المفارقة البارزة في حكومة عبد الإله بن كيران كونها الحكومة الأولى، التي يقودها حزب إسلامي في المغرب، لم تضم سوى امرأة واحدة في صفوفها. يتعلق الأمر ببسيمة الحقاوي، القيادية في حزب العدالة والتنمية، التي أسندت لها وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، في الوقت الذي فتح فيه الدستور الجديد الذي ينص على تحقيق المساواة بين النساء والرجال، آمالا واسعة لدى المغربيات بأن يتقدمن المشهد السياسي في المرحلة الجديدة، وكان أول الإخفاقات التي واجهنها هي فشل معركتهن في تحقيق المناصفة في البرلمان.
وكانت حكومة عباس الفاسي، التي تشكلت في عام 2007 قد ضمت 7 وزيرات واعتبرت مثالا يحتذى في العالم العربي، تتقدمهن الممثلة ثريا جبران، التي تولت منصب وزيرة الثقافة، والصحافية لطيفة أخرباش، الوزيرة في وزارة الخارجية والتعاون، البطلة الأولمبية، نوال المتوكل، وزيرة الشباب والرياضة، إضافة إلى ياسمينة بادو، وزيرة الصحة وأمينة بن خضرة، وزيرة الطاقة والمعادن، ونزهة الصقلي، وزيرة التنمية الاجتماعية، ولطيفة العابدة، كاتبة دولة (وزيرة دولة) في التعليم المدرسي، قبل أن يخرج تعديل حكومي أجري في 2009 وزيرتين من الحكومة هما ثريا جبران، التي طلبت إعفاءها من مهامها لأسباب صحية، ونوال المتوكل ليتقلص عدد الوزيرات إلى خمس.
وإذا كان تعيين الحقاوي وزيرة للتنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن لم يشكل أي إضافة نوعية، إلا أنه جعل منها أول وزيرة محجبة في تاريخ الحكومات المغربية، إذ لم يسبق لأي امرأة مغربية ترتدي الحجاب أن تولت منصبا حكوميا.
وتعد الحقاوي، النائبة البرلمانية، و رئيسة منظمة نساء «العدالة والتنمية» التي أنشئت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، المرأة القوية والأكثر جرأة من بين نساء الحزب اللواتي يغلب على مواقفهن التحفظ، وعرفت الحقاوي بانتقاداتها الشديدة للحكومة داخل البرلمان. وسيرا على المنهجية التي يعتمدها حزب العدالة والتنمية في اختيار وزرائه، لم تتقدم نساء الحزب بأي مطالب بخصوص تولي حقائب وزراية، وظلت مطالبهن خجولة، وتركن الأمر في يد المجلس الوطني للحزب والأمانة العامة لاختيار من يرونه مناسبا للمنصب.
وقالت الحقاوي في تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا نقدم أنفسنا كمرشحين لتحمل المسؤولية في أي منصب كان، فالمؤسسة الحزبية بقواعدها وأجهزتها المختصة هي التي تتكلف بهذا الأمر، لأن المسؤولية عندنا لا تُطلب، لكن مقابل ذلك التكليف يكون ملزما للأشخاص، فإذا كُلفنا سنتحمل المسؤولية، وإذا أعفينا فهذا يدخل في صلاحية الأجهزة ذات الاختصاص». بيد أن الحقاوي حصرت مسبقا دور نساء العدالة والتنمية سواء في البرلمان أو الحكومة، وكأنها تعرف أنهن لن يمنحن أكثر من وزارة تقليدية مكلفة بالمرأة والقطاع الاجتماعي، وقالت «نساء العدالة والتنمية سيكون لهن دور كبير في المرحلة المقبلة، ولا بد أنهن سيركزن بشكل أكبر على قضايا النساء من أجل النهوض بوضعية المرأة المغربية، وتمكينها من مزيد من الحقوق وتعزيز مكاسبها وجعل المغرب نموذجا يحتذى به بمبادراته وواقعه في الدول العربية والإسلامية وتسويق صورة جيدة للمغرب في الخارج، مما يسهم في ترقيته في سلم التنمية».
ويمثل تعيين امرأة واحدة فقط في الحكومة الجديدة خيبة أمل كبيرة للمنظمات النسائية التي كانت تطالب بتخصيص ثلث الحقائب الوزارية للنساء، بل ذهبت أبعد من ذلك وطالبت بعدم تخصيص الوزارات ذات الطابع الاجتماعي للمرأة، وإسناد وزارات هامة ورئيسية للنساء وهو ما لم يتحقق في حكومة بن كيران.
وكانت أنباء راجت عن ترشيح كجمولة بنت أبي، من حزب التقدم والاشتراكية اليساري، الذي دأب على ترشيح نساء لمناصب حكومية، لمنصب وزيرة منتدبة لدى وزير الخارجية مكلفة بالجالية المغربية في الخارج، ، كما أن اسما نسائيا آخر تردد هو كنزة الغالي من حزب الاستقلال، التي كانت مرشحة لتولي منصب كاتبة دولة في التعليم الأساسي إلا أن ذلك لم يحدث. ولا يعرف إن كان السبب يتعلق بالكفاءة أم لخلفيات أخرى.
وفي أول تعليق على تعيين امرأة واحدة فقط في الحكومة الجديدة، قالت نزهة العلوي، رئيسة اتحاد العمل النسائي، ومنسقة شبكة «نساء من أجل النساء» لـ«الشرق الأوسط» هذا الأمر «يعد مؤشرا سلبيا وتراجعا عن المكتسبات، وكأنه ليس لدينا من الكفاءات والكوادر النسائية من يقمن بمهام الوزارات»، مشيرة إلى أن الوزيرات في الحكومة السابقة أظهرن كفاءة عالية في تسيير وزاراتهن.
.gif)
بسيمة الحقاوي أول وزيرة محجبة في تاريخ الحكومات المغربية
رد: بسيمة الحقاوي أول وزيرة محجبة في تاريخ الحكومات المغربية
قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً