رد: دليلك لتعليم طفلك القراءة والكتابة(اربعة اجزاء)
دليلك لتعليم طفلك القراءة والكتابة
(الحلقة الثالثة)
أنت تضعُ قدميك على بداية الطريق لتعليم طفلك وإكسابه مهاراتِ القراءة والكتابة، وطريقك طويلٌ وشاق، وأن تعترفَ بالصعوبات خير لك من تجاهلِها، قدِّرِ الصعوبات وتعامل معها بواقعيةٍ حتى لا تُصاب باليأس نتيجة الانغماس في الأحلامِ الوردية، أو أن تصابَ بالفشل.
ومن المفترضِ ألا تبدأ خطواتك الفعلية في تعليمِ الطفل القراءة والكتابة ما لم تتخطَّ المراحلَ التي تحدثنا عنها سابقًا، فعليك أن تنقلَ لطفلك أولاً قيمةَ الكتابة والقراءة، وأنهما معًا يمثلانِ وسيلةَ تواصل ممتازة ومفيدة، كما عليك أن تنقلَ إليه مفهوم التركيب والعلاقة بين الحروف والكلمات والجمل، والآن ما الخطوة التالية؟
الآن عليك أن تبدأَ في تعليمِ طفلك الحروف، ولا تعتبر تلك مرحلة سهلة يسيرة تقتصرُ على حفظِ الحروف وترديدها، فالمسألة أكثر عمقًا، فالحروفُ ليست إلا رموزًا، ولكل رمز دوره ومدلوله، ولكلِّ رمزٍ اسم وصوت، فحرف "أ" مثلاً يسمَّى: "ألف" ويقرأ: "آ"، وكذلك حرف: "ب" يسمَّى: "باء" ويقرأ "با"، كما أنَّ لكلِّ حرف عدة أشكال في الكتابة، وفي حين نجدُ أنَّ للحرفِ شكلين فقط في الإنجليزية؛ فإننا نجد لكلِّ حرفٍ في العربية شكلين وحتى أربعة أشكال، فحرف الواو مثلاً له شكلان فقط: (و، ـو)، أمَّا حرف الكاف فله أربعةُ أشكال: (ك، كـ، ـكـ، ـك)، وهذا ما يزيدُ صعوبة تعلم العربية في البداية، فيكون على الطِّفلِ أن يحفظَ عن ظهرِ قلب 28 حرفًا، مما يعني 28 اسمًا و28 صوتًا، ولكلِّ حرفٍ عدد متفاوت من الأشكال، ولك أن تتصورَ صعوبة العملية بالنسبة للطفل الصغير، ولِتجاوزِ هذه المرحلة بسهولة ويسر نحنُ ننصحك باتِّباعِ الآتي:
قم بعملِك كمعلم يُعنى بتوزيعِ المنهج الدراسي ووضع خطة العمل، وحضِّرْ دفترًا خاصًّا بك، دوِّن فيه الحروفَ مقسمة لمجموعات كالتالي:
(أ ب ت ث، ج ح خ، د ذ ر ز، س ش ص ض، ط ظ ع غ، ف ق ك ل، م ن، هـ وي).
وهذا يعني أنَّ لديك 8 مجموعات من الحروف، وسيتعين على طفلِك أن يحفظَ كل مجموعة في أسبوع بالترتيب، بحيث تحتاجُ لشهرين لحفظ الحروف.
ركِّزْ على أنَّ لكلِّ حرفٍ اسمًا وصوتًا فقط، واستخدم شكلَ الحرف المفرد في الكتابة، وتجنَّب الكتابةَ بالأحرف المتشابكة، فلحرفِ الألف شكلٌ واحد هو "أ"، وللجيم شكلٌ واحد هو "ج" وهكذا.
في بدايةِ كلِّ جلسة للتعلم احرص على إعادةِ ترديد الحروف من البداية وحتى نقطة التوقف في المرةِ السابقة، ورددها في مجموعاتٍ كما لقنتها لطفلك، فهذا يساعدُ على تذكرِها، كما يكسبها لحنًا مميزًا بالنسبة للطفل، وتجنب نطقَ الحروف بشكلٍ خاطئ، فحرف "ت" يسمَّى: "تاء" وليس: "ته"، وحرف "ض" يسمَّى: "ضاد" وليس "ظاد" وهكذا، واحرص على أن تنطقَ الحروف المتشابهة بشكل يميزها عن بعضِها البعض، فلا تخلط حرفي "س" و"ص" معًا، رقِّق الحروف المرققة، وفخِّم الحروفَ المفخمة، وحاول أن تبدو مخارجُ الحروف لديك واضحةً قدر الإمكان، وستجني ثمار مجهوداتك في هذه المرحلةِ لاحقًا - بإذن الله.
سجِّل في دفترِك مجموعاتٍ من الكلمات البسيطة مُقَسَّمة لمجموعات، لكن تذكَّرْ أن تتجنَّبَ أحرف المد في الكلمات، وكذلك الأحرف المشددة والساكنة، وابتعد عن الكلماتِ المنوَّنة أو المنتهية بتاء مربوطة أو ألف مقصورة، أو تلك المشتملة على همزةٍ ممدودة، أو أي شكلٍ من أشكالِ الهمزات، وكذلك تجنَّبْ "أل" التعريف، ولكي يسهل عليك تذكَّرُ ذلك دوِّنْ ما يلي في دفترِك:
أحرف يجب الابتعاد عنها:
(ا، و، ي): أحرف المد تأتي ساكنة، ة، ـة، ى، آ، ئـ، يء، ؤ، أ، ء، الـ.
ابدأ بالكلماتِ الثلاثية ذات الأحرف المفتوحة مثل: ذهب، كتب، أكل، جلس، ثم أتبعها بكلماتٍ ثلاثيةٍ متنوعةِ الحركات مثل: ربح، خسر، لحق، بصل، لبن، قمر، شجر، أسد، بقر، غنم، عنز، عنب، عسل.
في كلِّ أسبوعٍ قُمْ بتدريبِ طفلك على الأحرفِ المطلوبة، واستعن بالصورِ التي تعبر عن أشياء تتضمَّنُ مسمياتها ذات الحرف، على أن يذكر الحرف مرة في بدايةِ الكلمة ومرة في وسطِها، ومرة في نهايتها، ولا تطالبْ طفلَك أبدًا بقراءةِ الكلمات المكتوبة، لكن اكتبها بنفسِك بأحرفٍ مفككة مثل: ب ل ح، واقرأها مع تمريرِ إصبعك على الحروف، واترك الصورَ ومسمياتها في مكانٍ قريب وفي متناول الطفلِ دائمًا.
تذكَّرْ أنَّ زيادة الحصيلة اللغوية للطفلِ ستساعده على تعلم القراءة بسرعة، كما ستزيد من قدراتِه على استخدام الكتابة كوسيلة للتعبير، لهذا حاولْ أن تلقِّنَ طفلَك الكثيرَ من الكلماتِ مشافهة: أسماء الألوان، أسماء الخضر والفواكه، أسماء وسائل المواصلات، أسماء بعض النباتات والحيوانات، أسماء قطع الأثاث... إلخ.
بعد أن تتأكَّدَ من حفظِ طفلك لحروف المجموعة انتقل للخطوةِ الثانية؛ وهي تدريبه على نطقِ الحروف بالحركاتِ؛ وعلى سبيل المثال: قمت بتدريب طفلِك على المجموعة الأولى والتي تضمُّ حرف التاء، إذًا ستدربه هنا على أن يقرأ: تَ: تا، تِ: تي، تُ: تو، وهكذا، اتبع أسلوب الترتيب دائمًا فالفتحة ثم الكسرة ثم الضمة، وثبات الترتيب يساعدُ الطِّفلَ في الحفظِ والتذكُّر.
تجنَّبِ السكون والشدات والتنوين وأحرف المد والهمزات والتاء المربوطة تمامًا، وحاول أن تبدو لينًا مع طفلِك، وتوقع أن تُصابَ بخيبة أمل في البداية، فعملية حفظ الرموز صعبة ومرهقة بالنسبةِ للطفل، وهو يحتاجُ لفترةٍ لتجاوزِ المرحلة وإتقانها على نحوٍ مُرضٍ.
لا تجبرْ طفلَك على كتابةِ الحروف في البداية، ودع جهدَه مركزًا على التعليمِ الشفهي فقط، فهذا سيزيد من سرعته، وسيطور مهاراته الكتابية وخاصة الإملائية فيما بعد، فمن الضروري أن يعتمدَ الطفل على أذنيه في تمييزِ أصوات الحروف وحركاتها، ثم يحفظ رموزها وأشكالها بصريًّا، وإذا ما أتقنَ الاثنين فلن يكون من الصعبِ عليه أن يتقنَ الكتابةَ والإملاء فيما بعد.
استفدْ من طبيعةِ الطفل وبساطة تكوينه وسهولة إرضائه وإدخال السرور إلى نفسِه، وحضِّرْ عددًا من الصورِ والطوابع والألعاب التي يحبُّها طفلك وكافئه بها في نهايةِ كلِّ مجموعة، لكن احذر أن يعتادَ الطِّفلُ على المكافآتِ فيصبح التعلمُ مرهونًا بها.
حاول أن تثيرَ آمال طفلك وطموحاته، وانقل إليه الاعتقاد بأنَّ إتقان القراءة والكتابة هو بداية الطريق لحياة أفضل وتحقيق المنى والآمال.
بهذا تنتهي الحلقة الثالثة في سلسلة: "دليلك لتعليم طفلك القراءة والكتابة"، نلقاكم قريبًا في حلقةٍ جديدة بإذن الله.