أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد
اولا- للامانة هذا الموضوع منقول (اثاب الله صاحبة خير الجزاء)..
ثانياً- الموضوع طويل وان تمت الموافقة علية اكملة باذن الله تعالى ..
بسم الله نبدأ
من منا يعرف اسم رسولنا محمد علية افضل الصلاة واذكى السلام قليل منا
ها هو اسم الرسول كامل النسب الى سيدنا آدم
محمد ابن عبد الله بن عبد المطلب ابن هاشم بن عبد ***- * بن قصي بن كلا ب
بن مرة , بن كعب , بن لؤى , بن غالب , بن فهر , بن مالك, بن النضر , بن كنانة
بن خزيمة , بن مد ركة , بن الياس , بن مضر , ابن نزار, بن معد , بن عدنان ,ابن
أد , بن أد د, بن اليسع, بن الهميسع , بن سلامان , بن نبت , بن حمل, بن قيذار, بن
اسماعيل, بن ابراهيم , بن تارح , بن ناحور , بن ساروغ , بن أرغو , بن فانغ, بن
عابر , بن شالخ , بن أرفخشذ, بن سام ,ابن نوح, بن لمك , بن متوشلخ , بن أخنوخ,
بن يارد , بن مهلا ييل, بن قينان , بن أنوش , بن شيث , ابن آ د م صفى الله 0
هذا هو اسم ونسب خير البريه صلى الله عليه وعلى اخوانه الا نبياء وعلى من
صار على هديه الى يوم الدين ---- المرجع كتاب (الشجره النبويه في نسب خير البريه)
لمؤلفه الامام جمال الدين يوسف بن حسن بن عبدالهادي المقدسي (ابن المبرد)
840 -909 هجريه
-

سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

أولاً: من المولد حتى البعثة
تمهيد

يحيط بحياة الرسول صلى الله عليه و سلم في مكة كثير من الغموض خاصة قبل بعثته , لأن الأضواء لم تسلط علية ألا بعدها بوجه خاص , فروايات المؤرخين عن الرسول بعد الهجرة تكاد تكون متفقة في تفاصيلها وأشخاصها وزمانها و مكانها , ذلك لأنة أصبح الشخصية الأولى في المجتمع الإسلامي فضلا عن أنة صاحب الرسالة الإسلامية التي اخرجت المجتمع الجاهلي من الظلمات إلى النور
أما حياته قبل البعثة فكانت ضمن التاريخ الجاهلي ومحمد فيها لم يكن أشهر الشخصيات في مكة , وربما اهتم الناس بحياة عبد المطلب وأبى سفيان والوليد بن المغيرة أكثر من اهتمامهم بحياة محمد , والمتصفح لكتب التاريخ الإسلامي عن حياة محمد صلى الله عليه و سلم قبلا البعثة لا يجدها بها معلومات كافية تتبع تاريخ حياته عاما بعد عام كما فعلت بعد الهجرة , وإنما هي روايات تسلط الضوء على أحداث محدودات طوال أربعين سنة أكثرها مرتبط بتاريخ مكة العام, ولايخص محمد منها الا القليل – وليت هذا الضوء المسلط ضوءا ساطعا بل شابته بعض غيوم الوهم والخيال – إذ حاول المؤرخين المسلمون أن يملأوا هذا الفراغ في تاريخ الرسول الكريم فنسجوا كثيرا من القصص والروايات نسبوها إليه قبل بعثته وحاولوا أن يبرهنوا بها على أحقيته صلى الله عليه و سلم بالرسالة , في حين أن رسالته غنية عن برهان بشري لأنها منحة إلهية , وفات هؤلاء المؤرخين أن أهل مكة الذين عاصروا محمد وعايشوه عن قرب لم يعرفوا له هذه البراهين ولم يستدلوا بها على صحة رسالته، بل وقفوا موقف العداء و وصفوا محمد صلى الله عليه و سلم بالكذب والسحر والجنون , كما فاتهم أن حياة محمد قبل البعثة تختلف عن حياته بعدها , فمحمد قبل البعثة يصدر عن نفس بشرية صافية وإنسانية مثالية جمعت كل صفات الكمال الإنساني , تحوطها العناية الإلهية لتمنعها من الوقوع في الرذائل البشرية ولتصل بها إلى الكمال البشري المطلق , أما حياته بعد البعثة فلا ينطق عن الهوى أن هو الا وحي يوحى علمه شديد القوى
وعلى أية حال فعلى الرغم من محاولة المؤرخين كتابة تاريخ الرسول صلى الله عليه و سلم قبل البعثة الا أنه مازالت هناك فجوات كبيرة في هذه الفترة لم يذكر أحد عنها شيئا..

سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

الرسول قبل البعثة

هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد ***- * بن قصي بن كلاب بن مره بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر وينتهى نسبه إلى إسماعيل عليه السلام , وابوة عبد الله بن عبد المطلب أحد الذبيحين المذكورين في الحديث الشريف (أنا ابن الذبيحين) يعنى جده البعيد إسماعيل , حين أمر الله سبحانه وتعالى إبراهيم علية السلام بذبحه , والذبيح الثاني هو والدة عبد الله وذلك أن جده عبد المطلب حينما حفر زمزم واستخرج كنوز جرهم منها , نازعته قريش فيها ولم يكن له من أبناء ينصرونه ويؤازرونه , فنذر لله أن رزقه عشرة من الذكور ليتقربن إلى الإلهة بواحد منهم , ورزقه الله عشرة من الذكور فأقرع بينهم فخرجت القرعة على عبد الله فذهب به عبد المطلب ليوفى بندرة فمنعته قريش حتى لا تكون بمثابة سابقة يعتادها العرب بعده , فاحتكموا إلى عرافة فأفتت أن يفتدي عبد المطلب ابنه بعشرة من الإبل ويقارع بينها وبين عبد الله فإن خرجت على عبد الله زاد عشرة من الإبل , ومازال عبد المطلب يفعل ذلك حتى بلغ عدد الإبل مائه فخرجت القرعة على الإبل فذبحها عبد المطلب وافتدى عبد الله والد الرسول صلى الله عليه و سلم


ومما تجدر ملاحظة أن عبد الله لم يكن أصغر أولاد عبد المطلب , خلافا لما عليه المؤرخون, فالمعروف أن العباس عم الرسول صلى الله عليه و سلم كان أكبر منه بعامين ولما كان الفداء فى العام السابق لمولد الرسول صلى الله عليه و سلم يكون للعباس حينئذ من العمر عام واحد , أما عمه حمزة فكان في مثل عمرة فكيف يكون عبد الله أصغر من هؤلاء وهو أب لمحمد صلى الله عليه و سلم

تزوج عبد الله بامنة بنت وهب وهى من أشرف بيوت قريش, ولم يمضى على زواجهما إلا فترة بسيطة حتى خرج عبد الله بتجارة إلى الشام , ولكنه لم يعد إلى مكة حيث مرض في طريق عودته فذهبوا به إلى يثرب , فمات عند أخواله من بنى النجار ولم يمض على حمل زوجته أكثر من شهرين , وكأن الله أنجاه من الذبح لأداء مهمة معينة فلما انتهى منها قبضت روحه !! وقيل أن عبد الله توفي بعد مولد ابنة بعام وقيل بثمانية وعشرين شهرا والرأي الأول هو المشهور ...

وظلت آمنة تعيش في مكة في كفالة عبد المطلب وبما ترك لها زوجها عبد الله من ثروة تقدر بخمسة من الإبل وقطيعا والغنم وجارية وهى أم أيمن..
سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

مولدة صلى الله عليه و سلم

ولما أتمت آمنة حملها على خير ما ينبغي ولدت محمد صلى الله عليه و سلم وكان حملها وميلاده طبيعيين ليس فيها ما يروى من أقاصيص تدور حول ما رأت في الحمل وليلة الميلاد , وخلت المصادر التاريخية الصحيحة كأبن هاشم والطبري والمسعودى وأبن الأثير من مثل هذه الأقاصيص , لما ذكر ابن هشام واحدة منها لم يكن مصدقا لها وقال (ويزعمون فيما يتحدث الناس والله أعلم) وتتأرجح روايات المؤرخين في تحديد مولده صلى الله عليه و سلم وهل ولد يوم الثاني أو الثامن أو الثاني عشر وهل كان في شهر صفرأو ربيع الأول وهل ولد ليلا أو نهارا , وصيفا أم ربيعا وهل كان في عام الفيل أم قبله أم بعده ..

سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد



والمشهور أنة ولد في فجر يوم الاثنين التاسع من شهر ربيع الأول عام الفيل ويرى الباحثون أن عام الفيل غير معروف على وجه التحديد هل كان في عام 522م أو 563م أو570 أو 571م فبحثوا عن تاريخ ثابت محقق يمكن على أساسه تحديد مولد الرسول صلى الله عليه و سلم فوجدوا أن أول تاريخ تحقيقه هو تاريخ الهجرة في سنة 622م وعلى هذا يمكن التوفيق بين رأي المؤرخين و رأي الباحثين بأن رسول الله صلى الله عليه و سلم ولد يوم الاثنين التاسع ربيع الأول في العام الثالث والخمسين قبل هجرته

سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد


رضاعتة صلى الله عليه و سلم


وكانت عادة أشراف مكة أن يعهدوا بأطفالهم إلى نساء البادية ليقمن على رضاعتهم , لأن البادية أصلح لنمو أجسام الأطفال وأبعد عن أمراض الحضر التي كثير ما تصيب أجسامهم فضلا عن إتقان اللغة العربية وتعود النطق بالفصحى منذ نعومه أظفارهم. وكان مقدار العناية والرعاية بالطفل يختلف من قبيلة لأخرى لذا حرص أشراف مكة على أن يكون أطفالهم عند أكثر هذه القبائل عناية , ورعاية وكانت أشهر قبيلة في هذا الأمر هي قبيلة بنى سعد

ولم تقف شهرة بنى سعد على أمر العناية والرعاية بالطفل فقط , بل حازت الشهرة في أن لغتها كانت عربية خالصة لم تشبها شائبة فضلا عما اشتهرت به من أخلاق كريمة طيبة لذا حرص عبد المطلب على أن يكون محمد في بني سعد فلما جاءت حليمة السعدية لتأخذه وأحست هذا الحرص طمعت في جزل العطاء فتمنعت في أخذه فلما أجزل لها أخذته وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يفخر برضاعته في بنى سعد فيقول : أنا أعربكم أنا قرشي واسترضعت في بنى سعد بن بكر





ويذكر المؤرخون أن محمد عرض على جميع المرضعات اللاتي وفدن على مكة فأبين يأخذنه ليتمه وفقرة , وأنهن كن يطمعن في أبناء الأغنياء وأن حليمة ما عادت إليه الا لأنها لم تجد طفلا غيره وهذا غير صحيح فمحمد لم يكن فقيرا فهو في كفالة جدة عبد المطلب سيد مكة وكبيرها , ومثله من يطمع في عطائه وقد ذكرت المصادر أن جيش أبرهه في حملته على الكعبة قد حاز مائتين من الإبل لعبد المطلب , كما أنة فدى ابنة عبد الله بمائة من الإبل , وذبح مجموعة كبيرة منها في زواجه لا يصد عنها إنسان ولا حيوان , ويذكر اليعقوبى أن عبد المطلب عند موته لف في حلتين من حلل اليمن قيمتها ألف مثقال من الذهب فمن كان ذلك حاله أيعقل أن يكون فقيرا تترك المرضعات ولده ؟ ذلك فضلا عن إرضاع الأطفال في البادية عادة أشرف مكة وأغنيائها , أما الفقير فكانت كل أم ترضع طفلها

قضى محمد صلى الله عليه و سلم في حضانة ورعاية (حليمة بنت أبى ذؤيب السعدية) وزوجها (الحارث بن عبد العزى) أربع أو خمس سنوات ثم حدث ما جعلها تعجل بإرجاعه إلى أمه في مكة إذا أخبرها ابنها الصغير أن رجلين أخذا محمدا فشقا صدره واستخرجا قلبه وأخذا منه علقه سوداء ثم غسلا القلب وإعاداه إلى ما كان عليه , وقد اختلف المؤرخين في حقيقة شق الصدر هل هو حسي أم معنوي ؟ ولكن لعله يشير إلى الحصانات التي أضفاها الله على محمد صلى الله عليه و سلم فحصنته ضد مساوئ الطبيعة الإنسانية ومفاتن الحياة الأرضية

سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد



إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#2

مميز رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

وفاة أمه وجده وكفالة عمة له صلى الله عليه و سلم


وظل محمد في رعاية أمه و كفالة جده حتى بلغ السادسة , فذهبت به أمه لزيارة قبر زوجها في يثرب وقدر لها أن تموت في طريق عودتها وتدفن في ال***- اء (على الطريق بين يثرب ومكة ) ويصبح محمد بعدها يتيما , ويكفله جده عبد المطلب فيحبه حبا شديدا عوضه عن حنان أمه وعطف أبيه فكان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة لا يجلس عليه أحد من أبنائه ألا محمدا فكان يجلسه معه ويمسح ظهره بيده , ولكن القدر لم يمهل جده طويلا فمات بعد سنتين, فكفله عمه ابو طالب فأحبه حبا شديدا وأخذ يتعهده بعنايتة و رعايته , ولم تقتصر حمايته له قبل البعثة بل امتدت إلى ما بعدها فكان عونا للدعوة الإسلامية وظهرا لصاحبها على الرغم من انه لم يسلم

رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد
اشتغاله صلى الله عليه و سلم برعي الغنم

ولما شب محمد وأصبح فتى أراد أن يعمل و يأكل من عمل يده , فاشتغل برعي الغنم لأعمامه ولغيرهم مقابل أجر يأخذه منهم , ويذهب البعض إلى أن حرفة الرعي وقيادة الأغنام علمت الرسول صلى الله عليه و سلم رعاية المسلمين و قيادة الأمة بعد بعثته وهذا ولا شك مبالغة كبيرة فان كثيرا غيره من الرعاة لم يصبحوا قوادا ولا ساسة كما أن الكثير من القواد والساسة لم يعرفوا عن حرفة الرعي شيئا , وهناك فرق كبير بين سياسة الحيوان والإنسان , لكن يمكن القول أن حرفة الرعي لما كانت تتم في الصحراء حيث الفضاء المتناهي والسماء الصافية والنجوم المتلألئة في الليل , والشمس المشرقة في الصباح وهذا النظام البديع في حركة الكون استرعى كل ذلك انتباه محمد فأخذ يتأمل ويتفكر ويتدبر في الكون العجيب ..

رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

اشتغاله صلى الله عليه و سلم بالتجارة

وزاول محمد مهنة التجارة وهو في الثانية عشرة من عمرة (وقيل في التاسعة) وانتهز فرصة خروج عمه أبى طالب بتجارة إلى الشام فخرج معه وفى الطريق قابلهما راهب مسيحي رأى في محمد علامات النبوة فنصح عمه أن يعود به إلى مكة مخافة أن يعرفه الروم ويقتلوه ..

وعلى الرغم من ذكر المؤرخين لقصة الراهب بحيرا إلا أنة لا يمكن تصديقها بسهولة, لأن محمد صلى الله عليه و سلم نفسه لم يكن يعرف أنه نبي إلا بعد أخبره جبريل بذلك في الغار , وكل ما يعرفه رجال الدين اليهودي والمسيحي عن الرسالة المحمدية زمانها لا شخص صاحبها, وقد أفادت هذه الرحلة محمدا كثيرا, فعودته الصبر وتحمل المشاقة وفتحت عينية على أقوام ومجتمعات تختلف كثيرا عن قومه ومجتمعة , ومر في الطريق الذهاب والعودة على أطلال مدن عرف أنها ديار ثمود ومدين ووادي القرى وسمع عن أخبارهم الكثير ..

ولم تنقطع صلة محمد بالتجارة بعد عودته من الشام بل كان يتاجر بالسواق مكة او بالأسواق القريبة منها كسوق عكاظ ومجنه وذي المجاز لكنه لم يجعل التجارة كل همه واكتفى منها بما يوفر له حياة متزنة سعيدة وكان كلما تقدم به العمر ازداد تفكيرا وتأملا وقضى الكثير من وقته يتدبر هذا الكون العجيب


حرب الفجار

وشارك محمد مكة الدفاع عن مدينتهم في حرب الفجار بين قريش وهوازن والتي استمر أربع سنوات كان عمر محمد في بدايتها خمسة عشر عاما وسببها أن النعمان بن المنذر أراد يعين قائدا لقافلة تجارية من الحيرة إلى سوق عكاظ فعرض كل من البراض الكتاني وعروة الهوازنى نفسه فاختار النعمان عروة فقتله البراض, وسمعت قريش وهى من كنانة الخبر وأدركت أن (هوازن) قبيلة عروة لابد أنها ستثأر لرجلها..


ووقع القتال بين الفريقين وكان في الأشهر الحرم وتراجعت قريش حتى دخلت الحرم فوعدتهم هوازن الحرب في العالم القادم وظلت هذه الحرب تجدد طوال أربع سنوات في انعقاد سوق عكاظ , ثم انتهت بالصلح بين الفريقين على أن تدفع قريش دية من يزيد عن قتلاها لهوازن فكانوا عشرين رجلا وسميت هذه الحرب بحرب الفجار لأنها وقعت في الأشهر الحرم وهو الفجار الرابع في تاريخ مكة

ويروى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنة قال في حرب الفجار:كنت أنبل على أعمامي (أي أجمع نبل عدوهم اذا رموهم بها)وقال في حديث آخر:قد حضرتها (حرب الفجار)مع عمومتي ورميت فيها بأسهم وما أحب أنى لم أكن فعلت

ولذلك اختلف المؤرخين في كيفية مشاركة الرسول صلى الله عليه و سلم , وهل بجمع النبل؟أم بالرمي؟و يبدوا أن الرسول صلى الله عليه و سلم مارس العملين, فإن الحرب استمرت أربعة أعوام , كان عمر الرسول في بدايتها خمسة عشر عاما وهى لا تمكنه من الرمي فساهم بجمع النبل , وفي نهايتها كان عمرة قارب العشرين ربيعا فتمكن أن يساهم يرمى النبل..
رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد
حلف الفضول



وكما شارك محمد صلى الله عليه و سلم قومه في الحرب شاركهم أيضا في السلم فشهد معهم حلف الفضول ولقد تحدث رسول الله صلى الله عليه و سلم عنه بعد بعثته فقال (لقد شهدت مع عمومتي حلفا في دار عبد الله بن جدعان ما أحب أن لي به حمر النعم ولو دعيت به في الإسلام لأجبت ..

وسبب هذا الحلف أن قريشا رأت ما أصبح عليه حالها من ضعف وتفكك أدى إلى تطاول القبائل العربية عليها ومهاجمتها في ديارها في الأشهر الحرم , بعد أن كانت مرهوبة الجانب قوية السلطان ورأت أيضا ما جرته عليها حرب الفجار من قتل لرجالها وإفناء لثروتها, فقام الزبير بن عبد المطلب يدعو إلى حلف يجمع به شأن قريش ويوحد صفوفها فأجابته جميع بطون قريش وتحالفوا على ألا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها أو من غيرهم من سائر الناس إلا قاموا معه حتى ترد عليه مظلمته

وسبب تسميته بحلف الفضول أنة كان إحياء لحلف آخر سابق فى الجاهلية دعا إليه ثلاثة اسمهم مشتق من الفضل فسموا الحلف بالفضول..

رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#3

افتراضي رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

زواجه بخديجة

ويبدو على الرغم من تجارة محمد المحدودة إلا انه اكتسب فيها شهرة كبيرة لأمانته وشرفة المشهود له بهما في مجتمعة ومن ثم كان الكثير من تجار مكة يعرضون عليه العمل لهم في تجارتهم مقابل أجر أكبر من أقرانه ..

وكانت خديجة بنت خويلد أحد أشراف مكة ومن اكبر تجارها تستأجر الرجال ليتاجروا بما لها في أسواق الشام والحبشة مقابل أجر لهم , ولما سمعت عن شهرة محمد تمنت أن يكون أحد رجالها –وكان يومها في الخامسة والعشرين من عمره–فعرضت علية أن يخرج لها في تجارة إلى الشام على أن تدفع له أجر رجلين فقبل محمد وخرج في تجارتها ومعه غلامها ميسرة وابتاع واشترى وعادت تجارته رابحة بأكثر مما كانت تتوقع خديجة, وأثنى خادمها على محمد ثناء مستطابا..


وبنظرة متأنية في أمر هذه الرحلة يتضح أنه عليه السلام لم تكن هذه أول رحلة إلى الشام بعد رحلته مع عمه أبى طالب , فخبرته بالطريق والمسالك المؤدية إلى الشام , وكذلك خبرته بطريقة البيع والشراء التي عليها أهل الشام , وشراؤه السلع من الشام يروج بيعها في مكة كل ذلك يعطينا الحق في أن نقول أن محمدا قد قام بأكثر من رحلة إلى الشام قبل رحلة خديجة اكتسب فيها كل هذه الخبرة والمهارة وللأسف لم تسعفنا المصادر التاريخية بشيء من ذلك..

وكانت خديجة في ذلك الوقت أرملا بلا زوج وقد عرض الكثير من أشراف مكة الزواج منها فلم تقبل لأنهم يطمعون في ثرواتها , ولكنها سمعت عن محمد صلى الله عليه و سلم من حلو الشمائل وجميل الصفات وما أغبطها وتأكدت من ذلك بعد ان عمل لها في تجارتها ورأت عن قرب من صفاته أكثر مما سمعت ولم يك إلا رد الطرف حتى انقلبت غبطتها حبا جعلها تفكر في أن تتخذه زوجا , وسرعان ما ظهرت الفكرة إلى حيز التنفيذ فعرضت عليه الزواج بواسطة إحدى صديقاتها فوافق وتزوج بها وفقا للعادات المتبعة في زواج الشرفاء من أهل مكة حيث تبدأ بخطبة من أهل العريس يوضحون فيها رغبة إبنهم في الزواج من العروس ويسمون المهر فيرد أهل العروس بخطبة أخرى يوافقون فيها ويباركون الزواج ..

وتزوج رسول الله صلى الله عليه و سلم خديجة فولدت له أولاده كلهم ما عدا إبراهيم فإنه من ماريا القبطية ولدت له من الذكور القاسم وبه كان يكنى وعبد الله وهو الملقب بالطيب والطاهر وقيل أن الطيب والطاهر أسمان لولدين آخرين ولكن الأول هو الأشهر كما ولدت له من الإناث زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة ..

والمشهور عند المؤرخين أن محمدا صلى الله عليه و سلم تزوج خديجة وعمرة خمسة وعشرين عاما وعمرها أربعين عاما, ولكن ابن عباس يروى أنها تزوجت الرسول وعمرها ثمانية وعشرين فكانت أكبر من الرسول بقليل, وهذا الرواية لها ما يؤيدها من تاريخ أم المؤمنين رضى الله عنها فالمعروف أنها أنجبت عبد الله بعد البعثة النبوية ولذا لقب بالطاهر الطيب , ولما كانت البعثة النبوية بعد زواجها بخمسة عشر عاما فعلى رواية الأربعين يستلزم أن يكون عمرها عند إنجابه أكثر من خمس وخمسين سنة , وكيف تنجب سيدة في ذلك السن, لذلك كانت راوية ابن عباس أقرب إلى الصحة خلافا لما عليه كثير من المؤرخين وإذا صح ما جاء في اليعقوبى من أن الرسول تزوج وعنده ثلاثون سنة وحاولنا عقد مقارنة بينه وبين رواية ابن عباس لا تضح لنا أن الرسول الله صلى الله عليه و سلم كان وقت زواجه أكبر من خديجة بعامين وعلى أية حال فقد كان زواجها مباركا وموفقا للغاية فقد وجد محمد في خديجة سكنا وسندا ورفيقا ووجدت خديجة في محمد زوجا بارا كريما فوقفت بجانبه تؤازره وتناصره مما جعله يثني عليها دائما بالخير ولم يتزوج عليها طوال حياتها

ويقفز المؤرخين قفزة زمنية واسعة امتدت عشر سنوات من عمر الرسول من الخامسة والعشرين إلى الخامسة والثلاثين, لم يذكروا عنه فيها شيئا وإن كان من المسلم به أنه لم ينقطع عن مخالطة أهل مكة والأخذ معهم بنصيب الحياة العامة وساعدته ثروة زوجته في تأمين حياته ومن ثم وجد وقتا أوسع للتفكير و التأمل والتدبير , وكأني بخديجة وقد عرفت فيه هذا الرغبة فهيأت له ما يساعد عليها


رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#4

افتراضي رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

بناء الكعبة


ويروى المؤرخون أن محمدا صلى الله عليه و سلم وهو في الخامسة والثلاثين شارك قومه بناء الكعبة فلقد أرادت قريش أن تهدم الكعبة وتعيد بناءها من جديد وقسمت العمل بين جميع قبائلها فكان شق الباب لبنى ***- * وزهرة وظهر الكعبة لبنى جمح وبنى سهم , وشق الحجر لبنى عبد الدار وبنى أسد وبنى عدى , وما بين الركن الأسود واليماني لبنى مخزوم وقبائل من قريش انضموا إليهم..



وترددت قريش في هدم الكعبة لأنها خشيت أن يصيبهم أذى من الله , فأقدم الوليد ابن المغيرة وهدم بعضا منها , وانتظر القوم حتى الصباح لينظروا ما الله فاعل بالوليد فلما أصبح على خير, قدموا يهدمون الكعبة ثم قامت القبائل بنقل الحجارة من جبال مكة وشارك عليهالصلاةو السلام في حمل هذه الحجارة ثم بدأت كل جماعة في بناء ما أسند إليها فلما ارتفع البناء مقدار قامة رجل وجاء وقت وضع الحجر الأسود في مكانة تنازعت القبائل جمعيها شرف وضعه وأشتد الخلاف بينهم وتحالفت بنى الدار وبنى عدى أن يحولوا بين أي قبيلة وهذا الشرف العظيم وجاءوا بحفنة مملوءة دما و وضعوا أيديهم فيها توكيدا لأيمانهم ومن ثم سموا بلعقه الدم وباتت قريش على أهلية وتوقف البناء خمسة أيام..

ويرى المؤرخون أن أبا أمية بن المغيرة وكان من قريش لما رأى ما وصلت إلية حال القبائل خشى أن ينفرط عقدها فأشار عليهم بأن يحكموا بينهم أول من يدخل عليهم فكان محمد عليه السلام فقالوا رضينا بالأمين حكما واخبروه الخبر ففرد ثوبا وأخذ الحجر ووضعه وطلب من رؤساء القبائل أن يأخذ كل منهم بطرف من أطراف الثواب فرفعوه جميعا حتى إذا بلغ موضعه وضعة بيده ثم بنى عليه وكأني لا أميل إلى تصديق الرواية فالأمر قد استحر بين القبائل وأصبح شبح الحرب الأهلية قائمة فهل يعقل أن يجعل عقلاء مكة مصيرها في يد أول داخل عليهم وقد يكون هذا الداخل سفيها أو معتوها فيقع مالا تحمد عقباه فضلا عن أن الرواية تظهر محمدا وكأنه لا يعرف شيء عن هذا النزاع وأخبروه الخبر وهو الذي حمل معهم حجارتها وشاركهم بنائها ..

ولكنى أصدق أن قريشا لما اشتدت الأزمة ووصلت الأمور إلى ما وصلت إليه من خلاف كان لابد من البحث عن شخص يعبر بها الأزمة ويجتاز بها الخلاف أحلى ما يميزه العقل والحكمة لا السن والمال فهما لا ينفعان في مثل هذا النوع من الأزمات فلم يجدوا بين أظهرهم أعقل ولا أحكم من محمد صلى الله عليه و سلم فاحتكموا إليه وكان الحكم السابق وعلى أية حال فإن هذا الحل كان مثاليا وعلى الرغم من سهولته ويسره فقد كان فذا عبقريا أرضى جميع الأطراف المتصارعة وجعل القبائل على قدم المساواة في نيل شرف وضع الحجر وأنتهى الصراع إلى السلام والتفاهم وانحلت مشكلة خطيرة كادت أن تودى بأهل مكة ..

ومما تجدر ملاحظته أن احتكام أهل مكة إلى محمد صلى الله عليه و سلم يدل على أنه لم يكن شخصا عاديا في مجتمع مكة وإنما كان إنسان عظيما يستعان برأيه وقت الشدة و إهتدائه إلى هذا الحل يدل على ذكاء نادر وسرعة بديهة كما أنه لفت إليه أنظار العرب قاطبة فهو وان كان الصراع داخليا بين قبائل مكة إلا أن الحدث ارتبط بالكعبة التي إليها جميع العرب...

وهكذا نجد أن محمد صلى الله عليه و سلم قد شارك قومه حياتهم العادية وعاش في مكة عيشة الشرفاء المهذبين واجتمعت له كل الصفات الإنسانية النبيلة وبلغ بها مرتبة الكمال وعرفه قومه بالصادق الأمين وكانت عناية الله تكلؤه وترعاه وتحوطه من أفزار الجاهلية وتنأى به بعيدا عن مساوي البشر وإليك بعض الأمثلة ..

ذهب وهو طفل صغير يرعى الغنم لسماع الغناء في حفل عرس فضرب الله على أذنه فغلب عليه النوم فنام حتى الصباح ولما أراد أن يعاود الكرة عاوده النوم أيضا فلم يعد إلى مثلها أبدا ..

ويقول الرسول صلى الله عليه و سلم: لقد رأيتني في غلمان قريش ننقل حجارة لبعض ما يلعب به الغلمان كلنا قد تعرى وأخذ إزاره فجعله على رقبته يحمل عليه الحجارة فأنا لأقبل معهم وأدبر إذ لكمني لاكم ما أراه لكمة وجيعة ثم قال شد عليك إزارك فأخذته وشددته ثم جعلت أحمل الحجارة على رقبتي وإزاري على من بين أصحابي كذلك شملته عناية الله ورعايته ونأت به بعيدا عن كل ما يعيب شخصه ..

أشترك وهو كبير مع قومه في حمل الأحجار لبناء الكعبة وكان القوم يجعلون أزرهم على عواتقهم لتقيهم الحجارة وكان عليه السلام يحملها وهو لابس إزاره فأشار عليه العباس أن يجعل ازاره على عاتقة ليحميه فلما هم أن يفعل وقع مغشيا عليه فما رؤي بعد ذلك عريانا ..

وكان عليه السلام يذهب إلى الكعبة ويطوف بها ولكنه لم يسجد أبدا لصنم وكان يعيب على قريش عبادتها لحجارة لا تنفع ولا تضر ويقيمون لها الاحتفالات ويذبحون لها لقرابين

وكان لقريش صنما يسمى "بوانه" له احتفالات كل عام وكان أعمام الرسول وعماته يشتركون في الاحتفال وطلب ابو طالب من محمد أن يشاركهم حفلهم فرفض فغضب منه وغضبت منه عماته وأخذن يزين له ضرورة المشاركة ومازالوا به حتى ذهب معهم وغاب محمد عنهم برهة ثم عاد مفزوعا كأن به مس من الشيطان فسألته عماته عما به فقال أنى كلما دنوت من صنم منها تخيل لي رجل ابيض الثياب يصيح بي ابتعد يا محمد لا تمسنه ولم يعد بعدها لعيد لهم ..


ولهذا كان محمدا (صلى الله علية وسلم) عازفا عما فيه قومه من ضلال وأحب منذ صغره حياة التأمل والتفكير والتدبير فكان يخلو لنفسه في داره حينا ويخرج إلى الخلاء أحيانا وكلما زادت به السن ازداد بعدا عن الناس وإمعانا في التفكير لذلك التمس له غار في جبل حراء وأصبح من عادته أن يخرج إليه كل عام معه طعامه وشرابه ليقضي فيه بعض أيام شهر رمضان سابحا في تأمله غارقا في تفكيره وطالت تأملات محمد في الغار وطال تفكيره في خالق الأرض السماء وأضاءت نفسه من طول النظرة وأعمال الفكرة وكانت تزدحم الأفكار في رأسة فيسير في الصحراء ساعات ثم يعود إلى خلوته وقد صفت نفسه وانجلى ذهنه ...

وفجأة وعندما بلغ الأربعين من عمرة نزل علية الوحي

رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#5

افتراضي رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

ثانيا: من البعثة حتى الهجرة


يختلف المؤرخون في سن الرسول صلى الله عليه و سلم حين نزل عليه الوحي هل أربعين أم ثلاث و أربعين واختلفوا في اليوم الذي نزل فيه الوحي: السابع أو الثامن عشر أو الرابع والعشرين واختلفوا أيضا في كيفية تلقي الرسول للوحي ,وهل كان في اليقظة أم في المنام؟ ولكن الصحيح أن الوحي نزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم الاثنين السابعوالعشرين من رمضان للسنة الثالثة عشرة قبل الهجرة أو الحادية والأربعين من مولده فيكون عمره بالضبط أربعين سنة قمرية وستة أشهر وثمانية أيام وذلك نحو 39 سنة شمسية وثلاثة أشهر وثمانية أيام
نزل جبريل على رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو في غار حراء فقال:اقرأ
فقال:ما أنا بقارئ
يقول الرسول صلى الله عليه و سلم ,:فغطني حتى بلغ منى الجهد ثم أرسلني
فقال: أقرأ
فقلت : ما أنا بقارئ
فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال: اقْرَأ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ فرجع بها رسول الله صلى الله عليه و سلم يرجف فؤاده فدخل على زوجته خديجة رضى الله عنها فقال زملونى, فزملته, حتى ذهب عنه الروع فقال لخديجة بعد أن أخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي فقالت خديجة : كلا والله لا يخزيك الله ابدا إنك لتصل الرحم , وتحمل الكل , وتكسب المعدوم, وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق

انطلقت به خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل بن أسد عبد العزى وكان عم خديجة وكان امرؤا قد تنصر في الجاهلية وكان شيخا كبير قد عمى, فقالت له يا بن عم اسمع من أخيك فقال له ورقة يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه و سلم خبر ما رأى فقال له ورقة هذا الناموس (أي جبريل أو الوحي ) الذي نزل على موسى ياليتنى كنت جذعا (شابا قويا) ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: أو مخرجي هم: قال نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدر كني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ..ثم لم يلبث ان توفى وفتر الوحى..

واشتد ذلك على رسول الله فكان يجوب شعاب مكة ويصعد جبالها عله يقابل الملك الذى جاءه بالغار, ولم يلبث أن نزل الوحى عليه مرة أخرى يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : بينما أنا أمشى إذ سمعت صوتا من السماء, فرفعت بصري فاذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فرعبت منه, فرجعت فقلت : زملونى زملونى فأنزل الله عز وجل : يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ إلى قوله : وَالْرُّجزَ فَاهْجُر فحمي الوحي وتواتر

وحاول محترفوا التشكيك فى الإسلام أن يزيفوا حقيقة الوحى الإلهية ويقولون أنه مرحلة متقدمة من مراحل الصفاء النفسى لمحمد علية الصلاة و السلام بمعنى أن محمدا أمعن فكره وأطال تأمله حتى تكونت عنده عقيدة يراها كفيلة بالقضاء على الوثنية , فدعا الناس إليها وهم بذلك يريدون أن يشككوا المسلمين فى حقيقة دينهم وإن ما أتى به محمدا صلى الله علية وسلم ليس من ربه وإنما من عند نفسه, وهم أن نجحوا فى ذلك إنهدمت العقيدة الإسلامية وهذا كل ما يأملون وفى محاولة للرد على هؤلاء يقول الدكتور البوطى :
لقد فوجئ محمد صلى الله عليه و سلم وهو فى غار حراء بجبريل أمامه يراه بعينة, وهو يقول له أقرا, حتى يتبين أن ظاهرة الوحى ليست أمرا ذاتيا داخليا مردة إلى حديث النفس المجرد وإنما هى إستقبال وتلق لحقيقة خارجية لا علاقة لها بالنفس وداخل الذات.وضم الملك إياه و إرسالة ثلاثة مرات قائلا فى كل مرة : أقرا يعتبر تأكيدا لهذا التلقى الخارجي ومبالغة فى ما قد يتصور من أن الامر لا يعد كونه خيالا داخليا فقط ..

ولقد داخلة الخوف والرعب مما سمع ورأى حتى أنه قطع خلوته فى الغار وأسرع عائدا إلى البيت يرجف فؤاده مما يدل على أن ظاهر الوحى هذه لم تأت منسجمة أو متممة لشيء مما قد يتصوره أو يخطر فى باله, وإنما طرأت طروءا مثيرا على حياته وفوجئ بها دون أي توقع سابق ..

ثم إن شيئا من حالات الإلهام أو حديث النفس أو الإشراف الروحي أو التأملات العلوية, لا يستدعى الخوف والرعب وامتقاع اللون. وليس ثمة أي انسجام بين التدريج والتأمل من ناحية ومفاجأة الخوف والرعب من ناحية أخرى, وإلا لاقتضى ذلك أن يعيش عامة المفكرين والمتأملين نهبا لدفعات من الرعب والخوف المفاجئة المتلاحقة...

وقد كان الله عز وجل قادرا على أن يربط على قلب رسوله ويطمئن نفسه بأن هذا الذي كلمة ليس إلا جبريل: ملك من ملائكة الله جاء ليخبره أنه رسول الله إلى الناس- ولكن الحكمة الإلهية الباهرة تريد إظهار الانفصال التام بين شخصية محمد صلى الله عليه و سلم قبل البعثة وشخصيته بعدها وبيان أن شيئا من أركان العقيدة الإسلامية والتشريع الإسلامي لم يطبخ فى ذهن الرسول عليه الصلاة والسلام مسبقا ولم يتصور الدعوة إليه سلفا ..

لقد قضت الحكمة الإلهية أن يحتجب عنه الملك الذي رآه لأول مرة في غار حراء مدة طويلة وأن يستبد به القلق من ذلك, ثم يتحول القلق لديه إلي خوف في نفسه من أن يكون الله عز وجل قد قلاه بعد أن أراد أن يشرفه بالوحي والرسالة, لسوء قد صدر منه حتى لقد ضاقت الدنيا علية ...
إلى أن رأى ذات يوم الملك الذي رآه في حراء ملأ شكله ما بين السماء والأرض يقول: يا محمد أنت رسول الله إلى الناس فعاد مرة أخرى وقد استبد به الخوف والرعب إلى البيت حيث نزل عليه قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ وإذا فإن حديث بدء الوحي على النحو الذي ورد فى الحديث الثابت الصحيح ينطوي على تهديم كل ما يحاول المشككون تخييله إلى الناس في أمر الوحي والنبوة التي أكرم الله بها محمدا عليه والصلاة والسلام وإذا تبين لك أدركت مدى الحكمة الالهية العظيمة في أن تكون بداءة الوحي على النحو الذي أراده عز وجل وربما عاد بعد ذلك محترفوا التشكيك, يسألون: فلماذا كان ينزل عليه صلى الله عليه و سلم الوحي بعد ذلك وهو بين الكثير من أصحابه فلا يري الملك أحد منهم سواه؟

والجواب أنه ليس من شروط وجود الموجودات أن ترى بالأبصار, إذ أن وسيلة الابصار فينا محدودة بحد معين وإلا لاقتضى ذلك أن يصبح الشيء معدوما إذا ابتعد عن البصر بعدا يمنع من رؤيته. على أن من اليسر على الله جل جلاله- وهو الخالق لهذه العيون المبصرة- أن يزيد فى قوة ما شاء منها فيرى ما لا تراه العيون الأخرى ...

ثم إن استمرار الوحي بعد ذلك يجعل نفس الدلالة على حقيقة الوحي وأنه ليس كما أراد المشككون, ظاهرة نفسية محضة, ونستطيع أن نجمل هذه الدلالة فيما يلي ..

أولا: التميز الواضح بين القرآن والحديث إذ كان يأمر بتسجيل الأول فورا على حين يكتفي بأن يستودع الثاني ذاكرة أصحابه لا لأن الحديث كلام من عنده لا علاقة للنبوة به, بل لأن القرآن موحى به إليه بنفس اللفظ والحروف بواسطة جبريل عليه السلام أما الحديث فمعناه وحي من الله عز وجل, ولكن لفظه وتركيبة من عنده عليه السلام, فكان يحازر أن يختلط كلام الله عز وجل الذي يتلقاه من جبريل بكلامه هو ..

ثانيا: كان النبي صلى الله عليه و سلم يسأل عن بعض الأمور, فلا يجيب عليها, وربما مر على سكوته زمن طويل, حتى إذا نزلت آية من القرآن في شأن ذلك السؤال, طلب السائل وتلا عليه ما أنزل من القرآن في شأن سؤاله, وربما تصرف الرسول في بعض الأمور على وجه معين فتنزل آيات من القرآن تصرفه عن ذلك الوجه وربما انطوت على عتاب ولوم ...

ثالثا: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أميا..وليس من الممكن أن يعلم إنسان بواسطة المكاشفة النفسية حقائق تاريخية, كقصة يوسف وأم موسى حينما ألقت وليدها في اليم وقصة فرعون ولقد كان هذا من جملة الحكم في كونه صلى الله عليه و سلم أمياً" وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ "

رابعا: إن صدق النبى صلى الله عليه و سلم أربعين سنة مع قومه واستشهاده فيهم بذلك يستدعى أن يكون صلى الله عليه و سلم من قبل ذلك صادقا مع نفسه
رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#6

افتراضي رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

الدعوة السرية -الفردية

بعد أن نزل قوله تعالى :يَا" أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ" بدأ رسول الله يدعو سرا كل من وثق فيه إلى عبادة الله وكان أول من أسلم من النساء زوجته خديجة التي وقفت بجانبه تصدقه و تأمن روعه وتهون عليه أمر الناس وكان أول من أسلم من الصبيان على بن أبي طالب, ومن الموالى زيد بن حارثة, ومن الرجال ابو بكر الصديق الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم (ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت فيه كبوة إلا أبى بكر) وبدأ ابوبكر يدعو من وثق به إلى الإسلام فأسلم على يديه الكثير من الأحرار والعبيد منهم عثمان بن عفان,و الزبير بن العوام, وعبد الرحمن بن عوف, وسعد بن أبى وقاص, وطلحة بن عبيد الله وبدأ المسلمون يدخلون أفرادا في دين الله ويحلو لكثير من المؤرخين القول بأن الإسلام في بدايته لم يجذب إليه إلا العبيد والفقراء ومن لا شأن لهم فى قريش....




أما عن أنهم عبيد فقائمة ابن هشام التى جاءت في عشر صفحات والمتضمنة لأسماء المسلمين في الدعوة السرية لا تجد فيها غير عشرة من الموالى والحلفاء من بين ثلاثة وخمسين شخصا, اما عن أنهم من الفقراء ومن لا شأن لهم في قريش فدونك بعض أسماء السابقين فى الإسلام, والحكم لك على مقدار ما كان لهم من نفوذ وثروة فخديجة بنت خويلد رضى الله عنها أول من أسلم على الإطلاق كان لها من المال والتجارة ما يجعلها تنافس أكبر تجارة قريش ويكفى ذكر اسمها ليدل على عظم ثروتها..


أما ابو بكر فكان أول الرجال إسلاما وكان صاحب تجارة واسعة ومال كثير وكان من رؤساء قريش فى الجاهلية وأهل مشورتهم وكان إليه أمر الديات والغرم فى الجاهلية وما يقضى به فى ذلك الشأن كانت قريش تعمل به وتنفذه, وبلغ رأس ماله فى الجاهلية أربعين ألف درهم أنفقها كلها في عتق رقاب العبيد المسلمين ..


أما عثمان بن عفان فكان أكثر قريش مالا وأوسعهم تجارة وكانت تجارته إلي الشام تحمل فوق ما يزيد عن مائة بعير وكان إليه ولاية أيتام أهل بيته وإعانة فقيرهم وبارك الله له في ماله فجهز في الإسلام جيشا كاملا على نفقته الخاصة هو جيش العسرة ..


أما طلحة بن عبيد الله فكان في تجارة رابحة ومال كثير وكانت تجارته تخرج إلى أسواق الشام والعراق ومن السابقين إلى الإسلام أيضا الزبير بن العوام, وسعد بن أبى وقاص- ابوعبيده بن الجراح -ابو سلمة المخزومى والأرقم بن أبى الأرقم وصهيب الرومي وخالد بن سعيد وسليط بن عمر, وعمير أبى وقاص وكثير غيرهم كانوا في ثروة واسعة أو على الأقل كانوا يحيون حياة كريمة في مجتمعهم, وفات هؤلاء المؤرخين أن يفهموا طبيعة الدعوة الإسلامية التي إذا مست شغاف القلب تعلق بها صاحبه لا فرق بين غنى وفقير أو حر وعبد وكان السابقون يتلقون تعاليم دينهم سرا من نبيهم وِإذا أرادوا ممارسة شعائرهم خرجوا إلى شعاب مكة بعيداً عن أعين قريش, ولما زاد عددهم اختار لهم رسول الله دار الأرقم ابن الأرقم ليجتمعوا بها


وظلت الدعوة السرية حوالي ثلاث سنوات أسلم فيها حسب رواية ابن هشام ثلاثة وخمسين شخصا بينهم عشر نساء ..


ومن حسن طالع المسلمين في هذه الفترة أن أسلم حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه و سلم وكان أعز فتى في قريش وأشدهم شكيمة ولقب بأسد قريش رجع يوما من صيده فعلم أن أبا جهل أعترض محمد ابن أخيه وآذاه وشتمه وسب دينه فغضب وذهب إلى أبى جهل فضربه بقوسه ضربة شديدة شجت رآسه وقال: أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول, فرد ذلك على إن استطعت, فقام رجال من قريش لينصروا أبا جهل فقال لهم: دعوا أبا عمارة (يعنى حمزة) فأنى والله قد سببت ابن أخيه سبا قبيحا, وأسرع حمزة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: اشهد أنك الصادق, فاظهر يا ابن أخي دينك فو الله ما أحب أن لي ما أظلته السماء وأنى على ديني الأول, وكان إسلام حمزة فاتحة خير لرسول الله صلى الله عليه و سلم إذ عرفت قريش أن محمد قد عز وامتنع بإسلام حمزة فكفوا عن سبه, وكان حمزة ممن أعز الله بهم الإسلام..


رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#7

افتراضي رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

الدعوة العلنية


بدأ رسول الله صلى الله عليه و سلم يعلن دعوته بعد أن تنزل عليه قوله تعالى:"وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ * وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" وقوله تعالى:" فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ "وبدأ رسول الله صلى الله عليه و سلم بعشيرته فدعاهم على طعام وخطبهم قائلا: الحمد لله أحمده واستعينه, وأؤمن به وأتوكل عليه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, ثم قال: إن الرائد لا يكذب أهله, والله الذي لا إله إلا هو إنى رسول الله إليكم خاصة وإلي الناس عامة, والله لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون ولتحاسبن بما تعملون وأنها الجنة أبدا والنار أبدا فقال ابو طالب ما أحب إلينا معاونتك وأقبلنا لنصيحتك واشد تصديقنا لحديثك و هؤلاء بنو أبيك مجتمعون وإنما أنا أحدهم غير أني أسرعهم إلي ما تحب, فامض لما أمرت به, فوالله لا أزال أحوطك وأمنعك غير أن نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطلب فقال ابو لهب: هذه والله السوأه, خذوا على يديه قبل أن يأخذ غيركم فقال ابو طالب: لنمنعه ما بقينا

ثم دعا وهتفرسول الله صلى الله عليه و سلم قريشا فصعد الصفا : يا صباحاه فقالت قريش من هذا الذي يهتف قالوا: محمدا, فاجتمعوا إليه. فقال: يابني عبد المطلب يابني عبد مناف يابني قصي ثم نادى قريش قبيلة قبيلة حتى أتى على أخرهم فاجتمعوا إليه فقال: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيل بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي؟ قالوا: ما جربنا عليك كذبا. قال: فأنى نذير لكم بين يدي عذاب شديد فقال ابو لهب: تبا لك ما جمعتنا الا لهذا ثم انصرف فنزل قوله تعالى:"تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ" الى آخر السورة..

ولم يتوان رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد ذلك فى تبليغ دعوته فدعا إليها ليلا ونهارا سرا وجهرا, يتبع قريش فى أنديتهم ومجامعهم ومحافلهم وفى مواسم حجهم وكان يدعوا كل من لقيه حرا أو عبدا ضعيفا أو قويا غنيا أو فقيرا...


رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#8

افتراضي رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

اكملى حبيبتى جزاكى الله كل خير بالتوفيق ياقمر
إظهار التوقيع
توقيع : ام القمرات
#9

افتراضي رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

بارك الله فيكي حبيبتي
و جعل هذا العمل في ميزان حسناتك

إظهار التوقيع
توقيع : ام هنا
#10

افتراضي رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام هنا
بارك الله فيكي حبيبتي
و جعل هذا العمل في ميزان حسناتك
الف الف شكر حبيبتى
والله شجعتينى ورفعتى معنوياتى
موش عارفة لية المواضيع الاسلامية لاتأخذ نفس اهتمام المواضيع الاخرى
مع انها الاهم والافيد والابقى وتكون ابتغاءاً لمرضات الله سبحانة وتعالى
رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#11

افتراضي رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام القمرات
اكملى حبيبتى جزاكى الله كل خير بالتوفيق ياقمر
الحمد لله ان رديتى على
كنت بيتهيألى انو ما حدا حاسس بها الموضوع المهم
جزاكى الله خيرا.. وان شاء الله اكملة واتمة فى اقرب وقت..

رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#12

افتراضي رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

موقف قريش من الدعوة


كان موقف قريش من الدعوة الإسلامية وصاحبها فى بداية أمرها موقف الاستهزاء والسخرية، فكان إذا مر بهم الرسول صلى الله عليه و سلم أو رأوه يصلى عند الكعبة يتغامزون ويتضاحكون ويسخرون منه، ولكنهم لم يتجاوزوا ذلك إلى الايذاء الفعلى، فقد كان المجتمع المكي ينظر إلى دعوة محمد كدعوة من سبقه من أمثال " أمية بن أبى الصلت " , " وقص بن ساعده " سرعان ما تنتهى وتندثر وطالما أنه لا يتعرض لآلهتهم فلا خوف منه..





ولكن بدأ أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم يزدادون يوما بعد يوم ونزلت الآيات التى تطعن فى الأصنام " آلهة قريش ". وتعير قريشا بأنها تعبد آلهة لا تسمع ولا تبصر ولا تنفع ولا تضر، وسفه عقولهم التى لا تبصر الحق من الضلال والظلمات من النور ".. هنا بدأ الايذاء الفعلى من قريش لمحمد صلى الله عليه و سلم ومن اتبعه من المسلمين وأوصى بعضهم بعضا بالنكاية بهم ليفتنوهم عن دينهم فقام ابو طالب بحماية محمد صلى الله عليه و سلم والزود عنه ضد قريش ...

وجدت قريش أنها لا تستطيع أن تنال محمد صلى الله عليه و سلم بكبير أذى طالما أنه يتمتع بحماية عمه أبى طالب ومن ثم اجمعوا أمرهم على أن يكلموا أبا طالب فى شأنه فذهب إليه وفد من أشرافهم يطلبون منه- خاصة وهو على مثل دينهم –أن يكف محمد صلى الله عليه و سلم عن سب آلهتهم وعيب دينهم وتسفيه أحلامهم وضلال آبائهم، أو يترك محمد صلى الله عليه و سلم لهم يفعلون به ما شاءوا، فردهم ابوطالب رداً جميلا – ولكنهم وجدوا أن هذه المقابلة لم تفدهم شيئا وأن محمد صلى الله عليه و سلم لم يكف عن الطعن فى آلهتهم، والعيب فى آبائهم وابوطالب يشمله بحمايته والزود عنه، فذهبوا إليه مرة ثانية وأخبروه بأنهم لا يصبرون على شتم آبائهم وطعن آلهتهم وخيروه بين أمرين، إما أن يمنع ابن أخيه عن دعوته وإما أن يعلنوها حربا عليه وعلى ابن أخيه حتى يهلك أحد الفريقين، فوجم ابو طالب وأصابه هم شديد فهو بين أمرين أحلاهما مر، فهو أما أن يترك قريشا تسوم محمد صلى الله عليه و سلم العذاب، وإما أن يشترك معهم فى حرب غير مأمونه العواقب، لذا استدعى محمد صلى الله عليه و سلم وأخبره بما قالت قريش، وقال له : "ابق على نفسك وعلي ولا تحملني من الامر ما لا أطيق "فظن الرسول صلى الله عليه و سلم أن عمه قد تخلى عن نصرته فرد رسول الله صلى الله عليه و سلم قائلا:"والله يا عم لو وضعوا الشمس فى يمينى والقمر فى يسارى على ان اترك هذه الامر حتى يظهره الله أو اهلك فيه ما تركته"،وخرج رسول الله باكيا فناده ابو طالب وقال له : اذهب يا ابن اخى فقل ما احببت فوالله لا أسلمك إلى شئ تكرهه ابدا ..

رأت قريش أن تجرب وسيلة أخرى مع أبى طالب علها تفيد، فاختاروا أقوى شباب قريش وأجملهم وأشعرهم وهو عماره بن الوليد، وذهبوا به إلى أبى طالب ليسلموه له ليتخذه ولدا فى مقابل ان يسلمهم محمداً ليقتلوه فقال لهم ابو طالب : لبئس ما تسوموننى به أتعطونى إبنكم أغذية لكم واعطيكم ابنى لتقتلوه وهذا والله لا يكون أبدا ..

ولما لم تجد قريش وسيلة للنيل من محمد اتجهت إلى من أسلم بها فسامتهم سوء العذاب وصبته على رؤسهم صبا، فلما رأى ذلك ابو طالب دعا بنى هاشم وبنى المطلب إلى حماية الرسول صلى الله عليه و سلم ونصرته ومنعه من قريش فأجابه كلهم مسلمهم وكافرهم إلا أبا لهب فإنه أمعن فى غيه وضلاله ..

رأت قريش أن تجرب اسلوبا آخر عله ينجح، ولكنه فى هذه المرة لن يكون مع أبى طالب ولكنه مع صاحب الدعوة نفسه محمد صلى الله عليه و سلم وهو اسلوب الحيلة والإغراء بالمال والجاه، فأرسلوا إليه عتبه بن ربيعة فقال يفاوضه منه " إن كنت تريد بهذا الامر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرا دونك، وإن كنت تريد به ملكا لملكناك علينا، وإن كان هذا الذى يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا فيه اموالنا حتى نبرئك منه فلما فرغ عتبة طالب منه رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يستمع منه فقرأ علية "حم* تَنزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ ءَايَاتُهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" فلما سمع عتبه أخذ ينصت إليه حتى انتهى الرسول إلى آية السجدة فسجدها وقال : أسمعت يا أبا الوليد، قال سمعت، قال : فأنت وذاك

ثم عاد إلى أصحابه فقال بعضهم لبعض : لقد جاء ابو الوليد بغير الوجه الذى ذهب به، فسألوه ما وراءك فقال إنه سمع كلاما ما سمع بمثله قط فلا هو بشاعر ولا كاهن ولا ساحر، وطلب منهم ان يخلوا بينهم وبين محمد وأن يتركوه لشأنه، فإن يقتله العرب فقد كفوهم شره، وان يظهر عليهم فسيكونون أسعد العرب به فملكه ملكهم وعزه عزهم فقالت قريش:لقد سحرك محمد والله يا أبا الوليد فقال عتبه:هذا رأيى فاصنعوا ما بدالكم ..

وجدت قريش أن الإغراء بالمال والجاه لم يجد فتيلا مع محمد صلى الله عليه و سلم وأن دعوته مستمرة فى الذيوع والانتشار، لذا نهجوا معه أسلوبا أخر فطالبوه بالمعجزات حتى يصدقوه اجتمعوا يوما عند الكعبة وبعثوا إليه وطلبوا منه أن يسأل ربه أن يفرج عنهم الجبال التى ضيقت عليهم مكة، وأن يفجر لهم فيها أنهارا كأنهار الشام والعراق، وأن يحيى آباءهم ومنهم قصي بن كلاب حتى يسألوه إن كان ما جاء به حقا أم باطلا، فإن فعل ذلك صدقوه وعرفوا أنه رسول الله إليهم، فقال لهم الرسول صلى الله عليه و سلم : ما بهذا بعثت إنما جئتكم من عند الله بما بعثنى به فإن تقبلوه فهو حظكم فى الدنيا والآخرة وإن تردوا علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم، ثم سألوه أن يسأل ربه أشياء لنفسه، بأن يبعث ملكا يصدقه بما يقول، وأن يجعل به جنانا وقصوراً وكنوزا من ذهب وفضة فإنه يقوم فى الأسواق ويلتمس المعاش كما يفعلون، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما أنا بفاعل، ما أنا الذى يسأل ربه هذا وما بعثت إليكم بهذا، ولكن الله بعثنى بشيرا ونذيرا فإن تقبلوا ما جئتكم به فهو حظكم فى الدنيا والآخرة وأن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم بيني وبينكم ..

وقريش فى طلبها لهذه المعجزات من رسول الله صلى الله عليه و سلم ما كانت لتؤمن برسالته إذا تحققت، بل كانت ستتمادى فى غيها وعنادها، كما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان رحيماً بهم، فهو يعرف أن سنة من قبله من الرسل إذا سألوا ربهم المعجزة لقومهم فتحققت فكذب القوم حق عليهم العذاب، ومحمد صلى الله عليه و سلم لم يرد لقريش هذا المصير، فقد سألته ان يجعل لهم الصفا ذهبا حتى يؤمنوا، فقال : وتفعلوا، قالوا : نعم فدعا ربه فأتاه جبريل : فقال : إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك إن شئت أصبح لهم الصفا ذهبا فمن كفر منهم بعد ذلك أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين، وإن شئت فتحت لهم ابواب الرحمة والتوبة قال : بل التوبة والرحمة، و يقول الله تعالى فى شأن مطالبتهم لمحمد صلى الله عليه و سلم بالمعجزات وعدم إيمانهم بها لو تحققت "وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلا أَن يَشَاءَ اللهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ" ، وقوله " وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآَيَاتِ إِلا أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَءَاتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآَيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا " ..
بدأت أخبار الدعوة الإسلامية تتجاوز حدود مكة وتتسرب إلى بعض البلدان القريبة منها فرأت قريش أنه وقد قرب موعد الحج واجتماع الناس من سائر البلاد إلى مكة فلابد لهم من كلمة يقولونها لهم في أمر محمد صلى الله عليه و سلم ودعوته، واتفقوا على أن يقولوا لهم إنه ساحر وجاء ليفرق بين الابن وأبيه وبين الزوج وزوجته، هادفين من ذلك إلى صرف الناس عن دعوة محمد صلى الله وعليه وسلم ولكن كان لمقالتهم هذه عكس ما أرادوا إذ نبهت العقول في سائر بلدان شبه الجزيرة إلى الدعوة المحمدية، وأخذ الناس في هذه الأقطار يتسمعون أخبارها ويتساءلون عن النبي الجديد وعن حقيقة دعوته وبذلك انتشر ذكرها في سائر بلاد العرب من حيث أرادت قريش كتمانها ومحاصرتها ..
رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#13

افتراضي رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

الاضطهاد والتعذيب

وجدت قريش أن مفاوضتها السلمية مع رسول الله صلى الله وعليه وسلم لم تجد فوقفت بالمرصاد للدعوة الإسلامية وللمسلمين، ورغم حماية بني هاشم لرسول الله صلى الله وعليه وسلم إلا أنه لم يسلم من أذاهم فكان ابو لهب يلقى بالعذرة-فضلات الانيان و الحيوان- والنتن على بابه وعقبة ابن أبي معيط يخنقه بثوبه خنقا شديداً وهو قائم يصلي ويرمي على ظهره سلا جزور-وهي مشيمة الناقة التي تخرج مع الوليد عند ولادته-وهو ساجد..



أما المسلمون فقد صبت قريش لجام غضبها عليهم ولم يتوقف إيذاؤها للمستضعفين والعبيد منهم، بل اضطهدت وعذبت الأغنياء والأحرار فهذا ابو بكر رضى الله عنه اجتمعت عليه قريش في المسجد فداسوه بأقدامهم وضربوه بنعالهم ضرباً شديداً على وجهه حتى غطى بالدم ثم ضربوه على بطنه ضرباً شديداً حتى فقد وعيه وأتت قبيلته فلفته في ثوب والجميع يظنون أنه مات من قسوة الضرب ..


وعثمان بن عفان رضى الله عنه يعلم عمه بإسلامه فيأمره بترك الإسلام أو يعذبه عذاباً حتى الموت فأبى عثمان إلا الإسلام فحبسه في حجرة مظلمة وقيده بسلاسل من حديد وحرم عليه الطعام والشراب ..

وطلحة بن عبيد رضى الله عنه يعلم بإسلامه نوفل بن خويلد فيشد وثاقه في حبل ويسحبه في طرقات مكة ويذهب به الى دار أبي بكر فيقرنه مع طلحة في حبل ويطوف بهما في طرقات مكة يسخر منهما الصبيان و العبيد ومن يومها سمي أبي بكر و طلحة بالقرينين

و الزبير بن العوام رضي الله عنه يسمع عمه بإسلامه فيقسم أنه إن لم يعد إلى دينه الأول ليحرقنه، ولكن الزبير أبى إلا الإسلام واستسلم لعذاب عمه فحبسه في حجرة مظلمة وشد وثاقه ودخن عليه حتى ملأ الحجرة دخانا وضاقت أنفاس الزبير فظن أنه ميت لا محالة وصبر لقضاء الله وأبى أن يرتد عن دينه فزاده عمه عذابا ..

إلا أن إيذاء قريش للمستضعفين والعبيد كان ولاشك أشد من إيذاء أبنائها فقست عليهم وتجردت من إنسانيتها في تعذيبهم وكانت قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة، فبلال بن رباح رضى الله عنه يحرم الطعام والشراب ويجرد من ملابسه في أشد ساعات النهار حرارة ويطرح على ظهره فوق الرمال الحارة التي لو وضعت فوقها قطعة اللحم لنضجت، ثم يوضع فوق صدره صخرة عظيمة ويقول له سيدة أمية بن خلف الجمحي ستظل هكذا أو تكفر بمحمد فلا يفتأ يردد أحد أحد ..

وآل ياسر (عمار وزوجته وابنهما ياسر) رضى الله عنهم يخرب بيتهم ويحرق وتوضع الأغلال في أيديهم وأرجلهم ويضربون بالسياط وعندما تشتعل رمال الصحراء يخرجون إليها مقيدين، وينخسون بالخناجر لإجبارهم على الجري على هذه الرمال الملتهبة فيتساقطون من الإعياء ويضحك منهم المشركون ساخرين وكان ابو جهل يتفنن في تعذيبهم فكان يحمي الحديد في النار ويكوي به جنوبهم وظهورهم ثم يملأ حوضاً من الماء ويغرقهم بعد حرقهم بالنار ويترددون بين الحرق والغرق طيلة النهار ومر بهم رسول الله صلى الله وعليه وسلم وهم على هذه الحالة فقال لهم "صبراً آل ياسر ابشروا فإن موعدكم الجنة، و ماتت سمية بحربة أبي جهل وكانت أول شهيدة في الإسلام، أما ياسر فقد مات تحت التعذيب ..

وخباب بن الأرت رضى لله عنه كان حدادا فلما علمت سيدته (أم أنمار) بإسلامه كانت تربطه في عمود من البيت وتشعل الكور وتحمى الحديد وتجرد خباب من ثيابه وتكويه بالنار مرة بعد أخرى حتى يغشي عليه من التعذيب فتنتظر حتى يفيق ثم تعاود التعذيب، وما هذه إلا نماذج لما كان يلاقيه كافة المسلمين من تعذيب واضطهاد..
رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#14

افتراضي رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

الهجرة إلى الحبشة


وأمام التعذيب والاضطهاد وعدم مقدرة المسلمين على حماية أنفسهم أشار عليهم الرسول صلى الله وعليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة قائلا لهم"لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم مخرجاً مما أنتم فيه "فخرج المسلمون إليها مخافة الفتنة وفراراً إلى الله بدينهم فكانت أول هجرة في الإسلام.
.





وكانت الهجرة إلى الحبشة على مرتين المرة الأولى في رجب من السنة الخامسة من البعثة وعادت في شوال من نفس السنة وكان عدد من هاجر من المسلمين 11 رجلا و4 نسوة على رواية وعشر رجال وثلاث نسوة على رواية أخرى خرجوا من مكة متسللين منهم الراكب ومنهم الماشي حتى انتهوا إلى ميناء صغيرا على شاطئ البحر الأحمر هو ميناء الشيبة وهيأ الله للمسلمين سفينتين للتجار أقلعتا وقت وصولهم فحملوهم معهم إلى أرض الحبشة بنصف دينار وجاءت قريش في أثرهم حتى جاءوا البحر فلم يدركوا منهم أحداً ..

ولم تكن الحبشة غريبة عن أهل مكة فكانوا يتاجرون معها وكان لأسواقها بريق في أعين التجار المكيين فجذبتهم إليها وكسبوا منها الأرباح الطائلة وكان لأهل مكة في نفوس أهل الحبشة تقديس خاص فهم في نظرهم "أهل الله" الذين يتمتعون بالحماية الإلهية، ومازالت في أذهاتهم حادثة الفيل وكيف كان للعناية الإلهية أثرها في هزيمة جيش أبرهة وإنقاذ مكة وبيت الله الحرام من خطر جيش أبرهة فضلا عن أن الأحباش كانون يدينون بالمسيحية وهي ديانة سماوية تقوم على التوحيد لهذه الأسباب وغيرها كان اختيار الرسول صلى الله وعليه وسلم للحبشة لتكون دار هجرة للمسلمين ..

ولاقى المسلمون معاملة طيبة من الأحباش ولكنهم لم يمكثوا بها أكثر من ثلاثة أشهر عادوا بعدها إلى مكة لما وصل إلى عملهم من امتناع قريش عن تعذيب المسلمين وفتنتهم، ولكنهم وجدوا قريشا قد تمادت في التعذيب والاضطهاد فعاد بعضهم إلى الحبشة ومعهم مسلمون آخرون، فكانت الهجرة الثانية إلى الحبشة

لم يخرج المسلمون في المرة الثانية إلى الحبشة دفعة واحدة بل على دفعات متلاحقة اشتدت إبان حصار قريش ومقاطعتهم للرسول وبني هاشم في شعب أبي طالب واكتمل عدد المسلمين بالحبشة في هذه المرة اثنين وثمانين في معظم الروايات ولكن المدقق في قائمة ابن هشام يجد أن عدد المسلمين في الحبشة كان 78رجلا و 17امرأة و 8من الأبناء فيكون عدد المهاجرين 103في مقدمتهم جعفر بن أبي طالب

والمتصفح لأسماء القبائل التي هاجر منها المسلمون يجد أن الإسلام قد انتشر بين كل قبائل مكة فبني هاشم هاجر منهم رجل وامرأة وبني أميه 3رجال و 3نسوة، وبني أسد بن عبد العزى، رجال وامرأة وبنو هذيل 4 رجال وبنو تميم رجلان وامرأة وبني مخزوم8رجال وامرأة وبني جمح7رجال و3نسوة و5أولاد وبني سهم 14رجلا وبني علي4رجال وامرأة وولد وبني عامر و8رجال و3نسوة وبني الحارث8رجال

وأقام المسلمون في الحبشة على خير ما ينبغي واشتغلوا بالزراعة والتجارة والصناعة وسلكوا في حياتهم ومعاملتهم سلوكا طيبا واحترموا قوانين البلاد وأهلها فأحبهم الأحباش وعاملوهم معاملة كريمة طيبة، كما أكرم النجاشي ملك البلاد مثواهم وأعلن حمايتهم فأعلنوا شعائر دينهم لا يخشون تعذيبا أو اضطهادا ..

أما قريش فلم تترك المسلمون في الحبشة وشأنهم وغاظها ما وجدوا بها من أمن واستقرار فأرسلوا إلى النجاشي عمرو بن العاص وعبد الله بن ربيعة وحملوا معهما الكثير من الهدايا إلى النجاشي وبطارقته وقالوا للنجاشي : إنه لجأ إلى بلادكم غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك أشراف قومهم لتردهم إليهم فهم أعلى بهم عينا وأعلم بما ع***- ا عليه ولكن النجاشي أبي أن يردهم حتى يسمع قولهم فلما سمع منهم عن أمر دينهم ونبيهم طلب منهم أن يقرءوا له بعضا من القرآن فقرأ عليه جعفر بن أبي طالب صدرا من سورة مريم فبكى النجاشي وقال:إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة فو الله لا أسلمهم أبدا ..

واحتال عمرو بن العاص على النجاشي عله يظفر بهم فقال له : إنهم يسبون عيسى بن مريم ويقولون فيه قولا عظيما، فأرسل إليهم فسألهم عن قولهم فيه فأجابه جعفر: إنه عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول، فضرب النجاشي بيده إلى الأرض فأخذ منها عوداً، ثم قال : والله ماعدا عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود اذهبوا فأنتم آمنون في أرضي من سبكم غرم، ردوا عليهما(عمرو وعبد الله)هدا ياهما فلا حاجة لي بها، وهكذا رجع وفد مكة خائباً من الحبشة وتمتع المسلمون بالأمن والأمان ومارسوا شعائر دينهم في حرية تامة ..

وظل المسلمون بالحبشة حتى السنة السابعة من الهجرة فأرسل إليهم الرسول من حملهم إليه، فعادوا وقد فتح الله على المسلمين خيبر فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم"والله ما أدري بأيهما أنا أسر، بفتح خيبر أم بقدوم جعفر"ولكن يبدوا أن المسلمين قد بدأوا في العودة منذ الهجرة واستقرار المسلمين بالمدينة لأن من عاد مع جعفر كان16رجلا فقط..

رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#15

افتراضي رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

إسلام عمر بن الخطاب

كان لعمر بن الخطاب من الصفات ما يجعله أحد رجلين في الجاهلية عناهما صلى الله عليه و سلم بقوله "اللهم أيد الإسلام بأحب العمرين إليك عمرو بن هشام (ابو جهل) أو عمر بن الخطاب، وقد استجاب الله دعوة نبيه فاعتنق عمر بن الخطاب الإسلام ..


خرج عمر يوما يعترض رسول الله صلى الله عليه و سلم فوجده يقرأ سورة الحاقة فوقف خلفه وأخذ يتعجب من نظم القرآن وظنه شعرا، فتلى رسول الله صلى الله عليه و سلم "إنه لقول رسول كريم * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلا مَّا تُؤْمِنُونَ" فظنه كاهناً فتلى صلى الله عليه و سلم "وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلا مَّا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ "
يقول عمر"فوقع الإسلام في قلبي"وكان هذا أول اتجاه منه إلى الإسلام ..

كان المهاجرون إلى الحبشة يخرجون من مكة سراً خوفاً من بطش قريش وكانت أم عبد الله بنت أبي حثمة قد أسلمت هي وزوجها عامر وأرادو الخروج إلى الحبشة، تقول أم عبد الله "والله إنا لنرتحل إلى أرض الحبشة وقد ذهب عامر في بعض حاجتنا إذ أقبل عمر وهو على شركه حتى وقف علي وكنا نلقى منه البلاء أذى وشدة، فقال: أتنطلقون يا أم عبد الله ؟ قلت نعم، والله لنخرجن في أرض الله، فقد آذيتمونا وقهرتمونا حتى يجعل الله لنا فرجا فقال:صحبكم الله ورأيت له رقه وحزنا، فلما عاد عامر أخبرته وقلت له لو رأيت عمر ورقته وحزنه علينا، قال:أطمعت في إسلامه ؟ قلت :نعم ..

والممعن في موقف عمر، من أم عبد الله يجد أنه قارب الوصول إلى الإسلام، فرقته غير المألوفة وحزنه على هجرة المسلمين، و عدم تعرضه لهم ودعاؤه لهم بالخير، ليس ذلك حال من أكل الحقد قلبه، و أعمى الضلال بصره من أعيان الشرك من أهل مكة ..

أما السبب المباشر لإسلامه، فهناك روايتان إحداهما يرويها عمر عن إسلامه فيقول: كنت صاحب خمر في الجاهلية أحبها وأشربها وكان لنا مجلس يجتمع فيه رجال من قريش، فخرجت ليلة أريد جلسائي، فلم أجد منهم أحداً، فقلت لو أني جئت فلاناً الخمار لعلي أجده عنده خمراً فأشرب منها، فجئته فلم أجده فقلت ؟ لو أني جئت الكعبة فطفت بها، فجئت المسجد لأطوف، فإذا رسول الله صلى الله وعليه وسلم قائم يصلي، وكان إذا صلى استقبل الشام وجعل الكعبة بينه وبينها فقلت لو أني استمعت إلى ما يقول محمد هذه الليلة ولئن دنوت منه لأروعنه فدخلت تحت ثياب الكعبة ومشيت حتى أصبحت أمام رسول الله صلى الله وعليه وسلم، وليس بيني وبينه غير ثياب الكعبة، فلما سمعت القرآن رق له قلبي، فبكيت فلم أزل واقفاً في مكاني حتى انتهي رسول الله صلى الله وعليه وسلم من صلاته وانصرف، فتتبعته حتى أدركته فلما سمع رسول الله صلى الله وعليه وسلم حسي عرفني، فظن أني تبعته لأؤذيه، فزجرني وقال: ما جاء بك يا ابن الخطاب في هذه الساعة ؟ قلت لأومن بالله ورسوله وبما جاء من عند الله، فحمد الله وقال:قواك الله يا عمر ومسح صدري ودعا لي بالثبات ..

أما الرواية الثانية فتذكر أن عمر خرج يوما متوشحاً سيفه يريد محمدا فقابله في الطريق نعيم بن عبد الله، ولما علم بمقصده، قال له: والله لقد غرتك نفسك يا عمر، أترى بني عبد مناف
تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمدا ومن الأجدر بك أن تقوم أهل بيتك أولا فإن أختك فاطمة وزوجها سعيد ابن زيد قد أسلما، فتوجه عمر من فوره إليهما وكان عندهما خباب بن الأرت يعلمها القرآن، فلما سمعوا صوته أختبأ خباب وخبأت فاطمة الصحيفة التي كانوا يقرأونها فسألها عمر عما سمع عن صبأهما واتباع محمد وبطش بزوج أخته فقامت أخته لتكفه عن زوجها فضربها وشجها حتى سال الدم من رأسها فقالت: نعم أسلمنا وآمنا فاصنع ما بدالك، فلما رأى ما فعله بأخته ندم وطلب منها أن تعطيه الصحيفة التي كانوا يقرأونها لينظر ما الذي جاء محمد وحلف لها بآلهته أنه لا يمسها بسوء فطمعت في إسلامه وقالت له إنك نجس لأنك مشرك و لا يمسها إلا المطهرون فقام فاغتسل فأعطته الصحيفة فلما قرأ منها صدراً، قال: ما أحسن هذا الكلام وأكرمه فلما سمع خباب منه ذلك، خرج من مخبئه، وقال :"والله يا عمر إني أرجو أن يكون قد خصك الله بدعوة نبيه، فإني سمعته أمس يقول، اللهم أيد الإسلام بأبي الحكم بن هشام،أو بعمر بن الخطاب، فالله الله ياعمر"فسأله عن مكان رسول الله صلى الله وعليه وسلم فأخبره بأنه مع أصحابه عند الصفا في دار الأرقم بن أبي الأرقم، فذهب إليهم وطرق الباب فنظر صحابي جليل مع خلل الباب فوجده عمر بن الخطاب متوشحا سيفه، فقال حمزة :إإذن له يا رسول الله ان كان يريد خيرا بذلناه له وان كان يريد شرا قتلناه بسيفه فأخذه الرسول من مجمع ردائه وجذبه جذبة شديدة وقال:ما جاء بك يا بن الخطاب فوالله ما أرى أن تنتهي حتى ينزل الله بك قارعة، فقال عمر يا رسول الله جئتك لأومن بالله ورسوله وبما جاء من عند الله فكبر رسول الله وكبر المسلمون معه ..














وكان إسلام عمر فاتحة خير للإسلام والمسلمين، سأل عمر رسول الله صلى الله عليه و سلم ألسنا على الحق يا رسول الله إن متنا أو حيينا، قال:بلى والذي نفسي بيده إنكم على الحق متم أو حييتم، فقال عمر: ففيم الاختفاء، والذي بعثك بالحق لتخرجن، فخرج رسول الله والمسلمون خلفه في صفين على أحدهما حمزة وعلى الآخر عمر، ولهما كديد-غبار الطريق الذي اثارته اقدامهم عند المشي- كأنه كديد الطحين، فدخلوا المسجد الحرام وقريش تنظر إليهم وتعلوها كآبة، ولا يجرؤ سليط منها ولا حكيم أن يقترب من صفين فيهما هذان وصلى المسلمون حول الكعبة أمام أعين قريش، ومن يومها أصبحوا قوة ظاهرة، وأضحى المجتمع المكي فرقتين، فرقة مسلمة وأخرى مشركة، ولذا لقب الرسول صلى الله عليه و سلم عمر بالفاروق لأن الله فرق به بين عهدين في الرسالة الإسلامية ..

وكان ظهور المسلمين بمكة وممارسة شعائرهم علانية حول الكعبة غصة في حلق قريش، فقد خشيت على فتيانها أن يستهويهم هذا الدين فينجذبون إليه خاصة وأن شعائره أصبحت تمارس أمامهم، لذا تعمدت قريش إيذاء المسلمين بالكعبة غير مبالية بحرمتها ولم يمنع هذا الإيذاء المسلمين من غشيان المسجد الحرام والصلاة فيه ..
رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#16

افتراضي رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

صحيفة المقاطعة
وجدت قريش أن المسلمين يزدادون يوما بعد يوم وسياسة التعذيب والاضطهاد لم تثنهم عن عقيدتهم، وأن مهاجري الحبشة يتمتعون بحماية ملكها، وملسمي مكة يجاهرون بصلاتهم منذ أسلم عمر، ورسول الله ممتنع ببني هاشم لذا فكرت قريش في مواجهة شاملة تواجه بها محمداً وأصحابه ومن يناصرهم فاتفقوا على مقاطعة بني هاشم فلا ينكحوا إليهم ولا ينكحوهم ولا يبيعوهم شيئا ولا يبتاعون منهم حتى يسلموا محمد إليهم فيقتلوه، وكتبوا ذلك في صحيفة عرفت بـ"صحيفة المقاطعة" وعلقوها في جوف الكعبة ضمانا لتنفيذها وأخذوا العهود والمواثيق فيما بينهم للالتزام بتنفيذ ما جاء بالصحيفة..



وأصر بنو هاشم وبنو عبد المطلب مسلمهم وكافرهم عدا أبي لهب على نصرة محمد وحمايته وأمام هذه المقاطعة اضطروا إلى الخروج من مكة والالتجاء إلى شعب أبي طالب في جبل أبي قبيس (أحد الجبال المحيطة بمكة) فحاصرتهم قريش بها وكانوا لا يستطيعون الخروج منها إلا في الأشهر الحرم ونفذت قريش الحصار بكل دقة فرصدت العيون على بني هاشم ولم تترك طعاما ولا بيعاً يصل إليهم إلا سبقوهم إليه فاشتروا وكان أبي جهل ينادي في التجار الوافدين على مكة أن لا يبيعوا بني هاشم شيئا من تجارتهم ويشتريها منهم بأضعاف ثمنها فكان الواحد من بني هاشم إذا خرج لشراء طعام أو غيره ضاعف التاجر سعر السلعة فلا يقدر على شرائها ويعود إلى أطفاله بلا طعام وهم يتضرعون من الجوع..


وطال الحصار على رسول الله وبني هاشم، وأنفقوا جميع ما يملكون ولم يبق لديهم شيء من مال أو طعام أنفقت خديجة كل ما تملك وأنفق ابو طالب ما عنده وأنفق كل بني هاشم ما عندهم، وكادوا يهلكون جوعا فاضطروا إلى أكل أوراق الشجر وكل ما ظنوه يسد رمقهم، يقول سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه وكان أحد المحاصرين، خرجت ليلة لابول فسمعت قعقعة تحت البول، فإذا قطعة من جلد بعير يابسة فأخذتها وغسلتها ثم أحرقتها وطحنتها وسففتها بالماء فقويت بها ثلاثة، وقال أحدهما: وطئت ذات ليلة على شيء رطب فرفعته إلى فمي فابتلعته فما أدري ما هو إلى الآن ..


وتحمل الرسول صلى الله عليه و سلم ومن معه عناء هذه المقاطعة بصبر وجلد وكانت الآيات القرآنية تنزل لتزيدهم ثباتاً وتطالبهم بالصبر وتحدي الحصار والقطيعة، ولم يثن ذلك الرسول عن نشر دعوته فكان يخرج في مواسم الحج والتجارة يدعو كل من وفد مكة إلى الإسلام، ولقد عاب بعض هؤلاء على قريش موقفها من بني هاشم وأعجبوا بثبات محمد وأصحابه فاستحسنوا الإسلام فاعتنقوه وكان هذا على عكس ما أرادت قريش من المقاطعة ..


وأراد الله للمحنة الرهيبة أن تزول وللغمة أن تنكشف وأن يجتاز المسلمون الابتلاء بنجاح، فاطلع جبريل النبي صلى الله عليه و سلم على أن صحيفة المقاطعة التي كتبتها قريش قد أكلت الأرضة كل ما فيها من ألفاظ القطيعة والظلم ولم يبق بها إلا أسماء الله فأخبر النبي عمه أبا طالب بذلك فخرج إلى قريش وأخبرهم بما قاله النبي وقال: فإن كان صادقا علمتم أنكم ظالمون لنا، قاطعون لأرحامنا، وإن كان كاذباً دفعته لتقتلوه ..


ووافق ذلك أن قام خمسة رجال من قريش هم هشام بن عمرو وزهير ابن أميه والمطعم بن عدى وابو البختري بن هشام وزمعة بن الأسود عابوا على قومهم ما فعلوه ببني هاشم واتفقوا على نقض الصحيفة، فطاف زهير بالبيت سبعا ونادي في أهل مكة أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكى لا يباع ولا يبتاع منهم !! والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة، فعارضة ابو جهل فقام أصحاب زهير الأربعة ووافقوه على رأيه وقالوا: أنهم لا يرضون ما كتب في الصحيفة ولا يقرونه، فقال ابو جهل، هذا أمر قضى بليل ونشوور فيه بغير هذا المكان، فقام المطعم ليشق الصحيفة فوجدها على الصورة التي أخبرهم الرسول عنها، قد أكلت الأرضة كل ما فيها إلا أسماء الله وبذلك خرج بنو هاشم وبنو المطلب من الشعب وعادوا إلى مكة ليمارسوا حياتهم العادية ولكن قريشا استمرت في اضطهادهم وتعذيبهم وكان خروجهم من الحصار في السنة العاشرة من البعثة ..


وعلى الرغم من قسوة الحصار وشدة وطأته على المسلمين، فقد عاد بالخير عليهم وعلى الإسلام إذ عابت القبائل العربية على قريش سلوكها الشائن مع بني هاشم فلم يحدث أن سلكت قبيلة عربية مع أحد بطونها هذا السلوك الغريب، كما كان لموقف التحدي الرائع الذي وقفه المسلمون أثر كبير في اجتذاب بعض أفراد هذه القبائل للإسلام، أما قريش فقد هانت في أعين المسلمين بعد أن فشلت كل محاولاتها للنيل من الإسلام و المسلمين ..
رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#17

افتراضي رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

عام الحزن وخروجه إلى الطائف
خرج المسلمون من المقاطعة وقد أضر الحصار بأجسادهم، وأصابهم الوهن والضعف خاصة الشيوخ والنساء، فلم يمض على انتهاء المقاطعة إلا شهوراً قليلة وأصيب الرسول بمصيبة عظيمة، فلقد مات عمه ابو طالب ناصره وحاميه ومانعه من مشركي قريش، في شوال من السنة العاشرة من البعثة، وبعده بأيام توفيت زوجته خديجة رضى الله عنها يقول ابن إسحاق ثم إن خديجة وأبا طالب هلكا في عام واحد فتتابعت على رسول الله صلى الله عليه و سلم المصائب بهلك خديجة وكانت له وزير صدق على الابتلاء يسكن إليها ويهلك عمه أبي طالب وكان له عضدا وحرزا في أمره، ومنعه وناصرا على قومه ..


واشتد إيذاء قريش لرسول الله صلى الله عليه و سلم بعد موت أبي طالب حتى قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما نالت قريش مني شيئاً أكرهه حتى مات ابوطالب، ولما يئس من هدايتهم وفكر في أن يترك مكة ويخرج لينشر دعوته في مكان آخر علها تجد صدى في قلوب أهله فيحتمي بهم وينصرونه على قريش فخرج صلى الله عليه و سلم وحده إلى الطائف راجيا أن يقبلوا منه ما جاء به من عند الله..

وتقع الطائف على مسافة 120كم من مكة وتسكنها قبيلة ثقيف الوثينة، ولهم بيت يعظمونه ويضعون عنده أصنامهم كما تفعل قريش بالكعبة، وأشهر أصنام ثقيف اللات..

وكان بين ثقيف وقريش مودة، وتجارات وزراعات مشتركة وكان لبعض أغنياء قريش بساتين وقصور بالطائف يخرجون إليها لقضاء الصيف بها لاعتدال مناخها عن مكة، فكانت الطائف مصيف قريش، ولاشك أن ثقيفا علمت بدعوة محمد قبل أن يخرج إليها، ولم يعتنق أحد منها الإسلام حتى لا يفسد ما بينها وبين قريش من علاقات وروابط ..

قطع رسول الله صلى الله عليه و سلم المسافة سائرا على قدميه وأقام بالطائف عشرة أيام يدعو أهلها إلى عبادة الله ولكن دعوته لم تجد إلا قلوبا غلفاً وآذانا صماً وأعيناً عمياً فلم يستمع إليه منهم أحد ..

قابل رسول الله صلى الله وعليه وسلم في الطائف أبناء عمر بن عوف الثلاثة وهم من سادة ثقيف فعرض عليهم دعوته وطلب منهم نصرته فسخرو منه واستهزؤا به فقال أحدهما: أما وجد الله أحد أن يرسله سواك، وقال الثاني:والله لأمزقن أستار الكعبة إن كان الله قد أرسلك وقال الآخر:والله لا أكلمك أبدا إن كنت رسولا فأنت أعظم من أن أرد عليك، وإن كانت كاذبا فما ينبغي لي أن أكلمك، وأغروا به سفاءهم وعبيدهم فجعلوا يصيحون به ويتعقبونه ويقذفونه بالحجارة، فما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يرفع قدمه ويضعها إلا على حجر فسال الدم منهما ولم يرجعوا عنه إلا بعد أن خرج من الطائف ..

لجأ رسول الله صلى الله عليه و سلم– وقد نالة التعب والإرهاق – إلى ظل بستان ليستريح، وتذكر ما فعلت به ثقيف فهانت عليه نفسه أترى ربه ساخطا عليه حتى يؤذي كل هذا الإيذاء؟ أم أنه يريد له الهوان على يد هؤلاء اللئام ؟ فأخذ أيناجيه. اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي. وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين،وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب على فلا أبالي. ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحل على سخطك لك العقبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك ..

كان لموقف ثقيف من رسول الله صلى الله عليه و سلم ما أحزنه وغمه فانطلق هائما على وجهه لا يدري أين يتجه وأخذ يفكر في قريش فلابد أنها علمت بخروجه إلى الطائف لينتصر بثقيف عليها أما وقد خاب أمله فيها فلابد أنهم سيتمادون في إيذائه والاستهزاء به، وكلما فكر في ذلك اشتد غمه وحزنه، فلم يعد له نصير في مكة بعد وفاة عمه ابوطالب، وبينما هو في هذه الحال، إذ نزل عليه جبريل عليه السلام ومعه ملك الجبال، فقال ملك الجبال "يا محمد إن الله قد سمع قول قومك وما ردوا به عليك وقد بعثني إليك لتأمرني بأمرك إن شئت دمدمت عليهم الجبال وإن شئت خسفت بهم الأرض"فرد رسول صلى الله عليه و سلم قائلاً:لا، بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئاً ..

وتحقق ما توقعه الرسول من قريش فلقد قفلت ابواب مكة في وجهه وأبت عليه العودة إليها وكان عليه إذا أراد أن يدخلها أن يستجير بأحد سادتها على عادة العرب – فاستجار بالمطعم بن عدى فأجاره ودخل مكة في حمايته وحماية أبنائه ...
رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#18

افتراضي رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

بيـعة العقبـة الأولـى..
ووسط هذه الغيوم الملبدة, و وسط هذا الظلام الحالك, لاحت بشائر الخير و لمعت خيوط فجر من بعيد اتية من جهة يثرب, و ذلك عندما عرض رسول الله صلى الله عليه و سلم نفسه على نفر من الخزرج فاستجابوا لدعوته ..




وكانت اليهود أحد الجماعات التى تسكن يثرب و هم أهل كتاب- فأشعلوا فى يثرب أن نبيا فى العرب سيبعث, و حان وقت ظهوره, و أنهم سيتبعونه و ينتصرون به على العرب(الأوس و الخزرج)فلما عرض رسول الله صلى الله عليه و سلم نفسه عليهم و كانوا ستة تذكروا مقالة اليهود لهم, فقالوا:و الله انه للنبى الذى توعدكم به اليهود فلا يسبقنكم إليه, فأجابوه إلى الإسلام, و واعدوه اللقاء العام القادم, و رجعوا الى قومهم يدعونهم إلى الإسلام فاتبعهم فريق منهم و سرعان ما انتشر الإسلام فى يثرب فلم تبق دار من دور الأنصار الا و فيها خبر عن الدعوة الإسلامية و رسولها ..


و فى موسم الحج التالى وفد على مكة اثنا عشر رجلا من مسلمى يثرب عشرة من الخزرج و اثنان من الأوس, تقابلوا مع رسول الله عند العقبة و بايعوه بيعة عرفت فى التاريخ الإسلامي ببيعة العقبة الأولى أو الصغرى بايعوه على أن لا يشركوا بالله شيئا و لا يسرقوا, و لا يزنوا ولا يقتلوا أولادهم ولا يأتوا ببهتان يفترونه بين أيدهم و أرجلهم و لا يعصوه فى معروف, فقال لهم الرسول:ان وفيتم فلكم الجنة, و ان نقضتم, فأمركم الى الله عز و جل ان شاء عذب و ان شاء غفر, و عرفت هذه البيعة ببيعة النساء لأنها على نفس الشروط التى بايعت النساء عليها رسول الله بعد فتح مكة ..


و أرسل الرسول صلى الله عليه و سلم معهم مصعب ابن عمير ليقرئهم القرآن و يعلمهم أمور دينهم, فكان أول سفير لرسول الله صلى الله عليه و سلم, و نجح مصعب فى نشر الدعوة الإسلامية و دخل أهل يثرب فى دين الله أفواجا, و لم يمر عام على مصعب بها, و لم يبق دار من دورها الا و فيها رجال مسلمون و نساء مسلمات, بل دخلت قبائل بأكملها رجالها و نسائها, صغارها و كبارها فى الإسلام دفعة واحدة..


رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

بيـعة العقبـة الثانيـة..
و فى موسم الحج التالى وفد مع حجاج يثرب ثلاثة و سبعون رجلا, و امرأتان من المسلمين و معهم مصعب ليبايعوا رسول الله صلى الله عليه و سلم و سر الرسول بأنتشار الإسلام بين أهل يثرب ووجد فيهم المنعة و النصرة و الحماية, و وجد المسلمون فى يثرب الملجأ والملاذ والمأوى فتاقت نفوسهم وهفت اليها أفئدتهم و تمنوا ساعة الخلاص ..

تواعد الرسول و مسلمو يثرب اللقاء فى العقبة فى ليلة الثاني عشر من ذى الحجة على أن يكون سرا حتى لا تعلم قريش أو مشركوا يثرب به فيفسدوه, ولما حان الموعد بدأ المسلمون يتسللون تسلل القطا-وهو طائر معروف بالخفة و الحذر-الى مكان الاجتماع و خرج اليهم الرسول و معه عمه العباس وكان لا يزال مشركا و لكنه أراد أن يتثبت لابن أخيه من أهل يثرب, و كان أول من تكلم فقال : يا معشر الخزرج, ان محمدا منا حيث علمتم, و قد منعناه من قومنا ممن على مثل رأينا فيه, فهو فى عز من قومه و منعه فى بلده, و أنه قد أبى إلا الإنحياز اليكم و اللحاق بكم, فأن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه اليه, و ما منعوه ممن خالفه, فأنتم و ما تحملتم من ذلك, و ان ترون أنكم مسلموه و خاذلوه بعد الخروج اليكم فمن الآن فدعوه فإنه فى عز و منعه من قومه و بلده, فقال الخزرج للعباس, قد سمعنا ما قلت تكلم يا رسول الله فخذ لنفسك و لربك ما أحببت, فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم:أبايعكم على أن تمنعونى مما تمنعون منه نسائكم و أبنائكم, فأخذ البراء ابن معرور يده, و قال:نعم و الذى بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا- كناية عن أنفسهم ونسائهم-فبايعنا يا رسول الله, فنحن والله أبناء الحروب, و أهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر..

وأراد الأنصار أن يستوثقوا لأنفسهم أيضا من الرسول فقال ابو الهيثم بن التيهان : يا رسول الله ان بيننا و بين الرجال حبالا و إنا قاطعوها(يريد اليهود)فهل عسيت ان نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع الى قومك و تدعنا فتبسم رسول الله صلى الله عليه و سلم و قال:"الدم الدم والهدم الهدم",يعنى أنا منكم و أنتم منى أحارب من حاربتم و أسالم من سالمتم..

وقال العباس بن عبادة الأنصارى, مؤكدا البيعة فى أعناق الأنصار:يا معشر الخزرج هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل, قالوا:نعم, قال:انكم تبايعونه على حرب الأحمر و الأسود من الناس, فأن كنتم ترون أنكم اذا أنهكت أموالكم مصيبة,وأشرافكم قتلا, أسلمتموه فمن الآن, فهو و الله خزي فى الدنيا و الآخرة ان فعلتم, و ان كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه اليه على نهكه الأموال و قتل الأشراف فخذوه, فهو و الله خير فى الدنيا و الآخرة فأجاب الأنصار : نأخذه على مصيبة الأموال و قتل الأشراف, ابسط يدك يا رسول الله لنبايعك فبسط يده فبايعوه ..

وطلب الرسول أن يختاروا من بينهم اثنى عشر نقيبا فاختاروا تسعة من الخزرج و ثلاثة من الأوس,و قال الرسول لهم:أنتم كفلاء على قومكم ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم فاجابوه ..

وفى الصباح علمت قريش بأمر البيعة و أن أهل يثرب قد بايعوا محمدا ليخرج اليهم و يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم و أولادهم, فوقع فى أيديهم و طاش صوابهم و خرجوا مسرعين الى منازل أهل يثرب يسألونهم:انا قد بلغنا أنكم قد جئتم الى صاحبنا هذا تستخرجوه من بين أظهرنا و تبايعوه على حربنا, وانا و الله ما من حي من العرب أبغض الينا أن تنشب الحرب بيننا و بينهم منكم, فسكت المسلمون و قام أهل يثرب يحلفون لهم ما كان من هذا من شئ, و ما علمناه, وعاد أهل يثرب الى بلدهم, و لكن قريشا تيقنت خبر البيعة فخرجوا عليهم يظفرون بأهل يثرب و لكنهم لم يدركوا منهم الا سعد بن عبادة فكتفوه و عادوا به الى مكة يضربونه و يجرونه من شعره و لم يخلصه من بين ايديهم الا مطعم بن عدى الذى أجاره فعاد الى يثرب ..

هكذا وتمت بيعة العقبة الثانية و أصبحت هجرة الرسول و المسلمين أمرا محققا, و لكنها مسألة وقت فقط ..

هكذا تمت بيعة العقبة الثانية و تقرر فيها أن يهاجر الرسول و المسلمون الى يثرب على أن يقوم الأنصار بحمايتهم و نصرتهم و أصبح أمر الهجرة محققا و لكنها مسألة وقت فقط
رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#19

افتراضي رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

الهجــرة

و ما ان عاد الأنصار الى يثرب حتى أذن الرسول للمسلمين بالهجرة فخرجوا من مكة زرافات و وحدانا يتسللون خوفا من منع قريش لهم..
و ظلت الهجرة حوالى شهرين تقريبا(من آخر ذى الحجة الى أول ربيع الأول)حتى خلت معظم ديار المسلمين فى مكة من ساكنيها و لم يبق بمكة غير الرسول و أبى بكر و علي و آل بيوتهم و المستضعفين من المسلمين ..


وكان وقع الهجرة على مشركي قريش سيئا فحاولوا منع المسلمين بشتى الطرق الإرهابية ولكنها لم تجد فتيلا..
, فتآمروا بالرسول صلى الله عليه و سلم فى دار الندوة و استقر رأيهم على الفتك به بطريقة تضمن تفرق دمه فى القبائل فلا يكون لأهله حتى المطالبة به ..
فانتقوا من كل قبيلة شابا قويا, و أوكلوا إليه حصار بيت الرسول و أن يقتلوه بضربة واحدة, و لكن كان تدبير الله أقوى من تدبيرهم, كما قال تعالى: "وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" ،فأطلع رسوله على تدبير قريش و أوصى إليه بالهجرة إلى يثرب فنام علي فى فراش الرسول و تغطى ببردته ليغرر بالمحاصرين..
, و اصطحب الرسول معه أبا بكر و خرجا ليلا إلى جنوب مكة و اختفيا فى غار جبل ثور و مكثا فيه ثلاثة أيام و كان عبد الله بن أبى بكر و أخته أسماء يحملان الأخبار و الطعام و الماء إليهما


جن جنون قريش عندما عرفت أنها باتت تحرس علي وأن الرسول خرج من مكة سليما معافى..
, فاتجه رجالها للبحث عنه فى كل مكان و وصل بهم قصاصو الأثر حتى باب الغار الذى يختبىء فيه الرسول و صاحبه..
, و لكن جند الله كانت تحرسه و تسهر عليه و أيده الله بجنود شاهدها الناس و جندا لم يشاهدوها و هى التى عناها الحق فى قوله تعالى "وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا "..
و بعد أن مكثا فى الغار ثلاثة أيام ركبا صوب يثرب و كان عليهما أن يختارا طريقا غير الطريق المعهود حتى لا تظفر بهما قريش فاتخذا من"عبد الله بن أريقط"دليلا لهما فسلك بهما الطريق الغربى المحاذى للبحر الاحمر و هو طريق وعر غير مسلوك لكثرة ما فيه من صعوبات و مشاق تحملها الرسول و صاحبه..
و قطعوا مسافة 510 ميلا تحت الشمس الحارقة تطاردهم مكة بأسرها و قد أدركهم بعض المطاردين فحماهم الله منهم..
, قطعوا المسافة فى ثمانية أيام و وصلوا الى قباء ضاحية يثرب يوم الأثنين الثانى عشر من شهر ربيع الأول


و قبل أن ننتقل إلى الدور المدنى فى حياة الرسول يجمل بنا أن نذكر سمات الدعوة الإسلامية فى دورها المكي ..

استغرقت الدعوة الإسلامية فى دورها المكى(من البعثة حتى الهجرة)اثنتى عشرة سنة و خمسة أشهر وواحد و عشرون يوما نزل فيها على الرسول صلى الله عليه و سلم معظم القرآن فنزل بمكة اثنتان وثمانون سورة من جملة سور القرآن البالغة مائة و أربع و عشرة بالإضافة إلى اثنتى عشرة سورة مشتركة بين المكى والمدنى و اشتمل التشريع المكي على أهم ما جاءت من أجله الدعوة الإسلامية, كما يتميز بأنه تشريع كلي, أى أنه يهتم بالأمور الكلية ولا يتعرض لأحكام جزئية و يمكن تلخيص سمات التشريع المكي فيما يأتى :


اولا:الوحدانية و رفض عبادة الأوثان و أن تكون هذه العقيدة أساسا لبناء المجتمع الجديد

ثانيا: تقرير فكرة البعث و الحساب واليوم الآخر و أن كل إنسان يحاسب بمفرده على عمله فلا تزر وازرة وزر أخرى

ثالثا: وحدة الرسالات السماوية و أنها تستمد أصولها من منبع واحد هو الله سبحانه وتعالى

رابعا: بيان الصفات التى تقرب العبد من ربه و التى تبعده عنه

خامسا: اذابة الفوارق بين الطبقات و الغاء العصبية القبلية فالناس جميعا متساوون فى الحقوق و الواجبات فكلهم من ذكر و أنثى, و أن الأفضلية لا تكون إلا بمقدار تقوى العبد لربه{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ}

سادسا: فرضت الزكاة و الصلاة فى هذا العصر


رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#20

افتراضي رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

كـيف استقبلـت المدينـة رسول الله صلى الله علية وسلم..
ترامت الأخبار بهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه إلى المدينة، فكان الأنصار يخرجون كل يوم إذا صلوا الصبح إلى ظاهر المدينة ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم..
فما يبرحون حتى تغلبهم الشمس على الظلال فيدخلون بيوتهم، وكان الزمن صيف وحر..

و قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل الناس البيوت, وكان اليهود يرون ما يصنع الأنصار, فلما رآه رجل من اليهود صرخ بأعلى صوته:يا بني قيلة (وهي جدة للأنصار ينسبون إليها، وهي بنت كاهل بن عذرة)، هذا صاحبكم قد جاء ..



فخرج الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ظل نخلة ومعه ابو بكر رضي الله عنه في مثل سنه, وأكثرهم لم يكن رأى الرسول صلى الله عليه وسلم قبل ذلك، وازدحم الناس ممن لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك ما يميزون بينه وبين أبي بكر, وفطن لذلك ابو بكر فقام يظله بردائه فانكشف للناس الأمر..



واستقبلهما زهاء خمسمائة من الأنصار حتى انتهوا إليهما فقالت الأنصار:انطلقا آمنين مطاعين، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه بين أظهرهم فخرج أهل المدينة حتى أن العواتق لفوق البيوت يتراءينه يقلن: أيهم هو؟ يقول أنس رضي الله عنه فما رأينا منظرًا شبيهًا له ..

وخرج الناس حين قدما المدينة في الطرق وعلى البيوت، والغلمان والخدم يقولون الله أكبر جاء رسول الله, الله أكبر جاء محمد, الله أكبر جاء محمد, الله أكبر جاء رسول الله ..


يقول أنس بن مالك الأنصاري، وهو غلام يومئذ:شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم دخل المدينة فما رأيت يومًا قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل المدينة علينا..
، وكان فيمن خرج لينظر إليه قوم من اليهود فهم عبد الله بن سلام الذي قال حين رآه:فلما تبينت وجهه عرفت أنه ليس بوجه كذاب، فكان أول ما سمعت منه"أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام..

رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

الرسـول في المدينـة و تأسيـس الدولـة الإسلامية

أصبحت المدينة بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إليها في السادس عشر من ربيع الأول معقل الإسلام ومشعل الهداية ومنطلق الدعوة إلى الله وعندما وصل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان يسكنها المهاجرون والأنصار واليهود..
، فكان على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبدأ في وضع الأسس التي تجعل من هذه الجماعات مجتمعًا قويًا متحدًا على أسس إسلامية ومبادئ دينية؛ فقام الرسول بالخطوات الآتية تحقيقًا لهذه الغاية ....

أولاً : بناء المسجد – أي صلة الأمة بالله
ثانيًا: المؤاخاة – أي صلة الأمة المسلمة بعضها بالبعض الأخر
ثالثًا: المعاهدة بين المسلمين و اليهود – أي صلة الأمة بالأجانب عنها ممن لا يدينون بدينها

أولاً: بنـاء مسجـد المدينـة
كان أول ما حرص عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة هو بناء المسجد لتظهر فيه شعائر الإسلام التي طالما حوربت..
، ولتقام فيه الصلوات التي تربط المرء برب العالمين ولم يكن هدف الرسول صلى الله عليه وسلم إيجاد مكان للعبادة فقط..
؛ فالدين الإسلامي يجعل الأرض كلها مسجدًا للمسلمين, ولكن مهمة المسجد كانت أعمق من هذا، لقد أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبني بيتًا لله وبيتا لجميع المسلمين يجتمعون فيه للعبادة والمشاورة فيما يهم أمر الإسلام والدولة الإسلامية..
, ويتخذون فيه قراراتهم, ويناقشون فيه مشاكلهم, ويستقبلون فيه وفود القبائل وسفراء الملوك و الأمراء من هنا وهناك..
, وبأسلوب العصر الحديث اتخذ مقرًا للحكومة بالمدينة، فكان المسجد بهذا الوضع أشبه بمدرسة يتعلم فيها المسلمون, وتمتزج فيها نفوسهم وعقلياتهم..

وقد اشترى النبي صلى الله عليه وسلم أرض المسجد من الغلامين- صاحبي المربد- الذي أناخت راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده كما ذكرنا, وأبى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقبله منهما هدية..
، وعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بناء المسجد، فكان ينقل اللبن والحجارة بنفسه، وافتدى به المسلمون ..
وكان المسلمون مسرورين سعداء يضاعف حماسهم في العمل رؤيتهم النبي يجهد كأحدهم ويكره أن يتميز عليهم..
، فكانوا ينشدون الشعر قائلين
لذاك منـا العمـل المضلـل لئن قعدنـا والنبـي يعمل
وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم طول المسجد مما يلي القبلة إلى المؤخرة مائة ذراع والجانبين مثل ذلك أو دونه، وجعل أساسه قريبًا من ثلاثة أذرع ثم بنوه باللبن, وجعل قبلته إلى بيت المقدس, وصنع له ثلاثة ابواب..
، وجعل عمده الجذوع وسقفه بالجريد
وبنى بيوتًا إلى جانب المسجد، فلما فرغ من البناء انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم من بيت أبي أيوب إلى مساكنه بعد أن مكث في بيت أبي أيوب سبعة أشهر كما ذكر الواقدي..
وكان في المسجد موضع مظلل يأوي إليه المساكين يسمى الصفة وكان أهله يسمون أهل الصفة وكان عليه السلام يدعوهم بالليل فيفرقهم على أصحابه لاحتياجهم وعدم ما يكفيهم عنده وتتعشى طائفة منهم معه عليه السلام ..


ثانيًا: المؤاخــاة
وكانت الخطوة التالية هي صلة الأمة بعضها بالبعض الأخر، وتمثل ذلك في المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار..
, وإحلال رابطة الإخاء ورابطة الدين محل رابطة القبيلة والعصبية القبلية مصداقًا لقوله تعالى: ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ )وفيها قرب بين بعض قبائل المهاجرين والبعض الأخر, كما قرب بين الأوس والخزرج..
؛ إذ كانت الحروب بينهما قبل الإسلام قوية, وليس هذا فحسب بل آخى بين العرب والموالي فمثلاً آخى بين حمزة عمه وزيد بن حارثة وبين أبي الدرداء وسلمان الفارسي ..

وكانت نتيجة ذلك أن تكونت "أسرة إسلامية" واحدة فلا حمية إلا للإسلام، وسقطت فوارق النسب واللون والوطن وتحققت وحدة المدينة وضرب المسلمون المثل الأعلى في التعاون والاتحاد..
, يقول ابن إسحاق: وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه من المهاجرين والأنصار، فقال عليه السلام:"تآخوا في الله أخوين أخوين ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فقال هذا أخي" ..

وكان الأنصار يتسابقون في مؤاخاة المهاجرين حتى كان الأمر يؤول إلى الاقتراع بل الإيثار، فكان من الأنصار السماحة والإيثار ومن المهاجرين التعفف وعزة النفس والنبل ..

روى البخاري أنهم لما قدموا المدينة آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع..
، فقال سعد لعبد الرحمن: إني أكثر الأنصار مالاً فاقسم مالي نصفين ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فسمها لي أطلقها فإذا انقضت عدتها فتزوجها..
, قال عبد الرحمن ابن عوف: بارك الله لك في أهلك ومالك، أين سوقكم؟ فدلوه على سوق بني قينقاع فما انقلب إلا ومعه فضل من إقط وسمن ثم تابع الغدو، ثم جاء يومًا وبه أثر صفرة(أي زينة) فقال النبي: "مهيم؟ "(سؤال عن حاله)قال:تزوجت, قال:"كم سقت إليها؟"، قال: نواة من ذهب..

يقول بن القيم: "وكان الذين آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينهم تسعين رجلاً، نصفهم من المهاجرين ونصفهم من الأنصار آخى بينهم على المواساة..
, ويتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام إلى حين وقعة بدر، فلما نزل قول الله تعالى وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ ) رد التوارث إلى الرحم دون عقد الأخوة ..

ثالثًا: المعاهدة بين المسلمين و اليهود
أما الأمر الثالث وهو صلة الأمة بالأجانب عنها الذين لا يدينون بدينها..
، فان الرسول صلى الله عليه وسلم قبل عن طيب خاطر وجودهم, وعقد الرسول صلى الله عليه وسلم معاهدة مع اليهود الموجودين في المدينة..
، أقرهم فيها على دينهم وأموالهم وشرط لهم واشترط عليهم, وكان أساس هذه المعاهدة الأخوة في السلم, والدفاع عن المدينة وقت الحرب, والتعاون التام بين الفريقين إذا نزلت شدة بأحدهما أو كليهما ..

ولكن اليهود لم يحافظوا على الوفاء بعهدهم فاضطر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى حربهم وإجلائهم عن المدينة كما سنرى في الصفحات التالية

رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#21

افتراضي رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

تشريــع الآذان

كان المسلمون يجتمعون للصلاة في مواقيتها بغير دعوة، فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة أن يجعل بوقًا كبوق اليهود الذي يدعون به لصلاتهم ثم كرهه..
، ثم أمر بالناقوس فنخت ليضرب به للمسلمين الصلاة, فبينما هم على ذلك إذ رأى عبد الله بن زيد رؤيا الآذان فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا رسول الله أنه طاف بي هذه الليلة طائف مر بي رجل عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوسًا في يده فقلت: يا عبد الله أتبيع هذا الناقوس؟ فقال: وما تصنع به؟ قال:قلت ندعو به إلى الصلاة, قال: أفلا أدلك على خير من ذلك؟ قلت: وما هو؟قال:تقول:


الله أكبر الله أكبرلله أكبر الله أكبر–أشهد أن لا أله إلا الله-أشهد أن لا إله إلا الله–أشهد أن محمدًا رسول الله -أشهد أن محمدًا رسول الله–حي على الصلاة–حي على الصلاة–حي على الفلاح–حي على الفلاح–الله أكبر–الله أكبر–لا إله إلا الله..

فلما أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنها لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فألقها عليه فليؤذن بها فانه أندى صوتًا منك
فلما أذن بها بلال سمعها عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يجر رداءه يقول: يا نبي الله والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي رأى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلله الحمد على ذلك" ..


وقيل أن الوحي نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالآذان. واختير بلال بن رباح الحبشي للآذان فكان مؤذن صلى الله عليه وسلم

رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

الجهــاد في سبيـل الدعـوة

عرفنا أن الإسلام قد دخل المدينة وأحزاب الكفر تطارده من كل ناحية, وأن المسلمين قد هاجروا من مكة فارين بدينهم بعد أن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت..
؛ فقد نهب مالهم وسلبت دورهم وتعرضوا لألوان الأذى وصنوف الاضطهاد وأنواع الفتن..


فالهجرة إذن كانت تضحية غالية عزيزة ضحى فيها المهاجرون بالأوطان والأموال والمتاع في سبيل عقيدتهم ودينهم..
، وتحملوا كل ذلك راضين صابرين محتسبين لبناء مجتمع جديد وتأسيس دولة إسلامية في المدينة يستطيع المسلمون أن يعيشوا فيها أحرارًا يؤدون شعائر دينهم ويقومون بواجب الدعوة إلى الله..

ومن هنا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجرد وصوله إلى المدينة شرع في وضع الأسس التي يمكن أن يقوم عليها بناء الدولة الإسلامية الجديدة كما ذكرنا، فهل كانت المدينة زهرًا لا شوك فيه؟ وهل خلت من الأخطار والعقبات التي وضعها أعداء الإسلام أمام الرسول والمسلمين للنيل منهم ثم القضاء عليهم كما حاول أهل مكة من قبلهم؟


لا والله إن التضحيات لم تنته وإن المعاناة لم تتوقف؛ فقد واجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الكيد والمؤامرات في المدينة من أعداء الإسلام..
، وتواطأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود وقد نقضوا عهدهم مع النبي وأخذوا هم ومن تابعهم من المنافقين والمشركين يتربصون بالمؤمنين ويظهرون الولاء لمشركي مكة

.وها نحن نلقي ضوءًا سريعًا وإشارة عابرة للظروف التي واجهها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وصوله إلى المدينة ومحاولته القيام بأمور دولته الجديدة..
، تلك الظروف التي لم يكن أحد من المسلمين سببًا فيها والتي فرضت عليهم في النهاية أن يحذروا عقباها وأن يحملوا السلاح دفاعًا عما يدبر لهم من كيد و تآمر وعدوان..
؛ ذلك أنهم تعلموا من السنين التي مرت عليهم في مكة أن الضعف مدرجة إلى الهوان مزلقة إلى الفتنة، وأن أعداء الإسلام لا يرضون عن استئصاله وأتباعه بديلا.

رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

أ-عداء اليهود للرسول

ذكرنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم عقد مع اليهود عهدًا بعد وصوله إلى المدينة قرر فيه حرية الاعتقاد لليهود..
، ورسم السياسة التي ينبغي أن يتبعها اليهود مع المسلمين للتعاون والتناصر لكل من دهم يثرب



ولا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأمل أن يلتزم اليهود بهذا العهد وألا يظهر منهم عداء أو مكر للمسلمين باعتبارهم من أهل الكتاب..
، وأن دعوة النبي لم تكن بغريبة عن دعوة موسى عليه السلام وجميع الأنبياء قبله؛ فهم جميعًا يلتقون على الإيمان بالنبوات والإيمان بالبعث والدعوة إلى مكارم الأخلاق والعمل الصالح..
، وكذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا إلى الإيمان بأنبياء بني إسرائيل, قال تعالى:{كُلٌّ ءَامَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ}لكن اليهود وقفوا دائمًا من الإسلام موقفًا معاديًا لأسباب منها ...



أولاً: ما طبع عليه اليهود من حسد وجمود وغلظة وبعد عن هدايات السماء


ثانيًا: أنهم رأوا في المسلمين منافسًا خطيرًا سوف يقضي على زعاماتهم الدينية وتفوقهم الاقتصادي في المدينة..
، لاسيما بعد أن نجح المسلمون في الميدان التجاري نجاحًا جلبه حسن المعاملة والتمسك بالأخلاق الإسلامية في البيع والشراء..
، مما لم يعد يسمح لأخلاق اليهود من الغش والاحتكار والتدليس أن تحقق غايتها، فتأخر اليهود حيث تقدم المسلمون مما زاد ضراما في قلوب اليهود


ثالثًا: ما تعرض به القرآن لليهود حين كشف عن عقائدهم الباطلة وأخلاقهم المنحطة، وفضح تاريخهم الآثم في قتل الأنبياء وظلمهم وتطاولهم وعصيانهم..
، وتحريفهم للتوراة وحرصهم على الحياة، وغير ذلك مما ذخر به القرآن الكريم عنهم وزاد حقدهم على الرسول صلى الله عليه وسلم وبلغ غيظهم مداه حين فوجئوا بإسلام بعض أحبارهم وعلمائهم كعبد الله بن سلام، وكان ذا مكانة فيهم ..


فبدأت حرب جدل بين النبي صلى الله عليه وسلم واليهود أشد لددًا و أكثر خبثًا من حرب الجدل التي خاضها الرسول صلى الله عليه وسلم قبل ذلك في مكة، كان اليهود فيها يتعنتون ويحاولون أن يلبسوا الحق بالباطل..
، كذلك حاول اليهود الوقيعة بين الأوس والخزرج...إلى آخر هذه الأمور التي واجهها المسلمون، والتي كان لابد لهم حفاظًا على أنفسهم ودينهم أن يعدوا العدة لمواجهتها باستمرار
رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد
ب-المنافقون في المدينة
وواجه الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون في المدينة إلى جانب عداء اليهود موقفًا جديدًا لم يكن للمسلمين عهد به في مكة..
، وهو النفاق ففي مكة كان الإسلام مغلوبًا على أمره وكان المشركون أقوياء مستبدين يسيطرون على كل شيء ويحاربون المسلمين ويؤذونهم وجهًا لوجه..
، فلم يكن هناك مجال للنفاق والمراوغة أما في المدينة فقد أصبح للمسلمين دولة ودخل كثير من أهلها في الإسلام وأصبح تيار الإسلام فيها كاسحًا غالبًا، فلم يكن من السهل المجاهرة بالعداء للمسلمين وإبراز وجه الخصومة سافرًا ..

ومن هنا وجد المنافقونالذين أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر وأعلنوا الولاء والمساندة للمسلمين وأضمروا العداء والكيد لهم..
، ومشوا مع الركب وهم يخفون نواياهم الملتوية وقلوبهم المريضة وحقدهم الأسود
وكان على رأس هؤلاء المنافقون عبد الله بن أبي بن سلول..
، هذا الرجل الذي لم يفتح قلبه لنور الإيمان ولم يسمح لنفسه أن يكون صادقًا مع الله ومع نبيه، ولم يتجاوب مع دعوة الرسول المتكررة بنبذ النفاق والتمسك بالإخلاص والصدق..
، وإنما ظل أسيرًا لشهوات زائلة وزعامات فانية وأحقاد دفينة ملكت عليه قلبه ونفسه
يقول ابن هشام: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وسيد أهلها عبد الله بن أبي بن سلول العوفي...لم تجتمع الأوس والخزرج قبله ولا بعده على رجل غيره من أحد من الفريقين، حتى جاء الإسلام وكان قومه قد نظموا له الخرز ليتوجوه ثم يملكوه عليهم..
، فجاءهم الله تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم وهم على ذلك، فلما انصرف قومه عنه إلى الإسلام ضغن ورأى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استلبه ملكًا، فلما رأى قومه قد اسلموا الا هو اسلم ودخل فيه كارهًا مصرًا على نفاق وضغن ..

وقد تزعم هذا الرجل جبهة المنافقون الذين ظلوا يبثون إشاعاتهم وأراجيفهم بين المسلمين وكانوا خطرًا وأي خطر على هذا المجتمع الجديد الناشئ..
، مما جعل الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين منهم على حذر دائم لأنهم أشد خطرًا على الإسلام والمسلمين من الأعداء المجاهدين..
رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#22

افتراضي رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

ج-عـداء المشركين الثابت

بالإضافة إلى ما أحاط بالمسلمين في المدينة من عداء اليهود والمنافقين في الداخل، كان هناك عداء عبدة الأوثان الذين تزعمتهم قريش في أنحاء شبه الجزيرة العربية..




وأمام هذا العداء السافر وإزاء كل هذا الحقد للإسلام والمسلمين ومع تعدد هذه الجبهات التي تتآزر للإجهاز على الإسلام والمسلمين..
، كان لابد للمسلمين أن يستعدوا ويجهزوا أنفسهم لنضال طويل وكفاح دام، وأن يتأهبوا لكل طارئ..
؛ من أجل ذلك شرع الجهاد والإذن بالقتال للمسلمين لاثنتي عشرة ليلة مضت من صفر من السنة الثانية للهجرة للدفاع عن الحق وحماية الدعوة فقط ولم يفرض عليهم..



فنزل قول الله تعالى:{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ }



وهي أول ما أنزل في أمر القتال، وبعد أن جاء الإذن بالقتال نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن قتاله إنما هو للدفاع فقط وأنه لمن قاتلهم دون من لم يقاتلهم..
فقال تعالى:{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}



وبذلك لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يتعرض إلا لكفار قريش دون سائر العرب..
، فلما اتحد مشركو العرب في عدائهم للإسلام وجمعهم الحقد على الرسول صلى الله عليه وسلم والبغض لدينه أمر الله بقتال المشركين كافة بقوله تعالى في سورة التوبة:{وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً}


رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

ولما نقض يهود المدينة العهد الذي أخذه الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم وانضموا إلى مشركي قريش لقتاله، نزل قوله تعالى:{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ}



وإن الناظر لآيات القتال بصفة عامة في القرآن الكريم يرى أن القتال في الإسلام لم يفرض إلا لسببين اثنين: الدفاع عن النفس, وتأمين الدعوة واستقرار الدولة



وهكذا يكون الجهاد الذي شرعه الإسلام وخاض المسلمون معاركه أشرف أنواع الجهاد وأقدسها لأنه جهاد الدفاع عن النفس والحق ولأنه جهاد الظالمين الطغاة..
، فهو ليس متاعًا ولم يشرع للترفيه حتى يعاب على المسلمين وإنما هو تكليف ونضال ومعاناة وتضحية تحملها المسلمون محافظة على حق الله وحق الحياة وقد أرغموا على ذلك إرغاما.
.



ومن هنا فان ما يردده أعداء الإسلام قديمًا وحديثًا أن الإسلام انتشر بحد السيف دعوى باطلة لا تقوم على بحث منصف ونظرة متأنية عادلة..
، بل إن الحقيقة الواضحة هي أن الإسلام انتصر على السيف




إن الاستدلال العلمي والاستقراء التاريخي للحروب التي اشتبك فيها الإسلام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أثبت أنها كانت فريضة لحماية الحق ورد المظالم ومنع الفتنة وقمع الطغاة وكسرة الجبابرة..
، وأن الغزوات التي يبدو ظاهرها الهجوم لم يكن الهجوم فيها إلا على سبيل المبادرة بالدفاع بعد التأكد من نكث العهد ونية الإصرار على قتال المسلمين، وهو ما يسمى في لغة العصر الدفاع الواقي..




وفيما سنذكره من المعارك التي وقعت بين المسلمين وغيرهم ما يدحض كل فرية ويزيل كل شبهه إن شاء الله تعالى.
رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#23

افتراضي رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

السـرايـا و الغزوات
لقد تبين أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن محبًا للقتال ولا راغبًا فيه..
، وإنما اضطر إليه بعد أن فقد كل الوسائل للتفاهم مع أعدائه من اليهود والمنافقين وعبدة الأصنام للدفاع عن النفس وعن العقيدة وتأمين حدود المدينة وإشعار القبائل المتربصة والمحيطة بها بقوة المسلمين ومقدرتهم على الدفاع عن عقيدتهم ووطنهم الجديد..
، وأنهم تخلصوا من ضعفهم القديم، ذلك الضعف الذي مكن قريشًا في مكة من مصادرة عقائدهم وحرياتهم واغتصاب دورهم وأموالهم..
، ولذلك لما استقر أمر المسلمين أخذوا يرسلون سرايا مسلحة تجوس خلال الصحراء المجاورة ويرصدون طرق القوافل الذاهبة والقادمة بين مكة والشام..
, وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يترصد قوافل قريش كنوع من الحرب الاقتصادية؛ إذ أن عماد الحياة في قريش هو قوافلها التجارية..
، فإذا ما أصيبت قريش في تجارتها فإنها ستعمل للقوة الجديدة ألف حساب، ثم إن ذلك نوع من التعويض للمسلمين الذين استولت قريش على أملاكهم وأموالهم في مكة..

وهكذا بدأت فترة المعارك بين النبي صلى الله عليه وسلم وأعدائه بعضها سرايا وبعضها غزوات ..
والسرية هي التي لم يقودها النبي صلى الله عليه وسلم..
، أما الغزوة فهي التي يشارك فيها النبي صلى الله عليه وسلم وقد يطلق على السرية غزوة–و لكن ذلك قليل–فيقال غزوة مؤتة وغزوة ذات السلاسل.. وسنذكر بإيجاز أشهر الغزوات وأهم السرايا..


سريـة حمـزة بن عبد المطلب
بعث الرسول صلى الله عليه وسلم حمزة بن عبد المطلب في شهر رمضان من السنة الأولى للهجرة ..
ومعه ثلاثين رجلاً من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد لتعترض عيرًا لقريش آتية من الشام فيها ابو جهل بن هشام في ثلاثمائة رجل..
، فسارت حتى وصلت ساحل البحر من ناحية العيص–ناحية من نواحي المدينة–فصادفت العير هناك ولم تقاتل لأن مجدي بن عمرو الجهني حجز بين الفريقين وكان حليفًا لهما..

سريـة عبيد بن الحارث
وكانت في شوال من نفس السنة الأولى بقيادة عبيدة بن الحارث في ستين أو ثمانين من المهاجرين..
، فالتقى بأبي سفيان في مائتي رجل من قريش, وترامى الفريقان بالسهام فرمى سعد بن أبي وقاص يومئذ بسهم فكان أول سهم رمى به في الإسلام ثم انصرف القوم عن القوم ..

سريـة سعد بن أبى وقاص
و بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم سعد بن أبى وقاص فى ذى القعدة من السنة الأولى و عقد له لواء أبيض..
و كانوا عشرين رجلا على الراجح يعترضون عيرا لقريش و عهد الرسول صلى الله عليه و سلم الى سعد ألا يجاوزوا"الخرار"و هو واد بالقرب من الجحفة فخرجوا حتى وصلوا المكان فوجدوا العير قد مرت..

غـزوة ودان
رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن السرايا السابقة لم تحقق أغراضها فخرج بنفسه فى صفر على رأس اثنى عشر شهرا من مقدمه المدينة لاعتراض عير لقريش..
, و وصل الى ودان(وهى قرية بين مكة والمدينة)فسالمته بنو ضمره و تحالفوا على أن لا يغزو الرسول صلى الله عليه و سلم بنى ضمره و لا يغزوه و لا يعينوا عليه عدوا و كتبوا كتابا بذلك..
و عاد الرسول الى المدينة دون قتال لأن العير كانت قد سبقته و هى أول غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه و سلم ..

غـزوة بـواط
و لم يمض على رجوع رسول الله صلى الله عليه و سلم غير شهر حتى خرج يعترض عيرا لقريش آتية من الشام يقودها أمية بن خلف الجمحى و معه مائة رجل من قريش و ألفان و خمسمائة بعير..
, فسار الرسول اليها فى مائتين من المهاجرين حتى بلغ"بواط"فوجد العير قد فاتته, فرجع الى المدينة و لم يلق كيدا-أى لم يحدث قتال ..

غـزوة العشـيرة
و فى جمادى الأولى من السنة الثانية خرج النبى صلى الله عليه و سلم فى مائة و خمسين أو مائتين من المهاجرين يعترض عيرا لقريش..
, فلما وصل العشيرة حالف بنى مدلج و حلفائهم من بنى ضمرة و وجد العير قد مضت فرجع الى المدينة ..

غـزوة سفـوان أو بـدر الأولى
و بعد رجوع الرسول صلى الله عليه و سلم من غزوة العشيرة لم يقم بالمدينة الا ليالى قلائل لا تبلغ العشر..
حتى أغار كرز بن جابر القهرى على أطراف المدينة فخرج الرسول صلى الله عليه و سلم فى طلبه حتى بلغ واديا يقال له سفوان قريبا من بدر فلم يدركه فعاد الى المدينة و تسمى هذه الغزوة بدر الأولى..

سـرية عـبد الله بن جحـش
و فى رجب من السنة الثانية بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم عبد الله بن جحش الأسدى فى عدد قليل من المهاجرين قيل ثمانية و قيل اثنا عشر..
و كتب له كتابا و أمره ألا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه فيمضى لما أمره و لا يستكره من أصحابه أحدا ففعل حتى إذا فتح الكتاب وجد فيه..
:إذا نظرت فى كتابى هذا فامض حتى تنزل نخله-بين مكة و الطائف-فترصد بها قريشا و تعلم لنا من أخبارهم ..

و علم الصحابة بالأمر و بأنه لا يكره أحدا منهم فمضوا معه جميعا لم يتخلف منهم أحدا و يفهم من توجيه الرسول أن السرية كانت للاستطلاع و لم يأمر النبى فيها بقتال..
لكن حدث أن رجلين من رجال السرية هما سعد بن أبى وقاص و عتبة بن غزوان تخلفا عن الركب لأن البعير اللذان كانا يركبانه قد ضل فانطلقا يبحثان عنه فأسرتهما قريش..

وتصادف أن مرت بهم عير لقريش تحمل تجارة و ذلك فى أواخر رجب فحدث تصادم لم يتمكن عبد الله بن جحش من تلافيه و أسفرت المعركة عن قتيل واحد و أسيرين من المشركين عاد بهما عبد الله بن جحش مع القافلة إلى المدينة و معهم بعض ما أخذوه منهم من أموال..

و قال عبد الله لأصحابه باجتهاد منه أن لرسول الله صلى الله عليه و سلم مما غنمنا الخمس وذلك قبل أن يفرض الله من الغنائم الخمس..
فعزل لرسول الله صلى الله عليه و سلم خمس الغنيمة و قسم سائرها بين أصحابه فكانت أول غنيمة غنمها المسلمون و أول خمس فى الإسلام ..

و لما كان القتال وقع فى شهر رجب–و هو شهر حرام فقد لامهم الرسول صلى الله عليه و سلم حين قدموا عليه فى المدينة و قال لهم:"ما أمرتكم بقتال فى الشهر الحرام"..
, و أوقف التصرف فى الأموال و احتجز الأسيرين, و أسقط فى يد عبد الله و أصحابه و عنفهم إخوانهم المسلمون فيما صنعوا و قالوا لهم:صنعتم ما لم تؤمروا به و قاتلتم فى الشهر الحرام و لم يؤمروا بقتال..

ووجد المشركون و اليهود فيما حدث فرصة لاتهام المسلمين بأنهم أحلوا ما حرم الله و قالت قريش قد استحل محمد و أصحابه الشهر الحرام..
و سفكوا فيه الدم و أخذوا فيه الأموال و أسروا فيه الرجال ..

فلما أكثر الناس فى ذلك نزل الوحى يؤيد مسلك عبد الله و صحبه..
, قال تعالى:{يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌ عَن سَبيِلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنهُ أَكْبَرُ عِندَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} سورة البقرة، من آية 217 ..

يقول العلامة ابن القيم الجوزية فى زاد الميعاد:"والمقصود أن الله سبحانه و تعالى حكم بين أوليائه و أعدائه بالعدل و الأنصاف و لم يبرئ أولياؤه من ارتكاب الإثم بالقتال فى الشهر الحرام..
بل أخبر أنه كبير و أن ما عليه أعداؤه المشركون أكبر و أعظم من مجرد القتال فى الشهر الحرام فهم أحق بالذم و العيب والعقوبة لاسيما و أولياؤه كانوا متأولين فى قتالهم ذلك أو مقصرين نوع تقصير..
يغفر الله لهم فى جنب ما فعلوه من التوحيد و الطاعات و الهجرة مع رسوله و إيثار ما عند الله..
, و كانت السرية درسا بليغا للمشركين أبان لهم أن المسلمين أصبحوا خطرا على تجارتهم التى يعتمدون عليها كل الاعتماد و أنهم يزدادون مع كل يوم صلابة و قوة ..

و بعثت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فى فداء الأسيرين عثمان بن عبد الله, والحكم بن كيسان ..
ففداهما الرسول بصاحبيه سعد بن أبى وقاص , و عتبة بن غزوان, فأما الحكم فقد شرح الله صدره للإسلام فأسلم و أقام بالمدينة حتى قتل يوم بئر معونة شهيدا, و أما عثمان فرجع إلى مكة فمات بها كافرا

رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#24

افتراضي رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

تحويل القبلة من بيت المقدس الى الكعبة

كان رسول الله صلى الله عليه و سلم و المسلمون يصلون إلى بيت المقدس و مضى على ذلك ستة عشر شهرا أو سبعة عشر أو ثمانية عشر شهرا..
, و كان الرسول صلى الله عليه و سلم يحب أن يصرف إلى الكعبة و قال لجبريل:"وددت أن يصرف الله وجهى عن قبلة اليهود", فقال:إنما أنا عبد فادع ربك و اسأله..
, فجعل يقلب وجهه فى السماء يرجو ذلك حتى أنزل الله عليه{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِك فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} سورة البقرة، من آية 144

و كان جعل القبلة الى بيت المقدس ثم تحويلها الى الكعبة حكم عظيمة و محنة للمسلمين و المشركين واليهود و المنافقين

فأما المسلمون فقالوا:سمعنا و اطعنا و قالوا آمنا به كل من عند ربنا و هم الذين هدى الله و لم يكن كبيرة عليهم
و أما المشركون فقالوا:كما رجع الى قبلتنا يوشك أن يرجع الى ديننا و ما رجع اليها إلا انه الحق..

و أما اليهود فقالوا:خالف قبلة الأنبياء قبله و لو كان نبيا لكان يصلى الى قبلة الأنبياء..

وأما المنافقون فقالوا: ما ندرى محمد أين يتوجه إن كانت الأولى حقا فقد تركها و إن كانت الثانية هى الحق فقد كان على باطل..
, و كثرت أقاويل السفهاء من الناس و كانت كما قال الله تعالى{وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ}سورة البقرة، من آية 143


وهكذا انصرف المسلمون إلى الكعبة مطيعين لله و لرسوله و صارت قبلة المسلمين إلى يوم القيامة أينما كانوا ولوا وجوههم شطرها..

رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد
غزوة بدر الكبرى :

و فى رمضان سنة اثنين من الهجرة كانت غزوة بدر الكبرى, و كان من خبر هذه الغزوة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سمع بأبى سفيان بن حرب مقبلا من الشام في عير عظيمة لقريش فيما أموالهم وتجارتهم وفيها ثلاثون أو أربعون رجلا من قريش ..
وكانت الحرب قائمة بين المسلمين وبين مشركي قريش كما نعرف فلو أن أهل مكة فقدوا هذه الثروة لكانت موجعة حقا وفيها عوض لما لحق بالمسلمين من خسائر في أثناء هجرتهم الأخيرة ، كما أنها فرصة للنيل من هيبة قريش وصلفها ..


لذلك لما سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم بأبي سفيان مقبلا وكان من أشد الناس عداوة للإسلام ، ندب رسول الله صلي الله عليه وسلم الناس للخروج إليها وأمر من كان ظهره حاضرا بالنهوض ، ولم يحتفل لها احتفالا بليغاً لان الأمر أمر عير ..
، وقال:هذه عير قريش فيها أموالهم فأخرجوا لعل الله ينفلكموها ( أي يجعلها غنيمة لكم ) فخرجوا لا يريدون إلا أبا سفيان والركب معه لا يرونها إلا غنيمة لهم ولا يظنون أن يكون كبير قتال إذا لقوهم ..

وهذا ما عبر عنه القرآن في قوله تعالى:{وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}سورة الأنفال، من آية 7..

ولم يدر بخلد واحد منهم انه مقبل علي يوم من اخطر أيام الإسلام ولو علموا لا تخذوا أهبتهم كاملة ولما سمح لمسلم أن يبقي في المدينة ..

وخروج رسول الله صلي الله عليه وسلم مسرعاً في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ولم يكن برفقتهم سوى فرسين وسبعين بعيراً يتعاقبون ركوبها كل أثنين كل ثلاثة ..

وكان حظ الرسول في هذا كحظ سائر من معه فكان هو وعلي بن أبي طالب ومرثد بن أبي مرثد الفتوى يعتقبون بعيراً واحداً..
، وقد روى أن أبا لبابه وعلي كانا زميلا رسول الله صلى الله عليه و سلم فكان إذا كانت عقبة النبي صلي الله عليه وسلم قالا إركب حتي نمشي عنك فيقول ما أنتما بأقوى مني وما أنا بأغنى من الأجر منكما..

وكان الخروج من المدينة يوم الاثنين لثمان او لتسع أو لإثني عشر خلون من رمضان ودفع الرسول صلي الله عليه وسلم اللواء إلي مصعب بن عمير وراية المهاجرين إلي علي بن أبي طالب وراية الأنصار إلي سعد بن معاذ ..


وبلغ ابو سفيان خروج رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلم بقصده فأرسل الي مكة ضمضم بن عمرو الغفاري مستصرخا لقريش ليمنعوه من المسلمين ..
وبلغ الصريخ أهل مكة فجد جدهم نهضوا مسرعين فكانوا بين رجلين إما خارج وإما باعث مكانه رجلاً لأن معظمهم كان له فيها نصيب
وخرجوا من ديارهم كما وصفهم الله تعالي:{بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ}سورة الأنفال، من آية 47
ولما سمع ابو سفيان بخروج المسلمين غير طريقة المعتاد ولحق بساحل البحر فنجا وسلمت العير وأرسل إلى قريش أن ارجعوا فإنكم إنما خرجتم لتحرزوا عيركم ورجالكم وأموالكم وقد نجاها الله فارجعوا ..
، وهموا بالرجوع فأبي ابو جهل إلا القتال وقال : والله لا نرجع حتي نرد بدراً فنقيم عليها ثلاثا تنحر الجزور ونطعم الطعام ونسقي الخمر وتعزف علينا القيان وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا فلا يزالون يهابوننا أبدا بعدها فامضوا ..


ورغم قول أبى جهل فقد رجع بنو زهرة ، وبنو عدي بن كعب، ولولا سلاطة لسان أبى جهل ورمية المترددين بالجبن والضعف لانسحب عدد كبير..
ووقف عتبة بن ربيعة حين وقف في معسكر المشركين يدعوهم إلى الرجوع ..
إلا أن صوت عتبة وغيره من عقلاء قريش ضاع بين صرخات الحرب وشهوة الانتقام من جانب أبى جهل ومن انضم إليه..

ومضت قريش في مسيرها وكانت عدتهم ما بين التسعمائة والألف معهم مائة فرس وسبعمائة بعير ونزلوا بالعدوة القصوى من وادي بدر.

رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد


الرسول يواجه الموقف الجديد

وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بوادي زفران أن قريشًا خرجت في عدة الحرب لتمنع عيرها وأن القافلة قد نجت..
، وأن قريشًا تتحدى المسلمين، وهكذا تغير الموقف بالنسبة للمسلمين ولم تعد المعركة ضد قافلة تجارية قليلة العدد..
، وإنما أصبحت المهمة الجديدة أمام المسلمين هي مواجهة قوات قريش في معركة فاصلة يتفوق فيها العدو عددًا وعدة ..


ووجد الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه في موقف يحتاج فيه إلى استشارة أصحابه وخاصة الأنصار لأن ما بينه وبينهم من عهود إنما تتعلق فقط بالدفاع عن النبي داخل المدينة وحمايته بها ولم يحدث أن اشتركوا في أي من السرايا السابقة ..

أما وقد خرج من المدينة فقد تغير الموقف ومن ثم بدأ النبي يوجه حديثه إلى المسلمين طالبًا رأيهم ومشورتهم، وكان يعني بصفة خاصة الأنصار..

فقام ابو بكر الصديق فقال وأحسن، ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن..
، ثم قام المقداد بن عمرو فقال:يا رسول الله، امض لما أمرك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى{فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}..
، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد (موضع في أقصى اليمن أو مدينة الحبشة) لجالدنا معك من دونه حتى نبلغه..
، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرًا ودعا له ..

ولفت نظر الرسول صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء جميعًا من المهاجرين وهو إنما يريد استجلاء موقف الأنصار..، فقال مرة أخرى: أشيروا علي أيها الناس ..

ففهمت الأنصار أنه يعنيهم، فنهض سعد بن معاذ صاحب رايتهم وقال: يا رسول الله لكأنك تريدنا؟
قال: أجل، فقال سعد: قد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا علي السمع والطاعة..
، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا..
، إنا لصبر في الحرب، صدق عند اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا علي بركة الله..

وفي رواية أنه قال: إني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم، فاظعن حيث شئت وصل حبل من شئت واقطع حبل من شئت..
، وخذ من أموالنا ما شئت، واعطنا ما شئت، وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت..
، وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك، فوالله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك، والله لئن استعرضت بنا هذا البحر خضناه معك ..

فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد ونشطه ذلك ثم قال: سيروا وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين ( العير أو النفير ) والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم ..

وهكذا تقررت المعركة وأمر عليه الصلاة والسلام بالارتحال..

فلما صاروا على مقربة من بدر بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بحنكة القائد الحصيف يجمع معلومات عن قوة العدو وعدده وقواده..
؛ فأرسل علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص في نفر من أصحابه إلى ماء بدر يلتمسون الخبر له..
، فقدموا بعبدين لقريش كانا يمدانهم بالماء فأتوا بهما فسألوهما ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي..
، فقالا: نحن سقاة قريش بعثونا نسقيهم من الماء، فكره القوم هذا الخبر ورجوا أن يكونا لأبي سفيان فربما كانت لا تزال في نفوس البعض بقايا أمل في الاستيلاء علي القافلة..

فضربوهما ضربًا موجعًا حتى اضطر الغلامان أن يقولا نحن لأبي سفيان فتركوهما..
، وركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد سجدتين ثم سلم وقال: إذا صدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما، صدقا والله أنهما لقريش. ثم قال للغلامين أخبراني عن قريش..
، قالا: هم والله وراء هذا الكثيب الذي ترى، بالعدوة القصوى، فقال لهما رسول الله: كم القوم؟ قالا: كثير، قال: ما عدتهم؟ قالا: لا ندري، قال كم ينحرون كل يوم؟قالا:يومًا تسعًا ويومًا عشرًا ..

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القوم فيما بين التسعمائة والألف، ثم قال لهما: فمن فيهم من أشراف قريش..
؟ قالا: عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وابو البختري بن هشام وحكيم بن نوفل.... الخ ما ذكراه من كبراء مكة..
، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال:هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها..

ونزل المسلمون بجانب بدر فجاء الحباب بن المنذر وقال: يا رسول الله أرأيت هذا المنزل، أمنزلاً أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: بل هو الرأي والحرب والمكيدة، فقال: يا رسول الله فإن هذا ليس بمنزل..
، وأشار عليه أن ينتقل المسلمون من مكانهم وينزلوا عند أقرب ماء إلى العدو ثم يبنون عليه حوضًا ويطمسون كل ما عداه من ينابيع فيشرب المسلمون دون المشركين..
، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أشرت بالرأي، ونهض ومن معه من الناس فأتى أدنى ماء من القوم فنزل عليه..
، وهكذا امتلك المسلمون مواقع الماء، وكان اختيار هذا الموقع الموفق بعض ما أعد الله من أسباب النصر..
؛ فإن مصير المعارك يخطه إخلاص القادة ورؤيتهم السليمة للأمور وتنظيمهم المحكم لكل ما يتعرضون له ..

ولما بنى المسلمون الحوض أشار سعد بن معاذ بمشورة أخرى فقال: يا نبي الله ألا نبني لك عريشًا (شبه الخيمة يستظل بها، وكان من جريد النخل)تكون فيه ونعد عندك ركائبك ثم نلقى عدونا..
، فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا وإن كانت الأخرى جلست علي ركائبك فلحقت بمن وراءنا..
، فقد تخلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد لك حبًا منهم ولو ظنوا أنك تلقى حربًا ما تخلفوا عنك، يمنعك الله بهم يناصحونك ويجاهدون معك فأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له بخير وبنى العريش فوق تل مشرف على ميدان المعركة..

وشاء الله عز وجل أن يقضي المسلمون ليلة المعركة ليلاً هادئًا أخذوا فيه قسطًا وافرًا من راحة الجسم والأعصاب..
، وأنزل الله عز وجل في تلك الليلة مطرًا كان على المشركين وابلاً شديدًا، منعهم من التقدم، وكان على المسلمين طلاً طهرهم به وأذهب عنهم رجس الشيطان ووطأ به الأرض وصلب به الرمل وثبت الأقدام وربط به على قلوبهم ..

قال تعالى:{إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ}سورة الأنفال، آية 11
رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#25

افتراضي رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

كيف دارت المعركة

دارت معركة بدر في صبيحة يوم الجمعة 17 من رمضان من السنة الثانية للهجرة..
، وفي بدايتها عدل الرسول صلى الله عليه وسلم صفوف المسلمين ومشى في موضع المعركة وجعل يشير بيده هذا مصرع فلان، هذا مصرع فلان، هذا مصرع فلان إن شاء الله، فما تعدى أحد منهم موضع إشارته ..

ثم نظر إلى قريش فقال: اللهم هذه قريش جاءت بخيلائها وفخرها تحاربك وتكذب رسولك، اللهم نصرك الذي وعدتني، اللهم أحنهم (أهلكهم) الغداة..

وبعد أن قوم الرسول صلى الله عليه وسلم الصفوف وتفقد الرجال وأسدى النصائح والتوجيهات وحث على الثبات والإقدام، رجع إلى العريش الذي بني له فدخله ومعه ابو بكر ليس معه فيه غيره..
، وظل يكثر من الابتهال والتضرع والدعاء قائلاً: اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد بعدها في الأرض
وجعل يهتف بربه عز وجل: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم نصرك، ويرفع يديه إلى السماء حتى سقط الرداء عن منكبيه، وجعل ابو بكر رضي الله عنه يسليه ويشفق عليه من كثرة الابتهال ..

وتزاحف الجمعان، وبدأ الهجوم من قبل المشركين؛ فقد خرج الأسود بن عبد الأسد المخزومي، وكان رجلاً شرسًا سيئ الخلق، فقال: أعاهد الله لأشربن من حوضهم أو لأهدمنه أو لأموتن دونه..
، فتصدى له حمزة بن عبد المطلب فلما التقيا ضربه حمزة ضربة أطاحت بساقه فسقط إلى ظهره تشخب رجله دمًا، ثم أتبعها حمزة بضربة أخرى قضت عليه دون الحوض ..

وما أن سقط الأسود حتى خرج عتبة بن ربيعة، وأخوه شيبة وابنه الوليد بن عتبة، فلما توسطوا بين الصفين طلبوا المبارزة ..
فخرج إليهم ثلاثة فتية من الأنصار هم عوف ومعوذ ابنا الحارث ورجل آخر يقال هو عبد الله بن رواح، فقالوا: من أنتم؟ قالوا رهط من الأنصار، قالوا: مالنا بكم حاجة..
، ثم نادى مناديهم: يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم يا عبيدة بن الحارث وقم يا حمزة وقم يا علي، فلما قاموا ودنوا منهم، قالوا: من أنتم؟ فذكر كل منهم اسمه، قالوا: نعم، أكفاء كرام ..

وبارز عبيدة، وكان أسن القوم، عتبة بن ربيعة، وبارز حمزة شيبة بن ربيعة، وبارز علي الوليد بن عتبة؛ فأما حمزة وعلي فلم يمهلا خصمهما أن قتلاهما، واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين كلاهما أثبت صاحبه (أي جرحه جراحة بالغة) وكر حمزة وعلي بأسيافهما على عتبة فأجهزا عليه واحتملا عبيدة وهو جريح ومات شهيدَا..

وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس وحرض المسلمين فقال: والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرًا محتسبًا مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة..
، فقال عمير بن الحمام أخو بنو سلمة، وفي يده تمرات يأكلهن: بخ بخ (كلمة تقال في حالة الإعجاب) أفما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء؟ ثم قذف التمرات من يده وأخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل ..

وتسابق الشباب في الشهادة، يقول عبد الرحمن بن عوف: إني لفي الصف يوم بدر إذ التفت فإذا عن يميني وعن يساري فتيان حديثا السن، فكأني لم آمن بمكانهما إذ قال لي أحدهما سرًا من صاحبه: يا عم أرني أبا جهل..
، فقلت: يا ابن أخي وما تصنع به؟ قال: عاهدت الله إن رأيته أن أقتله أو أموت دونه، فقال لي الآخر سرًا من صاحبه مثله. قال: فما سرني أني بين رجلين مكانهما، فأشرت لهما إليه فشدا عليه مثل الصقرين حتى ضرباه وهما ابنا عفراء..
، وتركاه بين الحياة والموت حتى مر به عبد الله بن مسعود فأجهز عليه
وحمي الوطيس واستدارت رحى الحرب واشتد القتال، حتى لقد قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قتالاً شديدًا..
، قال الإمام أحمد في حديث عن علي قال: لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو إلى العدو وكان من اشد الناس يومئذ بأسًا
ومع اشتداد القتال وعنفه اشتدت ضراعة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ربه وابتهاله إليه حتى سقط رداؤه عن منكبيه..
، فرده عليه الصديق و هو يقول له: بعض مناشدتك ربك فإنه منجز لك ما وعدك، وأغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاءة قصيرة ثم تنبه فقال: أبشر يا أبا بكر هذا جبريل أخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب، وكانت الملائكة يومئذ تبادر المسلمين إلى قتل أعدائهم..

قال ابن عباس: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في إثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس فوقه يقول: أقدم حيزوم..
، إذ نظر إلى المشرك أمامه مستلقيًا فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه كضربة السوط، فاحضر ذلك أجمع فجاء الأنصاري فحدث ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة ..

وقال ابو داود المازني: إني لأتبع رجلاً من المشركين لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي فعرفت أنه قد قتله غيري ..

وفي ذلك نزل قول الله تعالى في كتابة الكريم:{إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ ءَامَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ}سورة الأنفال ، الآيات 12-14

قال ابن إسحاق: ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ حفنة من الحصباء فاستقبل قريشًا بها ثم قال: شاهت الوجوه..
، نفحهم بها وأمر أصحابه فقال: شدوا، فكانت الهزيمة. وانجلت المعركة عن هزيمة مروعة للمشركين؛ قتل منهم سبعون وأسر مثل ذلك وهرب الباقون..
، بينما لم يفقد المسلمون سوى أربعة عشر رجلاً، وغنم المسلمون غنائم كثيرة
ولما أسفرت الحرب عن انتصار المسلمين وهزيمة المشركين..
، أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وقف على القتلى فقال: بئس العشيرة أنتم التي كنتم لنبيكم؛ كذبتموني وصدقني الناس وخذلتموني ونصرني الناس وأخرجتموني وآواني الناس..
، وقال حين رأى أبا جهل: هذا فرعون هذه الأمة وأمر بالقتلى أن يطرحوا بالقليب، فطرحوا فيه ووقف عليهم فقال: يا أهل القليب هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًا؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقًا..
، فقال المسلمون: يا رسول الله أتنادي قومًا قد جيفوا؟ قال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني
وتوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مؤيدًا مظفرًا..
، وأرسل بشيرين إلى المدينة هما زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة يبشرانهم بالنصر، فوصلاها وقد نفض أهل المدينة أيديهم من تراب رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم وزوج عثمان بن عفان..

وقسم الرسول صلى الله عليه وسلم النفل الذي أفاء الله على المسلمين من المشركين على السواء
ولقد وصلت أنباء هزيمة قريش ومصابها في زعمائها، فعم الحزن وساد الأسى ووقعت النياحة في بيوت المشركين..
، وكثر البكاء على القتلى، حتى لقد مرض ابو لهب ومات بعد أيام قليلة ونذر ابو سفيان ألا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو رسول الله صلى الله عليه وسلم
رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

قضية أسرى بدر


عندما وصل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة استشار أصحابه في شأن الأسرى، فأشار ابو بكر ومعه بعض الصحابة بالإبقاء عليهم وأخذ الفداء..
، وقال ابو بكر : يا رسول الله قومك وأهلك، استبقهم واستأنهم لعل الله أن يتوب عليهم ..

وأشار عمر ومعه البعض الآخر بقتلهم، وقال عمر: يا رسول الله كذبوك وأخرجوك فاضرب أعناقهم
وقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله انظر واديًا كثير الخطب فأدخلهم فيه ثم أضرمه عليهم نارًا..

ومال النبي صلى الله عليه وسلم إلى رأي أبي بكر، فقبل منهم الفداء، وكان ينادي بهم على قدر أموالهم من أربعة آلاف درهم إلى ألف درهم ..

ومن لم يستطع افتداء نفسه وكان يحسن القراءة والكتابة كانت فديته أن يعلم عشرة من أبناء المسلمين..
ومنّ الرسول صلى الله عليه وسلم على بعض الأسرى، ولم يقتل من الأسرى إلا النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط
ولما تم الفداء نزل القرآن يعاتب المسلمين لا على ما فعلوه من إطلاق سراح الأسرى والمن عليهم بالفداء..
، ولكن على نفس الأسر أثناء القتال وميل بعض المسلمين إلى الإبقاء على المشركين دون قتلهم رغبة في الفدية.....
قال تعالى:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآّخِرَةَ}سورة الأنفال ، آية 67

فقد نهى الله سبحانه وتعالى عن اتخاذ الأسرى قبل الإثخان في قتل هؤلاء الكفار؛ لأن عداوتهم للإسلام متمكنة في نفوسهم وأنهم لو ظفروا بالمسلمين لقضوا عليهم..
، ومن هنا وجب الحرص على قتلهم وتطهير الأرض من رجسهم وصلفهم رعاية لمصلحة الإسلام وحرصًا على إزاحة هؤلاء البغاة من طريقه دون إرادة عرض الدنيا وهو الفدية
رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

بين غزوة بدر وغزوة أحد

ترك انتصار المسلمين في بدر أثارَا كبيرة في اليهود والمنافقين بالمدينة، وفي قريش بمكة، وفي القبائل الضاربة حول المدينة والبعيدة عنها..
، ولم تزدهم هزيمة قريش إلا كرهًا للإسلام ونقمة على محمد وصحبه واضطهادًا لمن يدخل في الإسلام

وقد قام الجميع بمحاولات للكيد للإسلام والمسلمين والنيل منهم، ولكنهم لم يفلحوا ورد الله كيدهم في نحورهم فلم ينالوا شيئًا..
، ولا بد لنا من الإشارة إلى أهم هذه الأحداث ليتبين لنا كيف أن حياة المسلمين كانت سلسلة متواصلة من المعاناة والآلام والجهاد، وأن المسلمين تحملوا في سبيل الدعوة ما لم تتحمله جماعة من قبل. وأهم هذه الأحداث

أولاً : إجلاء يهود بني قينقاع

قلنا أن اليهود وقفوا من الرسول صلى الله عليه وسلم موقفًا حاقدًا معاديًا منذ هاجر إلى المدينة، وقد برز هذا الحقد والعداء للمسلمين بصورة مضاعفة بعد انتصار المسلمين في غزوة بدر..
؛ فقد انضموا بعواطفهم وألسنتهم ودعايتهم ضد محمد وأصحابه وأظهروا للرسول الحسد والبغي، وقد عبر عن هذا كعب بن الأشرف، أحد رؤساء اليهود، الذي أظهر حزنه وألمه بعد غزوة بدر..
وقال: والله لئن كان محمد أصاب هؤلاء القوم لبطن الأرض خير من ظهرها، وخرج كعب بن الأشرف حتى قدم مكة وجعل يحرض المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم وينشد الأشعار ويبكي قتلى قريش..
، ثم رجع إلى المدينة فشبب بنساء المسلمين حتى أذاهم، حتى انتدب له الرسول صلى الله عليه وسلم من قتله ..

وفي فرحة المسلمين بانتصارهم في غزوة بدر لم يستح أولئك اليهود أن يقولوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يغرنك أنك لقيت قومًا لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة..
، أما والله لئن حاربناك لتعلمن أنا نحن الناس، وظل عناد اليهود وحقدهم يتواصل حتى حدثت حادثة التعدي على إحدى نساء الأنصار..
، وخلاصة ما حدث: أن امرأة من الأنصار ذهبت إلى سوق بني قينقاع تبتاع شيئًا، فجلست إلى صائغ هناك فاجتمع حولها نفر من اليهود يريدونها كشف وجهها فأبت..
، فعمد رجل منهم إلى طرف ثوبها وهي غافلة فعقده على ظهرها فلما قامت انكشفت سوأتها فضحك اليهود منها، فصاحت المرأة فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله..
، وشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود فغضب المسلمون وكان ذلك في شوال من السنة الثانية للهجرة..


ولم يبق بعد ذلك إلا مقاتلتهم فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة حتى نزلوا علي حكمه..
، وشفع فيهم حليفهم عبد الله بن أبي بن سلول وقال: يا محمد أحسن إلى موالي، وكانوا حلفاء الخزرج، فأطلقهم له رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا سبعمائة مقاتل..
، وقد رحلوا إلى أذرعات الواقعة على حدود الشام وغنم الرسول صلى الله عليه وسلم منهم أموالاً وسلاحًا وآلات للصياغة

وفي موقف عبد الله بن أبي من يهود بني قينقاع..
نزل قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهْم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ}سورة المائدة، الآيات 51-52



ثانيًا: غزوة السويق

لم يكن من المتوقع أن يتلقى أهل مكة هزيمتهم من المسلمين بالقبول والاستسلام، ولذلك فإنهم منذ عادوا من بدر أعلنوا أن يوم الانتقام قريب ونذر ابو سفيان ألا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمدًا صلى الله عليه وسلم

ولذلك تعجل ابو سفيان القيام بعمل سريع يعيد به إلى قريش كبرياءها ومكانتها التي فقدتها في بدر، وينال به من المسلمين إرضاء لنزعه الحقد والغيظ التي ملكت القرشيين جميعًا ضد المسلمين وضاعفتها هزيمة بدر

فخرج في مائتي راكب من قريش وذلك في ذي الحجة، أي بعد غزوة بدر بشهرين، يريد المدينة ولما قاربها أتى بني النضير تحت جنح الليل، فأتى حي بن أخطب فلم يقبل مقابلته..
، فانصرف عنه إلى سلام بن مشكم، وكان سيد بني النضير في زمانه، فاستأذن عليه فأذن له، واجتمع به فعرف منه بعض أخبار المسلمين..
، وأعلمه ابو سفيان بما عزم عليه وأتى من أجله ثم خرج من عنده ليلاً وبعث رجالاً من قريش إلى المدينة فأتوا ناحية منها يقال لها العريض في طرف المدينة فحرقوا نخلاً بها وقتلوا رجلاً من الأنصار وحليفًا له في حرث لهما ثم كروا راجعين، ورأى ابو سفيان أنه قد بر بيمينه في غزو محمد ..


وعلم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج في أثرهم وسار معه بعض أصحابه حتى بلغوا قرقرة الكدر( ماء لبني سليم ) ولم يلحقوا بهم لإمعان أبي سفيان وأصحابه في الفرار لخوفهم..
، حتى أنهم ألقوا ما معهم من الأزواد للتخفف حتى استطاعوا النجاة من جيش المسلمين، وقد سميت غزوة السويق (والسويق هو: قمح أو شعير يغلى ثم يطحن فيتزود به ملتوتًا بماء أو سمن أو عسل) لأن أكثر ما طرح القوم من أزوادهم السويق..
، فهجم المسلمون على سويق كثير فسميت الغزوة بذلك الاسم

ثالثًا: غزوات لبعض القبائل حول المدينة

قام الرسول صلى الله عليه وسلم ببعض الغزوات للقبائل القريبة من المدينة والتي تقع في طريق تجارة مكة إلى الشام، وكانت قريش تحالفهم لحماية تجارتها وتحرضهم للقيام بغزو المدينة والإغارة على المسلمين..
، ولذلك نهض الرسول صلى الله عليه وسلم ليشتت هذه الجموع ويمنعها من أن تتحد على غزو المدينة وحرب المسلمين، وفي نفس الوقت لا يعطي الفرصة لقريش لكي تأمن على طرق تجارتها ومن هذه الغزوات ..

غزوة بني سليم:
حلفاء مكة، وكانت قريش قد حرضتهم على غزو المدينة فذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم فهربوا

وغزوة ذي أمر:
وقد خرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى غطفان لأنهم أرادوا غزو المدينة فذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم فلم يلق كيدًا

وغزوة الفرع من بحران:
وقد غزا الرسول صلى الله عليه وسلم يريد قريشًا حتى بلغ بحران ثم رجع إلى المدينة دون قتال

سرية زيد بن حارثة إلى القردة:
وقد لقي فيها زيد بن حارثة أبا سفيان بن حرب أثناء إرسال قريش لتجارة عن طريق العراق، وهو طريق وعر كان القرشيون يعتقدون أن المسلمين لا يعرفونه..
، ولكن أخبار هذه التجارة قد وصلت إلى المسلمين فبعث الرسول صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة فلقي القرشيين على القردة (ماء من مياه نجد) فأصاب تلك العير وما فيها من فضة كثيرة وقدم بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن هرب منه الرجال..
رد: سيرة سيد الخلق (صلى الله علية وسلم) من المهد الى اللحد

إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
الخلفاء الراشدين وخامسهم.. توتى 1 قصص الانبياء والرسل والصحابه
قصص من حياة رسول الله صلي الله علية وسلم ,قصص تقرأها لأول مرة نورهان 2 قصص الانبياء والرسل والصحابه
متلازمة موت المهد sids لاقدر الله لولو حبيب روحي العناية بالطفل
تصميمات لسيد الخلق محمد علية الصلاة والسلام رتوجى صور x صور
المرأة من المهد الى اللحد اميرة المشآعر الحياة الزوجية والاسرية


الساعة الآن 03:54 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل