السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا )
قال المفسرون: هما أخوان من بني إسرائيل أحدهما مؤمن، والآخر
كافر ورثا مالاً عن أبيهما فاشترى الكافر بما له حديقتين وأنفق المؤمن
ماله في مرضاة الله حتى نفد ماله، فعيَّره الكافر بفقره، فأهلك الله
مال الكافر، وضرب هذا مثلاً للمؤمن الذي يعمل بطاعة الله،
والكافر الذي أبطرته النعمة {جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ} أي
جعلنا لأحدهما وهو الكافر بستانينِ من شجر العنب، مثمريْن بأنواع
العنب اللذيذ {وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ} أي أحطناهما بسياجٍ من شجر
النخيل {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا} أي جعلنا وسط هذين البستانين
زرعاً ويتفجر بينهما نهر، وإنه لمنظرٌ بهيجٌ يصوره القرآن أروع
تصوير، منظر الحديقتين المثمرتين بأنواع الكرم، المحفوفتين بأشجار
النخيل، تتوسطهما الزروع وتتفجر بينهما الأنهار {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ
أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} أي كلُّ واحدة من الحديقتين أخرجت
ثمرها يانعاً في غاية الجودة والطيب ولم تنقص منه شيئاً {وَفَجَّرْنَا
خِلالَهُمَا نَهَرًا} أي جعلنا النهر يسير وسط الحديقتين {وَكَانَ لَهُ
ثَمَرٌ} أي وكان للأخ الكافر من جنتيه أنواع من الفواكه والثمار
{فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا} أي قال
صاحب الجنتين لأخيه المؤمن وهو يجادله ويخاصمه ويفتخر عليه
ويتعالى: أنا أغنى منك وأشرف، وأكثر أنصاراً وخدماً {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ
وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} أي أخذ بيد أخيه المؤمن ودخل الحديقة
يطوف به فيها ويريه ما فيها من أشجار وثمار وأنهار وهو ظالم لنفسه
بالعُجب والكفر {قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا} أي ما أعتقد أن
تفنى هذه الحديقة أبداً {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً} أي وما أعتقد
القيامة كائنة وحاصلة، أنكر فناء جنته وأنكر البعث والنشور