك، وهو في هذا البيت المبارك الذي شع منه نور هذا الدين لا يجد ما يملأ بطنه عليه الصلاة والسلام.
قال: النعمان بن بشير رضي الله عنه وهو يذكر حال النبي عليه أتم الصلاة وأزكى التسليم: «لقد رأيت نبيكم وما يجد من الدقل( رديء التمر ) ما يملأ بطنه»( مسلم)
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «إن كنا آل محمد نمكث شهرًا ما نستوقد بنار إن هو إلا التمر والماء»(البخاري ).
ولم يكن هناك ما يشغل النبي عن العبادة والطاعة.. فإذا سمع حي على الصلاة حي على الفلاح لبى النداء مسرعًا وترك الدنيا خلفه.
عن الأسود بن يزيد قال: سألت عائشة رضي الله عنها، ما كان النبي يصنع في البيت؟ قالت: «كان يكون في مهن أهله، فإذا سمع بالأذان خرج»(مسلم ).
ولم يؤثر عنه أنه صلى الفريضة في منزله ألبتة، إلا عندما مرض واشتدت عليه وطأة الحمى، وصعب عليه الخروج وذلك في مرض موته
ومع رحمته لأمته وشفقته عليهم إلا أنه أغلظ على من ترك الصلاة مع الجماعة فقال :
هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً أن يصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم»(متفق عليه ).
وما ذاك إلا من أهمية الصلاة في الجماعة وعظم أمرها.
قال : «من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر»(ابن ماجه وابن حبان )،
والعذر خوف أو مرض.
فأين المصلون اليوم؟
بجوار زوجاتهم وقد تركوا المساجد!!!
أين عذر المرض أو الخوف