أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود






تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود

} وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ



" مَا " نَفْي و " مِنْ " زَائِدَة و " دَابَّة " فِي مَوْضِع رَفْع ; التَّقْدِير : وَمَا دَابَّة . " إِلَّا عَلَى اللَّه رِزْقهَا " " عَلَى " بِمَعْنَى " مِنْ " , أَيْ مِنْ اللَّه رِزْقهَا ; يَدُلّ عَلَيْهِ قَوْل مُجَاهِد : كُلّ مَا جَاءَهَا مِنْ رِزْق فَمِنْ اللَّه . وَقِيلَ : " عَلَى اللَّه " أَيْ فَضْلًا لَا وُجُوبًا . وَقِيلَ : وَعْدًا مِنْهُ حَقًّا .



وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَان هَذَا الْمَعْنَى فِي " النِّسَاء " وَأَنَّهُ سُبْحَانه لَا يَجِب عَلَيْهِ شَيْء . " رِزْقهَا " رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ , وَعِنْد الْكُوفِيِّينَ بِالصِّفَةِ ; وَظَاهِر الْآيَة الْعُمُوم وَمَعْنَاهَا الْخُصُوص ; لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الدَّوَابّ هَلَكَ قَبْل أَنْ يُرْزَق . وَقِيلَ : هِيَ عَامَّة فِي كُلّ دَابَّة وَكُلّ دَابَّة لَمْ تُرْزَق رِزْقًا تَعِيش بِهِ فَقَدْ رُزِقَتْ رُوحهَا ; وَوَجْه النَّظْم بِمَا قَبْل : أَنَّهُ سُبْحَانه أَخْبَرَ بِرِزْقِ الْجَمِيع , وَأَنَّهُ لَا يَغْفُل عَنْ تَرْبِيَته , فَكَيْف تَخْفَى عَلَيْهِ أَحْوَالكُمْ يَا مَعْشَر الْكُفَّار وَهُوَ يَرْزُقكُمْ ؟ !




تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود
وَالدَّابَّة كُلّ حَيَوَان يَدِبّ . وَالرِّزْق حَقِيقَته مَا يَتَغَذَّى بِهِ الْحَيّ , وَيَكُون فِيهِ بَقَاء رُوحه وَنَمَاء جَسَده . وَلَا يَجُوز أَنْ يَكُون الرِّزْق بِمَعْنَى الْمِلْك ; لِأَنَّ الْبَهَائِم تُرْزَق وَلَيْسَ يَصِحّ وَصْفهَا بِأَنَّهَا مَالِكَة لِعَلَفِهَا ; وَهَكَذَا الْأَطْفَال تُرْزَق اللَّبَن وَلَا يُقَال : إِنَّ اللَّبَن الَّذِي فِي الثَّدْي مِلْك لِلطِّفْلِ . وَقَالَ تَعَالَى : " وَفِي السَّمَاء رِزْقكُمْ " [ الذَّارِيَات : 22 ]


وَلَيْسَ لَنَا فِي السَّمَاء مِلْك ; وَلِأَنَّ الرِّزْق لَوْ كَانَ مِلْكًا لَكَانَ إِذَا أَكَلَ الْإِنْسَان مِنْ مِلْك غَيْره أَنْ يَكُون قَدْ أَكَلَ مِنْ رِزْق غَيْره , وَذَلِكَ مُحَال ; لِأَنَّ الْعَبْد لَا يَأْكُل إِلَّا رِزْق نَفْسه . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي " الْبَقَرَة " هَذَا الْمَعْنَى وَالْحَمْد لِلَّهِ . وَقِيلَ لِبَعْضِهِمْ : مِنْ أَيْنَ تَأْكُل ؟ وَقَالَ : الَّذِي خَلَقَ الرَّحَى يَأْتِيهَا بِالطَّحِينِ , وَاَلَّذِي شَدَّقَ الْأَشْدَاق هُوَ خَالِق الْأَرْزَاق . وَقِيلَ لِأَبِي أُسَيْد : مِنْ أَيْنَ تَأْكُل ؟ فَقَالَ : سُبْحَانه اللَّه وَاَللَّه أَكْبَر ! إِنَّ اللَّه يَرْزُق الْكَلْب أَفَلَا يَرْزُق أَبَا أُسَيْد ! . وَقِيلَ لِحَاتِمٍ الْأَصَمّ : مِنْ أَيْنَ تَأْكُل ؟ فَقَالَ : مِنْ عِنْد اللَّه ; فَقِيلَ لَهُ : اللَّه يُنْزِل لَك دَنَانِير وَدَرَاهِم مِنْ السَّمَاء ؟ فَقَالَ : كَأَنَّ مَا لَهُ إِلَّا السَّمَاء ! يَا هَذَا الْأَرْض لَهُ وَالسَّمَاء لَهُ ; فَإِنْ لَمْ يُؤْتِنِي رِزْقِي مِنْ السَّمَاء سَاقَهُ لِي مِنْ الْأَرْض ; وَأَنْشَدَ : وَكَيْف أَخَاف الْفَقْر وَاَللَّه رَازِقِي وَرَازِق هَذَا الْخَلْق فِي الْعُسْر وَالْيُسْر تَكَفَّلَ بِالْأَرْزَاقِ لِلْخَلْقِ كُلّهمْ وَلِلضَّبِّ فِي الْبَيْدَاء وَالْحُوت فِي الْبَحْر وَذَكَرَ التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم فِي " نَوَادِر الْأُصُول " بِإِسْنَادِهِ عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ : أَنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ أَبَا مُوسَى وَأَبَا مَالِك وَأَبَا عَامِر فِي نَفَر مِنْهُمْ ,

تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود

لَمَّا هَاجَرُوا وَقَدِمُوا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ أَرْمَلُوا مِنْ الزَّاد , فَأَرْسَلُوا رَجُلًا مِنْهُمْ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلهُ , فَلَمَّا اِنْتَهَى إِلَى بَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَهُ يَقْرَأ هَذِهِ الْآيَة " وَمَا مِنْ دَابَّة فِي الْأَرْض إِلَّا عَلَى اللَّه رِزْقهَا وَيَعْلَم مُسْتَقَرّهَا وَمُسْتَوْدَعهَا كُلّ فِي كِتَاب مُبِين " فَقَالَ الرَّجُل : مَا الْأَشْعَرِيُّونَ بِأَهْوَن الدَّوَابّ عَلَى اللَّه ; فَرَجَعَ وَلَمْ يَدْخُل عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : أَبْشِرُوا أَتَاكُمْ الْغَوْث , وَلَا يَظُنُّونَ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَلَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَعَدَهُ ; فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَتَاهُمْ رَجُلَانِ يَحْمِلَانِ قَصْعَة بَيْنهُمَا مَمْلُوءَة خُبْزًا وَلَحْمًا فَأَكَلُوا مِنْهَا مَا شَاءُوا ,


تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود

ثُمَّ قَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : لَوْ أَنَّا رَدَدْنَا هَذَا الطَّعَام إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَقْضِيَ بِهِ حَاجَته ; فَقَالُوا لِلرَّجُلَيْنِ : اِذْهَبَا بِهَذَا الطَّعَام إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّا قَدْ قَضَيْنَا مِنْهُ حَاجَتنَا , ثُمَّ إِنَّهُمْ أَتَوْا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : يَا رَسُول اللَّه مَا رَأَيْنَا طَعَامًا أَكْثَر وَلَا أَطْيَب مِنْ طَعَام أَرْسَلْت بِهِ ; قَالَ : ( مَا أَرْسَلْت إِلَيْكُمْ طَعَامًا ) فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ أَرْسَلُوا صَاحِبهمْ , فَسَأَلَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ مَا صَنَعَ , وَمَا قَالَ لَهُمْ , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ذَلِكَ شَيْء رَزَقَكُمُوهُ اللَّه ) .



{6} وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ

أَيْ مِنْ الْأَرْض حَيْثُ تَأْوِي إِلَيْهِ .

{6} وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ

أَيْ الْمَوْضِع الَّذِي تَمُوت فِيهِ فَتُدْفَن ; قَالَهُ مِقْسَم عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا . وَقَالَ الرَّبِيع بْن أَنَس : " مُسْتَقَرّهَا " أَيَّام حَيَاتهَا . " وَمُسْتَوْدَعهَا " حَيْثُ تَمُوت وَحَيْثُ تُبْعَث . وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس : " مُسْتَقَرّهَا " فِي الرَّحِم " وَمُسْتَوْدَعهَا " فِي الصُّلْب . وَقِيلَ : " يَعْلَم مُسْتَقَرّهَا " فِي الْجَنَّة أَوْ النَّار . " وَمُسْتَوْدَعهَا " فِي الْقَبْر ; يَدُلّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى فِي وَصْف أَهْل الْجَنَّة وَأَهْل النَّار : " حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا " [ الْفُرْقَان : 76 ] و " سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا " [ الْفُرْقَان : 66 ] .
تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود
{6} وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ

أَيْ فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ .




{7} وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ

بَيَّنَ أَنَّهُ الْمُنْفَرِد بِقُدْرَةِ الْإِيجَاد , فَهُوَ الَّذِي يَجِب أَنْ يُعْبَد . وَأَصْل " سِتَّة " سِدْسه , فَأَرَادُوا إِدْغَام الدَّال فِي السِّين فَالْتَقَيَا عِنْد مَخْرَج التَّاء فَغَلَبَتْ عَلَيْهِمَا . وَإِنْ شِئْت قُلْت : أُبْدِلَ فِي إِحْدَى السِّينَيْنِ تَاء وَأُدْغِمَ فِي الدَّال ; لِأَنَّك تَقُول فِي تَصْغِيرهَا : سُدَيْسَة , وَفِي الْجَمْع أَسْدَاس , وَالْجَمْع وَالتَّصْغِير يَرُدَّانِ الْأَسْمَاء إِلَى أُصُولهَا . وَيَقُولُونَ : جَاءَ فُلَان سَادِسًا وَسَادِتًا وَسَاتًّا ; فَمَنْ قَالَ : سَادِتًا أَبْدَلَ مِنْ السِّين تَاء . وَالْيَوْم : مِنْ طُلُوع الشَّمْس إِلَى غُرُوبهَا . فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَمْس فَلَا يَوْم ; قَالَهُ الْقُشَيْرِيّ . وَقَالَ : وَمَعْنَى " فِي سِتَّة أَيَّام " أَيْ مِنْ أَيَّام الْآخِرَة , كُلّ يَوْم أَلْف سَنَة ; لِتَفْخِيمِ خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرْض . وَقِيلَ : مِنْ أَيَّام الدُّنْيَا . قَالَ مُجَاهِد وَغَيْره : أَوَّلهَا الْأَحَد وَآخِرهَا الْجُمْعَة . وَذَكَرَ هَذِهِ الْمُدَّة وَلَوْ أَرَادَ خَلْقهَا فِي لَحْظَة لَفَعَلَ ; إِذْ هُوَ الْقَادِر عَلَى أَنْ يَقُول لَهَا كُونِي فَتَكُون ; وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُعَلِّم الْعِبَاد الرِّفْق وَالتَّثَبُّت فِي الْأُمُور , وَلِتَظْهَر قُدْرَته لِلْمَلَائِكَةِ شَيْئًا بَعْد شَيْء . وَهَذَا عِنْد مَنْ يَقُول : خَلْق الْمَلَائِكَة قَبْل خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرْض . وَحِكْمَة أُخْرَى خَلَقَهَا فِي سِتَّة أَيَّام لِأَنَّ لِكُلِّ شَيْء عِنْده أَجَلًا . وَبَيَّنَ بِهَذَا تَرْك مُعَاجَلَة الْعُصَاة بِالْعِقَابِ ; لِأَنَّ لِكُلِّ شَيْء عِنْده أَجَلًا . وَهَذَا كَقَوْلِهِ : " وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا فِي سِتَّة أَيَّام وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوب . فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ " [ ق : 38 ] بَعْد أَنْ قَالَ : " وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلهمْ مِنْ قَرْن هُمْ أَشَدّ مِنْهُمْ بَطْشًا " [ ق : 36 ] .

تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود


{7} وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ

بَيَّنَ أَنَّ خَلْق الْعَرْش وَالْمَاء قَبْل خَلْق الْأَرْض وَالسَّمَاء . قَالَ كَعْب : خَلَقَ اللَّه يَاقُوتَة خَضْرَاء فَنَظَرَ إِلَيْهَا بِالْهَيْبَةِ فَصَارَتْ مَاء يَرْتَعِد مِنْ مَخَافَة اللَّه تَعَالَى ; فَلِذَلِكَ يَرْتَعِد الْمَاء إِلَى الْآن وَإِنْ كَانَ سَاكِنًا , ثُمَّ خَلَقَ الرِّيح فَجَعَلَ الْمَاء عَلَى مَتْنهَا , ثُمَّ وَضَعَ الْعَرْش عَلَى الْمَاء . وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس : إِنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْله عَزَّ وَجَلَّ : " وَكَانَ عَرْشه عَلَى الْمَاء " فَقَالَ : عَلَى أَيّ شَيْء كَانَ الْمَاء ؟ قَالَ : عَلَى مَتْن الرِّيح . وَرَوَى الْبُخَارِيّ عَنْ عِمْرَان بْن حُصَيْن . قَالَ : كُنْت عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ قَوْم مِنْ بَنِي تَمِيم فَقَالَ : ( اِقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيم ) قَالُوا : بَشَّرْتنَا فَأَعْطِنَا [ مَرَّتَيْنِ ] فَدَخَلَ نَاس مِنْ أَهْل الْيَمَن فَقَالَ : ( اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْل الْيَمَن إِذْ لَمْ يَقْبَلهَا بَنُو تَمِيم ) قَالُوا : قَبِلْنَا , جِئْنَا لِنَتَفَقَّه فِي الدِّين , وَلِنَسْأَلك عَنْ هَذَا الْأَمْر مَا كَانَ ؟ قَالَ : ( كَانَ اللَّه وَلَمْ يَكُنْ شَيْء غَيْره وَكَانَ عَرْشه عَلَى الْمَاء ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَكَتَبَ فِي الذِّكْر كُلّ شَيْء ) ثُمَّ أَتَانِي رَجُل فَقَالَ : يَا عِمْرَان أَدْرِكْ نَاقَتك فَقَدْ ذَهَبَتْ , فَانْطَلَقْت أَطْلُبهَا فَإِذَا هِيَ يَقْطَع دُونهَا السَّرَاب ; وَاَيْم اللَّه لَوَدِدْت أَنَّهَا قَدْ ذَهَبَتْ وَلَمْ أَقُمْ .

تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود

{7} وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ

أَيْ خَلَقَ ذَلِكَ لِيَبْتَلِيَ عِبَاده بِالِاعْتِبَارِ وَالِاسْتِدْلَال عَلَى كَمَالِ قُدْرَته وَعَلَى الْبَعْث . وَقَالَ قَتَادَة : مَعْنَى " أَيّكُمْ أَحْسَن عَمَلًا " [ أَيّكُمْ ] أَتَمّ عَقْلًا . وَقَالَ الْحَسَن وَسُفْيَان الثَّوْرِيّ : أَيّكُمْ أَزْهَد فِي الدُّنْيَا . وَذُكِرَ أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام مَرَّ بِرَجُلٍ نَائِم فَقَالَ : يَا نَائِم قُمْ فَتَعَبَّدْ , فَقَالَ يَا رُوح اللَّه قَدْ تَعَبَّدْت , فَقَالَ ( وَبِمَ تَعَبَّدْت ) ؟ قَالَ : قَدْ تَرَكْت الدُّنْيَا لِأَهْلِهَا ; قَالَ : نَمْ فَقَدْ فُقْت الْعَابِدِينَ الضَّحَّاك : أَيّكُمْ أَكْثَر شُكْرًا . مُقَاتِل : أَيّكُمْ أَتْقَى لِلَّهِ . اِبْن عَبَّاس : أَيّكُمْ أَعْمَل بِطَاعَةِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ . وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا : " أَيّكُمْ أَحْسَن عَمَلًا " قَالَ : ( أَيّكُمْ أَحْسَن عَقْلًا وَأَوْرَع عَنْ مَحَارِم اللَّه وَأَسْرَع فِي طَاعَة اللَّه ) فَجَمَعَ الْأَقَاوِيل كُلّهَا , وَسَيَأْتِي فِي " الْكَهْف " هَذَا أَيْضًا إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى الِابْتِلَاء .

{7} وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ

أَيْ دَلَلْت يَا مُحَمَّد عَلَى الْبَعْث .
تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود



{7} وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ

وَذَكَرْت ذَلِكَ لِلْمُشْرِكِينَ لَقَالُوا : هَذَا سِحْر . وَكُسِرَتْ ( إِنْ ) لِأَنَّهَا بَعْد الْقَوْل مُبْتَدَأَة . وَحَكَى سِيبَوَيْهِ الْفَتْح .

{7} وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ

فُتِحَتْ اللَّام لِأَنَّهُ فِعْل مُتَقَدِّم لَا ضَمِير فِيهِ , وَبَعْده " لَيَقُولُنَّ " لِأَنَّ فِيهِ ضَمِيرًا . و " سِحْر " أَيْ غُرُور بَاطِل , لِبُطْلَانِ السِّحْر عِنْدهمْ . وَقَرَأَ حَمْزَة وَالْكِسَائِيّ


تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود

{7} وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ

كِنَايَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

{8} وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ

اللَّام فِي " لَئِنْ " لِلْقَسَمِ , وَالْجَوَاب " لَيَقُولُنَّ " . وَمَعْنَى " إِلَى أُمَّة " إِلَى أَجَل مَعْدُود وَحِين مَعْلُوم ; فَالْأُمَّة هُنَا الْمُدَّة ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَقَتَادَة وَجُمْهُور الْمُفَسِّرِينَ . وَأَصْل الْأُمَّة الْجَمَاعَة ; فَعَبَّرَ عَنْ الْحِين وَالسِّنِينَ بِالْأُمَّةِ لِأَنَّ الْأُمَّة تَكُون فِيهَا . وَقِيلَ : هُوَ عَلَى حَذْف الْمُضَاف , وَالْمَعْنَى إِلَى مَجِيء أُمَّة لَيْسَ فِيهَا مَنْ يُؤْمِن فَيَسْتَحِقُّونَ الْهَلَاك . أَوْ إِلَى اِنْقِرَاض أُمَّة فِيهَا مَنْ يُؤْمِن فَلَا يَبْقَى بَعْد اِنْقِرَاضهَا مَنْ يُؤْمِن . وَالْأُمَّة اِسْم مُشْتَرَك يُقَال عَلَى ثَمَانِيَة أَوْجُه : فَالْأُمَّة تَكُون الْجَمَاعَة ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّة مِنْ النَّاس " [ الْقَصَص : 23 ] . وَالْأُمَّة أَيْضًا اِتِّبَاع الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِمْ السَّلَام . وَالْأُمَّة الرَّجُل الْجَامِع لِلْخَيْرِ الَّذِي يُقْتَدَى بِهِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " إِنَّ إِبْرَاهِيم كَانَ أُمَّة قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا " [ النَّحْل : 120 ] . وَالْأُمَّة الدِّين وَالْمِلَّة ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّة " [ الزُّخْرُف : 22 ] . وَالْأُمَّة الْحِين وَالزَّمَان ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَاب إِلَى أُمَّة مَعْدُودَة " وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى : " وَادَّكَرَ بَعْد أُمَّة " [ يُوسُف : 45 ] وَالْأُمَّة الْقَامَة , وَهُوَ طُول الْإِنْسَان وَارْتِفَاعه ; يُقَال مِنْ ذَلِكَ : فُلَان حَسَن الْأُمَّة أَيْ الْقَامَة . وَالْأُمَّة الرَّجُل الْمُنْفَرِد بِدِينِهِ وَحْده لَا يُشْرِكهُ فِيهِ أَحَد ; قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُبْعَث زَيْد بْن عَمْرو بْن نُفَيْل أُمَّة وَحْده ) . وَالْأُمَّة الْأُمّ ; يُقَال : هَذِهِ أُمَّة زَيْد , يَعْنِي أُمّ زَيْد .

{8} وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ

يَعْنِي الْعَذَاب ; وَقَالُوا هَذَا إِمَّا تَكْذِيبًا لِلْعَذَابِ لِتَأَخُّرِهِ عَنْهُمْ , أَوْ اِسْتِعْجَالًا وَاسْتِهْزَاء ; أَيْ مَا الَّذِي يَحْبِسهُ عَنَّا .

تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود

{8} وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ

قِيلَ : هُوَ قَتْل الْمُشْرِكِينَ بِبَدْرٍ ; وَقَتْل جِبْرِيل الْمُسْتَهْزِئِينَ عَلَى مَا يَأْتِي .

{8} وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ

أَيْ نَزَلَ وَأَحَاطَ .
تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود


{8} وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ

أَيْ جَزَاء مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ , وَالْمُضَاف مَحْذُوف .

تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود


يتبع



إظهار التوقيع
توقيع : لؤلؤة الايمان
#2

افتراضي رد: تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود

{9} وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ
الْإِنْسَان اِسْم شَائِع لِلْجِنْسِ فِي جَمِيع الْكُفَّار . وَيُقَال : إِنَّ الْإِنْسَان هُنَا الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة وَفِيهِ نَزَلَتْ . وَقِيلَ : فِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي أُمَيَّة الْمَخْزُومِيّ .

{9} وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ

أَيْ نِعْمَة .

{9} وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ

أَيْ سَلَبْنَاهُ إِيَّاهَا .

رد: تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود

{9} وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ

أَيْ يَائِس مِنْ الرَّحْمَة .


{9} وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ

لِلنِّعَمِ جَاحِد لَهَا ; قَالَهُ اِبْن الْأَعْرَابِيّ . النَّحَّاس : " لَيَئُوس " مِنْ يَئِسَ يَيْأَس , وَحَكَى سِيبَوَيْهِ يَئِسَ يَيْئِس عَلَى فَعِلَ يَفْعِل , وَنَظِيره حَسِبَ يَحْسِب وَنَعِمَ يَنْعِم , وَيَأَسَ يَيْئِس ; وَبَعْضهمْ يَقُول : يَئِسَ يَيْئِس ; وَلَا يُعْرَف فِي الْكَلَام [ الْعَرَبِيّ ] إِلَّا هَذِهِ الْأَرْبَعَة الْأَحْرُف مِنْ السَّالِم جَاءَتْ . عَلَى فَعِلَ يَفْعِل ; وَفِي وَاحِد مِنْهَا اِخْتِلَاف . وَهُوَ يَئِس و " يَئُوس " عَلَى التَّكْثِير كَفَخُورٍ لِلْمُبَالَغَةِ .



{10} وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ

أَيْ صِحَّة وَرَخَاء وَسَعَة فِي الرِّزْق .

{10} وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ

أَيْ بَعْد ضُرّ وَفَقْر وَشِدَّة .

{10} وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ

أَيْ الْخَطَايَا الَّتِي تَسُوء صَاحِبهَا مِنْ الضُّرّ وَالْفَقْر .

{10} وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ

أَيْ يَفْرَح وَيَفْخَر بِمَا نَالَهُ مِنْ السَّعَة وَيَنْسَى شُكْر اللَّه عَلَيْهِ ; يُقَال : رَجُل فَاخِر إِذَا اِفْتَخَرَ - وَفَخُور لِلْمُبَالَغَةِ - قَالَ يَعْقُوب الْقَارِي : وَقَرَأَ بَعْض أَهْل الْمَدِينَة ( لَفَرُحٌ ) بِضَمِّ الرَّاء كَمَا يُقَال : رَجُل فَطُن وَحَذُر وَنَدُس . وَيَجُوز فِي كِلْتَا اللُّغَتَيْنِ الْإِسْكَان لِثِقَلِ الضَّمَّة وَالْكَسْرَة .

{11} إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ

يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ , مَدَحَهُمْ بِالصَّبْرِ عَلَى الشَّدَائِد . وَهُوَ فِي مَوْضِع نَصْب . قَالَ الْأَخْفَش : هُوَ اِسْتِثْنَاء لَيْسَ مِنْ الْأَوَّل ; أَيْ لَكِنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات فِي حَالَتَيْ النِّعْمَة وَالْمِحْنَة . وَقَالَ الْفَرَّاء : هُوَ اِسْتِثْنَاء مِنْ " وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ " أَيْ مِنْ الْإِنْسَان , فَإِنَّ الْإِنْسَان بِمَعْنَى النَّاس , وَالنَّاس يَشْمَل الْكَافِر وَالْمُؤْمِن ; فَهُوَ اِسْتِثْنَاء مُتَّصِل وَهُوَ حَسَن .

رد: تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود

{11} إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ

اِبْتِدَاء وَخَبَر

{11} إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ

مَعْطُوف .

{11} إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ

صِفَة .

{12} فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ

أَيْ فَلَعَلَّك لِعَظِيمِ مَا تَرَاهُ مِنْهُمْ مِنْ الْكُفْر وَالتَّكْذِيب تَتَوَهَّم أَنَّهُمْ يُزِيلُونَك عَنْ بَعْض مَا أَنْتَ عَلَيْهِ . وَقِيلَ : إِنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا : " لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْز أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَك " هَمَّ أَنْ يَدَع سَبَّ آلِهَتهمْ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة ; فَالْكَلَام مَعْنَاهُ الِاسْتِفْهَام ; أَيْ هَلْ أَنْتَ تَارِك مَا فِيهِ سَبّ آلِهَتهمْ كَمَا سَأَلُوك ؟ وَتَأَكَّدَ عَلَيْهِ الْأَمْر فِي الْإِبْلَاغ ; كَقَوْلِهِ : " يَا أَيّهَا الرَّسُول بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْك مِنْ رَبّك " [ الْمَائِدَة : 67 ] . وَقِيلَ : مَعْنَى الْكَلَام النَّفْي مَعَ اِسْتِبْعَاد ; أَيْ لَا يَكُون مِنْك ذَلِكَ , بَلْ تُبَلِّغهُمْ كُلّ مَا أُنْزِلَ إِلَيْك ; وَذَلِكَ أَنَّ مُشْرِكِي مَكَّة قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَتَيْتنَا بِكِتَابٍ لَيْسَ فِيهِ سَبّ آلِهَتنَا لَاتَّبَعْنَاك , فَهَمَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَدَع سَبَّ آلِهَتهمْ ; فَنَزَلَتْ قَوْله تَعَالَى .

رد: تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود

{12} فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ

عَطْف عَلَى " تَارِك " و " صَدْرك " مَرْفُوع بِهِ , وَالْهَاء فِي " بِهِ " تَعُود عَلَى " مَا " أَوْ عَلَى بَعْض , أَوْ عَلَى التَّبْلِيغ , أَوْ التَّكْذِيب . وَقَالَ : " ضَائِق " وَلَمْ يَقُلْ ضَيِّق لِيُشَاكِل " تَارِك " الَّذِي قَبْله ; وَلِأَنَّ الضَّائِق عَارِض , وَالضَّيِّق أَلْزَم مِنْهُ .

{12} فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ

فِي مَوْضِع نَصْب ; أَيْ كَرَاهِيَة أَنْ يَقُولُوا , أَوْ لِئَلَّا يَقُولُوا كَقَوْلِهِ : " يُبَيِّن اللَّه لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا " [ النِّسَاء : 176 ] أَيْ لِئَلَّا تَضِلُّوا . أَوْ لِأَنْ يَقُولُوا .

{12} فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ

أَيْ هَلَّا

رد: تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود

{12} فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ

يُصَدِّقهُ " قَالَهُ عَبْد اللَّه بْن أَبِي أُمَيَّة بْن الْمُغِيرَة الْمَخْزُومِيّ ;

{12} فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ

فَقَالَ اللَّه تَعَالَى : يَا مُحَمَّد إِنَّمَا عَلَيْك أَنْ تُنْذِرهُمْ , لَا بِأَنْ تَأْتِيهُمْ بِمَا يَقْتَرِحُونَهُ مِنْ الْآيَات .

{12} فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ

أَيْ حَافِظ وَشَهِيد .

رد: تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود

إظهار التوقيع
توقيع : لؤلؤة الايمان
#3

افتراضي رد: تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود

احسنتى حبيبتى وجعله الله فى ميزان حسناتك
إظهار التوقيع
توقيع : قوت القلوب 2
#4

افتراضي رد: تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود

مشكورة يا سكرتى
إظهار التوقيع
توقيع : نونو حسن
#5

افتراضي رد: تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود

سبحان الله الرزاق الرازق مالك الملك
رد: تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود

إظهار التوقيع
توقيع : نور الحكيم
#6

افتراضي رد: تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود

جزاكى الله كل خير
إظهار التوقيع
توقيع : Nothing To Lose
#7

افتراضي رد: تفسير الأيات من 6 ___ 12 من سورة هود

جزانا الخير وإياكم يارب
نورتو الموضوع

إظهار التوقيع
توقيع : لؤلؤة الايمان


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
القران الكريم كاملاً بصوت السديس .mp3 - استماع وتحميل Admin القرآن الكريم
القران الكريم كاملاً بصوت الحصري 2025 .mp3 - استماع وتحميل Admin القرآن الكريم
مصحف الشيخ ماهر المعيقلي كاملاً بجودة عالية mp3 عاشقة الفردوس القرآن الكريم
فوائد سور القران هبة الرحمان2 المنتدي الاسلامي العام
*تفسير سورة النســـاء كاملة* أم أمة الله القرآن الكريم


الساعة الآن 01:44 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل