الحمد لله مقلب الأعوام عام بعد عام , والشهور بعدالشهور والأيام بعد الأيام والصلاة والسلام
على الهادي البشير , والسراج المنير , وعلى آله وصحبه
ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين ... أما بعد.
أختي الصائمة : أطل علينا شهر عظيم , أوله رحمة وأوسطه مغفرة , وآخره عتق من النار , شهر القرآن
والصيام شهر الجهاد والنصر , شهر مضاعفة الحسنات والتوبة والغفران , هو سيد الشهور , فمرحباً به وأهلاً.
أختي الصائمة : في هذه الرسالة وقفات ونصائح , تقبليها من محبة لك
في الله ,في هذا الشهر الكريم , عل الله أن يتقبل منا ومنك الصيام والقيام إنه ولي ذلك ومولاه .
أولاً : احمدي الله - أختي الصائمة على هذه النعمة العظيمةوهي إدراك شهر رمضان , فشمري عن ساعد العزم واعقدي على التوبة من الآن , وأري الله من نفسك خيراً في هذا الشهر الكريم , فلعلك لا تدركينه في عامك المقبل .
ثانياً : لا تكثري من شراء الأطعمة والمأكولات - عند بداية هذا الشهر- كما هو حال كثير من الناس , فشهر رمضان , شهر الصيام , ليس شهر الأكل والشرب واعلمي أنه جعل
هناك وجبتان فقط في هذا الشهر , هما وجبتي السحور والإفطار , للتخفيف على العبد , حتى يستطيع أن يقوم
بحقوق الله في هذا الشهر من صيام وقيام وتلاوة للقرآن وتذكري أن من فوائد الجوع الآتي : صفاء القلب ورقته ,
كسر الشهوة في النفس , صحة البدن , التفرغ للعبادة , تذكر حال الفقراء والمساكين ,شكر النعمة .
ثالثا: اغتنمي هذه الأيام واجعلي هذا الشهر شاهداً لك عند الله يوم يبعثر ما في القبور ويحصل ما في الصدور , وأري الله من نفسك خيراً ,واسألي الله القبول , فإنه علامة على
التقوى , قال تعالى { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ } [المائدة:
رابعاً : لا تجعلي يوم صومك ويوم فطرك سواء فإذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والغيبة والنميمة , وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك.
خامساً : عودي أبنائك على صيام هذا الشهر العظيم ,واجعلي بينهم مسابقة لقراءة جزء من القرآن الكريم مع
حفظ وجه واحد مع جائزة قيمة لمن يصوم أكثر أيام من غيره .
سادساً: اجعلي نيتك خالصةً لوجه الله الكريم وأنت تقومين بإعداد الإفطار , واحتسبي عند الله تعالى أجر تفطير الصائم
وإن كان زوجك وأبنائك وأفراد عائلتك فإن العمل بالنية , لقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
« إنما الأعمال بالنيات ,وانما لكل امرىء مانوى>>
»وقوله : « من فطر صائماًكان له مثل اجره>>
سابعاً: اجعلي لك رفيقاً دائماً وأنت في داخل المطبخ للطهي وإعداد الطعام , ألا وهو : جهاز المذياع , حتى تنتهي من إعداد الإفطار وأنصتي بجميع جوارحك لما يقال فيه من
الخير العظيم في إذاعة القرآن الكريم .فهذه الإذاعة المباركه تقدم العلم النافع
, وتنتقل بك من روضة إلى روضه مابين تلاوة وحديث وفتوى من علم ونصائح
وفوائد ,
ثامناً: احذري - أختي الصائمة -من العكوف على القنوات الفضائيه التي يزيد
شرها في هذا الشهر الكريم والتي تبث الافلام والمسلسلات الهابطه والفوازير
الماجنة , حيث تذهب بروحانيه الصيام
قال تعالى : { إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } [الإسراء:36] وقال الرسول صلى الله عليه وسلم :
« لن تزول قدما عبد يوم القيامه حتى يسأل عن اربع»منها : « وعن عمره فيم أفناه » .
تاسعاً: حاولي جاهدة الانتهاء من إعداد الإفطار قبيل الأذان بربع ساعة, واجعليها لقراءة القرآن والدعاء والاستغفار , فإن للصائم في هذا الوقت دعوة لا ترد . ولا تنسي أولادك وأهل بيتك وجميع المسلمين من صالح دعائك .
عاشراً: عجلي بالإفطار بعد غروب الشمس مباشرة لحديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
« لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور »[ رواه البخاري
ومسلم ] , ولا تغفلي عن البسملة قبل الأكل , وأفطري على تمر إن تيسر
ذلك ,ثم رددي مع المؤذن ما يقول , واسألي الله الوسيلة والفضيلة
لنبيك محمد صلى الله عليه وسلم .
الحادي عشر : لا تكثري من الأكل , لأنه يثقل البدن ويدعوإلى التكاسل عن
العبادة وصلاة التراويح وقيام الليل .
الثاني عشر : بادري إلى مصلاك بعد سماع أذان العشاء , فصلي الفريضة وما كتب الله لك من صلاة التراويح .
الثالث عشر: جاهدي نفسك في هذا الشهر واجعلي لك ِساعة من الليل لصلاة
التهجد والقيام في وقت هجع فيه الأبناء , وهدأ المنزل من الضوضاء.
ولا بأس بأن تمسكي بالمصحف للقراءة منه , وناجي رب البريات وخالق الأرض
والسماوات , وانطرحي بين يديه واسأليه العفو والصفح ومغفرة الذنوب ,
والثبات على الحق حتى تلقينه , فرب دعوة صادفت باباً من السماء مفتوحاً نال
صاحبها سعادة الدارين
الرابع عشر : اجتنبي - أختي الصائمة - التطيب من طيب تظهر رائحته ,إذا كنت
ممن يذهب إلى المسجد لأداء صلاة التراويح , وكذلك الحذر من عدم التستر في
اللباس , لأن بعض النساء - هداهن الله - يخرجن إلى صلاة التراويح
وهن متبرجات متعطرات , وقد أبدين بعض مفاتنهن
الخامس عشر : في العشر الأواخر من رمضان ليلة هي خير من ألف شهر , ألا وهي : ليلة القدر , وقال تعالى :
{ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ .وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ
الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ .
سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } , وهي في الأوتار كما أخبر بذلك المصطفى صلى
الله عليه وسلم , أي ليلة ( 21- 23 25-27 -29 ) , ومع ذلك فإن كثير من
النساء - هداهن الله - يضيعون هذه الليالي العظيمة في الأسواق , لشراء ملابس
العيد أو حلوى العيد , وهذا من الجهل والخطأ , فقد كان النبي صلى الله عليه
وسلم إذا دخلت العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله عليه الصلاةوالسلام .
السادس عشر: لا تتكاسلي إذا جاءك العذر الشرعي فأنت منهية عن الصيام
والصلاة فقط , أما الأعمال الأخرى ( فلست منهية عنها ) , من دعاء وذكر الله ,
وتسبيح وتهليل واستغفار .
( ملحوظة: قد تحيض البنت وعمرها تسع سنوات, فيجب عليها الصيام عند ذلك, ولا ينتظر إلى أن تبلغ خمس عشرة سنة من عمرها ) .
السابع عشر: إياك من النكوص والعودة إلى المعاصي التي كنت عليها قبل
رمضان , فلا تكوني مثل التي { نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً } [النحل:
92] ,وتذكري ما كنت تعملينه من صيام وصلاة وتلاوة قرآن وإخبات إلى
الله ,تذكري روحانيات رمضان وكيف كنت تعيشين في سعادة وطمأنينة وعيشة هنيئة, فكيف تريدين العودة إلى حياة الشقاء والضنك , وصدق الله إذ قال : {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } [طـه:124] .
واعلمي - أختي الصائمة - أنك قد تتخطفك يد المنون وأنت قد خنت العهد مع الله , بعد أن أعلنت التوبة إليه , وبكيت بين يديه , فنعوذ بالله من الحور بعد الكور .
أخيراً : أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلنا وإياك
ممن تقبل الله منه الصيام والقيام , وأن يجعلنا من عتقائه
من النار , وأن لا يجعل هذا العام آخر عهدنا برمضان , إنه ولي ذلك والقادر عليه
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
ارجو التثبيت للافاده