الحمد لله
يهدي من يشاء، ويعصم ويعافي فضلًا، ويضل من يشاء ويخذل ويبتلي عدلًا
الله سبحانه يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، وهذا بقضاء الله وقدره، ولكنه يهدي من يعلم أنه يصلح للهداية، ويهدي من يحرص على طلب الهداية ويُقبل عليها، فإن الله ييسره لليسرى
ويضل من يشاء بسبب إعراضه عن طلب الهداية والخير، فيضله الله عقوبة له على إعراضه وعدم رغبته في الخير، يوضح ذلك قوله تعالى
فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}5-7الليل
فصار السبب من العبد، والقدر من جهة الله سبحانه
وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}8-10الليل
فصار السبب من العبد والقدر من الله عز وجل، ولكن قدره الله عقوبة له
فقدر الله الهداية فضلًا من الله عز وجل، وتكرم على الشخص الذي يريد الخير ويريد الهداية، فييسره الله للخير ولفعله، وهذا لمصلحته، لا مصلحة لله عز وجل
وأما إضلال الضالين فعدل منه سبحانه وتعالى، جزاءً لهم على إعراضهم وعدم إقبالهم على الخير وعلى طاعة الله عز وجل، لم يظلمهم شيئًا، ولهذا نجد في الآيات
وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}258البقرة}
وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}264البقرة }
وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}108المائدة }
فجعل الظلم، والكفر، والفسق، أسباب لعدم الهداية، وهذه من أفعال العباد جازاهم عليها، عدلًا منه سبحانه وتعالى لا ظلمًا
وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}33النحل}
فلا يليق به سبحانه أن يكرم من هذا وصفه وأيضًا لا يليق به سبحانه وتعالى أن يُضيع عمل العاملين
قال سبحانه : {أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ * وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}21-22الجاثية
أفنجعل المسلمين كالمجرمين * ما لكم كيف تحكمون}25-36القلم
هذا جور ينـزه الله عنه
ويقول سبحانه وتعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ}28ص
فالله سبحانه وتعالى لا يُضيع أجر من عمل صالحًا، ولا يجازي أحدًا بغير فعله، وبغير كسبه
ومَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}39الصافات}
فالعمل كله للعبد من الخير والشر، والمجازاة من الله فضلًا وعدلًا
وكل العباد لا يخرجون عن التقلب في مشيئة الله بين فضلة على أهل الطاعة وأهل الخير، وعدله مع أهل الكفر والشرك، وهذا هو اللائق بحكمته وعظمته سبحانه، فلا يجمع بين المتضادات والمختلفات، بل ينـزل الأشياء في منازلها
ولهذا من أسمائه: الحكيم، ومن صفاته: الحكمة، الحكيم الذي يضع الأشياء في مواضعها، فيضع الفضل في أهل الطاعة، ويضع العذاب في أهل الكفر والمعاصي، هذا فضله سبحانه وعدله
***- ***- ***- ***- *
سماحة فضيلة الشيخ د.صالح بن فوزان الفوزان
من كتاب التعليقات المختصرة على متن العقيدة الطحاوية
موقع نداء الإيمان
منقول من مدونة صديقه